احترموا أنفسكم وتذكروا تواقيعكم يا دعاة تأجيل الانتخابات



أرض السواد - طاهر الخزاعي



كما هو متوقع من أبالسة السياسة في العراق الجديد أن يخرجوا علينا باجتماعات وندوات وتجمعات ودعوات ومطالبات بتأجيل الانتخابات ! , هكذا بكل بساطة بل واستهتار صريح بمطالب أغلبية الشعب العراقي الذي يتوق الى ممارسة حقه في الانتخابات وإن كانت تحت حراب المحتل , من أجل أن يتحرك الخطوة الاولى بالاتجاه الصحيح نحو سيادة العراق التي قد لا نصل اليها حتى بألف ميل ! . ولكن علينا أن نبدأ ونتحرك بهذه الخطوة بعد أن شوه البعثيون والطائفيون والمتحجرون كل معنى نبيل من معان المقاومة ونزوا عليها وزنوا بها في وضح النهار !! كل ذلك من أجل مساومات مع المحتل الذي يدعون مقاومته مستغلين بذلك نفراً يكن عداءً كان قد تربى عليه لأمريكا , عداء يستغله في غير وقته وفي غير محله مدفوعا من قبل زمر بعثية قذرة تجيد لعبة مساومات الدم والجماجم ! ..

إن الدعوة لتأجيل الانتخابات أيها السادة المطالبون بذلك , على سبيل المثال لا الحصر (جلال ومسعود - الباجه جي - مهدي الحافظ - الوفاق - محسن عبدالحميد وآخرون ) هي دعوة من أجل إجهاض أحلام العراقيين في الخلاص من شبح الدمار والموت المجاني والجماعي في كل يوم , هي دعوة مثيرة أكثر منها خطيرة وتكمن الاثارة في جملة من الامور :

منها : الاستجابة لمطالب البعثيين والقتلة الذين هددوا وتوعدوا اذا ما اُجريت الانتخابات في موعدها .. وهذا يعني أن السادة المطالبون بالتأجيل يعملون وفقا لأجندة البعثيين شاءوا ذلك أم أبوا !! .. ولا غرابة في ذلك ولا مكان لحسن الظن في زمن السوء هذا ! .. لأن أصحاب دعوة التأجيل هم انفسهم دعاة المصالحة مع البعثيين ! ومن يدرينا أن هذه الدعوة ماهي الا حلقة في مسلسل دُبر بليل بهيم وما أبهم ليل العراق ! .. واذا ما وضعنا حلقة المفاوضات مع البعثيين في الاردن وغيرها من أجل اشراكهم في الانتخابات مع هذه الدعوات ستتضح صورة بشعة لما يُراد لنا من جديد ! .

ومنها ايضا : العمل على اطالة بقاء , المحتل ففي الحساب المادي , يتفضل السادة المطالبون بتقديم ستة أشهر أخرى وبالمجان لبقاء قوات الاحتلال تصول وتجول في شوارع العراق ومدنه !! وهذا بحد ذاته يعني تدهور الوضع الأمني من سيء الى أسوء مما يعني انتفاء السبب المزعوم للتأجيل .

ومنها : النفس الطائفي المقيت الذي حمله دعاة التأجيل .. لما نرى من أحزاب سنية وانضوائها تحت يافطة التأجيل هذه ! .

ومنها : النفس الاستبدادي والدكتاتوري المقيت المتمثل بالاستهانة برأي الأغلبية العراقية التي تريد اجراء الانتخابات وحصول شبه استقرار سياسي على أقل التقادير .. الا ان هؤلاء السادة لا يروق لهم سوى أن يحكموا العراق من جديد ! .. لقد انتفخت أوداج السيد الباجه جي وغادر غاضبا على اثر تعيين الياور رئيسا مؤقتا , غادر الى الامارات وما عاد الا قبل أيام ليطالب بتأجيل الانتخابات وهو القائل أكثر من مرة من على شاشات الفضائيات بضرورة اجراء الانتخابات في موعدها وان الشعب سينتخبه !! .. ولا ندري هل اجتمع ببعض القادة البعثيين المقيمين في الامارات ليأتي بدعوة التأجيل هذه ! .

