الرئيس الأسد..

لو عدت للسياسة السورية عبر عقود.. فليس من سمات السياسة السورية العنتريات.. هذا أولا. ثانيا هي سياسة مؤسسات تعكس مصلحة الشعب.. هنا نتحدث عن القاعدة التي تبنى عليها السياسة السورية.. هذا السياق العربي الذي كانت سورية جزءا منه خلال عقود..على الأقل منذ أن تشكل وعيي على هذه الدنيا.. هو سياق سيئ ينتقل من سيئ إلى أسوأ ولا ينتقل من سيىء إلى أقل سوءا.. فكنا دائما كدول عربية أمام الخيارين السيئين أو مجموعة خيارات سيئة في القضايا المختلفة.. فهنا عليك أن تختار الخيار الأقل سوءا.. والخيار الأقل سوءا في مثل هذه الحالة هو أن تعارض هذه المشاريع.. أي أننا لو سرنا معها لكان الوضع أسوأ.. هذه النقطة الأساسية. النقطة الأخرى نحن لا نعاند مصالح الولايات المتحدة.. نحن نقف مع مصالحنا بمعنى لو وقفنا معهم في حرب العراق... نحن الآن نرى أنه بعد عشر سنوات ثبت بأن ما كانت تخشاه سورية يحصل.. عدم الاستقرار في العراق.. المزيد من سفك الدماء.. احتمالات التقسيم التي ما زالت تلوح في الأفق والتي نراها من وقت لآخر.. والبعض يقول انها على الواقع موجودة.. هناك شيء من التقسيم موجود بفعل الأمر الواقع.. هذه الأشياء ستؤثر مباشرة على سورية. نفس الشيء عندما تدخلت سورية في لبنان منذ بضعة عقود.. أيضا كانت لأهداف مختلفة.. واحد منها هو حماية المصالح السورية.. فإذن القضية ليست أنه كان أمامك خيار جيد ولكنك اخترت الخيار الأصعب.

الميادين.. عفوا سيدي الرئيس توصف بأنك عنيد.. عنيد جدا.. لا تؤاخذني بهذه الكلمة.. الرئيس حافظ الأسد أيضا تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في عاصفة الصحراء عندما احتلت الكويت...

الرئيس الأسد..

نعم.. ولكنه لم يتعاون من أجل دعم الولايات المتحدة.. تعاون من أجل تحرير الكويت.. وكان الموقف واضحا كان انطلاقا من فكرة أنه لا يجوز لبلد عربي أن يحتل بلدا عربيا.. ولا يجوز أن تقوم الولايات المتحدة بتحرير الكويت والدول العربية غير موجودة.. هذا للذاكرة.. للتاريخ غير جيد.. فكانت هناك مبادئ مختلفة.. لم يكن الهدف هو دعم الولايات المتحدة.. هي لم تكن بحاجة لدعم سورية على كل الأحوال.. كانت بحاجة لغطاء عربي.. ولكن نحن رأينا أن هذه العلاقة العربية العربية ستتأثر بالمستقبل إن لم تساهم سورية وطبعا مصر ودول عربية أخرى.. هذا هو المبدأ.

سورية مرنة وليست متعنتة.. فالتعنت شيء وأن تكون متمسكا بحقوقك شيء آخر

الميادين.. أنا الآن عربي معك.. ولكن لو سألك شخص أمريكي أو غير أمريكي.. وحتى نحن العرب معنيون بهذا الأمر.. أعطني عنوانا واحدا كنتم فيه مرنين.. متعاونين.. براغماتيين...

الرئيس الأسد..

أولا.. مكافحة الإرهاب.. عندما تعاونا مع الاستخبارات الأمريكية في موضوع مكافحة الإرهاب.. لأن مكافحة الإرهاب مصلحة مشتركة وهي تحقق مصلحتنا.. ضرب الإرهاب في أي مكان في العالم ينعكس علينا بشكل مباشر أو غير مباشر وفق الحالة. عملية السلام تعاونا معها في التسعينيات وكنا في خضم عملية السلام قبل الأزمة بشكل مباشر على خلفية الوساطة التركية في عام 2008 والتي استمرت لاحقا ودخلت الولايات المتحدة على خط هذه الوساطة واستجبنا وبدأنا بالتعاون وكانت هناك اتصالات وزيارات بيننا وبينهم.. فإذن كان هناك تعاون.. سورية مرنة وليست متعنتة.. فالتعنت شيء.. وأن تكون متمسكا بحقوقك شيء آخر.. نحن متمسكون بحقوقنا وبمصالحنا.. لا يمكن أن نذهب بعكس هذه المصالح.. وإلا نعود للنقطة الأولى بين السيئ والأسوأ.. نكون قد اخترنا الأسوأ وليس السيئ.

الميادين.. سيادة الرئيس عندما كنا نتحدث عن كولن باول وفترة الـ 2003 وقلت وقتذاك كانت هناك محاولات للترغيب والترهيب وقدم لكم تلك الشروط والتي رفضتموها.. ولكن الجانب الفرنسي أيضا دخل على الخط.. كان الرئيس جاك شيراك آنذاك.. وفي شهر تشرين.. على ما أعتقد.. غوردو مونتان كان موجودا هناك.. بين هاتين الفترتين كأن هناك مخاضا قد حصل.. وحتى عين الصاحب قد حصلت آنذاك.. ما سر العلاقات بينكم وبين فرنسا وكل هذه المحاولات التي حصلت ويقال انها كانت جزءا من التهديدات ومن التحذيرات التي لم تستجيبوا لها...

الرئيس الأسد..

