نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


أسامة غريب - المصري اليوم

يقضى الاتفاق النووى، الذى وقعته إيران مع مجموعة خمسة زائد واحد فى عام 2015، بوجود فترة زمنية تنتهى فى أكتوبر 2020 قبل السماح برفع الحظر عن إيران فيما يخص استيراد السلاح. ورغم أن الرئيس الأمريكى ترامب انسحب من الاتفاق ووصفه بأنه أسوأ اتفاق عرفته أمريكا، فإنه يريد تفعيل إحدى مواده من أجل إعادة كل العقوبات الأممية ضد إيران بذريعة أنها لم تلتزم بالاتفاق!

فى البداية دعا ترامب من خلال وزير خارجيته بومبيو الدول الأعضاء بمجلس الأمن لمد قرار حظر تصدير السلاح لإيران، غير أن دولة واحدة هى التى صوتت معه هى جمهورية الدومينيكان، ورفضته كل من روسيا والصين، بينما امتنعت إحدى عشرة دولة عن التصويت، منها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. بعد هذا الرفض طلب بومبيو تفعيل مادة «سناب باك» ضد إيران وخنقها بالعقوبات، غير أن حلفاءه الأوروبيين رفضوا الاستجابة للطلب الأمريكى المتطرف وقالوا إن من ينسحب من اتفاق لا يحق له المطالبة بتفعيل إحدى مواده، وأن الحوار مع طهران أجدى من فرض العقوبات عليها، خاصة وهم يعلمون أن العقوبات ستجعل إيران تلغى الاتفاق من جانبها وسوف تكون فى حل من كل التزاماته. وما يؤكد هذا أن نواب بالبرلمان الإيرانى قد وقعوا مشروعاً بقانون يلزم الحكومة بالانسحاب من الاتفاق النووى فى حال أعادت واشنطن العقوبات.

الخطورة التى تستشعرها أمريكا، ومعها إسرائيل من رفع حظر السلاح بالنسبة لإيران، لا تتعلق فقط بالاستيراد وإنما قدرة إيران على تصدير منتجاتها من الأسلحة المتطورة، خاصة الصواريخ والطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوى، وهو ما سينعش الخزينة الإيرانية ويمد نفوذ طهران إلى أبعد مما بلغته.

أما بالنسبة للحصول على الأسلحة الحديثة من الخارج، فلا نظن أن أوروبا ستزود إيران بالأسلحة لو تم رفع الحظر عنها، كما لا نعتقد أن مخازن روسيا الاستراتيجية ستنفتح على مصراعيها أمام طهران لاستيراد طائرات سو57 أو منظومات إس 400 للدفاع الجوى، فالسياسة الخارجية الروسية هى ذيل للسياسة الأمريكية، والتزام روسيا بالتفوق الإسرائيلى على كل خصومها يعادل التزام الولايات المتحدة.

الصين وحدها هى المرشحة للتعاون العسكرى مع إيران. صحيح أن السلاح الجوى الإيرانى يحتاج إلى تحديث، وما لديهم من طائرات يعود إلى عصر الشاه، وصحيح أنهم يفتقدون إلى الدبابات الحديثة كذلك، إلا أن هذا النقص لم يشكل خطراً وجودياً على الدولة الإيرانية بعد أن استعاضت عن كل هذا بإنتاج الصواريخ وإقامة أنظمة دفاع جوى فعالة وبناء قوة بحرية ذاتية دون الاعتماد على الخارج.

رفع الحظر عن إيران تأثيره المعنوى أكبر من أثره المادى، خاصة أنه فى غياب هذا السلاح المستورد لم يجرؤ أى طرف على مهاجمة إيران وقصف مفاعلاتها النووية.. أما محاولات ترامب وضغوطه على حلفائه الأوروبيين لإعادة العقوبات فهى بلطجة علنية تهدف إلى إرغام أوروبا على تدمير الاتفاق الذى ظلت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا تتفاوض خمس سنوات قبل الوصول إليه!


https://www.almasryalyoum.com/news/details/2017151