نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

بشار البغلي يكتب: نفاق لا يليق إلا بأشكالكم


صحيفة التمكين – رأي


بقلم د. بشار البغلي


أنتم عاجزون حتى عن إبداء رأيكم الحقيقي بولي نعمتكم وليس له غير السمع والطاعة.


"إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا". هذه بعض الآيات التي ذكرت في القرآن الكريم والتي تؤكد على أن المنافقين إخوان للشياطين وهم في الدرك الأسفل من النار، أي أن النار نفسها رفضت أن تتدنس بنفاقهم واختارت أن يكون مكان هؤلاء المنافقين أسفلها. فما هو النفاق وكيف أصبحت هذه الصفة مذمومة إلى هذا الحد؟

يُعرَّف النفاق في اللغة العربية على أنه إظهار الإنسان لغير أو عكس ما يبطن، وأصل الكلمة جاء من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات وتكون له فتحتين، فإذا ما جاء حيوان مفترس ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى. وقد لقب المنافق بهِ؛ لأنه يجعل لنفسه وجهان يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يتعرض له.

ويبدو أن هناك علاقة طردية بين مدى وحشية الأنظمة وحجم نفاق شعوبها. فهل يعقل أن تجد الخليجيين والعرب عموماً يمتدحون ويبجلون بحكامهم رغم فظاعة القمع والأسلوب الدكتاتوري التي تتعامل به هذه الأنظمة مع شعوبها؟ بالمقابل تجد شعوب أكثر الدول تقدم وحرية تمارس حقها بالنقد بل بالسخرية من الحكام والرؤساء بدولها على الصفحات الأولى من صحفها. فيالها من مفارقة مذهلة! فكيف للمقموع والمقهور والذي سلبت منه أبسط حقوقه في حرية التعبير والكلام أن يبجل من قمعه وقهره وبصق على وجهه قبل كرامته،

بينما المواطن في الدول الغربية يعيش اليوم بحرية كاملة ومع ذلك يستهزأ ويتهكم من رئيسه إن قصر في واجباته؟ والجواب ببساطة هو أن الأول (الخليجي/ العربي) يمارس النفاق بينما الآخر في الغرب يتصرف على طبيعته.

وبسبب كثرة المنافقين في عالمنا العربي بل لا أبالغ إن قلت إن الأغلبية باتت تمارس هذا السلوك ومن الملفت للانتباه أن تجد شخص صادق وصريح مع ذاته قبل الآخرين. وقد كثرت أعذار المنافقين، فالبعض على سبيل المثال سيبرر نفاقه بأنه وسيلة للنجاة بدل قول كلمة حق قد تكلفه حياته ولذلك هو مضطر لأن ينافق، والبعض الآخر سيبرر نفاقه على أنه دبلوماسية أو براغماتية. ولكن في نهاية المطاف هذه التبريرات لا تغيّر حقيقة أنهم وببساطة منافقون، وإن كانوا لا زالوا مسلمين ويؤمنون بما أنزل عليهم من الكتاب، فأنصحهم بالرجوع والتأمل بأول سطر في المقال.

ليكن من المعلوم بأن المعنيون بحديثي هم من اختاروا أن يكونوا منافقين بإرادتهم وهذا الأمر لم يفرض عليهم. فهم لم يوضعوا أمام المشانق وتم سؤالهم عن دينهم أو ثقتهم بحاكمهم مثلاً لكي نعذرهم ونتفهم حساسية وخطورة الموقف. بل على العكس، الكثير منهم يعيش بأمان واستقرار ولكن بسبب أنانيتهم ونرجسيتهم المفرطة اختاروا أن يكونوا منافقين على أمل أن يكونوا مقربين من صناع القرار. هذا مع علمهم الكامل بمدى بشاعة هذه الأنظمة ومدى فتكها بشعوبها، بل قد يكون من بين من فتك بهم بعض أقاربهم وأقرب الناس إليهم ولكن كل ذلك لا قيمة له في سبيل المنصب.

في الحقيقة إن الكثير من هؤلاء المنافقين لا يحظون بأي شعبية، بل تجدهم مكروهين ومنبوذين عند الناس. ولذلك تلجأ السلطات لمثل هذه العينات؛ لأنها تعلم بأن ولاء هؤلاء لأنفسهم قبل أن يكون لأي أمير أو وطن أو شعب. ولكن مع ذلك السلطة تحتاجهم وتعتمد عليهم؛ لأن أمثال هؤلاء على استعداد تام لأن يتغاضوا عن كل جرائم النظام بحق الشعب في سبيل بعض وليس حتى كل الفتات.

من المضحك والمبكي معاً بأن هذه الأشكال تتطاول على ترامب وتتجرأ عليه! فكيف لهؤلاء أن يتطاولوا على ولي أمر ولي نعمتهم؟ فأنتم عاجزون حتى عن إبداء رأيكم الحقيقي بولي نعمتكم وليس له غير السمع والطاعة. فكيف اذاً لحقير وصعلوك مثلك أن يتجاسر على معزب المعزب؟! هل جننت يا هذا أم نفاقك جعلك تضيع البوصلة؟ هذا ترامب الحزم الذي يهين ويحقر كل ما تقدسه. ولذلك استمروا بنفاقكم الرخيص الذي لا يليق إلا بأشكالكم. ولكن تذكروا جيداً بأن التاريخ يسجّل كل شيء ولن يرحمكم ولذلك كونوا على استعداد لتحمل كافة النتائج وقد يكون هذا اليوم أقرب مما تتخيلون، وبشير السودان وحاشيته الفاسدة معه ليست ببعيد ...!


https://www.altamkeen.net/node/2722