تلخيص مادة الصراع العربي الصهيوني

المقدمة

*الصراع العربي الصهيوني ينحصر في السجل التاريخي بين الصدام الكامل وبين السلام، وليس بالضرورة أن يكون الصدام عسكري فهناك صدام تجاري اقتصادي وثقافي وغيره ، فمفهوم الصراع أشمل من مفهوم الحرب.

*الصراع العربي الصهيوني يتأثر بما يحدث من متغيرات دولية ومتغيرات داخل الاطراف المعنية بالصراع.

فالنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات كان ثنائية القطبية ، وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي ظهر نظام أحادي القطبية ، وهذا المتغير الدولي أثر بشكل كبير في مجريات الصراع العربي الصهيوني يمكن ملاحظته عند تتبع تاريخ الصراع.

كذلك المتغيرات الداخلية لاطراف الصراع ، فمثلا فوز شارون بمنصب رئيس الوزراء يأخذ مجريات سياسية تختلف فيما لو فاز رئيس آخر بالمنصب ، كذلك أغتيال رابين مثلا أثر سلبا على عملية السلام ، ايضا الزعيم الفلسطيني الجديد أما ان يكون أكثر تشددا من عرفات او أقل ، وفي الحالتين سيكون له تأثير على مجريات الصراع.

*ان تفاعلات هذا الصراع لا يزال يتداعى حتى الآن.

* الدولة العربية المعنية بالصراع تنقسم الى قسمين ، دول لا تستطيع مواجهه إسرائيل ودول قادرة على المواجهه لكنها غير راغبة كمصر.

ورغم عدم تحقق السلام بشكل كامل الا انه لا توجد رغبة للدول المعنية –حاليا- في الحرب (حالة اللاسلام واللاحرب).



1) الخلفية التاريخية للصراع:

*التاريخ له أهمية كبيرة في مجال الدراسات السياسية والاستراتيجية ،فالعلاقة وثيقة جدا بين التاريخ والسياسة ويكمن سبب ذلك في ان التاريخ ما هو الا سياسة سابقة

*أصول الصهيونية : يربطون في أساطيرهم ومعتقداتهم كثيرا بينهم وبين أرض الميعاد وهي فلسطين ،وهذا الوعد تحقق مع قيام الكيان الصهيوني ، وقد سموا انفسهم بشعب الله المختار ،وكان لديهم تطلع دائم نحو القدس والتي تمثل لهم اهمية روحية ، اذ تعتبر عندهم مدينة السلام (اورشليم) عاصمة سليمان ع وفيه هيكله. وبسبب ذلك فان القدس تفسر بانها عقبة من العقبات الرئيسية لعملية السلام.

* منذ القرن السادس عشر كان بعض اليهود من كبار السن ينتقلون الى القدس رغبة في قضاء ما تبقى من عمرهم في ارض الميعاد ، وقد سمحت السلطات العثمانية آنذاك لهم بالاقامة في فلسطين ، وكان السبب الغالب في هجرة هؤلاء اليهود الى جانب السبب الروحي ، هو هربهم من الاضطهاد الاوربي وبخاصة الاسباني ، ليقيموا في القدس والجليل بشكل خاص ، وشكلوا آنذا 4% من سكان فلسطين.

*أسس اوائل المهاجرين من اليهود مؤسسة يهودية ذات طابع ديني تدعى (الياشوف) ، كانت تعتمد بشكل أساسي على المساعدات والتبرعات التي تأتيهم من يهود الشتات (اي اليهود الذين لا يسكنون في فلسطين) ، والفترة هذه –من الهجرات البداية حتى تأسيس الياشوف – لم يكن اليهود في فلسطين يعبرون عن أهداف سياسية ، إنما فقط روحية ودينية .

*بي القرن 17 و 18 ظهرت حركة يهودية ذات طابع سياسي في جول اوربا الشرقية والوسطى ، تنادي بالعودة الى فلسطين ، لكن هذه الحركة فشلت في تحقيق أهدافها بدليل ان قيادات تلك الحركة قد اعتنقوا ديانات أخرى.

