الحديث عن محمود الصرخي يجر الباحث جراً الى حديث عن الأنا المتضخمة وداء جنون العظمة ، فمن يتابع ما صدر عن محمود الصرخي يجده مشغوفاً بذاته بشكل مرضي أقرب ما يكون الى الجنون ، فالكلمات الأثيرة لديه كلها تدخل فيها الأنا ، من قبيل : ( أنا الأعلم ) ، ( أنا المرجع الأعلى ) ، ( أنا ولي الأمر ) ، وأخيراً ( أنا الأكثر مسخاً ) ... الخ .
هذه الأنا المستفحلة لها تجليات كثيرة أخرى في سلوك الصرخي ، فالصرخي كثيراً ما يتبجح بأنه صاحب الحلول لكل المشاكل ( من البطاقة التموينية الى الوحدة الوطنية ) ، وتتجلى كذلك في ولعه العجيب بتعليق صوره القبيحة على أعمدة الكهرباء والحيطان الوسخة ! جنون العظمة هذا في الحقيقة يخفي تحته شعوراً بالدونية والتفاهة يحاول المجنون دفعه أو الهروب منه عبر التظاهر أو التلبس بالطرف النقيض له ، فالهجوم على الآخرين آلية دفاعية كما يقول علماء النفس يحقق المريض من خلالها توازنه النفسي المفقود .
ولو تتبعنا تأريخ الصرخي المثقل بالهزائم والإخفاقات نكون أمام ( قصة مرض ) – كما يعبر البعض – لا يمكن تفسيرها بفكرة أخرى غير سعي الصرخي المحموم للهروب من الشعور المؤلم بالتفاهة الذي لا يكاد يفارقه إلا بأحلام اليقظة الجنونية .
فما أن بدأ رأسه بتحسس ثقل العمامة حتى راح يعلن عن أعلمية لا واقع لها إلا في ذهنه المريض ، وبجهد يحسده عليه حمار الحي انكب الصرخي على الترويج لذاته ، وكان كلما شعر برمال الوهم تتسرب من بين أصابعه المتشنجة ، وبأن ما ينتظره في نهاية الطريق المظلمة ، التي أدمى حصاها أقدامه المتعثرة ، ليس سوى جدار صلد ، كان جنونه يتعاظم ويذهب به الى الطرف الأقصى حيث زلة قدم واحدة تقذفه في فم الهاوية السحيق . ولكنه – شأنه شان كل مريض لا يُرجى شفاؤه – كان وهمه يدفعه الى أحلام اليقظة المجنونة ، فيرسم نافذة على الجدار الموصد ويصدق تماماً أنها نافذة الخلاص !
وحيث أن همه الهروب من شعوره القاسي بالدونية كانت أقدامه تطوّح به – كالراقص : تعرفون المغزى – يميناً مرة وشمالاً أخرى ، فالصرخي يرفض الإحتلال ومشروعه السياسي طالما كان هذا الرفض يوجه الأنظار له ، ويتنصل من رفضه ويطوي ذيله بين أقدامه ، بل يصبح ديمقراطياً من الدرجة الأولى طالما كان الطريق الأول لا يؤدي الغرض .
والصرخي يصبح مجتهد المجتهدين ! ويوزع ألقاب الإجتهاد على السفهاء ليثبت عبقريته التي قلما يجود بمثلها الزمن الأغبر ، لكنه لا يلبث حين يرى خيبته ساطعة كنور الشمس أن يأمر سفهاءه بنزع العمائم عقوبة لهم على فشله هو !! وهذه عقوبة لا أظنها خطرت حتى في مخيلة كتاب الحكايات الخرافية .
