رمضانيات في العراق الجديد .. الغضب اللامقدس في العراق !

أرض السواد - طاهر الخزاعي

ما أكثر تكرار دعوات الثأر أو اعداد العدة الشيعية هذه الأيام من أجل اكتساح الآخر السني في العراق , وطالما ردد أصحاب هذه الدعوات - وما أكثرهم - أن ما يجري في العراق هي حرب طائفية , حرب من السنة على الشيعة , واذا أنصف البعض فإنه يقول حرب وهابية تستهدف الشيعة .. بالتأكيد الصورة فيها بعض ضبابية وجزء منها بالتأكيد تحركه غرائز طائفية من أجل القتل والذبح والتفجير .. ومن المؤكد أن الكثير من هذه الأحكام الارتجالية نتيجة العاطفة والانسياق وراء خطط ما وراء الكواليس في الاغلب الأعم تكون دون قصد . محاولات محمومة نجدها تصر على تسويق أن ما يجري في العراق هو استهداف سني لشيعة العراق ليس إلا !! , وهذا التسويق لا هدف له سوى تجييش العواطف للوصول الى الغضب المحذور , الغضب اللامقدس , الغضب الذي يحرق الأخضر واليابس في العراق ولن يستفيد منه سوى أعداء العراق على تنوعهم واختلافهم ! .

أنا هنا لا أريد أن أنفي بالمطلق وجود النفس الطائفي وراء حالات من الاغتيال والقتل ولكن ليس من الصحيح أبداً تصوير ما يجري على أنه حرب سنية على شيعة العراق .. وهنا لابد من استعراض ما يلي من أجل نفي هذا الذي يُراد تسويقه :

مما لا خلاف فيه أن الثمانين عاما المنصرمة في العراق كانت سنية بجانبها الحكومي , وفي ذات الوقت لم تحصل أي حالة من حالات الصراع الطائفي في العراق , بمعنى أننا لم نجد سنة العراق يقتلون شيعته لأنهم على غير مذهبهم .. وأكثر من ذلك فحتى في زمن البعث منذ انقلاب تموز الاسود وقبله شباط لم تحصل حالات صراع طائفية ! وكذلك في زمن الطاغية الجرذ حتى مطلع التسعينات لم تحصل حالة واحدة مما يجري اليوم ! .. مدارس العراق ومعاهده وجامعاته ومؤسساته كانت ولا زالت تضم الشيعي والسني جنبا الى جنب . ولكن الذي حصل سنة 1991 وخلال الانتفاضة صور الاعلام العالمي والعربي انتفاضة الشعب العراقي أنها شيعية في الجنوب كردية في الشمال واستعمل اعلام النظام الصدامي بعدها هذه النغمة في أخبث التفاف على تشويه الثورة التي كانت تستهدف النظام البعثي وحسب .. منذ ذلك الحين عمل البعثيون بتوجيه من صنمهم الأكبر على زرع البذرة الخبيثة في العراق تحت غطاء الحملة الايمانية مطلقا العنان الى خلايا الوهابية أن تعمل في العراق بالتنسيق والتوجيه التام من البعثيين .. وهذه الحملة الايمانية (الوهابية البعثية بتعبير أدق) كانت واحدة من أهم اسباب تحرك الشهيد الصدر الثاني والتثقيف في الجانب المضاد لها والعمل على أداء صلاة الجماعة والجمعة في مساجد السنة وبالعكس .

إنهم البعثيون بدشاديش قصيرة ولحى كثة بالتنسيق مع وهابية العرب خرجوا بعد سقوط صنهم غضبا لملك زال - أو تصوروا أنه زائل ! - وما سهل عليهم تنفيذ مخططهم الاجرامي تمادي قوات الاحتلال في ترك حبل الحدود على غاربه لأكثر من سنة ! مشفوعا بقرار عودة البعثيين والغاء قرار اجتثاثهم , بل وأكثر من ذلك كله لم يتعرض بعثي واحد للاعتقال أو المسائلة فضلاً عن المحاكمة وانخراطهم في مؤسسات الدولة الجديدة ومفاصلها المهمة , بالاضافة الى استحواذهم على كميات كبيرة من المال والسلاح والذخيرة .. الأمر الذي جعلهم يمارسون غضبهم اللامقدس في العراق .. ولعل السيارات المفخخة التي أودت بحياة عشرات من الشرطة هذا اليوم في مدينة سامراء السنية يُعد دليل على ذلك ! .. مالم يتم اجتثاث بعث الاجرام في العراق سنرى كل يوم عشرات الضحايا من العراقيين وأكثر من ذلك هو اطالة أمد المحتل والتبرير لوجوده ! .


7 تشرين الثاني 2004