*بدأ اليهود يتعرضون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لاعمال عنف وإضطهاد في أوربا.

* يمكن تفسير اسباب تلك العمليات الاضطهادية التي تعرض لها اليهود في أوربا بالعوامل التالية :

1) ميل اليهود للانعزال في المجتمعات المختلفة (عقيلة الجيتو) ، وهذا يثير أزمة هوية وإنتماء ، ولاتزال هذه العقلية قائمة لديهم.

2) حركة التحديث والتطوير التي شهدتها أوروبا –حركة العلمنه- بخاصة الثورة الفرنسية التي دعت وبشدة الى مبدئ الاخاء والحرية والمساواة لكل مواطني الدولة وان اختلفت دياناتهم ، وهذا يتعارض مع عقلية الجيتو ، وهذا يعني عدم تقبل الدولة القومية الحديثة في اوربا لفئة اليهود.

3) النزعة القومية المتطرفة لدى الاوربيين بخاصة التطرف النازي والذي تعامل مع فئة اليهود بسلبية حادة.

اذا الحركة الصهيونية ظهرت في أحد جوانبها كردة فعل على معاداة السامية ، وهذه الحركة –اي الصهيونية- حركة علمانية سياسية ليس لها طابع ديني.

*اليهودية ، الصهيونية ، الاسرائيلية مصطلحات مختلفة ، فالاولى ديانية والثانية حركة سياسية علمانية ، والثالثة جنسية.

التطورات التي مرت بها الصهيونية:

في 1896م حدثت دفعة هامة للحركة ، فقد صدر كتاب اسمه الدولة اليهودية لتيدور هرتزل ، يدور عنوانه حول كيفية انشاء دولة لليهود للتخلص من مشكلتهم في اوربا ، وأسس مؤلف الكتاب حركة سميت بالحركة اليهودية العالمية وعقد المؤتمر اليهودي الاول في بازل 1897م لتفعيل النظرية التي طرحها في كتابه ، فبدأت النظرية تأخذ مجرى واقعي.

*وفي هذا المؤتمر تم إقرار البرنامج الاول الصهيوني، وتم الاتفاق على وضع خطة إستراتيجية هدفها الحصول الشعب اليهودي على وطن معترف به ومصان دوليا في فلسطين خلال فترة لا تتجاوز 50 عاما.

ورأى المؤتمر ان من أهم الوسائل لتحقيق الهدف هو تشجيع مبدأ الاستيطان في فلسطين لدى المزارعين والحرفيين والعمال اليهود ، ايضا تدعيم الهوية والوعي القومي لدى اليهود ، والسعي للحصول على موافقة الحكومات الكبرى.

* اكتسب اليهود في عهدهم الاوربي صورة سلبية ، وحتى قبل قيام الدولة، فعملت الصهيونية على تغير ملامح هضه الصورة السلبية وحاولت إظهار الجوانب الايجابية في الصورة النمطية لليهود ، مثل ان اليهودي شخص يتسم بالقوة والقدرة على القتال وانه شخص دؤوب في العمل.

المجتمعات الاستيطانية كانت تمتاز بهذه الخصال ، وهذه الصورة الجديدة تختلف عن الصورة القديمة كليا .

* وعملت الحركة على احياء اللغة العبرية الميتة لكي تصبح لغة متداولة، ففرضت العبرية في الحركة ، واهمية ذلك هو ان اللغة بصفة عامة وسيطة الاتصال بالقومية وأحد دعائم القومية.

* جاءت الحرب العالمية الثانية (1914-1918م) لتعطي اليهود دفعة قوية لانشاء دولتهم ، وتمثل ذلك باصدار تصريح سياسي أطلق عليه (وعد بلفور) في 2 نوفمبر 1917م ، كان هذا التصريح يدور حول الرؤية المستقبلية لبريطانيا في مستقبل الاوضاع في فلسطين.

