المرور بحاجة إلى مرور!

سعود السمكه - القبس


انا اراهن ان مشكلة المرور في البلد ليست طرقا، كوننا نتمتع باوسع شبكة طرق في العالم، نسبة الى مساحة البلاد وعدد السكان، ولا بسبب عدد المركبات، ولا ايضا بسبب رخص الوقود، فنحن لسنا الدولة الارخص في العالم على صعيد هذه الناحية.

إذا.. أين المشكلة؟

انا باعتقادي، ان المشكلة تكمن في ادارة المرور نفسها، ولا احد سواها، فهذه الادارة منذ ان انشئت وحتى اليوم لم تتوفق في ادارة تتناسب وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وهي بالمناسبة لم تشذ عن النهج القائم في الدولة منذ القدم حيث الترشيحات والتعيينات للمناصب القيادية مسألة لا تقوم على اساس التخصص والعلم والمعرفة، بقدر ما هي قائمة على شروط ليس من بينها خدمة المصلحة العامة.. ولهذا السبب اصبحت هذه الادارة كمعظم بقية ادارات الدولة الحكومية عاجزة عن القيام بمهامها.. لكن الفرق ان بقية الادارات الحكومية يتعامل معها جمهور محدد، اما ادارة المرور فان جميع افراد المجتمع، مواطنين ومقيمين، يتعاملون معها، فيصبح التركيز عليها، وبالتالي يتضح العجز اكثر.

الآن المسؤول عن وزارة الداخلية، التابعة لها ادارة المرور، النائب الاول الشيخ جابر المبارك، وهو رجل بلا شك، وحسب معرفتنا به، لديه طموح في الاصلاح ومصر على تعديل الاوضاع في وزارة الداخلية، كونها المؤسسة الاكثر اهمية بالنسبة للجمهور، باعتبارها تقوم بوظيفة الامن.. والامن الذي اصبح مكشوفا في السنوات الاخيرة هو امن المرور، حيث الناس لم يعودوا يأمنون على ارواحهم ولا على ممتلكاتهم ولا على مصالحهم بسبب غياب الامن المروري.

إن غياب الامن المروري ناتج بلا شك عن اسباب عدة: او لا لان الادارة المسؤولة، كما يفترض عن هذا الامن، غارقة في دهاليز الروتين وتشعب قرارات الوزارة الأم وتداخلها، وبالتالي وحتى تستطيع هذه الادارة ان تتحرك لا بد ان تتهيأ لها اجواء الحركة، وهي ان يتم فصلها نهائيا والى الابد، عن وزارة الداخلية، لتصبح هيئة عامة للمرور مستقلة بموازنتها وكوادرها، وتتبع لوزير الداخلية، وان يديرها مدير متخصص بعلوم هذه المهنة، او على الاقل لديه امكانات استثنائية في الادارة وهي حالة لا نعتقد انها نادرة، بل هي موجودة، ونعتقد انها بوفرة على مستوى البلد، اذا آمنا بأن شخصية مدير المرور ليست بالضرورة ان تكون عسكرية، فيكفي ان يكون لديه من المؤهلات العلمية والشخصية ما يمكنه من ادارة هذه المرافق على النحو المطلوب.. وان يكون لهذه الهيئة مجلس ادارة من الفنيين يقوم بالاشراف على سير العمل.

بعد هذا نستطيع ان نفكر في العوائق الاخرى باعتبار اننا وضعنا الاساس والوعاء الصحيح الذي يحمل الحلول الواقعية، وينتشل البلد من هذه الفوضى المرورية، ويعمل على قطع جذور الفساد الذي ترعرع في هذه الادارة بشكل سافر وعلني، حيث اسعار الخدمات اصبحت علنية. فللاستمارة سعر وللنجاح في اختبار القيادة سعر ولتجديد دفتر المركبة غير الصالحة للاستخدام سعر.. وهلم جرا!
فيا معالي وزير الداخلية، ادارة المرور بحاجة الى مرور.