بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطاهرين

انهيار قلعة إبليس
انه لخطب موجع يلم بالمرء أن يرى بعينه انهيار قلعته الأخيرة التي كان يعدها ولوقت قريب كعبة الحق ويرى رجالها رجالاً إلهيين وان النجاة إذا ادلهمت خطوب الفتن والضياع في ركابهم .. ثم يتضح له أنهم السبب الرئيس – إن لم يكونوا رأس الحربة التي طعنت الأمة من خلف - لانحراف الأمة وتشتتها وضياعها وابتعادها عن الله وأوليائه ..
إنها الحوزة العلمية المعاصرة .. قلعة إبليس لعنه الله المدخرة لتأخير إقامة دولة العدل الإلهي .
ولست في هذه العجالة بصدد تسجيل كافة نقاط الانحراف التي وقعت فيها هذه الحاضنة الفاسدة التي توصف بالإسلام وهو منها برئ براءة الله ورسوله من المشركين في مطلع سورة براءة .. بل إحصاء ذلك غير مجد بسبب :
1- يطول بنا الوقوف كثيرا ويحتاج المتتبع الى مجلدات وشرح بحجم الضياع والفساد والانحراف عن الحق الذي يعد صفة بارزة لمجتمعاتنا التائهة .. وبحجم الذل والهوان الذي قاسته امة رسول الله ص من أعدائها نتيجة أتباع سادة القلعة وملوكها .. وبحجم آهات الثكالى ودموع اليتامى المراق دماء آبائهم وبشكل يومي ولا كلمة تستنكر او موقف يحقن الدم من أناس تدعي أنها أئمة الدين ؟!! وبحجم الابتعاد عن كتاب الله وروايات الطاهرين التي باتت توصف بكلام العجائز في لسان بعضهم .. ولم يعد هناك شئ مهم في نظر العملاء – اعني العلماء في نظر الناس – سوى سلامة الزعيم العلمي لان ذكر اسمه على الشفاه بلسماً وصورته على حائط الدار بركة ، أما وجوده فهو الواهب المنان الذي لولاه انعدم الخلق ولا ماء ولا كلأ !!! هذا من جهة ..
2- ومن جهة أخرى : ان عملية الاصلاح لواقع الحوزة الحالية فيما اذا قدر لها ان تتم تحتاج الى رجل الهي لا تأخذه في الله لومة لائم ومتنمر في ذات الله .. ومن هذه صفتهم هم حجج الله فقط وفقط ..
3- ومن جهة ثالثة : فشل المحاولات التي قادها بعض العلماء العاملين لتصحيح المسير والسعي لترقيع ما يمكن من فتوق التمييز والطبقية والظلم والانحراف الحاصل في حاضنة الفساد المعاصر .. اذ سرعان ما احتوشتهم – اعني العلماء الربانيين - سهام القوم ونبالهم بتهم معدة مسبقة من عمالة وجهل وتشويه ليصل الامر الى القذف والطعن في النسب حتى ، وغير ذلك مما لم يخطر في بال أوضع الناس واخسهم اجلكم الله .. بل يصل الحال الى القتل احياناً – سواء قتل الشخصية وتشويه السمعة بين الناس او التعاون مع الظلمة للتصفية الجسدية – ولك في الصدرين مثالاً واضحاً وشاهداً حياً معاصراً .. نعم القتل الذي اريد له من قبل رجال الحوزة ومن بيدهم الحل والعقد فيها ان يكون شعاراً يتوعّدون به بشكل مباشر او غير مباشر كل من يخطر في باله السعي لنقد الظلم والانحراف الناخر في المؤسسة المزعومة حتى العظم ومنذ زمن .. ويبقى المعد لقطع دابر الظلمة – اعني قائم آل محمد عليه السلام – من بيده إصلاح الأمور ..