ولكي أختصر قصة مرض الصرخي أُحكي لكم حكاية مضمونها أن فتاة كانت أمها مريضة وكانت تعيش حياة الحرمان ، وكانت حين تذهب لجلب الدواء لأمها المريضة يستوقفها حذاء أحمر يعرضه أحد المحلات ، وفي يوم تعاظمت رغبتها بالحذاء الأحمر فصرفت يومها كله تنظر إليه ونسيت أمها المريضة التي توشك على الموت ، وشيئاً فشيئاً بدأت أحلام اليقظة تستدرجها فرأت نفسها ترتدي الحذاء الأحمر والحذاء يقود أقدامها ويطوح بها يميناً وشمالاً.
مغزى هذه الحكاية هو أن الحذاء الأحمر يرمز لرغبة الفتاة التي لم تعد تسيطر عليها فخلبت لبها تماماً فأضحت شأن المجنون تعيش عالماً غير عالم الواقع ، ولكنه عالم أفقدها السيطرة على خطواتها ، وأفقدها أخيراً أعز ما تملك .
أنتظروا أياماً وسترون كيف يفقد الصرخي كل ما يملك ويصبح كالناقة الجرباء وحيداً يلطخ وجهه قطران العار الأسود .



الفصل الأول

تناقضات الصرخي السياسية

- وجهان في المرآة المشروخة !

كثيراً ما تصدر عن الصرخي نداءات يوجه بها أتباعه الى التنديد بالحكومة العراقية ( كما يسمونها ) والإحتلال ، وعلى الرغم من أن كلماته في هذا الشأن تلبس جلباب العمومية حتى لا تكاد تعني شيئاً محدداً - وهو تضليل يقصده الصرخي بغية التملص من التبعات الأخلاقية المترتبة على على مساندة أو مغازلة الدولة الطاغوتية - أو تركز على بعض الأمور المطلبية من قبيل الغلاء والأزمة الإقتصادية ، وتوفير الأمن ، الأمر الذي يعني في المحصلة الأخيرة ، أنه يحاول التخفيف ما أمكنه من وطأة كلماته على الدولة ، بل إنه في الحقيقة يُشعرها بأنه يشترك معها في مشروعها السياسي المنحرف وأن اختلافه معها هو اختلاف في الفروع لا في الأصل .
هذه الإزدواجية تغطي في الحقيقة كل نشاطات الصرخي ففي البيان الآتي ينتقد الدولة الطاغوتية انتقاداً مخففاً كالعادة ، أي يطال الفروع دون الأصل كما أسلفت ، من خلال الدعوة الى إنتخابات جديدة ( وهو نفس مشروع الدولة المناقض للإسلام ) ، وكذلك من خلال استبدال الإحتلال بإحتلال آخر و وصاية أخرى ، ولكنه في عين الوقت يطالب الدولة وقوات الإحتلال بايقاف عمليات الإرهاب ، أي يطابها بالإستمرار بالوجود ، بل يمنحها الشرعية في الحقيقة . إليكم البيان :-
بيان (9)
مشروع خلاص

بسم الله الرحمن الرحيم
إحياء لذكرى استشهاد السيد محمد الصدر(الثاني)(قدس سره) واستثماراً لتضحيته ودمائه الزكية من اجل خير وصلاح العراق وشعبه المظلوم , وتحقيقاً لأهدافه النبيلة السامية , فأننا نقيم في عموم المدن العراقية مسيرة جماهيرية نطالب فيها :-
1) إجراء انتخابات فورية جماهيرية عامة نزيهة بإشراف جهة محايدة .
2) انسحاب قوات الاحتلال الأميركية وحليفاتها فوراً وحلول قوات بديلة بإشراف الجامعة العربية أو منظمة الدول الإسلامية أو منظمة الأمم المتحدة.
3) إيقاف عمليات الإرهاب التي تستهدف أرواح وممتلكات الشعب العراقي .
4) على قوات الاحتلال في كل حال ومكان وزمان, إيقاف عمليات القمع والاعتقال والتشريد والتطريد لأبناء الشعب الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والرجال , وعليها توفير الأمن والأمان ووسائل الحياة والمعيشة الضرورية في كافة المدن العراقية .