جاك شيراك بعد دخول القوات الأمريكية إلى بغداد اعتبر أن الوقت قد حان لكي يغير سياسته بالشكل الذي يوافق الولايات المتحدة.. كما قلت في بداية المقابلة بأن الكل تعامل مع الولايات المتحدة كمنتصر وأصبح المطلوب أن يقدم أوراق اعتماده للإدارة الأمريكية.. أهم ورقة اعتماد يقدمها شيراك هي السياسة السورية.. فأتى في ذلك الوقت مبعوث من قبل الرئيس جاك شيراك في شهر تشرين الثاني عام 2003 وبدأ يتحدث حول المخاطر التي تحيق بسورية وبأن الرئيس جورج بوش الابن غاضب جدا من سورية ومن الممكن أن يقوم بأي عمل /حتى ذكر كلمة حرفية.. قال لي بأن الرئيس بوش قال لجاك شيراك بأنني /أمناستي/.. بمعنى مؤذ أو شرير أو ما شابه وعلينا أن نقوم بشيء ما من أجل أن نؤمن حماية لسورية/.. ما هي هذه الحماية... أن تقوم سورية بالاعتراف بإسرائيل أوما سماه الاعتراف بالدولتين.. طبعا لم يذكر عملية السلام ولم يذكر كل هذا الكلام.

الميادين.. الدولتان.. بمعنى الدولة الفلسطينية والدولة الإسرائيلية...

الرئيس الأسد..

الدولة الإسرائيلية.. وبمعنى أن ندعم خارطة الطريق.. نحن رفضنا أن نتدخل في موضوع خارطة الطريق سلبا أو إيجابا.. على اعتبار أن خارطة الطريق كانت تهدف للتركيز على المسار الفلسطيني.. فكان موقف سورية بأنه لا يمكن أن نكون جزءا من خارطة الطريق إن لم تتحدث بشكل واضح حول استعادة الجولان أو ما نسميه المسار السوري.. فكانت زيارة مونتان في هذا الإطار.. عندما فشلت الزيارة ولم يأخذ ولم يلحظ أي استجابة تجاه هذا الموضوع بدأ التحول السريع في السياسة الفرنسية.. وكما هو معروف بدأ الاتفاق بين شيراك وبوش في العام 2004 من أجل العمل للضغط على سورية في لبنان من أجل إخراج سورية.. ولاحقا.. كما كانوا يتوقعون.. سقوط الدولة في سورية على خلفية الخروج من لبنان.. هكذا كانت البدايات في ذلك الوقت.

الميادين.. فيما يتعلق بالمحور الداخلي.. نعلم أن الداخلي والخارجي كله مرتبط طبعا طبقا لتصوركم ولما هو أصبح مكشوفا بشكل كبير.. أنتم أشرتم سيادة الرئيس الى أن السلاح هنا في سورية كان موجودا وحتى دخل من الخارج.. منذ متى بدأ إدخال السلاح.. متى استخدم السلاح في سورية وبدأ إدخاله...

الرئيس الأسد..

في الأزمة...

الميادين.. نعم في الأزمة.

الرئيس الأسد..

كما قلت.. السلاح موجود من قبل على خلفية غزو العراق.. وربما موجود قبل ذلك.. فتهريب السلاح ممكن دائما وهناك الكثير ممن يرغب باقتناء السلاح.. أما استخدامه في الأزمة فتم من الأيام الأولى لأنه سقط شهداء من الشرطة ومن الأمن منذ الأيام الأولى.. كيف يسقط شهداء من خلال المظاهرات...

الميادين.. لكن نقل عنكم أيضا أنكم قلتم إن السلاح بدأ استخدامه بعد ستة أشهر.

الرئيس الأسد..

لا.. أنا قلت الحرب المعلنة بدأت بعد ستة أشهر.. وقلت هذا الكلام قبل قليل عندما ذكرت المراحل.. عندما ظهر إلى العلن كحرب مع صور ومع سيارات عليها مختلف أنواع الأسلحة بعد ستة أشهر.. بعد رمضان 2011 لكن السلاح كان موجودا منذ الأيام الأولى ولكن كان يستخدم ويقال ان من قتل هو الأمن أو الدولة أو الجيش وكان يستخدم ويسوق أن كل ما يحصل هو سلمي ولكن الدولة تقمع المظاهرات السلمية.

الميادين.. سيادة الرئيس.. هؤلاء الذين استخدموا السلاح منذ البداية هم كانوا بأنفسهم أم كانوا أيضا بتعاون مع الخارج...

الرئيس الأسد..

بتعاون مع الخارج.. حتى الاخوان المسلمين في أكثر من تصريح لمسؤولين تحدثوا بشكل واضح كيف جلبوا السلاح قبل الأزمة إلى سورية وكيف ساهموا في هذا الموضوع.. هذا كلامهم هم.

الميادين.. أي خارج تعاون معهم... أنا أسأل أي خارج ساعد أو سهل أو ساهم في....

الرئيس الأسد..

الآن نتحدث عن بديهيات.. قطر كانت تدعم علنا هذه المجموعات.. قطر تكفلت بهذا الموضوع في بداياته حتى مرور سنتين أو أقل بقليل حتى دخلت السعودية على الخط.. ولكن كانت قطر بالدرجة الأولى وتركيا بالدرجة الثانية.. قطر بالتمويل وتركيا بالدعم اللوجستي.

الميادين.. والأردن... كان بعيدا عن الجانب...

الرئيس الأسد..

الأردن ممر.. في المراحل الأولى الأردن كان بعيدا.. لكنه دخل على الخط مؤخرا منذ أقل من عام.

الميادين.. فيما يتعلق أيضا بالجانب الداخلي.. قبل قليل سيادة الرئيس قلتم نعم.. هناك معارضة في سورية.. حالة اعتراض في سورية قبل الأزمة وخلالها.. وبالتالي أنتم تقرون بشكل صريح وواضح بأن هناك معارضات وتعتبرون بأنها موجودة.. سؤالي بوضوح هل تعتبرون هذه المعارضة شريكا في نحت سورية المستقبل أم لا...

