ترامب ونتنياهو الى الجحيم ... نبيه البرجي
https://s.addiyarcomcarloscharlesnet...1056_large.jpg
نبيه البرجي - الديار
5 آب 2020
قد يكون السقوط بالكورونا أشد وقعاً من الاصابة بالكورونا. أكثر من أن يكون الاختناق السياسي. الحطام السياسي. بعد مائة يوم تقريباً، دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو الى الجحيم !
في واشنطن دعوة الى وضع الرئيس الأميركي تحت الرقابة. لكي يكون العبور الملكي الى الولاية الثانية، لم يكن يراهن على تفجير الشرق الأوسط فحسب، بل على تفجير أميركا. كوفيد ـ 19 نزل من مكان ما في السماء (حتى أساقفة الغيب لم يتوقعوا ظهوره) من أجل أن يقطع الطريق على دونالد ترامب.
لا تستبعدوا أن يحطم قبل خروجه زجاج، وأثاث، المكتب البيضاوي. ربما أن يحرق البيت الابيض. في نهاية المطاف، الهيكل لن يسقط الا على رأسه.
ربما كان الشبق الى السلطة أشد هولاً من الوباء، بل واشد هولاً من الجائحة. عندنا، الحاكم العربي يغدو حالة خشبية كما العرش الخشبي. متى نرى عربات الموتى على أبوابهم؟
حال ترامب من حال نتنياهو. الجنرالات هنا وهناك قالوا لا للحرب. هذه لم تكن، في يوم من الأيام، حال «الجنرالات الاسرائيليين». الذهاب الى ايران مغامرة لا يقدم عليها حتى الأميركيون (وحتى المجانين). الذهاب الى لبنان يعني أن أرض الميعاد ستتحول الى هولوكوست آخر. «لن نذهب الى هناك حتى لا نفاجأ بجثة يهوه على الطريق». هكذا قال ديفيد غروسمان الذي فقد ابنه في وادي الحجير.
حسابات بنيامين نتنياهو لا بد أن تكون مختلفة عن حسابات رئيس الأركان آفيف كوخافي، وعن حسابات رئيس «الموساد» يوسي كوهين. هنا اللعب ليس على الشاشة بل على الأرض. اللعب ليس بالضوء وانما بالدم.
كوخافي يسأل «كم جثة يمكن أن تتحمل «اسرائيل» في ساعة واحدة ؟»، لا في اليوم الواحد ولا في الاسبوع الواحد. ما جدوى «القبة الحديدية» حين يهبط الصاروخ من... المدخنة ؟
على هذا السؤال، لا يتجرأ سوى يائير لابيد «أين كنا، وأين كنتم، حين كان السيد حسن نصرالله يحفر الجبل بالابرة؟».
حائط هائل من الصواريخ. لبنان الآخر تحت الأرض. قال « أخشى أن يشعر الكثيرون هنا أنهم يعيشون على تخوم العالم الآخر».
ليس مأزق زعيم الليكود. مأزق «اسرائيل». الحرب كانت بمثابة العلاج السيكولوجي لليهود الآتين من أقاصي الأمكنة، كما من اقاصي الأزمنة. هم بحاجة الى من يثبت لهم، بين الفينة والأخرى، انهم بين يدي يهوه.
ناحوم غولدمان، أحد آباء الدولة، لم يستبعد أن يعود اليهود الى البلاد التي أتوا منها اذا ما بقيت الأدمغة الحديدية والسياسات الحديدية على حالها. على صفحات «اللوموند ديبلوماتيك» دعا الى الانتقال بـ «اسرائيل» من الغيتو اليهودي الى الفاتيكان اليهودي.
التهمة التي توجه الى ترامب هي التهمة ذاتها التي توجه الى نتنياهو. أمام الجائحة، بتداعياتها الكارثية، لم يفكر أي من الاثنين سوى بالنجاة، لا أن تنجو أميركا، ولا أن تنجو «اسرائيل».
لا خيار أمامهما سوى العودة الى الظل. مناحيم بيغن، صاحب العبارة الشهيرة «العالم لا يشفق على الضحايا بل يحترم المحاربين»، لم يجد من حل، عقب التجربة المريرة في لبنان، الا أن يلتف ببطانية الصوف وينتظر الرحيل.
في كل مكان كلام عن أن الكورونا غيّرت طريقة حياتنا فهل تغيّر طريقة تفكيرنا، كأن نجد الولايات المتحدة وقد تحولت الى أمبراطورية أفلاطونية، وكأن نجد «الاسرائيليين» يمدون أيديهم الى الفلسطينيين «هذا البيت يتسع لاسحق ولاسماعيل»!
مهما قيل، لا مجال أمام أميركا لأن تبقى كما هي، ولا مجال أمام «اسرائيل» لأن تبقى كما هي. الكورونا قهرت الجميع، وأثارت الهلع لدى الجميع. الأباطرة باتوا يخشون من الهواء الآخر يتسلل اليهم من ثقب الباب.
وحدهم الحكام العرب لم يسمعوا بذلك المخلوق العجيب الذي يدعى «كوفيد ـ 19». من زمان وزمان، العرش هو الوجه الآخر للقبر. الدولة هي الوجه الآخر للمقبرة...