الحوزة العلمية الجماهيرية المقدسة
كربلاء المقدسة
2\ذي القعدة\ 1424

لعلكم شعرتم بأن الصرخي حتى في البيان الواحد يناقض نفسه ، فهو في النقطة الثانية من بيانه يطالب بانسحاب قوات الإحتلال فوراً – على حد تعبيره – ولكنه لا يلبث حتى يطالب ببقاء هذه القوات في النقطة الرابعة بحجة توفير الأمن والأمان ووسائل العيش الضرورية ، وبالتأكيد فإن توفير هذه الأمور يتطلب بقاء هذه القوات
وليت شعري هل الصرخي غافل مغفل أم يتغافل عن حقيقة أن هذه القوات تبرر وجودها البغيض بالذريعة نفسها ، وما أجمل هذه الهدية التي يقدمها لها الصرخي إذن !
وإذا كان الصرخي في البيان السابق ديمقراطياً حتى العظم ، فإنه سرعان ما يتنصل من ديمقراطيته ، ويثبت أن حقيقته هي التناقض والنفاق ، و الانتهازية ، والتصيد في المياه العكرة لكل ما عساه يصب في مصلحته الشخصية ، فالديمقراطية تُستبدل في البيان الآتي بالدكتاتورية والحكم بل الإنقلاب العسكري !! والمالكي والزوبعي والطالباني الذين يطالب بنهايتهم من خلال الإنتخابات الجديدة في البيان السابق يأتي الآن ويقول لا بأس بهم !! ولا أدري والله كيف تكون حكومات الإنقلابات العسكرية والديكتاتوريات التي جربها الشعب العراقي وذاق منها الأمرّين حكومات صالحة تصب في مصلحة العراقيين ؟! والعجيب أن الصرخي يحاول هنا توظيف حديث أمير المؤمنين توجيهاً ينحرف به عن وجهته الحقيقية ، فهو يسعى من خلاله الى تبرير قبوله غير المشروع بالحكومات الطاغوتية ، في حين أن الحديث لم يكن في صدد التشريع لمثل هذه الحكومات ، وإنما غايته الإشارة الى حقيقة تكوينية ( لا تشريعية ) هي ضرورة وجود حكومة تنظم حياة الناس . ومن المعلوم إن ضرورة وجود حكومة لا تعني القبول بكل حكومة بل لابد من الإصرار على الحكومة الشرعية التي نصبها الله تعالى . فالحاكم الشرعي والحكومة الشرعية دائماً موجودة ، ولكن الطواغيت وفقهاء السوء يسعون جاهدين الى إبعادها وتغييبها . وإذا كان الصرخي يحاول الالتفاف على فتقه الذي لا يُرقع من خلال التذكير بالمفاسد الحاصلة على أرض الواقع والإشارة الى ضرورة دفعها فإنه قد أخطأ الطريق ، إذ لا تُدفع هذه المفاسد بغير الحاكم الشرعي الذي نصبه الله تعالى ، فهذا الحاكم هو وحده القادر على تطبيق الشرع المرضي عند الله تعالى ، اسمعوا حديث الصرخي :-

إلى من يهمه الأمر
بسمه تعالى :-
أشرنا في مناسبات عديدة أنه ربما يكون حكم الفرد (الدكتاتورية) أهون الشرّين بل أهون الشرور للمجتمع ، ومن المؤسف المبكي أن الحال المأساوي الدموي الذي يمرّ به العراق وشعبه المغلوب على أمره لا يناسبه في هذه الظروف وهذه المرحلة إلا ما يسمى بالحكم الفردي (الدكتاتوري) ونتمنى ونرجو بل نسأل الله تعالى ونتوسل إليه أن يكون الشخص الحاكم من الوطنيين المخلصين العادلين المنصفين ، نقول ذلك لأن المؤسسات والتكتلات التي شكلت وتأسست باسم الديمقراطية وحكم الشعب صارت معرقلة لعمل الحكومة بل أصبحت هذه المؤسسات والتكتلات ومنابرها معرقلة ومهدّمة لكل خطوة وعمل فيه خير وصلاح للأمة ، فالأنسب والأفضل بل المتعين إيقاف عمل مثل هذه المؤسسات إلى حين توفر الظروف الموضوعية المناسبة الصحيحة الصالحة ، وعليه فلا يوجد اعتراض على ما يسمى بحكومة إنقاذ وطني أو حكومة انتقالية أو انقلاب عسكري ما دام يصب في مصلحة العراق وشعبه ويوقف أو يحجّم ويقلل من سفك الدماء وزهق الأرواح البريئة ، فالواجب إيقاف هذا النزف والزهق للدماء والأرواح بغض النظر عن المسمى ، قال أمير المؤمنين(عليه السلام) ((لابد للناس من أمير برّ أو فاجر ، يعمل في أمرته المؤمن ، ويستمتع فيها الكافر ، ويبلغ الله فيها الأجل ، ويُجمع به الفيء ، ويقاتل به العدو ، وتأمن به السبل ، ويؤخذ به للضعيف من القوي ، حتى يستريح به برّ ، ويستراح من فاجر )) نهج البلاغة/ج1/خطبة40 .