الرئيس الأسد..

المعارضة الخارجية تقصد...

الميادين.. أنتم إذا تميزون بين المعارضات...

الرئيس الأسد..

لا.. أنا لا أميز ولكن المصطلحات تميز.

الميادين.. أنتم تفرقون بين المعارضات...

الرئيس الأسد..

لا.. أنا لا أفرق.. المصطلحات المستخدمة بالنسبة لي..كما قلت قبل قليل.. المعارضة لكي تكون معارضة وطنية شرطها أن تكون معارضة داخلية.. جذورها بالداخل.. كلمة معارضة خارجية تعني بالدرجة الأولى أنها ترتبط بالخارج.. هذا ما نفهمه.. تعني أنها شكلت في الخارج.. تعني أن جذورها في الخارج وليس لها قواعد شعبية في الداخل.. فهذه لا نسميها معارضة.. لذلك أنا أقول المعارضة الخارجية بالمصطلح المتداول وليس بمفهومنا نحن في سورية.

الميادين.. وإذا قلنا هي معارضة في الخارج وليست خارجية.. اضطر هؤلاء لأن يكونوا في الخارج.. في النهاية تعرف هناك أناس لوحقوا.. هناك أناس قبل الأزمة وحتى خلال الأزمة سجنوا واضطروا بعد ذلك أن يخرجوا وبالتالي هم معارضة داخلية سورية حقيقية ولكنها اضطرت لأن تكون موجودة في الخارج..

الرئيس الأسد..

دعنا نسأل سؤالا منطقيا.. لماذا نطارد معارضة ولا نطارد معارضة أخرى.. لماذا نسمح لمعارضة أن تكون في سورية وتعارض ونطارد أخرى لكي تهرب الى الخارج...

الميادين.. بكل صراحة لأنها توصف بأنها ديكور وبأنها مرتبطة بكم.

الرئيس الأسد..

لا.. أنت تحدثت عن جزء من المعارضة يتهم بهذا الشيء وهناك جزء لا يتهم.. هناك جزء معارض بشكل حقيقي وليست له أي علاقة بالدولة ويرفض العلاقة مع الدولة وهم موجودون في سورية.. هناك لدينا أنواع.. متهم وغير متهم.

الميادين.. واستنتاجكم بهذه الطريقة ما هو... أي انكم حتى المعارضة الموجودة في الخارج يمكن أن تتعاطوا معها.

الرئيس الأسد..

الملاحق هو شخص خرق القانون.. والجزء الأكبر من هؤلاء هم الإخوان المسلمين.. والإخوان المسلمين بالعرف السوري والقانون السوري وبمفاهيمنا هي مجموعة إرهابية.

الميادين.. حتى الآن...

الرئيس الأسد..

حتى الآن وهي الآن أكثر إرهابا من قبل.

الميادين.. يا ساتر.. أي ان الوضع لم يتغير سيادة الرئيس...

الرئيس الأسد..

لا.. بالنسبة للإخوان المسلمين هم يسيرون من إرهاب إلى إرهاب أشد.

الميادين.. نظرتكم أنتم لم تتغير تجاه الإخوان المسلمين...

الرئيس الأسد..

بالعكس.. تثبتت نظرتنا أن هذه المجموعة هي مجموعة إرهابية وانتهازية.. والسنوات منذ مجيئي الى هذا المنصب حتى الأزمة السورية أثبتت في أكثر من مفصل أنها مجموعة انتهازية تعتمد على النفاق وليس على الدين.. تستخدم الدين من أجل مكاسب سياسية.. وثبت هذا الشيء في مصر مؤخرا ويثبت في سورية كل يوم.. هذه وجهة نظر لا تتغير.. تثبتها أحداث.. ليس لأننا متمسكون بها ولكن الواقع لا يتغير.. فكيف نغيرها.

لا توجد لدينا مشكلة أن نحاور أي جهة بشرط أن تبتعد عن السلاح والإرهاب ودعوة الأجانب للتدخل في سورية

الميادين.. هل استنتاجي دقيق.. أنكم مستعدون للتعاون مع كل المعارضات ما عدا من تصفونهم بالجماعات الإرهابية التكفيرية.. وحددتم الآن أيضا الاخوان المسلمين...

الرئيس الأسد..

لا.. هذا الكلام ليس دقيقا.. لأننا بعد أزمة الأخوان المسلمين في سورية في الثمانينات حاورنا الاخوان كمجموعة.. كتيار.. كحزب.. بغض النظر عن التسمية.. أو كجماعة كما يسمون أنفسهم.. وأثبتوا بأنهم غير صادقين بالعودة الى الخط الوطني. مع ذلك حاورنا شخصيات منهم وقرروا الانسحاب من الجماعة والعودة للعمل الوطني.. وعادوا إلى سورية. البعض منهم عاد إلى العمل الدعوي في المجال الديني.. وهذا شيء جيد.. ولكنهم خرجوا من العباءة السياسية للاخوان. فنحن لا توجد لدينا مشكلة أن نحاور أي جهة بشرط أن تبتعد عن السلاح.. تبتعد عن الإرهاب.. تبتعد عن دعوة الأجانب للتدخل في سورية عسكريا أو سياسيا أو بأي شكل من الأشكال.. أي مجموعة تريد أن تأتي للمساهمة في بناء الوطن وليس في تهديمه تحت أي عنوان.

الميادين.. أي جهة...

الرئيس الأسد..

أي جهة.

الميادين.. أي جهة تبتعد عن مسألتين الارتباط بالخارج.. واستخدام السلاح...

الرئيس الأسد..

تماما.

الميادين.. أما عن الاخوان المسلمين...

الرئيس الأسد..

