علي الشلاه


في مقاله – لا شماتة بالضحايا- المنشور بجريدة الرأي الأردنية هذا اليوم 13/أيلول /2005 ذكر الدكتور سمير قطامي انه سمع كلام شماتة كثير هذه الأيام بالضحايا العراقيين على جسر الأئمة وضحايا اعصار كاترينا من الأمريكيين وأن الكارثتين عقاب الهي للضحايا ، ورغم أنني افترض في الأشقاء الذين يعنيهم الكاتب في مقاله الانتماء الى الانسانية التي هي سمة بني البشر كافة الا انني مضطر الى اعادة النظر في اطلاق هذه الصفة عليهم وبعدها في اطلاق صفتي العروبة والاسلام المحمدي السمح العظيم عليهم أيضاً، فالذي يتشمت بنسوة وصبية قضوا غرقاً على مرأى امامين عظيمين في تاريخ الاسلام وفقهه هما العربي الهاشمي موسى الكاظم امام المسلمين الشيعة والفارسي أبي حنيفة النعمان امام المسلمين السنة لايفقه معنى الانسانية ولا معنى الاسلام ولا معنى العروبة أيضاً، فمهما تبلغ درجة اختلافي الفكري أو السياسي أو حتى العداء مع فرد آخر فانني لا اشمت بمصرع اطفاله ونسائه بكارثة ارهابية أو غير ارهابية ، فما الذي فعله العراقيون لهؤلاء الأشقاء الشامتين لكي يشمتوا بهم وبجراحاتهم ، هل وصل بعضنا الى هذه الدرجة من الوضاعة حتى يشمت بشيعة آل محمد لا لشيء الا لأنهم شيعة يختلف واياهم على خلافة لم تعد موجودة منذ الف واربعمائة سنة ؟
وهل يريد الشامتون ان يساندوا العراق ضد الاحتلال الأمريكي بابادة الأكثرية العربية الشيعية فيه ؟

وماذا سيبقى من عروبة العراق المرتجاة اذا مضى ثلثا الشعب العراقي وغالبية عربه؟
لقد كتبت بعد اكتشاف مأساة المقابر الجماعية والموقف العربي المرتبك ازاءها اننا في الوطن العربي لا نحتاج الى جامعات ولا مدارس بل نحتاج قبل ذلك الى مصحات نفسية كبرى لكي تعالج هذا الخراب النفسي والأخلاقي الذي تعيشه شعوب ترى في طاغية قتل مئات الآلاف من اشقائها في العراق والكويت وباقي بلاد العرب والمسلمين بطلاً ومخلصاً.

ان الآراء - الشامتة الكثيرة - التي سمعها الدكتور قطامي لابد ان تكون صادرة من معارفه وبما انه اكاديمي وكاتب معروف فانني افترض منطقياً انه قد سمعها من أصدقائه وزملائه وانداده الذين يلتقي بهم وليس من سواق سيارات الاجرة او باعة الخضار قليلي التعليم البسطاء المعذورين لجهلم، وذلك يعني ان النخب الثقافية والأكاديمية تتقبل هذه الشماتة وتشيعها ولعل مراجعة مقالات عدد غير قليل من مقالات الكتاب في الوطن العربي والمهاجر منذ سقوط صنم العوجة بيد موجديه الأمريكان وحتى اليوم ورؤية مقدار العداء للعراق فيها وتلمس اسباب هذا العداء توصلنا الى النتيجة نفسها ، وهذا يعني بالضرورة اننا لسنا بحاجة الى تغيير الأنظمة العربية أولاً بل تغيير هذه النخب المريضة التي تقبع على عقول الناس وتزين لهم مشاعر بدائية طائفية عنصرية منحطة وتسمها بالمقاومة ومعاداة الاحتلال، وكأن غالبية العراقيين أغراب برابرة يهود أكلة لحوم بشرجاؤوا الى العراق- السعيد بشعبه الصدامي النقي العنصر والطائفة- مع الاحتلال الأمريكي ليفسدوا هذا النقاء السلالي المقدس ويستوطنوا في بلد ليس بلدهم ويطردوا الشعب الصدامي الشريف المسالم من ارض آبائه واجداده .

انني اناشد الحكومات العربية جميعاً ان تنتبه الى خطورة ماينشر في صحف بلدانها من كلام طائفي وعنصري قد يدق اسفيناً بين الشعوب العربية لايمحى بسهولة، وان تفتح الصحف الصادرة في الوطن العربي امام الكتاب العراقيين والعرب الواعين الذين يكسرون الخطاب الصدامي التكفيري الذي يكرره كتاب مأجورون اوهموا الجماهير بعودة ابي المعارك المنتظر ليوحد العرب ويحرر فلسطين كما سبق له ان فعل مرات عديدة على أثير القنوات وصفحات الصحف والمجلات العربية مدفوعة الأجر فقط.

اننا في الوقت الذي ننبه فيه الى هذه الكارثة نتمنى على الزملاء العراقيين ان لايردوا بطريقة قد تفاقم الأمر وان لا يحققوا لهؤلاء المرضى غايتهم بابعاد الشعب العراقي عن محيطه العربي والاسلامي ، بل ان يبادروا الى الكتابة في الصحف العربية الشقيقة بما يفضح هذا النهج ويوضح للأشقاء العرب الصورة الحقيقية لما حدث ويحدث في العراق ويطمئنوا مخاوف البسطاء الشرفاء العرب على العراق ومستقبله ، اما مرتزقة صدام فيكفيهم عاراً انهم قد وصلوا الى درك الشماتة بالأطفال والنساء المستشهدين على جسر الأئمة .

* كاتب وأكاديمي عراقي / مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري