“غبار الغربة على المثل الأخلاقية!” بقلم الأستاذ هادي سروش
https://ar.shafaqna.com/wp-content/u...-660x330-1.jpg
شفقنا خاص- تحدث حجة الإسلام والمسلمين هادي سروش في سلسلة كتابات أخلاقية بمناسبة شهر رمضان بعنوان “غبار الغربة على المثل الأخلاقية!”
وجاء في جزء منه الذي قدمه لشفقنا:اليوم، عندما نرى غياب الأخلاق في المجتمع، ينبغي تحديد حالات انعدام الاخلاق وعوامل الفصل بين القادة الأخلاقيين والشخصيات الأخلاقية التي يحترمها الناس وهم الشخصيات البارزة في المجتمع، وان نطلب بإلحاح من هؤلاء القادة أن يجتمعوا ليستفيد الجميع من أخلاقهم.
وفي هذا الصدد، فإن المسؤولين ملزمون بإنشاء مجتمع أخلاقي في المقام الأول كما عليهم أن يرحبوا بأي نصيحة أخلاقية تقدم لهم من أي شخص أو وسيلة إعلام، وثانيا عليهم ان يراجعوا بكل تواضع كبار المعنوية والاخلاق حتى يمكن خلق اجواء أخلاق في المجتمع.الفرق بين المعاش الأخلاقي والتحلي بالأخلاقلقد تطرقت الفلسفة أو علم النفس إلى الأخلاق، ولكن كلمتهما الأخيرة تتجلى في المعاش الاخلاقي،
ولكن الأخلاق الإلهي الذي تبلور في القرآن والعترة، يتعلق بالوجود.قد تكون حياة المرء أخلاقية وتعامله مع المجتمع صحيح ويراعي المعايير، لكن بداخله تغلغلت رذائل أخلاقية ولا ينجح في الاختبار في الأوقات الحساسة والصعبة؛
لذا يجب علينا أن نسعى إلى أن نكون أخلاقيين في قضية الأخلاق؛ بمعنى ان نكون أخلاقيين من الداخل واخلاقيين من الخارج أيضا.ان التحلي بالأخلاق في القرآن وفي سورة المائدة وكذلك تكوين الشخصية الأخلاقية يبدأ من الداخل، وهذا هو معنى الآية؛ “عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ” (المائدة/105)
قد يحدث الاخلاق السيء مرة واحدة في العمرفي المناقشات الأخلاقية هناك أمر مهم لا ينبغي إهماله، وهو أن الإنسان قد يكون في سلام أخلاقي وأمان أخلاقي مدى الحياة، ولكن في موقف ما ستظهر منه رذيلة كانت مخفية.
لا ينبغي لنا أن نتوقع دائما من الأشخاص ذوي الطباع السيئة أن يكونوا سيئين طوال ساعات اليوم وطوال حياتهم. من الممكن أن يكون الإنسان إنسانا كريما لأيام وشهور وحتى سنوات ويتمتع بشخصية هادئة لدرجة أننا عندما ننظر إلى مظهره لا نرى فيه سوء الخلق ولا نرى أي رذيلة في سلوكه وكلامه ولكن في مواقف مهمة تكون فيها فائدة ما، فإن نفس الشخص الذي لم نعرف منه سوء الخلق يظهر نفسه بشكل سيء للغاية.
للعارف الكبير ابن عربي جملة مهمة في كتاب “فصوص الحكم” وفي “فص الياسي” وهي؛ “النفس البشرية هي غرفة قيادة الشرور والثعابين والتنانين. لا توجد ثعابين أو تنانين خارج أنفاسك، والتنانين التي تقتلك هي أنفاسك.
النفس البشرية لها شكل التنين، ولكن هل يعض الثعبان دائما؟ لا، ليس الأمر كذلك، وأحيانا يكون مؤلما.كان أستاذنا العلامة حسن زاده آملي أعلى الله مقامه يقول في الدرس: إن علماء الأخلاق اتباعا لأهل البيت (ع) وأهل البيت (ع) اتباعا للقرآن، والآية 105 من سورة المائدة؛ يؤكدون كثيرا على آية “عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ”؛ يعني الاعتناء بالنفس دائما، وتحسين النفس دائما، ومراقبة النفس دائما، حتى لا تلدغ في مجال ما فإنها تسبب الكارثة!!