هناك جانبان.. أولا.. تجربتنا مع الاخوان المسلمين.. وهي تجربة مليئة بالإرهاب منذ الخمسينيات حتى هذه اللحظة لم تتغير هذه التجربة بمضمونها الحقيقي. هناك جانب آخر هو أنه في الدستور السوري وبقوانين الأحزاب في سورية وبقانون الأحزاب الحالي غير مسموح لأي جهة تشكيل حزب على أساس عرقي أو ديني لأنه يضر بالمصلحة الوطنية.. فحتى لو كان هناك حزب غير الاخوان المسلمين لا يوجد لديه هذا التاريخ الإرهابي.. لا يمكن له أن يتواجد في سورية على أساس ديني لأسباب لها علاقة ببنية المجتمع السوري. القبول بهذا الشيء يعني القبول بتفتيت المجتمع السوري ربما على المدى المتوسط.

الميادين.. معذرة سيدي الرئيس.. ألا تعتبرون الآن أن جزمكم وحسمكم بعدم التعاون مع الاخوان المسلمين.. وعدم السماح لهم بالنشاط كجماعة يعسر سبل الحل.. هذه في النهاية جماعة موجودة فرضت نفسها.. وجماعة موجودة ومسلحة.. وهناك جماعات أيضا لهذه الحركات الإسلامية موجودة ومنتشرة في العالم العربي.

الرئيس الأسد..

لا.. في سورية محدودة جدا.. لم تكن منتشرة.

الميادين.. الآن...

الرئيس الأسد..

لا الآن ولا في السابق.. كانت دائما محدودة.. والآن هي محدودة أكثر من قبل.. لأن الحاضنة الاجتماعية ترفضها.. لأنه في البدايات.. في السبعينيات كان هناك انخداع في حقيقة هذه الجماعة.. وكان البعض يعتقد أنها تعمل من أجل نشر الدين.. وثبت أن هذا الكلام غير صحيح. الأهم من ذلك أن هذه الأزمة فصلت ما بين العمل السياسي والعمل الدعوي في عقول الناس. فالعمل الدعوي هو عمل جيد وضروري لأي مجتمع من المجتمعات.. ولكن لا يجوز الخلط بين الدين والسياسة. الدين في مقام والسياسة في مقام آخر.. لا يجوز أن نخلط بين الموضوعين.. فعندها نضر بالدين ونضر بالسياسة.

الميادين.. حول الجماعات المعارضة بشكل عام.. هل /الجيش الحر/ أو العناصر التي انشقت من الجيش السوري وشكل جزء منها عناصر وضباط /الجيش الحر/.. هل أنتم مستعدون لمعاودة احتضانهم من جديد...

الرئيس الأسد..

طبعا أنا دائما دقيق في التعريف.. هؤلاء فارون. الانشقاق هو قضية أكبر.. الانشقاق هو جزء مرتبط بالمؤسسات وليس هروب شخص. هروب شخص وحده لا يسمى انشقاقا.. ولكن لو أردنا أن نستخدم هذا المصطلح تجاوزا لا توجد مشكلة. نقول كل هؤلاء الذين هربوا لأسباب مختلفة.. فمنهم من فر بسبب الخوف.. ومنهم من فر تحت التهديد المباشر له أو لعائلته.. ومنهم من فر عن قناعة. جزء كبير من هؤلاء..لا أريد أن أبالغ.. لكن جزءا لا بأس به قرر العودة أيضا لأسباب مختلفة لسنا في صدد شرحها الآن.. فكنا مرحبين بهذا الشيء.. البعض منهم عاد إلى عمله في كنف الدولة.. البعض من هؤلاء الذين تتحدث عنهم يقاتل مع الجيش وسقط منهم شهداء خلال الأشهر الأخيرة.

الميادين.. عادوا إلى عملهم فعلا...

الرئيس الأسد..

عادوا إلى الجيش.. وسقط منهم شهداء.

الميادين.. عناصر وضباط عادوا واستقبلتموهم...

الرئيس الأسد..

عناصر.. مجندون.. متطوعون.. ضباط بمختلف الأشكال عادوا إلى الجيش ويقاتلون معه الآن. البعض منهم طبعا يتعاون مع الجيش.. لا يجرؤ على العودة خوفا من انتقام المجموعات الإرهابية.. ولكن يتعامل بشكل ممتاز.

الميادين.. التهديدات التي تعرضتم لها.. نحن كنا قاب قوسين أو أدنى من عدوان حقيقي.. من حرب هنا على سورية. أولا هل تستطيع أن تعطينا سر تراجع الإدارة الأمريكية عما حصل.. وهل أن المبادرة الروسية فيما يتعلق بالكيميائي فعلا كانت مبادرة مفاجئة سريعة.. حتى انه قيل أن سورية هرولت.. فعندما كان السيد وليد المعلم هناك في موسكو تحدث جون كيري في لندن.. السيد لافروف يجيب إيجابيا.. ثم السيد وليد المعلم.. في يوم واحد وجدنا كل الأمر حصل هرولة.. كأن سورية كانت تشعر بحالة من الجذع ومن الخوف ما اضطركم أن تقدموا كل هذه التنازلات...

الرئيس الأسد..

