اليعقوبي: ولاية الفقيه غير ممكنة عندنا ! .....حوار مع المرجع الرابع في الحوزة العراقية

النجف - نزار حاتم

تزاحمت اسئلة المتابعين حول موقف التيار الصدري بسبب التصريحات التي يؤكد بعضها عدم مشاركة هذا التيار، فيما يؤكد البعض الآخر مشاركته بفاعلية في العملية الانتخابية.

كل رجال الدين المرتبطين مع السيد مقتدى الصدر شددوا على موقفهم الرافض للمشاركة بدعوى «عدم جدوى الانتخابات في ظل الاحتلال» مشيرين الى أن احجامهم عن التصويت لا يعني الوقوف ضد الاقتراع، امتثالا لرغبة المرجعية الدينية العليا آية الله السيستاني.

وعلى النقيض من ذلك، يشير معنيون في التيار ذاته الى أن عددا لا يستهان به من الصدريين قد شاركوا في قائمة الـ(169) وسيحتلون مقاعدهم البرلمانية.

ولإزالة هذه الالتباسات آثرنا تقصي بعض الحقائق نبدأها بالاشارة الى ان أتباع السيد مقتدى الصدر هم في الحقيقة أتباع أبيه من قبله آية الله محمد صادق الصدر الذي كان قتله النظام السابق مع اثنين من اولاده، بعد ان استطاع حشد مئات الآلاف من حوله، كما بدأ تدريجيا من خلال صلاة الجمعة التي كان يقيمها في مسجد الكوفة، وبلغة هي أقرب الى اللغة الشعبية منها الى الحوزوية التي اعتاد الفقهاء استخدامها.

حوزة ثائرة على الظلم

كما عمد السيد محمد صادق الصدر الى تصنيف الحوزات بين «ناطقة»، أي ثائرة على الظلم، وأخرى صامتة.


وعموم العراقيين متبرمون من نظام صدام قد استهواهم مثل هذا الخطاب الجريء فأحسوا بأنهم وجدوا في صاحبه قائدا ومرجعا دينيا يستجيب لطموحاتهم في ازالة النظام الشمولي القمعي.

بين الانفعال.. والعقل

ومقتل هذا القائد بطريقة تراجيدية باشراف قصي صدام حسين حمل كل انصاره واعوانه ومقلديه الى الالتفاف عاطفيا خلف نجله السيد مقتدى ليكتسب من بعده صفة قائد هذا التيار.

ولان هذا التيار واسع القاعدة وغير منظم فقد طغى فيه صوت العاطفة والانفعال لدى البسطاء من الناس على صوت الحكمة والدراية السياسية الذي يمثله قطاع كبير من المثقفين والطلبة الجامعيين، ورجال دين في طليعتهم المرجع الديني آية الله الشيخ محمد علي اليعقوبي الذي كان السيد محمد صادق الصدر قد نوّه بعلمه وقدرته القيادية باعتباره أقرب المقربين من طلابه في «الحوزة الناطقة».

واليعقوبي المجتهد الفقيه لايمكنه مسايرة السيد مقتدى في قيادته للتيار، باعتبار ان هذا الاخير مازال طالبا حوزويا في علوم «البحث الخارج» فيما يرى الشيخ اليعقوبي انه من جانبه قد تجاوز هذه المرحلة العلمية الى مرحلة الاجتهاد في زمن السيد محمد صادق الصدر.

حزب الفضيلة.. وفضلاء الحوزة

وبدون ان ينال من السيد مقتدى بتصريح أو بتلميح بدأ اليعقوبي استيعاب عدد كبير من الشرائح الواعية المحسوبة على التيار الصدري فانشأ منهم «حزب الفضيلة الاسلامي» بقيادة الأستاذ الجامعي نديم الجابري و«فضلاء الحوزة» على أساس أن هذين الكيانين يمثلان ذراعي مرجعيته الدينية، كما يمثلان تعاطيه السياسي في المرحلة الراهنة، لذا ضم صوته الى صوت المرجع الأعلى السيد السيستاني في وجوب المشاركة في الانتخابات، كما دفع بالكيانين المذكورين الى الترشح في القائمة 196.

