السبت ٢٧ يوليو ٢٠١٩

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


قبل عامين كنت أناقش دراسة عن عادات الملحنين الموسيقيين العظماء عندما قاطعني أحد الحضور وقال: "هذا ليس صحيحًا، إنك جاهل تمامًا ولا تعرف ما تتحدث عنه".

في وقت سابق من حياتي المهنية كنت أسمح للأشخاص الأشرار بالسخرية مني وتجاهلي وإساءة معاملتي، فعندما وبّخني عميل ذات مرة بسبب خطأ زميلي السابق في إعلان ما، استسلمت وعرضت عليه إعادة المال بالكامل، وعندما هدّدني أحد مدرائي بالفصل من العمل لأنني دافعت عن زميل يتعرض لمعاملة سيئة، لم أقل شيئًا. أما الآن فقط أصبحت مستعدًا، فقد تدرّبت على العمل كوسيط في النزاعات وعملت كمفاوض وأصبحت طبيبًا نفسيًا تنظيميًا.

في مرحلة ما من حياتك المهنية ستضطر للتعامل مع الحمقى، وهم الأشخاص الذين يقلّلون من شأنك ولا يحترمونك، ربما يسرقون نجاحك وينسبون الفضل لهم، وربما يلومونك على أخطائهم أو يقتحمون خصوصيتك أو يخلفون وعودهم ويتحدثون بالسوء عنك، يمكنهم أيضًا أن يصرخوا في وجهك ويستخفوا بك. يقول الطبيب النفسي بوب سوتون إنهم يعاملونك كأنك شخص وضيع، إما بجهل منهم أو لأنهم لا يهتمون لشأنك.

من الطبيعي أن يكون الرد دفاعيًا، لكن ذلك يتسبب في تصاعد دورة العدوانية، ففي دراسة تقليدية سجل فيها الباحثون تعامل المفاوضين من مستوى مهاري مختلف، انتهى المفاوضون متوسطي المستوى في 3 أضعاف الوقت الذي احتاجه الخبراء في التفاوض، لقد تمكّن الخبراء من الهروب من حرارة اللحظة وتهدئة الآخرين، وعلقوا بهدوء على ردود فعلهم تجاه تصرفات الشخص الآخر واختبروا فهمهم لما يحاول الشخص الآخر الإبلاغ به.

لقد كنت أدرس هذا الدليل لسنوات وحان الوقت لممارسته، لذا طلبت استراحة ومشيت إلى الشخص الذي قاطعني وقلت له: "بإمكانك رفض بياناتي كما تشاء لكنني لا أعتقد أن هذه طريقة محترمة للتعبير عن رأيك، ليست هذه الطريقة التي تدربت عليها لإجراء نقاش فكري".

كنت أتوقع أن يبدأ نقاشًا عن المناقشة ويوجّه الحديث بعيدًا عن الموضوع الرئيسي ويتجه إلى التفكير في أسلوب المناقشة، لكن لدهشتي نجح الأمر، وقال الرجل: "حسنًا، لقد كنت فقط أعتقد أنك مخطئ"، وفي وقت لاحق أرسلت له البيانات وأرسل لي اعتذارًا.

لقد كان مقاطعي أحمق مؤقت كما يصفه دكتور سوتون، ونحن جميعًا قد نقع في مثل هذه السلوكيات ثم نشعر بالسوء بعد ذلك. أظهرت إحدى الدراسات أن القادة الذين يتعاملون بشكل سيء ينتهي بهم الأمر بشعورهم بعدم الإنجاز وقلة الاحترام في العمل ويواجهون مشكلات في الراحة عند عودتهم إلى المنزل.

لكن في بعض الأحيان تضطر للتعامل مع حمقى يتعمدون إيذاء الآخرين وعدم احترامهم. قبل عدة سنوات كان لديّ زميل مشهور بصراخه على الآخرين في أثناء الاجتماعات، عندما رأيته بشكل مباشر في أحد الاجتماعات جمعت أفكاري واتصلت به لأخبره أن طريقته غير مهنية على الإطلاق، فكان رده دفاعيًا حيث قال: "لقد كان ذلك ضروريًا لإيصال وجهة نظري".

كشفت الأبحاث بشأن الحمقى عن عمد أن لديهم عادة تبرير العدوان، فهم يقنعون أنفسهم أن هذه الطريقة المثلى لنحصل على النتيجة التي نرغب بها، ولم أكن أعلم كيف يمكنني الرد على تلك الشخصية حتى التقيت بخبيرة التوسط في النزاعات شيلا هين، تقول شيلا إنه لا بد من العثور على طريقة مهذبة لمواجهة الاعتقاد بأن العداون ضروري، فيمكنك أن تقول للشخص الأحمق: "حقًا؟ لقد كان لدي انطباع بأنك أذكى من ذلك وأكثر إبداعًا، أعتقد أنك تستطيع العثور على طرق أخرى لتوضيح وجهة نظرك دون الإساءة للآخرين".

هذه المحادثة أستطيع إجراءها مع نظيري، لكن ماذا لو كان هذا الأحمق رئيسي في العمل أو شخص ما أعلى مني في المرتبة المهنية، تقول أحد الأبحاث عن البنوك وشركات العقارات أن هناك طريقتين ناجحتين لكسر نمط الإشراف التعسفي: الأولى هي الحد من اعتمادك على مديرك وتقليل التفاعل معه قدر الإمكان وبذلك تتجنب الكثير من الإيذاء، والثانية هي زيادة اعتماد رئيسك عليك وبذلك لن يعاملك بشكل سيء لأنه بحاجة إليك.

وإذا لم ينجح كل ما سبق، ينصح دكتور سوتون بتغيير موقفنا بشكل كامل، وذلك بأن تتظاهر أنك متخصص في التعامل مع الحمقى وتفكر في أنك محظوظ لأنك رأيت مثل هذه العينة المدهشة والمثيرة.

المصدر: نيويورك تايمز