حتى لو أردنا أن نهرول.. هل يمكن أن نهرول في موضوع من هذا النوع بساعة واحدة.. نحن بحاجة لعدة أيام لكي نهرول.. لا يمكن بساعة واحدة.. الفاصل بين تصريح جون كيري وتصريح وزير خارجيتنا كان ساعة أو أقل ربما من ساعة.. هذا الكلام يدل على أن الأمور محضرة مسبقا.. كله كان معروفا مسبقا.. هذا الموضوع مناقش.. حتى لو أردت أنا أن آخذ قرارا كرئيس في موضوع كبير واستراتيجي من هذا النوع.. كيف آخذ هذا القرار والفريق السياسي والدبلوماسي كله موجود خارج سورية.. لا الزمن يسمح ولا وجود الفريق في الخارج يسمح.. هل ناقشته مع نفسي وأخذت قرارا في دقائق... هذا كلام غير منطقي.. من ناحية أخرى.. جون كيري أعطانا في التهديد مهلة أسبوع.. كنا نستطيع أن ننتظر بضعة أيام على الأقل.. ولكن الجواب المباشر يعني أن الأمور كانت محضرة مسبقا وقبل ذلك بأسابيع.. الحقيقة.. هذا الشيء كان متفقا عليه من قبل.. ولكن جون كيري اعتقد في تصريحه أن هذا التهديد لسورية.. وهي غير محضرة لهذا الموضوع.. سيجعلها ترفض.. أي ان كيري كان يتوقع رفضا سوريا للموضوع.. لم يكن يتوقع أن الأمور محضرة.

الولايات المتحدة دولة عدوانية وتستطيع كل يوم أن تبحث عن مبرر لكي تشن حربا

الميادين.. كان يتوقع رفضا...

الرئيس الأسد..

بكل تأكيد.. الطريقة التي طرح بها بأن سورية أمامها أسبوع.. فهذا إما أن يعني الرفض بالدرجة الأولى.. وإن لم يكن رفضا فعلى الأقل سورية خضعت للتهديد الأمريكي وهذا يعطيه داخل الولايات المتحدة نوعا من المبرر ليقول انه انتصر.. هدد وحقق ما يريد ولم يعد هناك من داع للحرب.. أما أن نقول ان موضوع الكيميائي أوقف الحرب فهذا كلام غير دقيق تماما.. أولاً لأن الولايات المتحدة دولة عدوانية وتستطيع كل يوم أن تبحث عن مبرر لكي تشن حربا.. والدليل هو كيف شنت الحرب على العراق.. عندما أخرج كولن باول العبوة المزيفة وكذب على كل العالم وقال لدينا دليل بأن صدام يصنع أسلحة دمار شامل.. فلو أنقذت نفسك بهذه المبادرة.. بعد شهر سيكون هناك مبرر آخر تخترعه الولايات المتحدة من أجل التهيئة لحرب جديدة على سورية.. لكن بنفس الوقت.. قبل المبادرة الروسية بأقل من أسبوعين أتانا خبر من بعض الأصدقاء في إحدى الدول وأخبار مؤكدة بأن الضربة ستكون في اليوم المحدد غدا الساعة المحددة صباحا.. فحضرنا أنفسنا على هذا الأساس ولم تحصل الضربة.

المبادرة الروسية كانت جزءاً من الأدوات السورية والروسية لتعزيز التوازن الدولي الجديد بالشكل الذي يخدم مصالح سورية

الميادين.. حضرتم أنفسكم وقتذاك.. وكنتم مهيئين للرد...

الرئيس الأسد..

هذا موضوع آخر.. الموضوع العسكري لن نعلنه.. سنبقي خططنا عسكرية طي الكتمان.. لا يمكن أن تعلن.. ولكن حضرنا أنفسنا وفق إمكانياتنا لهذه الضربة ولم تحصل.. لو أردنا أن نهرول لهرولنا قبل ذلك التاريخ وليس بعده.. فإذا موضوع المبادرة الروسية أتى في إطار مختلف تماما.. طبعا لا شك بأن جانبا من هذه المبادرة كان يهدف إلى استبعاد أي عمل عسكري.. ليس فقط هذه الضربة وإنما أي عمل عسكري بشكل عام.. لنقل القضية السورية من الإطار العسكري إلى الإطار السياسي.. هذا لا شك كان جانبا.. ولكن هناك جوانب أخرى.. الجانب الأهم.. لاحظ بأن دخول الروسي إلى قمة العشرين كان دخولا منعزلا ومن خرج منعزلا من هذه القمة هو الرئيس الأمريكي وليس العكس.. نحن الآن أمام توازن دولي جديد.. وكانت المبادرة الروسية جزءا من الأدوات السورية والروسية لتعزيز هذا التوازن الدولي الجديد بالشكل الذي يخدم مصالح سورية.. فأن نقول بأن هذه المبادرة أوقفت الحرب هي نظرة محدودة وضيقة جدا وبعيدة عن الواقع وساذجة.. هناك توازن دولي عزز بعد هذه المبادرة.. كان من الضروري لسورية أن تقوم بالاستجابة لهذه المبادرة مع الأخذ بعين الاعتبار بأن السلاح الكيميائي تم إيقاف إنتاجه في سورية منذ عام 1997 وسورية في عام 2003 طرحت مبادرة لنزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط.. أي ان سورية منذ ذلك الوقت مستعدة للتخلي عن هذا السلاح ولكن كان المطلوب أن نستخدم هذه الورقة في إطار آخر.. أتت هذه الظروف المستجدة الآن لكي تجعلنا نستخدم هذه الورقة لموضوع مختلف ولكن يخدم الوضع السوري بشكل إيجابي.

الميادين.. سيادة الرئيس.. هل تعتقدون أن مؤتمر جنيف2 سيحصل.. وما قيل عن موعد في الثالث والعشرين والرابع والعشرين من تشرين الثاني. هل أبلغتم به بشكل رسمي...

الرئيس الأسد..

لا.. رسميا لا يوجد أي موعد حتى هذه اللحظة.

الميادين.. هل تعتقدون أن مؤتمر جنيف سينعقد.. سيتم...

الرئيس الأسد..

