23 تشرين الثاني 2021

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المملكة العربية السعودية مستاءة من لبنان، وتقول، أن السبب هو هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية. وأدى الامر الى تلخيص الموضوع بالامتعاض من تصريح الوزير جورج قرداحي حول اليمن والمطالبة باستقالته.

كما أن المملكة العربية السعودية مستاءة جدا من سوريا لتحالف دمشق مع إيران.

وانسحبت السعودية من أكثر ملفات الدول العربية، وبالتحديد لبنان الذي تدعم فئة واحدة فيه وتتلاقى معها، وهي حزب «القوات اللبنانية» لأن الخطاب السياسي لـ «القوات» يتلاقى مع المملكة العربية السعودية.

سنة 2009 زار وفد مخابرات سعودي سوريا، ونقلا عن مصدر أمني سوري، تمنّى الوفد السوري على الوفد السعودي الزائر أن يزور ثكنة عسكرية إيرانية قرب دمشق. وحصل الامر، واكتشف الوفد السعودي الأمني أنها مجموعة أبنية مدنية تسكنها عائلات إيرانية بعدد لا يتجاوز العشرات.

كانت السعودية غير مرتاحة للتقارب السوري – الإيراني، الذي كان قائماً منذ أيام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. لكن الرئيس حافظ الأسد كان يضع خطوطاً للعلاقة السورية - الايرانية، وكانت علاقات دولة مع دولة متحالفتين دون أن يكون الوجود الإيراني في سوريا عسكرياً أو غيره.

على المملكة العربية السعودية أن تسأل نفسها، لماذا حصل التحالف العسكري السوري – الإيراني؟ والجواب هو ارسال التكفيريين السلفيين عبر السعودية وتركيا وتسليحهم وتمويلهم، وعبر الأردن، حيث تمّت إقامة مراكز مخابرات محيطة بسوريا تحت اشراف المخابرات السعودية.

وكانت حرباً كونية لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. فصمد الرئيس بشار الأسد الى أن بدأ حزب الله يساند الجيش العربي السوري. كذلك فعلت إيران وساندت الجيش العربي السوري ضد السلفيين والتكفيريين.

الى أن جاءت طائرات «السوخوي» الروسية وسط صمود الرئيس بشار الأسد ، وبدأت تشنّ 4 آلاف غارة شهرياً، فانقلبت الموازين وحصل اتفاق عسكري سوري- روسي لإقامة قاعدة جوية روسية قرب اللاذقية، كما تمّت إقامة قاعدة بحرية عسكرية روسية في طرطوس.

ولم يسقط نظام الرئيس بشار الأسد رغم احتلال تركيا لإراضٍ سورية، ورغم سيطرة الجيش الأميركي على مناطق في الحسكة ودير الزور.

الخطة السعودية - الأميركية - الكونية لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد أفشلها تعاون الجيش العربي السوري وقوى حزب الله وقوى إيرانية.

والمهم أيضا غارات سلاح الجو الروسي من قاعدة حميميم قرب اللاذقية بمعدل 4000 غارة جوية شهرية، حتى اصطدم الطيران الحربي الروسي مع الطيران الحربي التركي، واعتذرت تركيا، كما طلب الرئيس بوتين بعد أن جاء بصواريخ منظومة «S 400» الى الحدود السورية - التركية.

المملكة العربية السعودية مع دول أوروبية والولايات المتحدة خططت لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وفشل المخطط.

ويجب ان نشير هنا، الى ان السلفيين التكفيريين وصلوا الى لبنان، وقاموا بتفجيرات عديدة في العاصمة بيروت، لكن الجيش اللبناني وحزب الله استطاعا السيطرة على الموقف.

نعود الى القرارات السعودية. فهل كان ارسال السلفيين والتكفيريين الى سوريا وقسم من لبنان، خاصة في الجرود، قرارا صائبا؟ الجواب أن القرار فشل وأصبحت سوريا متحالفة مع إيران وحزب الله أكثر من الأول بكثير. وهذا القرار كلّف 300 ألف قتيل ومليون جريح في سوريا من كل الأطراف التي قاتلت دفاعا أو إرهابا.

فاذا كان حجم حزب الله قد أصبح كبيرا وله النفوذ الأول في لبنان، فقد نتج ذلك عن القرار السعودي بإرسال التكفيريين والسلفيين الى منطقة البحر المتوسط بالتنسيق مع تركيا وأميركا ودول أوروبية والأردن.

القرار الثاني الذي أعلنته السعودية كان الحرب على اليمن وأسمتها «عاصفة الحزم»، ولم تستطع السعودية السيطرة على الوضع في اليمن. وانتقلت الحرب لتصبح لصالح الحوثيين على حساب الجيش السعودي وقوى الاتحاد التي اشتركت في «عاصفة الحزم» ضد الحوثيين في اليمن وضد أنصار الله.

ولولا «عاصفة الحزم» والحرب التي شنّتها السعودية على اليمن، لما كانت ايران لها نفوذ ولا حزب الله عسكريا في اليمن.

اما القرار الثالث، فكان قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي وتذويب جسده في القنصلية السعودية في إسطنبول، مما أدى الى ادانة دولية للسعودية.

وهنا لا بد من العودة الى حرب اليمن، حيث أن الرئيس الأميركي بايدن والإدارة الأميركية ألغوا صفة أن الحوثيين في اليمن هم ارهابيون واعتبروهم مواطنين يقاتلون في بلادهم دفاعا عن وجودهم.

المملكة العربية السعودية ساعدت الدول العربية وساعدت الدول الإسلامية ، وجعلت هذه الدول مزدهرة، وأخرجت السعودية هذه الدول العربية والإسلامية من نكسات كثيرة.

لكن قرارات المملكة التي ذكرناها آنفاً، جعلت السعودية تعود الى العزلة، ولا تريد التعاطي مع أحد، خاصة وأن دول أوروبا والولايات المتحدة لا تستقبل مسؤولاً سعودياً كبيراً بعد قتل الصحافي الخاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

على المملكة العربية السعودية التي كانت تمارس سياسة حكيمة، أن تعود الى هذه السياسة الحكيمة، لأن قراراتها منذ 10 سنوات وحتى اليوم، هي قرارات خارجة عن الحكمة وخارجة عن المعقول وغير إنسانية ومتهوّرة.

نريد أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ولكن على قاعدة السياسة الحكيمة. لقد حقق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خطوات انفتاحية هامة جدا على المستوى الشعبي في السعودية، لكن لا يجب أن تضيع هذه الخطوات بسبب خطوات إجرامية أو اعتماد التكفيريين والسلفيين للحروب والذبح والقتل، لأن السعودية دولة عربية هامة جدا ولها دور ريادي، فيجب أن تعود وتلعبه على قاعدة سياسة حكيمة ، وليس كما حصل في السنوات العشر الماضية.


شارل أيوب

https://addiyar.com/article/1955796-...AF%D9%8A%D8%A9