فتوى القرضاوي بقتل المدنيين إرهابية

محمد باقر المهري: الشيعة في دول الخليج ولاؤهم لوطنهم قبل كل شيء ومحاولات الفتنة ستفشل

الكويت: «الشرق الأوسط»

استبعد أمين عام تجمع العلماء المسلمين الشيعة والوكيل المعتمد للمرجع آية الله العظمى علي السيستاني في الكويت محمد باقر المهري، نشوب حرب أهلية في العراق، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية هناك لا يمكنها أن تقوم بأكثر من العمليات الإجرامية والإرهابية، مشيدا بالاتفاق الذي تم بين أتباع تيار الصدر والحكومة العراقية لتسليم أسلحتهم وإحلال السلام في مدينة الصدر.

ووصف المهري في لقاء مع «الشرق الأوسط» فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي الأخيرة بشأن جواز قتل المدنيين من الأميركيين تحديدا، بأنها تأييد للإرهاب وتشجيع له واعتبرها فتوى إرهابية، مطالبا هيئة علماء المسلمين السنة في العراق للانخراط في العملية السياسية من خلال الانتخابات المقبلة في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل.

وأشاد المهري بدور القيادة السعودية في احتواء بعض محاولات اللعب على الوتر الطائفي في المملكة من خلال قرارات حكيمة بفتح الحوار بين مراجع الطائفتين، مؤكدا على أن ولاء الشيعة لأوطانهم أولا سواء في الكويت أو السعودية أو غيرها من الدول الخليجية، موضحا بأنه لا يرى مضاعفات أمنية في حال تطور المواجهة بين إيران والقوى العظمى على خلفية الملف النووي الإيراني، لا سمح الله، من قبل الطائفة الشيعية في دول مجلس التعاون الخليجي الذي أكد على أن ولاءهم الأول والأخير لأوطانهم.