وأهم ما ورد في هذا التصريح هو (ان الحكومة جلالة الملك تنظر بعين الرضا والارتياح الى المشروع الذي يراد به إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وتبذل خير مساعيها لتحقيق هذا الهدف ، وليكن معلوما انه لا يسمح باجراء شيء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين) . ونفهم من الطوائف غير اليهويدية ان اليهود أغلبية وليسوا اقلية وهذا عكس الحقيقة ، لان عدد اليهود وقتذاك لا يتجاوز ال 7%.

*وعد بلفور اعطى الحركة الصهيونية بقيادة (حاييم وايزمان)- الذي تولى القيادة بعد هرتزل- نوع من الاعتراف الدولية والشرعية الدولية.

بعد صدور هذا التصريح أعلن وايزمان بان الهدف الحالي للحركة هو ارسال عدد يتراوح من 60 الى 70 ألف يهودي الى فلسطين ،وإنشاء مدارس تدرس باللغة العبرية ، وبناء أمة يهودية تدريجيا وعندما يصبح لليهود أعداد كبيرة في فلسطين ستأتي اللحظة التي يتم فيها انشاء الدولة وإعلانها.

*ردة الفعل الفلسطينية كانت عبارة عن مؤتمرات وندوات منذ 1920م أكدوا فيها معارضتهم كاملة للمشروع الصهيوني ، وتسائلوا كيف يسمح لليهود الذين لا يشكلون أكثر من 7% من سكان فلسطين ولا يمتلكون أكثر من 1% من ارضها بان يشكلوا دولة على حساب الاغلبية؟ وحدثت مجابهات عنيفة مع بداية هذه المؤتمرات بين اليهود والفلسطينيين.

* كذلك منذ 1920م بدأت تتشكل المؤسسات الصهيونية ، وسميت الفترة التي تلي هذا العام حتى 1939م بـ(فترة ما بين الحربين) ، وقد تأسست في هذه الفترة المنظمة الصهيونية العالمية التي تركز على اليهود الشتات ، والوكالة اليهودية ومهمتها ادارة املاك اليهود في فلسطين وتمثيلهم أمام السلطات البريطانية. والاتحاد العام للعمال اليهود (الهستدورت) ولعب هذا الاتحاد دورا كبيرا في الاستثمارات والتجارة وكان يعتمد على العمالة اليهودية دون العربية.

*فبشكل عام امتاز الصهاينة بأنشاء مؤسساتهم قبل نشوء الدولة ، وهذا عكس المألوف اذ تنشأ الدولة ثم من بعدها المؤسسات.

كذلك نشأت عدد من الاحزاب السياسية لا تزال مستمرة لهذا اليوم،ومنذ الثلاثينات من القرن السابق -القرن العشرون- أصبحت الحركة الصهيونية حركة أساسية في العالم اليهودي وخصوصا بعد تزايد الاضطهاد الذي يتعرض له اليهود في أوربا الثلاثينات.

في عام 1929م حدثت الازمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في نيويورك وانشرت في العالك اجمع (الكساد الكبير)، وهذه الازمة ساعدت على وصول حركة قومية متطرفة في رأس هرم السلطة في أوربا مثل النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا، وبطبيعة هذه القوميات عاملت اليهود معاملة سيئة بشكل شديد ومتزايد.

ونتجية لهذه التطورات تزايدت موجات الهجرة اليهودية الى فلسطين، ولجأ اليهود المهاجرون الى تكوين جماعات يهودية تعتمد على العنف المنظم مثل (الهاغانا) و(شيترن) – والاخيرة كان يقودها اسحاق شامير وأغلب قيادات هذه المنظمات صاروا ذات مناصب مهمة بعد قيام الدولة- .

*عمل اليهود على زيادة أعدادهم في فلسطين منذ 1945م بصفة خاصة وبدأ أيضا زيادة ممتلكاتهم العقارية وخاصة في المناطق الاستراتيجية بسبب إقترابهم للموعد المحدد منذ 1897م.