لا يوجد موعد.. ولا يوجد عوامل تساعد على انعقاده الآن إذا أردنا أن ينجح. بمعنى من هي القوى المشاركة فيه... ما علاقة هذه القوى بالشعب السوري... هل هي قوى ممثلة للشعب السوري أم قوى ممثلة للدول التي صنعتها... إذا أرادت هذه القوى المساهمة في المؤتمر أو في الحوار لاحقا أن تطرح طرحا ما.. على أي أساس نستجيب لها كدولة.. من تمثل.. هل تمثل شعبا... هل تمثل جزءا من الشعب... ما هو الدليل على ذلك... هل لديها قواعد انتخابية واضحة ساهمت في تقديم ممثلين لها في انتخابات أوصلت ممثلين لها في هذه الانتخابات. كيف يمكن لهذه القوى أن تكون ممثلة للشعب وهي تعيش في الخارج.. لا تجرؤ على المجيء إلى سورية.. وهي تدعي بأنها تسيطر على 70 بالمئة من الأراضي السورية... أسئلة كثيرة مطروحة حول المؤتمر.. ما هيكلية المؤتمر...

الميادين.. لكن معترف بها في الخارج. الائتلاف الوطني أليس هو الائتلاف المعترف به الذي يعبر عن المعارضة في الخارج...

الرئيس الأسد..

الحل السوري هو حل سوري بامتياز.. وليس حلا أجنبيا لقضية سورية.

الميادين.. هل لديكم تحفظ حيال حضور بعض الأطراف مؤتمر جنيف...

الرئيس الأسد..

أولا.. نتحدث عن بنية المؤتمر قبل أن نتحدث عن التحفظات.. الحل يجب أن يكون حلا سوريا سواء اعترف بها الخارج أم لم يعترف.. لا يهم. المهم أن يعترف بها الشعب السوري. فلا قيمة لكل الاعترافات الخارجية بالنسبة لنا.. سواء اعترفوا أو رفضوا لا يعنينا. القضية قضية سورية.. وبيان جنيف نص في الفقرة الأولى على أن يكون الحل حلا سوريا وتحدث عن رغبات الشعب السوري وإرادة الشعب السوري.. هذا ما يحدد هذا المؤتمر. فأن يعقد هذا المؤتمر أو لا يعقد ليست هي القضية الأساسية.. القضية الأساسية إذا عقد المؤتمر هل ينجح أم لا ينجح... هذا هو السؤال. حتى الآن عوامل نجاحه غير متوفرة.

إذا تضمن مؤتمر جنيف وقف تمويل الإرهابيين فلا توجد مشكلة في سورية.. المشكلة السورية ليست معقدة كما يحاول البعض إظهارها والتعقيدات تأتي من التدخل الخارجي

الميادين.. لكن في كل الأحوال سيادة الرئيس.. إذا كان سيعقد مؤتمر جنيف.. هل ستشاركون...

الرئيس الأسد..

المشاركة ليس فيها مشكلة.. وليس فيها محاذير.. وليس لها شروط.

الميادين.. هل تعتبرون أن مخاض مؤتمر جنيف سيشكل الحل السياسي بغطاء دولي للأزمة في سورية...

الرئيس الأسد..

إذا تضمن مؤتمر جنيف وقف تمويل الإرهابيين فلا توجد مشكلة في سورية. عندما يتوقف تمويل الإرهابيين بالمال وإمدادهم بالسلاح ومساعدتهم على المجيء إلى سورية لا توجد أي مشكلة في حل الأزمة في سورية. المشكلة السورية ليست معقدة كما يحاول البعض إظهارها. التعقيدات تأتي من التدخل الخارجي.. والحقيقة هي ليست تعقيدات.. هي إذكاء النار المشتعلة.

نأمل في هذه المرة أن يأتي الإبراهيمي ويعرف تماما كيف يتم التعامل مع سورية ويعرف تماما حدود المهام المكلف بها

الميادين.. السيد الأخضر الإبراهيمي يفترض أن يزورك هنا في دمشق.. تتوقعون منه شيئا.. تطلبون منه شيئا...

الرئيس الأسد..

نطلب منه أن يلتزم بمهامه. ألا يخرج عن إطار مهامه.

الميادين.. بمعنى...

الرئيس الأسد..

هو مكلف مهمة وساطة.. الوسيط يجب أن يكون حياديا في الوسط.. لا يقوم بمهام مكلف بها من قبل دول أخرى.. وإنما يخضع فقط لعملية الحوار بين القوى المتصارعة على الأرض.. هذه هي مهمة الأخضر الإبراهيمي.

الميادين.. حين تقولون هذا الكلام.. هل بدر منه شيء في الماضي لا يوحي بوساطته وحياديته...

الرئيس الأسد..

الزيارة الأولى والثانية.. كانت زيارات حوار.

الميادين.. لم يعرض شيئا... لم يقدم شيئا...

الرئيس الأسد..

في الزيارة الأولى والثانية.. لا.. في الزيارة الثالثة حاول أن يقنعني بضرورة عدم الترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة عام 2014 وهذا الكلام كان في نهاية 2012 طبعا كان جوابي واضحا.. هذا الموضوع موضوع سوري غير قابل للنقاش مع أي شخص غير سوري.

الميادين.. حاول أن يقنعك كشخص أو هذه مبادرة من الخارج.. طلب من الخارج...

الرئيس الأسد..

هذا سؤال يسأل للإبراهيمي..

الميادين.. ماذا فهمتم...

الرئيس الأسد..

لم أحاول أن أفهم. الجواب كان واضحا. سواء أكان منه أم من غيره. ولكن غالبا من الآخرين.. لأن الولايات المتحدة تطرح هذا الكلام. والدول المعادية لسورية تطرح هذا الكلام. ما هذه المصادفة أن يطرح الإبراهيمي نفس الكلام... نأمل في هذه المرة أن يأتي الإبراهيمي ويعرف تماما كيف يتم التعامل مع سورية.. ويعرف تماما حدود المهام المكلف بها.

