نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


نبيه البرجي - الديار

23 نيسان 2020

لنتصور كيف أن الثور المجنح ظهر في منطقتنا، ربما لأن التاريخ عندنا غالباً ما يمتطي ظهر الثور المجنح...

نوري السعيد كان يقول لصديقه كميل شمعون «العراقيون يأتون الى لبنان ليعرفوا الى أين وصل الشرق والى أين وصل الغرب»، من يعرف الآن الى أين وصل الشرق، والى أين وصل الغرب...؟

السؤال الأكثر دقة : متى يدرك الساسة في بلادنا، حتى ولو لامست أنوفهم النجوم، أنهم هنا أنصاف الآلهة ؟ في لعبة الأمم حجارة الشطرنج، ثمة تفاعلات عاصفة في أرجاء العالم، تداعياتها في الشرق الأوسط لا بد أن تكون عاصفة، لا أحد ينصحهم بألا يلعبوا في الوقت الضائع كيلا يكونوا الحجارة الضائعة.

لا نعاني فقط من أزمات الداخل، أزمات المحيط تدق، بلا هــوادة، على أبـوابنا، أزمات معقدة، وتزداد تعقيداً، ربما لأن الكرة الأرضية تقف على ساق واحدة، ربما لأننا نقف على ساق واحدة، أزمنة عرجاء...!

وراء الضوء، كلام لافت حول سوريا. رجب طيب اردوغان الذي صدمته الكورونا، يعترف بأن وجوده في ادلب بات يشكل عبئاً انسانياً، واقتصادياً، وسياسياً، عليه، بالكاد يمكنه التعامل مع التسونامي داخل بلاده، المخيمات، والمعسكرات، يمكن أن تتحول الى قنبلة بيولوجية تنفجر على الأرض التركية.

ويقال ان موسكو تفاهمت، تكتيكياً، مع أنقرة حول ليبيا. هكذا لاحظنا كيف تتراجع قوات خليفة حفتر، ولطالما تحدث عن تأثره بالماريشال مونتغمري، بطل معركة العلمين، اذا كان ذلك صحيحاً، هل نتوقع تقهقر الدور التركي على الساحة السورية؟ دائماً لمصلحة الدولة في سوريا.

العراق قصة أخرى، نصيحة روسية الى الايرانيين بأن يتعاملوا بالكثير من البراغماتية مع الوضع في بلاد الرافدين لأن تقسيم هذا البلد لا بد أن تكون له تداعياته الدراماتيكية على سوريا وايران.

هكذا كان القبول بمصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة بعدما تدحرجت رؤوس كثيرة على امتداد الأشهر الأخيرة، الايرانيون الذين طالما أصروا على تسمية رئيس الحكومة كتكريس لمعادلة «الأكثر لطهران والأقل لواشنطن»، يدركون ماذا تعني تجزئة العراق، كما يعلمون أن الزلزال الذي أحدثته الجائحة في بلادهم، وفي الولايات المتحدة، يمكن أن يحدث ثغرة في الجدار باتجاه التفاوض.

من هذه الزاوية بالذات، تمكن قراءة التحدي الايراني للبوارج الأميركية في مياه الخليج، الورقة الذهبية لاستخدامها في مفاوضات الند للند، وجه آخر للتحدي، «اذا حاولت أن تغطي فشلك في التصدي للكورونا بافتعال الصدام معنا، لا نتصور أنك ستعبر فوق التوابيت الى الولاية الثانية»، هكذا وصلت الرسالة الى البيت الأبيض.

العرب في أزمة، مصر تراجعت أمام تركيا في ليبيا. من يصدق أن يحدث ذلك؟ السعودية هالها الهبوط الكارثي لأسعار النفط، لا مناص من التفكير بالحد من المحاكاة بين المقتضيات الجيوسياسية للمملكة والمقتضيات الجيوستراتيجية للأمبراطورية.

ماذا عن اليمن الذي تقطعت أوصاله، وقد أنهك سائر اللاعبين على أرضه بعدما بلغت دوامة الدم ذروتها دون جدوى؟ لا أحد يعرف من مع من ومن ضد من في الميدان، زئبقية المشهد هناك تضفي الكثير من الضبابية على المعلومات التي تتحدث عن اتصالات وراء الستار قد تشق الطريق الى ردهة المفاوضات، حتى اللحظة لا نقطة التقاء بين الرياض وطهران...

على ذلك المسرح السريالي، أين هو لبنان؟ البعض يحاول تفجير حكومة الرئيس حسان دياب في الشارع، لعبة دونكيشوتية، اذا عاد سعد الحريري الى السرايا، أي تعويذة سحرية يحملها لضبط الايقاع الهستيري للدولار؟

لا بد أن تكون تناهت اليه المعلومات التي بحوزة بعض الحلفاء (ويبدو أنه جاهز ليلدغ من الجحر ألف مرة)، بأن ثمة من يستخدمه لابعاده كلياً عن المسرح، والإتيان بشقيقه بهاء رئيساً للحكومة.

الساسة يلعبون الآن بطريقة توم اند جيري للحيلولة دون فتح ملف الأموال المنهوبة، هذه مسألة للضحك على الناس ألف حكومة تسقط، ولا أحد يقترب من الأوثان المقدسة!