وليس هذا يأساً واستسلاماً لواقع فاسد أريد له الهيمنة على امة مسكينة وتربية اجيال من الناس على الاعتقاد بصحته بل هو الحق الذي لو تفوه احد بخلافه – حتى لو كان النقد في مفردة صغيرة من بحر الظلم والفساد – استحق لعنات القوم ومن تابعهم عبر فتاوى جاهزة تصدر من الجيب الذي يدر الاموال الطائلة على الاولاد والحواشي تاركاً جماعات من الجياع تئن من قساوة الدهر وإعراضاً تباع بابخس الإثمان وكرامات تهدر باهانات المتكبرين .. أقول ليس القول بفساد فقهاء آخر الزمان وانحصار الإنقاذ بالقائم سلام الله عليه يأساً بقدر ما هو حقيقة أشارت لها روايات أئمة الخلق سلام الله عليهم عبر نصوص كتبت لها إرادة الحق سبحانه الخلود مدى العصور ..
ورد عنهم عليهم السلام : ( ويكون علماء منافقون وقراء قرآن مداهنون ، سمتهم حسن ولا ورع لهم ، وعباد جهال يقرؤون القرآن شكليا ويتفقهون لغير الله تعالى ، ويقل أئمة الجماعة ، أولئك شر فقهاء تحت ظل السماء ، وأصل الفتنة لتأييدهم حكام الجور ) .. معجم أحاديث الإمام المهدي ع : ج2 ص 534 .
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : ( سيأتي في آخر الزمان علماء يزهّدون في الدنيا ولا يزهدون ، ويرغّبون في الآخرة ولا يرغبون ، وينهون عن الدخول على الولاة ولا ينتهون ، ويباعدون الفقراء ، ويقربون الأغنياء ، أولئك هم الجبارون أعداء الله ) .. ميزان الحكمة : ج3 ص 2324 .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين (عليه السلام) ما عند ذلك من خير ، قال (عليه السلام) : الخير كله عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم ثم يجمع الله الناس على أمرٍ واحد ) غيبة النعماني .
وطبيعي ان الذين يكذبون على الله ورسوله هم العلماء غير العاملين الذين جعلوا الناس طرائق قدداً وفرقوهم ومزقوهم .
وعنهم عليهم السلام : ( إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة ألف نفس يدعون البترية عليهم السلاح فيقولون أرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة (عليها السلام) فيضع فيهم السيف حتى يأتي على أخرهم ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا) ارشاد المفيد .
وعن رسول الله ص : ( سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا أسمه يسمون به وهم أبعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود ) بحار الأنوار ج52 ص190 .
وعن ص في حديث المعراج : ( قلت الهي : فمتى يكون ذلك – أي قيام القائم - فأوحى إلي عز وجل يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر الفتك وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة وكثر الشعراء وأتخذ أمتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور ... ) بحار الأنوار ج 52 ص271- 278 .
4- ومن جهة رابعة : ان عملية الاحصاء تنفع فيما لو اريد المحافظة على بناء قلعة الفساد ( حوزة علماء الضلالة الخونة ) ، بمعنى انك تنتقد وتحصي الاخطاء لتصحح ما تخاف عليه الفقد لاهميته وتركه يعني تراكم الاخطاء التي تهدد البناء بالخراب والزوال ، لذا يتحتم بذل الوسع واستفراغ الجهد لتصحيح ما فسد ليبقى البناء سالما ويجني الانسان الذي يجدّ السير نحو بارئه الثمار االمرجوة ومن بعده الامة بل العالم اجمع .. اما ان يكون الخير كل الخير في زوال القلعة الموهومة بل قلعها من الجذور بحول الله وقوته واقامة هيكل الحق - بعد نسف القائم عليه السلام لهيكل باطلها كما ورد في كلمات سادة الخلق عليهم السلام – فهذا يجعلنا امام حقيقة : ان فضح المتسترين بلباس الدين الخونة ونقض حوزتهم التي تسعى لتخريج افواج من المرتزقة من اعظم القربات الى الله تعالى ، ذلك انه يهيأ أرضية نصرة الحق وكسر آخر قلاع إبليس التي يدافع عنها بشراسة تأخيرا لاقتراب اليوم المعلوم الذي وعد به الله سبحانه ..
اما مواطن الانحراف عن الحق في سلوك الحوزة المعاصرة وفكرها فهو ما اتركه الى حلقة اخرى ولي رجعة قريبة إن شاء الله تعالى .. والحمد لله وحده .