*في فترة (1945 – 1947م) ، لعب العامل الدولي دورا مهما في القصية ، ففي 1945م بدأ الغرب (بريطانيا والولايات المتحدة) تهتم بالقضية بسبب نظرتهم للمنطقة من خلال عاملين: 1)الرغبة في الحفاظ على المصالح الغربية في المنطقة ويتمثل ذلك في ضمان تدفق النفط اليها، 2) طمئنة العرب بان مصالحهم لن تنتهك وانهم –الغرب- لن يعيدوا ترتيب أوراق المنطقة في غير صالح العرب. فأقترح الانجليز في يوليو 1946م خطة لتقسم فلسطين الى مقاطعات مستقلة ذاتيا بحيث تبقى المصالح الجماعية خاضعة لسلطات الانتداب.

في 4 أكتوبر 1946م اعلن الرئيس الامريكي (هاري ترومان) موافقته على تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب –وكان وقتذاك لم يكن هنا لا دولة عربية ولا يهودية بخلاف فترة اعلان خارجة الطريق التي يوجد فيها دولة يهودية فقط-.

* تزايدت أعمال العنف المنظم زيادة كبيرة في هذه الفترة -1945 الى 1947م - ، واستخدم اليهود وسائل ضعط مثل البيع المضطر أو العنف ، مما جعل الامم المتحدة تتدخل في الموضوع لتشكل لجنة تحقيق مكونة من 11 ممثل ل11 دولة، مهمتها تقديم المقترحات لتسوية المسألة ، وحاولت الجامعة العربية ان تلعب دورا في الموضوع لتحقيق دولة فلسطينية موحدة.

الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا متحفظتان ، لانه في نفس الفترة بدأت قوة دولية تنشأ وهي الاتحاد السوفيتي ، فكانت الوايات المتحدة لا ترغب في تتدخل الشوفيت بالمنطقة التي كانت مقتصرة على النفوذ الغربي.

أما اللجنة فاعلنت بانها تؤيد مبدأ إنهاء الانتداب واتفق ال 11 ممثل على ذلك ، ولكنهم اختلفوا في البديل ، 7 منهم ايدوا تقسيم فلسطين –لصالح اليهود- و 4 ايدوا انشاء دولة اتحادية فيدرالية. وأعلنت بريطانيا نتيجة لذلك اجلاء قواتها وتوصي جميع جميع اعضاء الامم المتحدة بالموافقة على قرار التقسيم والعمل على تنفيذه.

قرار التقسيم :

* تزايدت الاعمال الارهابية ضد الفلسطينين ، لاجبارهم على التخلي عن ارضهم ، واستطاعوا –اليهود- السيطرة على طبرية وحيفا وهي مناطق استراتيجة وهذا ما يدل على ان عملهم السابق كان مخططا.

إستمر عمل اليهود السابق ، وبلغ عدد المهاجرين الفلسطينيين الى الخارج ما بين 200- 300 ألف تحت انظار المجتمع الدولي ، والدول العربية آنذاك كانت لا تستطيع التدخل ، لان بريطانيا لم تعلن انهاء الاحتلال في فلسطين ، وذلك يعني ان تدخل الدول العربية في ظل السيرطة البريطانية تتدخلا ضد بريطانيا نفسها.

* في 15 مايو 1948م تم إنتهاء الوجود البريطاني لكن في نفس الوقت تفاجئ العرب بإعلان الدولة الاسرائيلية، وبسبب عدم وجود تنسيق في الاهداف بين الدول العربية ، فمصر وسوريا لا ترغب في ان تتوسع الاردن ،ففشل العرب في التدخل ، وأعلنت اسرائيل انها ستحتفظ بما ستكتسبه من الحرب. في 1948م لم تكن الضفة وغزة والقدس الشرقية خاضعة للسيطرة الاسرائيلية ، وهذا يعني عدم إلتزام اسرائيل بقرارات الامم المتحدة ، وانها واثقة من النصر العسكري

اما الدول العربية فرغم ذلك آثرت التدخل بسبب ضغط الرأي العام الشعبي ، بمعنى انها لم تكن مستعدة لدخول حرب مع إسرائيل ، وفي الجانب الاخر استطاعت اسرائيل ان تستحوذ على تأييد الغرب وعملت على استعمال النغمة التي طالما يستعملها اليهود ، وهي تذكير الغرب بالمجازر التي تعرض لها اليهود في الغرب وان الغرب حاليا – وقتذاك – دول ديموقراطية. كذلك ركزوا على نظرية (عبئ الرجل الابيض) أو المهمة الحضارية لاوربا ، وهي نظرية حاول الغرب من خلالها تفسير الاستعمار بانه خدمة للمستعمرات وليس للاستعمار فقط.

