واعظ دين سعودي يطالب بعودة "ولاية الفقيه"

سلطان القحطاني من الرياض

لم يقتنع الواعظ الديني السعودي الدكتور سعد البريك حتى اللحظة بأن مفهوم "الدولة المدنية" يتناغم بشكل واضح مع النظام الإسلامي في بنية الحكم التنظيمية وليس إحدى صنائع " قوى الاستعمار" كما أشار خلال سلسلة مقالات نشرها على مدى أسابيع في صحيفة المدينة سعودية، وهي مقالات وصفها مراقبون كُثر بأنها تأييد لعودة "ولاية الفقيه" عبر الصيغة الإسلامية السنيّة التي يحبذها البريك وفق ما استشفوه من مقالاته.

الأوساط الصحافية السعودية ليس لها هذه الأيام عمل سوى الحديث عن تنبوءات مؤشر سوق الأسهم و تطورات آخر المعارك بين الكاتب السعودي في صحيفة الوطن المحلية قينان الغامدي والواعظ الديني سعد البريك التي دخلت إلى أسبوعها الثالث على التوالي، مما ينقل للمتابعين خارج الحدود الجغرافية السعودية إحدى الصور المصغرة لطبيعة الخلاف الأزلي بين قوى الانفتاح وبين رجال الدين المحافظين في المملكة التي تعتبر مهد الإسلام، وهي أيضاً البلاد التي تخطو خطوات متصاعدة في مجالات التحرر المدني الممنهج دون الانفصال عن تقاليدها.

واستند الشيخ البريك، الذي يواجه معدلات انخفاض كبيرة في مستوى جماهيريته، خلال مقاله المنشور في صحيفة المدينة السعودية قبل نحو ثلاثة أسابيع على أن الليبرالية إحدى وجوه العلمانية التي تتلون بألوان عدة، باعثاً بالعديد من الإشارات السياسية للقيادة الحكومية بالانتباه من هذه التحركات التي تستهدف إلغاء "الخصوصية السعودية" والتذمر المستمر من سطوة المؤسسة الدينية على تسيير أمور البلاد على حد قوله، مما حدا بالغامدي رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية السابق أن يرد في صحيفته التي فقد رئاسة تحريرها قبل أعوام بعدما رفضت المدينة نشر تعقيبه.

ويقول مثقفون سعوديون رصدت "إيلاف" أحاديثهم أن ملحق الرسالة الأسبوعي التابع لصحيفة المدينة، وهي أعرق الصحف السعودية، تحول إلى ما يشبه "ماكينة إعلام أصولية" بهذا التصرف الذي رفض به نشر تعقيب صحافي لكاتب يختلف مع طرح أحد ملحق الرسالة الذي تصدره "المدينة"، الأمر الذي جر رئيس التحرير الدكتور فهد عقران، وهو كان يتولى عملاً إدارياً في الصحيفة ذاتها، إلى فوهة نيران مدفع الغامدي خلال كتابته المقال الثاني على التوالي خلال هذه الزوبعة الصحافية بين الكاتب ورجل الدين المعروف.

ولا أحد يعرف حتى اللحظة محين انتهاء الزوبعة الصحافية بعد أن دخلت صحيفة "الوطن" السعودية على الخط بشكل أسبوعي متكرر من خلال تخصيصها صفحة كاملة لتبيان دهاليز مصطلح "الدولة المدنية" واستنطاق مفكرين عرب ذوي صلة بالشأن ذاته، في حين ما زال ملحق "الرسالة" محتكراً للدكتور سعد البريك كي يقوم بالرد على خصمه الوحيد قينان تارة، وتارةً أخرى يعلق على آراء المفكرين الذين استضافتهم الوطن.

البريك حاول في آخر مقال حتى اللحظة من سلسلة المعركة ضرب التيار الليبرالي السعودي بالقيادة السياسية في البلاد معتبراً أن كل التيارات التي تدعو إلى دولة مدنية هي تستهدف أولاً وأخيراً ابتزاز الدولة، ومشيراً في الوقت ذاته إلى أن نظام "الدولة المدنية" يستهدف عدم الاجتماع على "إمام أو ملك" على حد قوله.

ويُعتبر الدكتور البريك أحد أعمدة الحركة الصحوية السعودية التي برزت إلى العلن في أوائل التسعينات من القرن الميلادي المنصرم كان خلالها صاحب شقاق خفي مع الدولة وسياستها الخارجية خصوصاً على خلفية استدعاء قوات التحالف آن الاحتلال الصدّامي لدولة الكويت، ومن ثم انتقل إلى الصف الوسطي مشاركاً مع الحكومة السعودية في جهودها المستمرة لمناصحة المتطرفين السعوديين الذين اعتقلتهم السلطات على خلفية تأثرهم بأدبيات القاعدة.

وهذه المرحلة التي ما زال الواعظ الديني البريك يخوض غمارها ينظر إليها سعوديون كثر على أنها مهمة "تفكيك قنابل موقوتة" يقوم بها البريك ونخبة آخرين من رجال الدين البارزين في جهد يحظى برضا القيادة السعودية وعلى الأخص وزير الداخلية الأمير نايف الذي استطاع تقليم أظفار القاعدة خلال معركة طويلة بدأت منذ بزوغ أبجديات الفكر المتشدد قبل ربع قرن من خلال حركة "جهيمان".

جهود المناصحة التي كان البريك ورجال دين آخرين أبطالها هي التي جرّت عليهم آلياً حملة عنيفة من قبل متشددين وصلت إلى حد التهديد الشخصي بالقتل عبر رسائل الهاتف المحمول.

ولكن كثيرين رأوا أن البريك غادر ملعبه حين دخل في معركة "الدولة المدنية" كونها تدخل في صميم الفكر الفلسفي الذي ليس للشيخ باع طويل فيه، على الرغم من أنه رأى أن محاوره الكاتب الصحافي قينان الغامدي قد غادر الطرح العلمي في ردوده حول هذا المحور الذي كان البريك مجاهداً دؤوباً في محاولة تخليصه من "معانيه المنسجمة مع الطروحات الليبرالية والعلمانية المدعومة من قبل قوى الاستعمار" على حد قوله.



روابط المعركة


http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=153619

http://www.alwatan.com.sa/daily/2006.../writers08.htm

http://www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPa...6/5/149585.htm

http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphW...6/5/149388.htm


http://www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPa...6/5/150011.htm

http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=158671

http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=158671