في العقد الأخير تحولت الجامعة العربية إلى جامعة لتسويق الحروب على العرب

الميادين.. سيادة الرئيس بشار الأسد.. نحن سنتحدث الآن عن بعض الدول العربية.. نريد أن نتحدث عن بعض الجزئيات التاريخية التي نتمنى أن تحدثنا عن كواليسها وخفاياها بشكل أساسي.. ولكن نبدأ من الجامع العام التي تسمى جامعة الدول العربية.. عندما تكون سورية خارج جامعة الدول العربية.. قرار ماذا يعني...

الرئيس الأسد..

هذا يتوقف على كيف ننظر إلى جامعة الدول العربية.. هل هي المكان الذي تعمد فيه كعربي... هي ليست كذلك.. هي جامعة دول.. هل هذه الدول تمثل العروبة في سياستها أو تصرفاتها.. الحقيقة أنها كانت منظمة تهدف لتجميع الجهود العربية.. وعلى الأقل منذ أيام كامب ديفيد تحولت هذه الجامعة إلى جامعة لتسويق السياسات الغربية تدريجيا.. أما مؤخرا.. وفي العقد الأخير فتحولت إلى جامعة لتسويق الحروب على العرب.. وهذا ما رأيناه قبل حرب العراق.. وهذا ما رأيناه عندما ردت اسرائيل على المبادرة العربية في عام 2002 بمجازر جنين وغيرها وأتت القمم اللاحقة واجتماعات وزراء الخارجية لتغطي على هذه المجازر.. وقبل آخر إجراء كانت الحرب على ليبيا.. والأخير كان تغطية الحرب على سورية.

الميادين.. أنتم تعتبرون أن جامعة الدول العربية شكلت غطاء للحرب أو التهديدات الأمريكية على سورية والحرب وقتذاك...

الرئيس الأسد..

نعم بكل تأكيد.. بغض النظر عن موقف بعض الدول العربية الموضوعي وعن موقف بعض الدول العربية الحيادي الذي لم يكن يرغب بالذهاب في ذلك الاتجاه ولكنه لم يجرؤ على أن يقول كلمة الحق في هذا المجال. عمليا الدول التي قادت هذا التوجه سيطرت على جامعة الدول العربية وحولتها في هذا الإطار.. فأصبحت جامعة مسؤولة عن قتل المواطنين العرب.. هذه هي الحقيقة.

الميادين.. أي أنتم.. للتاريخ.. تعتبرون أن جامعة الدول العربية شكلت غطاء لما كان يمكن أن يكون عدوانا أمريكيا على سورية...

الرئيس الأسد..

طبعا.. وقد تسأل لماذا كنا نقبل أن نكون في هذه القمم... حقيقة لم يكن لدينا أي أمل في أن الجامعة العربية ستقدم أي شيء للشعوب العربية.. ولكن كنا ننطلق في سياساتنا وفي ممارساتنا داخل الجامعة العربية من منطلق أن نخفف الخسائر.. فكل اجتماع عربي على أي مستوى كان مليئا بالألغام التي توضع من قبل الدول الأجنبية ويكلف بوضع هذه الألغام بعض الدول العربية ذات الخبرة التقليدية في هذا الموضوع.. وعلينا أن نفكك هذه الألغام لكي نخرج بأقل الخسائر.. وهذا ما ذكرته قبل قليل عندما تحدثت عن السياق العربي من سيئ إلى أسوأ.

الميادين.. هل نفهم سيادة الرئيس بأنكم لا تفكرون بالعودة إلى جامعة الدول العربية لو استدعيتم من جديد...

الرئيس الأسد..

لكي لا نعمل بشكل انفعالي.. لا بد أن يكون هذا القرار قرارا شعبيا.. ولكن إذا قرر الشعب السوري.. ربما يكون عبر استفتاء أو ما شابه.. لأن هذا الموضوع طرح في سورية.. ولكن لا أريد أنا كمسؤول أن أضع نفسي محل كل الشعب السوري.. وأقول اننا سنعود أو لا نعود. يفضل أن يكون هذا القرار قرارا وطنيا في سورية.. ولكن وجود سورية في الجامعة أو عدم وجودها في الجامعة لا يعني أن تكون سورية منتمية للعروبة أو غير منتمية.. هذا موضوع آخر. جامعة الدول العربية لم تعبر في يوم من الأيام عن العروبة.. إلا ربما أيام عبد الناصر.. لكن منذ السبعينيات وبعد ذلك.. وبشكل أكثر دقة.. بعد حرب 1973 ودخول مصر في ذلك الوقت في اتفاقيات الفصل وبعدها كامب ديفيد.. خرجت الجامعة العربية عن هذا الخط.

الميادين.. إذا عندما نتحدث عن الخضوع لهذه التوازنات.. نتحدث عن بعض الدول بشكل صريح.. نبدأ سيادة الرئيس بعد إذنك بالمملكة العربية السعودية رغم أن الجميع ينتظر أن نتحدث عن قطر وعن تركيا.. ولكن نبدأ بالمملكة العربية السعودية ليس فقط لأنها تبدو الآن وكأنها تتصدر المشهد فيما يتعلق بالأزمة السورية ولكن بلا شك هي دولة كبرى وأساسية والأهم أنكم كنتم في محور ثلاثي سورية/مصر/السعودية ما الذي حدث حتى تغير الوضع بهذا الشكل الدراماتيكي علما أن آخر مشهد كنا نعرفه أو عرفناه جميعا ذلك المشهد بينكم وبين العاهل السعودي الملك عبد الله في دمشق ثم سوية إلى بيروت.

الرئيس الأسد..