* الى جانب اوراق القوة لدى اسرائيل وعدم التسيق العربي، فقد كانت الدول العربية ضعيفة عسكريا وانهم لم تكن الثقة مترسخة فيما بينهم –العرب-.

* الامم المتحدة عينت وسيطا دوليا وهو (الكونت برنادوت) لأحلال السلام بين العرب واسرائيل ، واستطاع ان يصل الى اتفاقية هدنة في 11 يونيو 1948م – ومعنى الهدنة ايقاف مؤقت للحرب لاعطاء فرصة للسلام-.

اقترح برنادوت مشروع تقسيم فلسطين يتسم ببعض الواقعية –اي بنوع من التوازن النسبي مقابل قرار التقسيم الاول) ، وأحتوى المشروع على مايلي:

1) اعطاء الضفة الغربية للأردن مع اتحاد اقتصادي بين الاردن واسرائيل

2) اعطاء الجليل الغربي لاسرائيل

3) اعطاء النقب لعرب

4) القدس تصبح عربية ، وحيفا تكون ميناء دولي

وتلخص موقف الاطراف المعنية بالرفض ، الدول العربية رفضت لان هذا المشروع يعطي ميزة اقليمية للاردن ، واسرائيل رفضت لان برأيها ان القوة هي التي تحدد حدود الدولة الجديدة.

استطاعت اسرائيل في فترة الهدنة ان تتزود بمساعدات اقتصادية وعسكرية وبعد ان انتهت وقت الهدنة ، انتصرت اسرائيل على العرب ، وهذه الهزيمة عمل على زيادة اعداد الفلسطينيين الذين هاجروا من ارضهم ، وورد في تقرير الوسيط الدولي برنادوت المهتم بقضية اللاجئين ، السماح للمهاجرين (اللاجئيين) بالعودة الى اراضيهم في اقرب وقت ممكن والعيش بسلام مع جيرانهم –اليهود- ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات المتضررين والذين يقررون عدم العودة

فالوسيط الدولي يتبنى مطلبين مفروضين على اسرائيل، الاول عودة اللاجئين ، والثاني التعويض.

طبعا اسرائيل رفضت الامرين لان في منطقهم ان فلسطين ارض لهم ، وقد استعادوها ، وان القبول بعودة اللاجئين وتعويضهم اقرار من قبل اليهود بان الارض فلسطينية وهذا مردود في المنطق الاسرائيلي.

* قدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في فترة 1944 الى 1948م 760 ألف لاجئ ، وعدد اليهود عند انشاء الدولة الدولة 650 ألف ، وبالتالي ظهرت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، كأحد المشاكل المهمة التي تشغل العرب والامم المتحدة في قضية الصراع.

الهجرة اليهودية الى فلسطين (التحدي والمواجهة) :

* إسرائيل كيان إستيطاني غير طبيعي ، اعتمد على الهجرة كضرورة للبقاء والوجود ، اي انه لو لم تكن هناك هجرة الى فلسطين لم يمكن انشاء دولة تسمى اسرائيل ، فللهجرة اهمية محورية لليهود ، ولذلك ايضا تحتل الهجرة اهمية كبيرة في سياسة اسرائيل.

*تعتبر سياسة الاستيطان مهمة ايضا لانها اجمع بين عاملين ، الديموغرافي والجغرافي ، ولذلك تتناقض الصهيونية تناقضا جوهري مع وجود الفلسطينيين وهذه طبيعة المجتمعات الاستيطانية (تناقض بين المستوطنين والسكان الاصليين).

*تمتاز الهجرة اليهودية الى فلسطين عن الهجرات السابقة التي تمتاز بانها فردية ، بان الهجرة اليهودية هي عملية تهجير لنبية اجتماعية كاملة من موطنها الاصلي الى فلسطين.

