زمن الإنتخابات موسم الكذب والخداع
موسم الإنتخابات ، في كل بلدان العالم التي تمارس هذه الآلية في إختيار الحاكم مناسبة ، لإظهار فنون الكذب والنفاق السياسي التي يبرع بها السياسيون ، فحيث أن من يرجح كفة على أخرى هم الناس ، وحيث أن الناس يطيب لهم التحليق في عوالم الخيال والأمنيات أكثر مما يقنعهم الواقع الحقيقي بثقله وأعبائه المملة ، ويتوقعون دائماً أن تأتيهم الصدف الجميلة بكل ما يفتقر إليه واقعهم ، فإنهم لكل هذا وغيره من مفردات الوهم يميلون أكثر لمعسول الكلام ، ويُظهرون من فنون الكسل الفكري ما يجعلهم يقيسون الكلمات التي تطرق مسامعهم بميزان ما يتمنون أو ما يتطلعون له لا بما تنطوي عليه من واقعية وصدق .
الإنتخابات إذن مناسبة كلامية أو ظاهرة خطابية بكل ما يعنيه التعبير من خفة وفراغ مضموني ، وقدرة على صناعة الأوهام وتسويقها بين الناس .
بهذا الفهم لمضمون الإنتخابات يمكن أن نفسر الكلمات العجيبة الغريبة التي يتفوه بها رموز الحركات السياسية العراقية من المعممين وغيرهم ، وبه وحده – على الأرجح – يمكننا أن نجد معنى لكل التناقضات التي تصدر عنهم ، وإلا بماذا نفسر التصريحات التي أدلى بها ممثل السيستاني في كربلاء في موسم ( 2005 ) الإنتخابي حيث قال : (( إن طرد قوات الاحتلال هو الهدف من الانتخابات المزمع إجراؤها في كنون الثاني- يناير من العام المقبل.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني في مؤتمر عقد في مدينة كربلاء وخصص لمسألة الانتخابات" ان عمل المرجعية في الوقت الحاضر ينصب على تكثيف جهودها لايصال أكثر من ستة ملايين شيعي إلى صناديق الاقتراع حتى تستطيع طرد الاحتلال".

وأوضح الكربلائي "إن طرد الاحتلال يأتي إما عن طريق الكفاح المسلح وهذا يتطلب رأي المرجعية وإصدار فتوى بالجهاد أو الانتخابات والتي سنقول فيها للأمريكيين لائين وليس لا واحدة )) .
كيف لأحد أن يصدق إن الإنتخابات التي كانت إختياراً أمريكياً صرفاً يمكن أن يتم من خلالها طرد المحتل الأمريكي ، أليست كلمات الكربلائي هذه تدخل في إطار أدب تنويم الأطفال بسرد قصص الخيال العجيب ! وهل حقاً يؤمن الكربلائي بأن سيده السردابي الذي لم تره عين ولا خطر على قلب بشر يمكن أن يفتي يوماً ما بجهاد المحتل الأمريكي ؟
على أي حال جرت إنتخابات عام 2005 بما تشتهي سفن قوى الظلام السردابية ، وخرجت الملايين التي توقعها الكربلائي ، وصُرف الكثير من الحبر البنفسجي ، ولكن أياً من الوعود الزائفة لم يتحقق ، فلا المحتل الأمريكي طرده السيستاني ولا جنة الأرض التي وُعد المغفلون تحقق منها شئ ، بل لم تشهد الشمس شيئاً جديداً ألبتة .
أليس هذا سبباً كاف ليمتنع الناخبون ( الناخبون هؤلاء في الأصل بشر ، ولكنهم يستحيلون رقماً في عرف السياسيين فيفقدون بشريتهم ويصبحون ناخبين ) عن المشاركة في الإنتخابات القادمة ؟ ثم أ ليس هو سبباً وجيهاً يُذكر الكربلائي ومن لف لفه بمعنى الخجل ، ويمنعه من الحديث مجدداً عن الإنتخابات ؟ ولكن من ذا الذي نتوقع منه الخجل ، الكربلائي !؟
هاهو موسم جديد يطل علينا وها هو الكربلائي الصلف النطف يطل على الجموع من منبر خطبة صلاة الجمعة التي جيروها لأهدافهم الدنيئة ليقول : (( هناك بعض المؤشرات تشير إلى عدم رغبة الكثير من المواطنين في المشاركة في الانتخابات، وهذا أمر ليس صحيحا. الكثير يقول نحن شاركنا في الانتخابات السابقة وانتخبنا بعض القوائم ، ولكن ماذا قدمت لنا الانتخابات؟ )) . وبلا خجل يصف الكربلائي عدم مشاركة الناخبين في الانتخابات المقبلة بأنه موقف خاطئ جداً ويدعو الناخبين العراقيين ( الكائنات الرقمية ) إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات وتغيير الواقع الذي يرونه خاطئا من خلال اختيارهم للأكفأ على حد تعبيره .
الكربلائي بكلمة أخرى يخاطب الكائنات الرقمية قائلاً : لم تحصلوا شيئاً من الإنتخابات أ ليس كذلك ؟ وكنا قد وعدناكم بأن مشاركتكم بها ستجر عليكم عنب الشام وبلح اليمن ، ولكن شيئاً مما وعدناكم لم يتحقق أبداً ، أ ليس كذلك ؟ الحل بسيط أيها السذج التافهون الذين لا تحسنون شيئاً أبداً ، الحل هو أن تشاركوا في الإنتخابات مرة أخرى لتلدغوا من نفس الجحر مرة بعد مرة ، وهل أمامكم منفذ آخر يا من ارتضيتم التضحية بكل شئ ؛ بدينكم ودنياكم من أجل عمامة السيستاني .