إن فهم وإدراك واستنباط علماء الفترات الماضية لا علاقة له بالإسلام ، لقد كان فهمهم الخاص للإسلام ، وكما كان لهم الحق في فهم القرآن وقراءته فإن لنا الحق أيضا في ذلك ، إن فهمهم ليس حجة علينا ، إن فصل الإسلام الذاتي عن الإسلام التاريخي يمثل عودة للنصوص الأصلية ومن ثم تعريف هذه النصوص بلغة اليوم وطريقته . لقد كان جزءا من جهد شريعتي يتعلق بطريقة التفكير وأسلوب التغير وفهم الإسلام ، إن الإنسان المسلم في القرنين العشرين والحادي والعشرين غير الإنسان المسلم الذي كان في مكة والمدينة قبل 1400 عاما عندما كان سكانهما بمقدار سكان أصغر قرية من قرى إيران . إن الإسلام يختلف اليوم ، كما إننا ندرك اليوم بطريقة وأسلوب مختلفين وعلى جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية وكافة مجالات حياتنا ، إن طريقة معرفة الإسلام في كل عصر وزمان وفي كل جيل يجب أن تكون وكأن كل عصر وزمان وجيل هو المخاطب بالكتاب المقدس ومورد خطاب الله تعالى وخطاب الأنبياء . وكما كان الناس مورد خطاب النبي في عصر النزول فإننا اليوم أيضا مورد خطاب النبي ، وكما أن أولئك المخاطبين قد فهموا على ضوء ظروفهم التاريخية و الاجتماعية فإن لنا الحق أيضا أن نفهم هذه الرسالة . إن هذه الرسالة هي فهم السابقين والتقاليد المتراكمة بعضها فوق بعض فقط ، لأنها تتعلق بالقديم ، هذه سلفية وهذا هو تقليد ، وهو غير مطلق ، إن الأمم السابقة كانت قد قالت للأنبياء إننا على ما وجدنا عليه آبائنا . إن شريعتي يريد أن يفصل الإسلام الذاتي عن الإسلام التاريخي والعودة المباشرة للكتاب المقدس ، لقد وجه شريعتي الشباب والطلاب الجامعيين نحو القرآن ، لقد كانت الأجواء السابقة مع الأسف تخوف الشباب من القرآن ، كان الشاب لا يرى إن من حقه أن يفتح القرآن ، كان يتصور إن عليه أن يسأل الملا عن القرآن وما فيه ، لقد كان القرآن الكريم كتابا يقرأ في المساجد وعند القبور ، لم يكن يسمح للجيل الجديد بالتفكر والتدبر بالقرآن ، كانوا يقولون إنكم لا تعرفون القراءة ، ذلك إن القرآن بحاجة إلى مئة نوع ونوع واحد من طرق التفكير وأنتم لا تملكون واحدا منها لغرض فهم القرآن ، صعبوا فهم القرآن وإدراكه والتدبر فيه ، كان الشاب يخاف أن يقرأ القرآن ، جاء شريعتي فكسر هذا الحاجز ، وجه الطلبة الجامعيين لقراءة القرآن وأكد أن لهم القدرة على فهم القرآن مثل المحترفين إذا كان لهم الأسلوب والطريقة الخاصة بذلك ، إن الطالب الجامعي يستطيع أن يفهم ويدرك الكثير من القرآن إذا ما قرأه بطريقة وأسلوب علميين ، نعم يعرف ذلك ويعلمه السيد الذي لديه حمل حمار من العلم القديم ولا تعرفه أنت أو تعلمه ؟ شيء عجيب وجريمة كبرى بزعم السادة أن يفهم الجامعي القرآن بنفسه ! لأنه بهذا العمل يعري دكاكين البعض منهم ، لا يمكن ذلك . . . . هكذا أن يتوجه الناس لقراءة القرآن وفهمه بأنفسهم !
وكذا الحال بالنسبة إلى عقد الزواج لا توجد مشكلة بهذا الحجم ، في السابق كان من الواجب أن يلقي السيد خطبة مطولة وبهذه الصيغة العربية الصرفة مع التشدد في مخارج الحروف ودقتها ، ومن الطبيعي جدا أن يكون هذا الشكل وهذه الطريقة بحاجة إلى طبقة خاصة ، ولكن عندما نبسط الأمور ونقول لا ياسيد الأمور لم تكن هكذا . . . . ياسيد في صدر الإسلام لم تكن إمامة الجماعة بحاجة إلى مهارة خاصة ، كان يتقدم شخص واحد من بين المسلمين . . . . واحد يقف في الأمام ويقتدي به الآخرون ، من قال إن الملا ( الاخوندي ) يجب أن يكون إمام الجماعة ( تصفيق طويل للحضور ) . إذا قرر كل زوجين عدم دعوة هذه الطبقة لإجراء مراسم عقد الزواج وعدم الحاجة إليها في مثل هذا الشأن ، وكذا في المآتم والولادات فستتعطل الكثير من هذه الأعمال وستصبح هذه الطبقة عاطلة عن العمل . لم تكن لدينا في الإسلام طبقة باسم الروحاني ، إن الروحانية طبقة جديدة في تاريخنا وأصبح لدينا الكثير من هذه العناوين الجديدة بحيث إن عمرها لا يتجاوز الخمسين أو الستين عاما . فمتى كانت لدينا سلسلة المراتب هذه قبل الصفوية ، إن سلسلة المراتب هذه كانت في النظام الكنسي ، كانت تبدأ من الأعلى وتنحدر إلى الأساقفة والكرادلة والأساقفة المحليين و ......... لقد وقعت مرحلتنا تحت تأثير هذه الثقافة وتحت تأثير الظروف الاجتماعية ودوائر النفوذ . في إيران طبقة بسلسلة المراتب هذه ، شخص في أولها باسم الآية العظمى في العالمين والسماوات والأرضيين و و و و و إلى آخر ذلك ، هذا في الرأس وبعد ذلك تأتي سلسة المراتب آية الله و حجة الإسلام وثقة الإسلام و كذا وكذا الإسلام ( ضحكات ساخرة ) . وفي السنوات الأخيرة تحولت حوزتنا إلى مؤسسة حكومية وأصبحت المسألة حساسة بقدر ما ، فهل يوجد في الجامعة من يفرق بين حجة الإسلام وآية الله ؟ يقول شريعتي لا يوجد لدينا إطلاقا في الإسلام طبقة باسم الروحانية ، ليس لدينا ذلك في الإسلام الذاتي ، إن هذا يرتبط بالإسلام التاريخي ، ولحسن الحظ لم نشهد لحد الآن ظهور جهاز مركزي واحد على أساس سلسلة المراتب هذه ، توجد العديد من المؤسسات التي تحاول التوجه نحو مؤسسة واحدة تنفيذية يكون على رأسها بابا والتي لم تتبلور في إيران لحد الآن ، كانت مؤسسات متوازية على مدى سنوات ، إن لكل مرجع تقليد ( آية الله العظمى ) تشكيلاته الخاصة ، ويريدون الآن في إيران إدغام تشكيلات ( آية الله العظمى ) هذه بعضها مع البعض الآخر وتحت حكم ..........واحد . أنا شخصيا استبعد إمكانية نجاحهم في ذلك بسبب القساوسة أنفسهم والعناصر الأخرى التي لدينا في الإسلام والتشيـع .