قلنا ونكرر إن المهم بل الواجب الأهم هو إيقاف نزيف الدم وزهق الأرواح ودفع ومنع كل الأسباب والعوامل والمقدمات المؤدية إلى هذه المفسدة الكبيرة والقبح الفاحش ، ولا فرق في ذلك سواء كان الحاكم سنياً أم شيعياً عربياً أم كردياً ، وسواء كان الحاكم غير معروف وغير مشترك فيما يسمى بالعملية السياسية (وهو الأفضل والأنسب) أم كان مشتركاً في العملية السياسية وتوفرت فيه الشروط الوطنية والأخلاقية والشرعية ، فمثلاً ليكن المالكي أو الزوبعي أو الطالباني أو غيرهم أحدهم بمفرده أو مع آخر أو آخرين على نحو المجلس الرئاسي أو المجلس الحاكم أو أي عنوان آخر المهم تحقيق الغرض والهدف الوطني والأخلاقي والشرعي والتاريخي.
والله تعالى الموفق والمسدد والمعين والناصر

السيد الحسنــــي
6 شوال/1427هـ
وعلى أي حال يبدو واضحاً من هذا البيان أن الصرخي لا ينطلق في تعامله مع السياسة من منطلق إسلامي ، فهو بعيد كل البعد عن كل ما هو إسلامي ، فلا ينطوي بيانه ولو على إشارة بعيدة للحكومة الإسلامية ، بوصفها النموذج الإلهي والنموذج الأمثل لنظام الحكم ، بل إن إيراده لحديث أمير المؤمنين (ع) بالصورة الملتوية يشير الى حقيقة ملتوية تستبطنها نفسه تحاول الإبتعاد عن الإسلام لمصلحة الذات المنتفخة المريضة .
فالصرخي ليس فقط لا يريد الدخول في بحث عن طبيعة نظام الحكم الذي يرتضيه الإسلام أو حتى مجرد الإشارة إليه ، وإنما يسعى الى الإلتفاف عليه وتشويهه لمصلحة الواقع المنحرف الذي يتوقع ، أو قل يمني نفسه ، بإمكانية تحقيق مكسب ذاتي من خلاله .