واكدت مصادر عليمة أن مرشحي الشيخ اليعقوبي سيحظون بما لا يقل عن عشرة مقاعد في البرلمان المقبل.

ومن هنا يمكن التأكيد على ان التيار الصدري قد شارك فعلا في العملية السياسية التي تعد الانتخابات احد مفاصلها المهمة.

المهندس ورجل الدين

«القبس» استطاعت بعد جهود كثيرة اجراء حوار مع اليعقوبي الذي يعد رابع مراجع الدين في الحوزة النجفية الى جانب السيد السيستاني وآية الله الشيخ اسحاق الفياض وآية الله السيد محمد سعيد الحكيم، وفيما يلي نص الحوار:

> أعلم أنك حائز على شهادة الماجستير في الهندسة المدنية، ما الذي دعاكم للتوجه الى علوم الحوزة الدينية؟

- انا أعتبر نفسي حوزويا قبل أن أكون مهندسا، لأن رغبتي في الدرس الحوزوي رافقتني منذ كان عمري عشر سنوات، أنا من مواليد 1960، وكنت منذ الصغر استمع واتابع الدروس الحوزوية لاني كما تعلم، من اسرة علمية عريقة في الحوزة.

> هل مارست مهنتك كمهندس؟

- ليس بالمعنى الحقيقي، بل بقدر ماكان يتعلق بالسنة الاخيرة من دراستي في كلية الهندسة، ثم انصرفت عام 1970 الى الحوزة في النجف.

> على يد من تتلمذت من الفقهاء؟

المرجعية العليا فرضت كلمتها

- في الاصول على يد استاذي الشهيد السيد محمد صادق الصدر، وفي الفقه على يد المرجع الاعلى آية الله السيستاني.

> ماذا تقول للعراقيين بعد اجراء الانتخابات؟

- أولا انا افتيت بأن وجوب المشاركة فيها أهم من الصوم والصلاة، لان الصوم والصلاة يمثلان علاقة بين المرء وربه، أما الانتخابات فانها تتعلق بمصير أمة، لذا اتمنى على العراقيين - بعد أن توجهوا الى صناديق الاقتراع بصورة فاعلة - أن يتبادلوا التهاني فيما بينهم بمناسبة انتصار ارادتنا على الارهاب، وبمناسبة شجاعتنا العالية التي برزت من خلال المشاركة الكبيرة، وبمناسبة انتصار المرجعية الدينية التي فرضت كلمتها في اجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

> هناك مخاوف لدى البعض من ان تتسبب نتائج الانتخابات في حرب طائفية؟

- من جهتنا لا ننزلق الى هذا المنزلق ان شاء الله، فكما ترى مثل هذه الحرب معلنة من طرف واحد ونحن لم نتعامل بردود الافعال، فقد قتل كثير من الشيعة في اللطيفية وغيرها من المناطق، ونحن طبعا لانأخذ البرئ بجريرة المجرم، كما أن وحدة العراق هي الأهم.

أين واردات النفط؟

> هل انت راض على حكومة الدكتور اياد علاوي؟

- لا طبعا، لانها لم تستطع معالجة الامور المتصلة بحاجات الناس الاساسية او ربما حاولت لكنها لم تتمكن.. وهنا أسأل اين واردات النفط التي بلغت واحدا وعشرين مليار دولار.

> هل تتبنون نظرية ولاية الفقيه؟

- اذا ما كان ممكنا تبنيها نظريا، فعمليا غير ممكن في العراق لأ ن الشيعة العراقيين ليسوا أغلبية مطلقة.

«الانشقاق» أضاليل

> يقال ان سماحتكم انشققتم عن التيار الصدري؟

- لا اجد معنى هنا لكلمة انشقاق. عمن انشققت؟ فالسيد محمد صادق الصدر زعيم هذا التيار كله قال «ان الشيخ اليعقوبي هو المرشح الوحيد من حوزتنا»: هناك كثير من الاضاليل تطلق ضدي.

> بدلا من أن تسحب الطليعة الواعية من الصدريين الى جانبك لماذا لم تحاول رأب الصدع في هذا التيار؟

- حاولت كثيرا، وبذلت جهودا مضنية، ولم ابادل أي سيئة صدرت ضدي بكلمة سيئة.