* كيف ترى مستقبل التيار الصدري بعد الاتفاق الأخير بين الحكومة العراقية المؤقتة وجيش المهدي في مدينة الصدر؟
ـ الاتفاق الذي تم بين الحكومة العراقية وجيش المهدي يعتبر تسليم الأسلحة البند الأهم لإعادة السلام واستمرار عملية الإعمار في تلك المدينة ولأهلها، مقابل الإفراج عن بعض المعتقلين من تيار مقتدى الصدر، والسماح لهم بالمشاركة في العملية السياسية، ونحن نبارك هذا الاتفاق ونتمنى من الحكومة العراقية بعد ذلك عدم التعرض لأتباع الصدر.
* هل تعتقد بأن هذا الاتفاق سينهي التوتر والصدام بين تيار الصدر والسلطات العراقية؟
ـ في الواقع ان قوة التيار الصدري كانت في النجف الأشرف وبعد حل مشكلة المواجهة من قبل المرجع آية الله العظمى علي السيستاني هناك، نحن كنا نتوقع أن تنتهي المشكلة مع التيار الصدري ولا تعود مرة أخرى خاصة بعد تسليمهم أسلحتهم للحكومة المؤقتة.
* على ذكر المراجع الشيعية، لماذا لا تشارك في جهود إنهاء عمليات الاختطاف التي يشهدها العراق كما تقوم هيئة علماء السنة العراقية؟
ـ السبب واضح وهو الذين يختطفون الأبرياء من المسلمين وغيرهم كلهم أجمعين من غير الجماعات الشيعية. وأيضا لأن المرجع الشيعي الأعلى في العالم الإسلامي الإمام السيستاني وكذلك المراجع الشيعية الأخرى يحرمون اختطاف الأجانب والتعرض لهم ويحرمون قتلهم، ولارتباط هذه الجماعات التي تقوم بالاختطاف بأطراف ترتبط بعلاقة مع بعض علماء المسلمين السنة، أما نحن فنخالف عمليات الاختطاف والقتل الوحشي مطلقا ونشجب هذه العمليات، ونراها عمليات همجية وجبانة ووحشية وبعيدة عن الإسلام، وهي تشويه لسمعته الأصلية.
* هناك من يحاول أن يلعب بالورقة الطائفية في منطقة دول الخليج العربي والتي يرى البعض بأنها فشلت.. فكيف ترى هذه القضية وأبعادها المستقبلية؟
ـ هناك بعض الجهات وبعض الدول تحاول استغلال التنوع المذهبي والعرقي لضرب الوحدة الوطنية، فمثلا بالنسبة للسعودية أعتقد أن هناك دولا تحاول زعزعة الأمن الوطني فيها، وإيجاد تفرقة بين الطائفتين السنية والشيعية، ولكن والحمد الله فإنه بحكمة خادم الحرمين الملك فهد وولي عهده الأمير عبد الله احتويا هذه الفتنة وجمعوا القائمين على الطائفتين في الرياض أكثر من مرة وأوجدوا نوعا من التنسيق والوحدة والانسجام بين السنة والشيعة، فهناك الشيخ حسن الصفار العالم الشيعي البارز والشيخ سلمان العودة السني السلفي اجتمعا، وكذلك بالنسبة للكويت فهناك جماعات تريد خلق الفرقة الطائفية، ولذلك قلت سابقا وأقول الآن انني أمد يدي إلى جميع إخواني السنة ولا نفرق بين المسلمين، خاصة وأن القضايا المشتركة التي تجمعنا أكثر بكثير من القضايا التي تفرقنا.
* كيف تقيمون الفتاوى التي صدرت عن الشيخ يوسف القرضاوي التي أثارت الجدل حول الأوضاع في العراق وقتل المدنيين من الرهائن وغيرهم؟
ـ أنا والكثيرون استغربنا من فتاوى الشيخ القرضاوي خاصة التصريح الأخير له بوجوب قتل المدنيين الأميركيين، وتحديده للمدنيين الأميركيين من دون الآخرين في التحالف مثل البريطانيين أو غيرهم. وكنت في وقتها في مدينة قم وسألت أحد المراجع هل يجوز قتل الأميركيين على هويتهم أو جنسيتهم فقط؟ فقال: «لا يجوز ذلك وهو أمر غير صحيح».. ولذلك اعتبرت هذه الفتوى تأييدا للإرهاب وتشجيعا للإرهابيين. وقال القرضاوي في قناة الجزيرة في محاولة تبريره لذلك بأن المسلمين يد واحدة ويجب التعاون معهم، وفي هذا السياق أجاز القرضاوي حتى اختطاف الرهائن من غير الجامعين والعلماء. ونحن نعتبر تلك الفتوى غير صحيحة ونعتبرها فتوى إرهابية.
* ما هو تعليقكم على التناقض الواضح بشأن العمليات الانتخابية في العراق خاصة في ظل دعوة المرجع الأعلى السيستاني للمشاركة بكثافة في الانتخابات واعتبار البعض الآخر نشوب حرب أهلية في العراق؟
ـ نشوب حرب أهلية بهذا المعنى الواسع لا أعتقد أنه ممكن. ولكن الزرقاوي وجماعته نعم يريدون قتل الشيعة العراقيين كما يعلنون في بياناتهم ومواقعهم الإلكترونية. واعترف الزرقاوي بأنه هو الذي قتل الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم، أكثر من ذلك، ليس لديهم ما يقومون به في العراق سوى العمليات الإرهابية والإجرامية بالاختطاف والقتل. وفي اللطيفية قتل ستة من الشباب الأبرياء الشيعة، في الفلوجة. وهذا أقصى ما يمكن أن يقوموا به من إرهاب وترويع جبان. والمرجع الأعلى الإمام السيستاني يصرح دائما بالحفاظ على الوحدة الوطنية ويصر على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد والمشاركة فيها بكثافة ومن دون تمييز بين الناخب والمرشح السني والشيعي.
* يتكرر في الآونة الأخيرة مفهوم ولاية الفقية وانعكاساته السياسية. فهل لك أن توضح لنا ذلك؟
ـ مسألة ولاية الفقيه مسألة علمية وفقهية بحتة، والخلاف والجدل دار بشأنها، خاصة أن باب الاجتهاد مفتوح على مصراعيه عندنا. ولذلك فإن الإمام الخميني كان يرى بولاية الفقيه وأنه مال الإمام المعصوم للفقية من غير جهة الإمامة، ولكن المرحوم آية الله العظمى السيد الخوئي كان يقول لم يثبت لدينا من الأدلة الولاية العامة للفقيه. فهناك بعض المراجع يرون ولاية الفقية وآخرون لا يرون ذلك. وهي مسألة علمية بحتة وليست سياسية ومحل خلاف بيننا ولكن الولاية الإجمالية العامة فإن الكل يتفق على ذلك.
* كيف ترون تقدم مطالبكم في الكويت بشأن إنشاء محكمة استئناف جعفرية وتدريس الفقة الجعفري في المدارس العامة؟ ـ الكويت دولة تحكم بموجب دستور 1962 الذي لم يفرق بين المواطنين ويعطي الحرية لهم كافة بحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وطقوسهم، ولذلك نطالب بتفعيل ضمانات الدستور ومواده وتعزيزها، ولذلك قلنا إنه من المناسب تدريس الفقة الجعفري في المدارس والمعاهد والكليات كما هو متعارف عليه في جامعة الأزهر الشريف الذي يدرس كتاب المختصر النافع لكبير علماء الشيعة المرحوم العلامة الحلي. وهذا الاقتراح سيعمل على الألفة بين أبناء الطائفتين ويعرفهم على بعضهم البعض بشكل أكبر. أما بالنسبة للمحاكم فهناك محاكم للأحوال الشخصية كما هو موجود في السعودية مثل القاضي عبد الحميد الخطي وسماحة العلامة عبدالله الخنيزي القاضي الجعفري. وطبعا في الكويت هناك محاكم جعفرية ولكن في محكمة التمييز لا يوجد هناك قضاة من الطائفة الجعفرية وطالبنا بذلك.
* هناك مخاوف من تطورات تؤدي إلى مواجهة بين إيران والدول العظمى على خلفية الملف النووي الإيراني.. فكيف ترى موقف الطائفة الشيعية في دول الخليج العربي وردود فعلهم؟
ـ نحن في الكويت نحافظ على خصوصيتنا الكويتية، فنحن شيعة كويتيون. وأيضا في السعودية هناك شيعة ولكنهم سعوديون ونحن نحافظ على ولائنا الوطني. وكما أعلنت وأعلن الآن أن ولاءنا الأول والأخير للكويت وموقفنا هو موقف الحكومة الكويتية والقيادة السياسية للبلد، وكذلك الإخوة في المملكة العربية السعودية ملتصقون بقيادتهم للمحافظة على تلك الأرض الطيبة.
أما فيما يتعلق من احتمالات المواجهة الإيرانية مع القوى العظمى فهي ضعيفة جداً. وتعلم الولايات المتحدة أنه ليس من مصلحتها مواجهة إيران، فهي دولة قوية في المنطقة ولها وزنها عسكرياً.