مراحل الهجرة اليهودية :

1)المرحلة الاولى ( 1882م -1948م) :

*هذه المرحلة شهدت نموا تدريجيا في العدد، بداية هذه المرحلة كانوا 23ألف، ومع بداية الحرب العالمية الاولى 1914م وصل عددهم الى 85الف ، وشهدت طفرة في اعداد اليهود المهاجرية الى فلسطين ، بسبب النازية والضغوط الاوربية والازمة الاقتصادية.

في عام 1935م وحدها هاجر 62 ألف يهودي ، وهذا يدل على اقتراب الموعد المحدد لقيام الدولة.

*ايضا ارتفع الرأسمال اليهودي الذي جلبه المهاجرون معهم

*بلغ إجمالي اليهود في فلسطين عام 1935م 375 ألف وشكلوا نسبة 30% من إجمالي سكان فلسطين بعد أن كانوا 7% عام 1920م

هذه العملية ترتب عليها ردود فعل ، فبريطانيا أصدرت في عام 1939م قرارا يتعلق بتقيد الهجرة اليهودية الى فلسطين خلال وثيقة سياسية سميت بـ(الكتاب الابيض) –والمنع هو منع تام ، أم التقييد فيقصد به تحديد أعداد المهاجرين- ، وقيدوا الهجرة بحيث لا تتجاوز الاعداد 75 ألف لخمسة سنوات تالية ل1935م أي متوسط سنوي 15 ألف مهاجر.

الهدف من ذلك هو محاولة بريطانيا كسب العرب في الحرب العالمية الثانية. عارضت الحركة اليهودية ومؤسساتها هذه القرارات ، ولجأت الى انتقاد هذه السياسات والضغط على بريطانيا، وقامت بتهريب المهاجرين اليهود الى فلسطين.

بريطانيا تراجعت في 1946م عن قرار التقيد ، وبالتالي سمح هذا التراجع بتدفق موجات الهجرة الى فلسطين ،وبلغ عدد المهاجرين منذ قيام الدولة الى 650 ألف.

*اليهود من خلال حرب 1948م استطاعوا أخذ 77% بعد ان حصلوا على النسبة التي حددتها الامم المتحدة وهي 56.5 % عام 1947م، بينما لم تكن حركة الاستيطان تمتلك أكثر من 6% قبل 1946م.

2)المرحلة الثانية (1948م -1967م):

*لم يكن قيام الدولة نهاية لموجات الهجرة اليهودية ، بل استمرت بعد قيام الدولة وباكثر سهولة ، ولذلك قامت المؤسسات اليهودية بزيادة جهودها من اجل تشجيع اعداد كبيرة من اليهود ليهاجروا الى فلسطين.

*اسرائيل أصدرت بعض القوانين الهامة التي كان من شئنها ان تجعل الهجرة اكثر سهولة ، مثل قانون العودة وقانون الجنسية.

*قانون العودة: من حق اي يهودي في العالم ان يهاجر الى اسرائيل.

*قانون الجنسية: اي يهودي ياتي الى اسرائيل يكتسب الجنسية الاسرائيلية.

*الهجرة في هذه المرحلة إتسمت بغلبة عنصر اليهود الشرقيين (السفرديم)، بينما الهجرات التي سبقت قيام الدولة فكان العنصر الغربي (يهود الشكيناز) هو الغالب.

*كذلك جاء الكثير من يهود الشرق الاوسط في هذه الفترة الى فلسطين،فهاجر من العراق 24 الف يهودي عراقي ، من اليمن 45 ألف يهودي في 1949م، وكان اجمالي اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل 239 ألف في 1949م، وإجمالي عدد المهاجرين من 1948 الى 1967 قد تجاوز المليون مهاجر –اي خلال عشرين عام- زيادة على عدد المواليد الجديدة في اسرائيل.

3)المرحلة الثالثة (1967م- الآن):

*في هذه المرحلة استطاع الصهاينة من السيطرة على اجمالي مساحة فلسطين ،إضافة الى أجزاء من دول عربية أخرى ،سيناء من مصر والجولان من سوريا. وبطبيعة الحال نتوقع زيادة عدد المهاجرين الجدد بزيادة المساحة.

