مشاركة: المسكوت عنه في سيرة عمر بن الخطاب في الفكر السني - د. أحمد صبحي منصور
السلام عليكم ..
ينقل لنا الكاتب صورة اعتبرها متوازنة للخليفة الثاني عمر بن الخطاب ... متوازنة بحيث انه لا يتطرف في ذمها و لا مدحها انما اراد دراستها دراسة موضوعية ... فكان المقال في جله انتقادا موضوعيا لسيرة الخليفة الثاني ...
برأيي ان الكاتب وفق لهذا الامر و انه نجح في الاقتراب من حقيقة شخصية الخليفة الثاني ... و هذا ما يفتقده العديد من السنة و الشيعة ... فالسنة يبالغون في مدحه الى درجة انهم البسوه لباس العصمة الا قليلا ... و الشيعة يبالغون في ذمه فيجعلونه شيطانا امرد و وحش كاسر لا يعرف الا منطق القسوة ... و كلا الصورتين تبتعد عن الطباع الانسانية للشخصيات الجدلية في التاريخ ... فهتلر و ان كان ظالما متمردا حاز رضا الشعب الجرماني بمجمله لانه استطاع ان يخاطبهم من خلال تعصباتهم و عقدهم ... موسيليني ضرب على وتر الطليان الوطني و مناهم بالامبراطورية الرومانية و امجادها ... فكان ان غاب وعي الطليان و الجرمان عن حقيقة ظلم هاتين الشخصيتين...
و هكذا علينا ان نقرأ الحالة الطاغوتية من خلال جدليتها و تناقضها ...
و من خلال هكذا دراسة يجد الانسان القيمة الحقيقية للشخصية الرسالية المناضلة ضد هذا الطاغوت ... كموسى حين نصر الله به المستضعفين في مقابل فرعون الذي استضعفهم و استكبر عليهم ... فلا عجب ان يعشق المستضعفون عليا عليه السلام و يبغضه المستكبرون ... فاصحاب المصلحة الشخصية لا يستسلمون للعدل ... اما صاحب العدل لا يحيد عنه و ان كان فيه قطع يده ... و لو ان عليا اغدق نعيم الدنيا على المنافق على ان يحبه لما احبه ... لان المنافق يعيش الظلم في ابعاد شخصيته و يجد مصلحته فيها و لا يتورع عنه و ان كان في ذلك غضب الله ... اما المؤمن الذي يعيش العدل في وجوده ... فيبتعد عن الظلم و لو كان فيه ضرره ... و يقترب من العدل و ان كان فيه هلاكه ...
ليس الامر امرا تكوينيا يولد الانسان به ... لكنها سجية الانسان في تعامله مع نفسه و الاخرين ... سجية بنيت على قرارات اساسية اتخذها هذا الانسان في حياته ... و هذه هي جدلية المبدأ و المصلحة ... أيهما يتغلب على الاخر ...
كان عليا عليه السلام يأسى لفقراء المدينة ... و كان غيره يأنس باموال اكتنزوها و شهوات سلبوها ... لذا كان حب الناس لعلي عليه السلام و حبه لهم امرا في غاية الانسانية ... و كان حب هؤلاء لانفسهم و شهواتهم و تعصباتهم امرا في غاية الحيوانية ... و كان هذا التناقض بينهم و بين علي بن ابي طالب عليه السلام مدعاة لتظاهرهم عليه ... و كان في عدله عليه السلام يمثل الانسانية بكل ما تحملها كلمة الانسانية من رقة و رحمة و عطف و حنان .. كان علي عليه السلام المبدأ بينما مناوؤوه كانوا المصلحة ...
عليا عليه السلام ترك وراؤه بضع دراهم ... و غيره ترك الالاف المؤلفة ... ادخر عليا عليه السلام التقوى ... و ادخر غيره السحت ... اكتفى عليا بقليل الدنيا لكثير الاخرة ... و اكتفى غيره بجحيم الاخرة و حطام الدنيا ...
ما هو هذا الانسان الذي كلما اعتقدت اني عرفت سر عظمته تجلى لي جانب من شخصيته يحوي ما هو اعظم ... حار في وصفه لساني ... و ضاع في ثنائه عقلي ...
لك الله يا ابا الحسن ما عرفك قومك و ما عرفك الناس و قد كنت فيهم كأحدهم و قلبك معلق بصدى التسبيح الاعلى ... سيذكر من يخشى .. و يتجنبها الاشقى ... الذي يصلى النار الكبرى ...
بسم الله الرحمن الرحيم
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا
صدق الله مولانا العلي العظيم
سورة الفرقان آية رقم 43
المفضلات