أثر الأخلاق في النفس في كلام الامام الصادق (ع)ان قول الإمام الصادق (ع) يتبلور إن أخلاقك وتصرفاتك الصحيحة لها تأثير مباشر في حياتك، وحسن الخلق مؤثر في حياتك.ما هذا حسن الخلق؟
انه مفهوم بسيط للغاية يظهر نفسه فيما يتعلق بالأسرة والمجتمع.ان حديث الامام الصادق (ع) حول السلوك الجيد والحسن، يتجلى في حسن الخلق وحسن معاملة ذوي القربى.
وهذا ليس نقاشا تربويا وأسريا، بل نقاشا أخلاقيا، والغرض من ذلك أن السلوك المنتظم عندما يكون مبنيا على الأخلاق، فإنه يبني الاخلاق ويربي النفس ويؤدبها.
إن الأخلاق رهينة السلوك الأخلاقي مع الناسنحن ملزمون بحكم الأخلاق؛ أولا، عندما نلتقي فيه بالأشخاص المختلفين علينا ان نلتقي بهم بأذرع مفتوحة.
لا تشعر بكرامة خاصة لنفسنا أمام الناس ونفتح جناح الحب لها.ثانيا، عندما تتحدث مع الناس، اختر الطريقة الأفضل للتحدث. تحلى بأحسن الكلام والألفاظ واللهجات وأحسن نبرة الصوت، وهذه هي الاخلاق.
ثالثا: قال الإمام الصادق (ع):
كن منفتحا في مجالستك مع الناس. لن يعرفوا أبدا، على سبيل المثال، ما الصعوبات التي تحدث في حياتك، وداخل قلبك.وهذا هو معنى الأخلاق. ولذلك فإن السلوك السليم والتواصل الجيد مع مختلف الناس يؤثر في حياة الإنسان ويصحح أخلاق الإنسان ويبعد الإنسان عن الرذائل.
تأثير النفوس الاخلاقية على تحلي الناس بالأخلاق ومن الطرق المهمة لإزالة الغبار عن الأخلاق والتحلي بالأخلاق هي التواصل مع أصحاب النفوس الأخلاقية.
ويأمر القرآن: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (التوبة: 119).
ومن النتائج المهمة في هذه الآية هي الأخلاق. إن الحضور، وعلى حد تعبير استاذنا الجليل آية الله حسن زاده، هو ان مجالسة الناس المتفوقين والإلهيين له تأثير معنوي إيجابي على النفس البشرية.
دعوني اروي ذكرى من الأستاذ حسن زاده آملي.
نقل في إحدى جلسات الدرس كلام الأستاذ قاضي العارف الكبير الذي قال:
ذات مرة جئنا من النجف إلى كربلاء مع أستاذنا المرحوم العارف ملا حسين قلي الهمداني، وفي الطريق التقينا بعدد من الشباب الذين كانوا مثيري للشغب.
سخروا من المرحوم السيد ملا حسين قلي قائلين:
تعال في قافلتنا أيضا…
المرحوم ملا حسين قلي قال إنه سيأتي.
فمنعه بعض تلاميذه الذين كانوا معه، فقال سأذهب. فقالوا هل تريد إرشادهم؟
قال؛ لا، ليس لدي ما أفعله، لقد دعوني، واريد أن اذهب معهم. رافق ملا حسين قلي هؤلاء الشباب ورأوا سلوكا جيدا من هذا المعلم الأخلاقي لدرجة أنهم عندما وصلوا إلى كربلاء لم يتركوا ملا حسين قلي ولو للحظة.وهذا تأثير حسن الخلق على الناس.
وأكد المرحوم قاضي أن المرحوم ملا حسين قولي لم ينصحهم شفهيا خلال هذه الرحلة، لكن نفس حضوره وطبيعة حضوره هي التي غيرتهم.
حالنا اليوم وغياب الاخلاقاليوم، عندما نرى غياب الأخلاق في المجتمع، ينبغي تحديد حالات انعدام الاخلاق وعوامل الفصل بين القادة الأخلاقيين والشخصيات الأخلاقية التي يحترمها الناس وهم الشخصيات البارزة في المجتمع، وان نطلب بإلحاح من هؤلاء القادة أن يجتمعوا ليستفيد الجميع من أخلاقهم.
وفي هذا الصدد، فإن المسؤولين ملزمون بإنشاء مجتمع أخلاقي في المقام الأول كما عليهم أن يرحبوا بأي نصيحة أخلاقية تقدم لهم من أي شخص أو وسيلة إعلام، وثانيا عليهم ان يراجعوا بكل تواضع كبار المعنوية والاخلاق حتى يمكن خلق اجواء أخلاق في المجتمع.النهاية