*فلذلك بدأت اسرائيل سياسة استيطانية مكثفة بعد حرب 1967م التي خرجت منها منتصرة ، وبدأت ايضا بتشجيع اليهود الخارج باعلانها انها محتاجة الى ما لا يقل عن 100 الف يهودي كل عام.

*بلغ عدد اليهود المهاجرين في خلال ثلاثة عقود ونصف أعقاب قيام الدولة (من 1948 –1983م) مليون و700 ألف يهودي ، وعملت اسرائيل ايضا على تهجير نوعيات جديدة من اليهود في السبعينات خاصة يهود الاتحاد السوفيتي والسبب في ذلك يتلخص في عاملين :1)عامل الكم ، فيهود الاتحاد السوفيتي السابق عددهم كان قرابة 2 مليون ، ولذلك بذلت اسرائيل جهودا كبيرة بهذا الخصوص وقد تمكنت حتى الان من تهجير مليون يهودي، 2)عامل الكيف ، فاغلبهم متعلمين و متخصصين في تخصصات نادرة وهامة ، فنسبة كبيرة منهم من العلماء والمهندسين والاطباء ، ونسبة كبيرة منهم شباب . وهم حاليا يشكلون 16% من إجمالي مهندسين اسرائيل والمتخصصين في علوم التكنولوجية المتطورة وذوي التخصصات النادرة ، و20% من اطباء اسرائيل ، و10% من الممرضات.

* في مقابل ذلك اتبعت اسرائيل سياسة سكانية مضادة اتجاه فلسطين ، وبالتالي يتحقق التفوق السكاني لصالح اليهود (تفوق ديموغرافي)

*أصبحت ارض فلسطين مقسمة الى ثلاثة اقسام رئيسية بعد 1948م:1)الارض التي أحتلتها اسرائيل عقب قيامها وتشمل 77% من المساحة الاجمالية لفلسطين. 2)الاراضي التي تقع تحت الادارة الاردنية وتبلغ 21.7% 3)قطاع غزة 1.3% ويقع تحت الادارة المصرية.

*ذهب أغلب الفلسطينيين الى المنطقتين اللتين تقعا تحت الادارة العربية –المصرية والاردنية- ، فاستقبلت الضفة الغربية 280 ألف فلسطيني من الذين تم تهجيرهم من المناطق التي احتلتها اسرائيل، وتعادل 38% من نسبة المهاجرين المطرودين. ووصل العدد في 1949م الى 774 ألف في الضفة ، هذه الزيادة المفاجئة ترتب عليها زيادة الاعباء وكثافة سكانية عالية (137 في كل كلم3). وبسبب ذلك نتوقع الى زيادة الضغوط الاقتصادية هجرة أخرى من جانب الفلسطينيين لخارج الضفة.

*بالنسبة لقطاع غزة فقد مرت بنفس التطورات السابقة ، ووصل عدد السكان الى 270 الف في 1949م ثم هجرة ثانية .

*تكررت مأساة في 1948م ففي 1967م تم احتلال كل فلسطين ، وكانت فجائية وقصيرة الزمن ، وهذا ادى الى زيادة كمية المهاجرين بالنسبة ل1948م.

* اتبعت اسرائيل سياستين ديموغرافية :1) تكاثرية لليهود 2)تحديدية للفلسطينيين. ولتفعيل هذه السياستين عملت على تهجير الفلسطينيين (سياسة التهجير) في وقت الحرب والسلم ، وهذه السياسة بهذه المعنى سوف يشهدنا تقلص في عدد الفلسطينيين، كذلك استخدمت سياسة التمييز الاقتصادي ضد الفلسطينيين، وقد تمثل ذلك بالسماح للعرب بالعمل في الوظائف الهامشية اقتصادية ، والتمييز في مجال الاجور وظروف العمل ، كذلك التمييز في الصحة والمرافق والخدمات والتعليم. كذلك استخمدت سياسة الاستعمار الاستيطاني عن طريق مصادرة املاك الفلسطينيين بحجج مختلفة.