ولعل اللغة الإنفعالية البعيدة عن التعقل التي كُتب بها البيان تشير الى هذا المنزع الذاتي ، لنتأمل المقطع الآتي من بيانه : (( أشرنا في مناسبات عديدة أنه ربما يكون حكم الفرد (الدكتاتورية) أهون الشرّين بل أهون الشرور للمجتمع ، ومن المؤسف المبكي أن الحال المأساوي الدموي الذي يمرّ به العراق وشعبه المغلوب على أمره لا يناسبه في هذه الظروف وهذه المرحلة إلا ما يسمى بالحكم الفردي (الدكتاتوري) ونتمنى ونرجو بل نسأل الله تعالى ونتوسل إليه أن يكون الشخص الحاكم من الوطنيين المخلصين العادلين المنصفين ، نقول ذلك لأن المؤسسات والتكتلات التي شكلت وتأسست باسم الديمقراطية وحكم الشعب صارت معرقلة لعمل الحكومة بل أصبحت هذه المؤسسات والتكتلات ومنابرها معرقلة ومهدّمة لكل خطوة وعمل فيه خير وصلاح للأمة ، فالأنسب والأفضل بل المتعين إيقاف عمل مثل هذه المؤسسات إلى حين توفر الظروف الموضوعية المناسبة الصحيحة الصالحة ، وعليه فلا يوجد اعتراض على ما يسمى بحكومة إنقاذ وطني أو حكومة انتقالية أو انقلاب عسكري ما دام يصب في مصلحة العراق وشعبه ويوقف أو يحجّم ويقلل من سفك الدماء وزهق الأرواح البريئة ، فالواجب إيقاف هذا النزف والزهق للدماء والأرواح بغض النظر عن المسمى )) .
الصرخي يرى الحكم الديكتاتوري أهون الشرور ، بل يراه الحل الأنسب لظروف هذه المرحلة ! أما لماذا ؟ فـ( لأن المؤسسات والتكتلات التي شكلت وتأسست باسم الديمقراطية وحكم الشعب صارت معرقلة لعمل الحكومة بل أصبحت هذه المؤسسات والتكتلات ومنابرها معرقلة ومهدّمة لكل خطوة وعمل فيه خير وصلاح للأمة ) ! فالديمقراطية وآلياتها و ما يُسمى مؤسسات المجتمع المدني ؛ الأحزاب والتكتلات تعرقل عمل الحكومة ، ولو سألناه كيف ذلك ؟ لا أدري بما يجيب !
فالمفترض بحسب الفكرة الديمقراطية أن تكون هذه المؤسسات عاملاً مساعداً في تمشية أمور الدولة ، كما إنها بحسب الديمقراطية قوة في مقابل قوة الحكومة لحفظ مصالح الناس من تعسف الحكومة المتوقع . وهكذا فإن وجود هذه المؤسسات والتكتلات يمثل جزء من ماهية الديمقراطية إن صح التعبير ، فهو إذن غير محدد بمرحلة دون أخرى . وإذا كان الصرخي يعتقد أن المرحلة الراهنة التي يمر بها العراق لا تناسب الديمقراطية ، أو إن الديمقراطية لا تناسبها ، بل إذا كان يعتقد حقاً أن الديمقراطية هي سبب مآسي العراق ، فإن عليه أن يُجيب إذن بأي مسوّغ دفع الناس الى جحيم الديمقراطية ؟ لنقرأ بعضاً من بياناته :
نص فتوى الصرخي الصادرة بتاريخ 2 / ذي العقدة / 1426 هـ.ق 0
قال السيد محمود الحسني : (( 0000 ويجب شرعاً وأخلاقاً وأدباً وتاريخاً على جميع المكلفين [ من الشيعة والسنة ، ومن العرب والكرد ، ومن المسلمين وغيرهم ، من النساء والرجال ] ممن وجب عليه أو أوجب على نفسه المشاركة في الانتخابات القادمة أن يختاروا وينتخبوا من يعتقد ظاهراً وباطناً صدقاً وعدلاً بحب العراق وشعب العراق والولاء له ، ويعمل جهده من أجل وحدة العراق وشعبه وحقن دماءه أو المساهمة في إيقاف أو تقليل جريان نهر بل أنهار الدماء التي تسفك على أرض الأنبياء وشعب الأوصياء ، هذا بغض النظر عن اعتقاد الشخص المرشح والمنتخب الديني والمذهبي والقومي والعرقي ونحوهما 0 والله تعالى الموفق والمسدد 0 )) الحسني 2 / ذي القعدة / 1426 0
لا حظوا ، في هذا البيان الديمقراطية ( الإنتخابات ) يترشح عنها حكومة يُتوقع منها حفظ النظام و وحدة العراق .. و .. و .. وكل ما يقع على طرف النقيض مع ما ورد في البيان السابق .