أنت تتحدث عن ثلاث دول بينها مصر والسعودية في ذلك الوقت عندما كان هناك محور ثلاثي.. هاتان الدولتان خاضعتان للأهواء الأمريكية ولا تخرجان عن السياسة الأمريكية.. فتشكل هذا المحور الثلاثي كان خاضعا للموافقة الأمريكية في ذلك الوقت أيام إدارتي بوش الأب وكلينتون.. تراجع هذا المحور..

الميادين.. عفوا.. فعلا هو كذلك... تشكل ذلك اللقاء الثلاثي كان برغبة أمريكية...

الرئيس الأسد..

أنا متأكد أنك لا تسألني بشكل جدي.. لأن كل مواطن عربي يعرف هذا الشيء.. هذه العلاقات العربية العربية تخضع وبكل تأكيد للأهواء الغربية والأمريكية تحديدا.. فلذلك عندما تأتي إدارة بوش ولا ترضى عن سياسة سورية فتبدأ هذه الدول بالانكفاء تدريجيا إلا إذا كان هناك قبول بهذا التقارب من جديد.. أو تكليف بمهمة للتواصل مع سورية من أجل غاية معينة.. هذه هي حقيقة العلاقات العربية العربية في معظمها وليس بشكل مطلق.. طبعا الخضوع للسياسات الغربية أيضا متفاوت.. هناك دول تخضع بشكل جزئي وليس بشكل كلي.. ولكن لا تستطيع أن تقول ان هناك استقلالية كاملة.. فعندما أتت إدارة بوش وغضبت من الدور السوري بدأت العلاقات تتراجع منذ عام 2003 وتحديدا بعد الحرب على العراق.. وظهر بشكل جلي بعد عام 2004 وأتت قضية الحريري لتكون المبرر لقطع العلاقات والتراجع إلى الحد الأكبر فيها.

السعودية دولة تنفذ سياسات الولايات المتحدة بكل أمانة

الميادين.. ولكن عادت بعدئذ.. سوي الأمر بعدئذ.. أنا سؤالي لماذا تعتقدون هذا الدور السعودي فيما يتعلق بسورية...

الرئيس الأسد..

عادت مع الانفتاح الغربي على سورية.

الميادين.. هل الأمران مترابطان بهذا الشكل...

الرئيس الأسد..

تماما.. لو نظرت إلى المخطط البياني لرأيته متطابقا مع المخطط البياني للعلاقات السورية الغربية.. لا يوجد أي فصل.

الميادين.. معذرة سيدي كأنك تصف المملكة العربية السعودية كأنها دولة تابعة ومستزلمة للغرب والإدارة الأمريكية تحديدا...

الرئيس الأسد..

هل هناك من يجرؤ على وصفها بأنها دولة مستقلة بشكل موضوعي...

الميادين.. لا أحد يجرؤ عفوا على وصفها بأنها دولة تابعة ومستزلمة.

الرئيس الأسد..

السعودية هي دولة تنفذ سياسات الولايات المتحدة بكل أمانة.

الميادين.. لدينا دلائل قد لا تصادق هذا الكلام سيادة الرئيس.. الموقف من مصر.. المملكة العربية السعودية الآن تؤيد بشكل كبير التغيير الذي حصل في مصر بعد الثلاثين من يونيو.. بينما تبدو إدارة الرئيس أوباما ليست متناغمة مع هذا الأمر.. الدليل الثاني.. السعودية ترشحت وانتخبت عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.. وبعد أقل من 24 ساعة اعتذرت المملكة العربية السعودية وقالت بوضوح ان هذا المجلس يطبق ازدواجية المعايير وبالتالي هي توجه رسالة سلبية مباشرة إلى الإدارة الأمريكية في هذا الموضوع.

الرئيس الأسد..

أنا لم أتحدث عن مصر الحالية.. أنا كنت أتحدث عن مصر في التسعينيات وبعد تلك المرحلة.. أما مصر الآن فيها تحولات كبيرة من المبكر أن نحكم عليها. لابد أن ننتظر بعض الوقت وألا نكون متسرعين في مثل هذه الحالة.. أما السعودية فوضعها معروف عبر التاريخ منذ نشأت العلاقة بين آل سعود والإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ أكثر من ستة عقود.. الموضوع ليس بجديد.. هذه العلاقة الخاصة وقيام السعودية بإقناع بعض الدول بما تريده الولايات المتحدة.. هذا الشيء ظاهر للجميع.

الميادين.. سيادة الرئيس.. بماذا تقوم المملكة العربية السعودية الآن في سورية...

الرئيس الأسد..

تقوم بشكل علني بدعم المجموعات الإرهابية في سورية.. إمدادها بالمال.. إمدادها بالسلاح.. وطبعا دعمها سياسيا وإعلاميا.

الميادين.. هل نستطيع أن نقول إن هذا الدعم هو دعم لجهة.. لشخص. يقال بكل صراحة ووضوح ان رئيس الاستخبارات الأمير بندر بن سلطان.. هو الذي يقف وراء هذا الأمر بينما ربما جناح آخر أو قيادة أخرى داخل المملكة ليس لها علم أو ليست راضية عن هذا الأمر...

الرئيس الأسد..

هذا مجرد تضخيم أيضا ومبالغة للأمور.. هو مجرد شخص في منظومة.. وهذه المنظومة جزء من منظومة غربية تقودها الولايات المتحدة.. فكل هؤلاء يخضعون للمنظومة الكبرى.. فهو شخص منفذ.. أما المبالغات حوله بالإعلام أعتقد أنها غير مجدية.. المنظومة كلها تعمل ضد سورية.. فأي شخص.. هذا الشخص أو غيره.. هم منفذون أمينون للسياسة الأمريكية بكل بساطة.

الميادين.. إذن بوضوح الرئيس بشار الأسد يقول إن المملكة العربية السعودية بقيادتها ومنظومتها مجتمعة هي التي تحاربه الآن في سورية...