ومنها : ولعلها الأشد اثارة , تلك هي مطالبة الاكراد بالتأجيل ! فهل المناطق الكردية غير آمنة ؟! أم يطمح الأكراد بأمور كثيرة لم يأتي الوقت المناسب لتحقيقها , وإن وقتها المناسب أن يزداد الأمر سوءً ولهذا يطالبون بالتأجيل من أجل التسويف علَّ وعسى أن يأتي يوما تتحقق فيه طموحاتهم !! .. أن نقرأ المطالبة الكردية من زاوية اخرى ونقول انها أنانية على حساب الشعب العراقي المنكوب , فالمناطق الكردية آمنة ومستقرة وليذهب الشعب العراقي الى الجحيم وسط هذه الفوضى العارمة التي تعصف بامنه واستقراره ! .

ومنها : الاحزاب العلمانية جميعها بما فيهم الحزب الشيوعي الذي أصدر بيانا يقول فيه أنه يتفهم دعوة التأجيل !!! فضلاً عن حزب الوفاق الحاكم ! . الجميع جمعهم مبدأ واحد وهو الوقوف بوجه الحركات الاسلامية المعتدلة , لما يرونه من انسجام الشارع العراقي مع هذه الحركات لسبب بسيط هو أنها أكثر الحركات نضالاً وتضحية ضد النظام الطاغوتي الصدامي ! اضافة الى التوجه العام لدى الشعب العراقي .. ومن هنا جاءت دعوة التأجيل لهذا الغرض ايضا ! .

تناسى الجميع أن صمت الأغلبية من الشعب العراقي إنما هي من أجل اعطاء فرصة أكبر وإتمام الحجة من أجل تفادي المشاكل وغلق كل منافذ التمزق التي قد تعصف بالعراق خاصة وانه يعيش ظرفا لا يُحسد عليه ! تناسوا ذلك وعملوا على استغلاله أيما استغلال , فكان قانون ادارة الدولة المؤقت الذي وقعوا عليه جميعا , بل واصروا اصراراً شديدا على خروجه بصيغته الحالية , وكلنا يتذكر تصريحات وزير الخارجية زيباري في القاهرة حول الذين تحفظوا على القانون - رغم توقيعهم - ! وكلنا يتذكر تصريحات محسن عبدالحميد وتصريحات الباجه جي بل وكل دعاة التأجيل اليوم , كيف عضوا بالنواجذ على قانون ادارة الدولة المؤقت ! حتى أن الاخوة الاكراد اقاموا الاحتفالات في كردستان العراق لما أعدوه نصرا كبيرا .. هل جف مداد أقلام هؤلاء جميعا من توقيعاتهم على قانون ادارة الدولة المؤقت , ذلك القانون الذي ينص على اجراء الانتخابات في موعدها المقرر وأقصاه نهاية شهر كانون الثاني المقبل ؟! .

أم أن السياسة لا مواعيد ولا التزامات فيها ؟

أم أن المصلحة الذاتية أكبر من العهود والمواثيق ؟

أيها السادة , يا دعاة تأجيل الانتخابات , احترموا انفسكم من أجل أن تكون ذرة من مصداقية هلامية لكم ! تذكروا تواقيعكم على قانون ينص على اجراء الانتخابات بهذا الموعد ! ..

وإن شئتم فعودوا الى قانون ادارة الدولة المؤقت - وهو قانون مشين فعلاً - عودوا له واسحبوا توقيعكم حتى يتم تأجيل الانتخابات وبهذا يكون الأخرون في حل من هذا القانون برمته ! ..

إن من لا يحترم توقيعه ولا يحترم مواثيقه لا يتوقع الاحترام من الآخر فضلاً من أن يكسب صوته في صندوق اقتراع ! ..

kza_tahir@yahoo.com