ولو تأملنا قليلاً في هذا البيان الأخير سنكون وجهاً لوجه أمام مفارقات مضحكة – مبكية في آن واحد ، فالإنتخابات واجبة (ويجب شرعاً وأخلاقاً وأدباً وتاريخاً على جميع المكلفين [ من الشيعة والسنة ، ومن العرب والكرد ، ومن المسلمين وغيرهم ، من النساء والرجال ] ممن وجب عليه أو أوجب على نفسه المشاركة في الانتخابات القادمة ) ، والمرجع الديني الأعلم ، بل ولي أمر المسلمين كما يزعم كاذباً لا يهمه اعتقاد الحاكم الديني والمذهبي ، فهو يرحب بالحاكم الذي تأتي به الديمقراطية يزيدياً كان أو علمانياً ، وهذا أمر غير مستغرب بالنسبة لرجل لا يهمه شئ غير نفسه ، بل إن الصرخي يقطع الطريق على كل من عسى أن يحاول الدفاع عنه فيحدد الهدف للحكومة التي يتمناها بقوله : ( أن يختاروا وينتخبوا من يعتقد ظاهراً وباطناً صدقاً وعدلاً بحب العراق وشعب العراق والولاء له ، ويعمل جهده من أجل وحدة العراق وشعبه وحقن دماءه أو المساهمة في إيقاف أو تقليل جريان نهر بل أنهار الدماء التي تسفك على أرض الأنبياء وشعب الأوصياء ) . فالهدف لا علاقة له بالدين على الإطلاق .
ولكي تزادوا عجباً من تناقضات هذا الرجل اقرؤا البيان الآتي الصادر عن الصرخي قبل أشهر قليلة من سابقه الذي يحث فيه على المشاركة في الإنتخابات فقد أصدر بياناً بتاريخ ؟ / شهر رمضان / 1425 هـ . ق بمناسبة الانتخابات الأولى في العراق بعنوان ( انتخابات ولكن ) جاء فيه : (( بسمه تعالى :
أولاً: كما بينّا في الاستفتاء السابق بعدم وجود دليل شرعي أو عقلي يدل على وجوب الانتخابات, بل يمكن أن يكون الدليل الشرعي والعقلي بل والأخلاقي والتاريخي على خلاف ذلك.... )) .
أقول سبحان الله والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، فقبل أشهر قليلة إذن لم يكن ثمة دليل شرعي أو عقلي يدل على وجوب الإنتخابات ، بل يمكن (كذا) أن يكون الدليل الشرعي والعقلي بل والأخلاقي والتاريخي على خلاف ذلك !!
أي تناقض هذا ؟ وهل الأمر مجرد تناقض فكري منشؤه الجهل أو التخبط ، أم إنه كما هو المرجح تعبير عن موقف سياسي متقلب ، بل انتهازي ، يحاول تصيد الفرص ، ويتكيف بحسب ميل ميزان القوى لهذا الطرف من المعادلة أو ذاك ؟
وهل يجهل الصرخي أن الدليل الشرعي بخلاف الديمقراطية حتى يعبر بكلمة (يمكن) ؟
ولنعد الى بيانه الصادر في 6/ شوال/ 1427 الذي يقول فيه : (( المهم تحقيق الغرض والهدف الوطني والأخلاقي والشرعي والتاريخي )) .
هل حقاً يهتم الصرخي بتحقيق الهدف الوطني ، وهو الهدف الذي بات شعاراً لا يمل من رفعه والتبجح فيه على الرغم من أن الإسلام الذي يُفترض بالصرخي تمثيله كرجل معمم ( ولا أقول رجل دين – إذ ليس هو رجل دين بل دنيا ) أقول على الرغم من الإسلام أوسع بكثير من حدود الوطنية ؟