خضير طاهر



من المغالطات الكبيرة المزمنة هي الصاق صفة العالم برجل الدين وأسباغ مزايا العظمة والتفخيم عليه، فقد أطلقت على رجل الدين القاباً تبجيلية خارقة فوق طاقات الانسان من قبيل (( آية الله العظمى، وحيدعصره وفريد دهره، جامع علوم الاولين والاخرين، الجهبذ الفهامة... )) وهذه الالقاب حتى الرسول محمد ( ص) في حياته لم ينسبها لنفسه، والله تعالى حذر البشر من المغالات والانزلاق الى إرتكاب خطيئة عبادة الشخصيات حينما أشارة في القرآن قائلا: (( قل إنما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فأستقيموا اليه )) والأية صريحة في تنبيه الناس الى انه حتى شخصية الرسول لاتتمتع بمزايا خارقة ماعدا وظيفة تلقي الوحي وتبليغه، فمابالك برجال الدين.

وصفة العالم الحقيقي لايستحقها ألا من كان يشتغل في حقول علوم : الفيزياء الكيمياء الرياضيات البايلوجية الفضاء الجيولوجية الطب الهندسة التكنلوجية الكومبيوتر وغيرها من العلوم التي تعتمد على منهج الملاحظة والتامل العقلي والتجربة الحسية، أما فيما يتعلق بالفكر الديني الذي انتجه البشر كالفقه والاصول وتفسير القرآن والعقائد.. فهي ليست علوما وأنما مجرد شروحات للعقيدة الالهية والسنة النبوية، ومايقوم به رجل الدين هو مجرد حفظ ببغائي لهذه الشروحات وترديدها منذ أكثر من الف وخمسمائة سنة، فضلا عن كون هذه الشروحات ليست بحاجة للتخصص وبمقدور اي انسان الاطلاع عليها في بطون الكتب.

ومنشأ الاشكالية في هذا الموضوع يكمن في تخطي رجل الدين لحدود وظيفته.. اذ أن مهمة رجال الدين كافة تنحصر فقط في ( شرح فروع الدين ) وهذا الشرح ليس مقدساً وغير ملزم للناس، ولكن للاسف في المجتمعات التي تنتشر فيها الامية والجهل نجد ان صورة رجال الدين تضخمت كثيرا واخذت طابعا مقدساً تسلط على حرية المجتمعات وعقولها واموالها، بل أخطر من هذا تقمص رجال الدين دور الله تعالى واصبحوا يحيون ويميتون ويتحكمون بأرواح البشر.

ان محبتنا لله تعالى والاخلاص لتوحيده، وأحترام كرامة الانسان وحريته وعقله.. تفرض علينا جميعا التصدى لهم واعادتهم الى حجمهم الطبيعي.. حجم الشارح لفروع الدين فقط بعيدا عن هالة التفخيم والقدسية لرجال الدين هذه الطبقة التي كانت طوال تاريخها مصدرا للتخلف والدجل والقمع والارهاب وقتل الناس.. بأنتظار تطور المجتمعات البشرية بفضل ثورة العولمة وتوفر فرصة التعليم للتخلص من رجال الدين وإنهاء دورهم في الحياة.

Kta19612@comcast.net