أحيا الأمسية الثقافية الأولى لمكتبة البابطين



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
خاتمي محاضرا


31/05/2006 كتب بدر المشعان


تحت عنوان 'تحديات العالم الاسلامي وسبل النهوض' اقامت مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي اولى امسياتها التي احياها الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي، حيث عرض في بداية حديثه التحديات التي كانت تواجه الحضارة الاسلامية في بداية عصرها.
وقال خاتمي ان استعجال الاضطرابات الداخلية والصراعات الطائفية وتهميش العقلانية والفلسفة، كلها اعراض كان يعانيها العالم الاسلامي في ازمته الداخلية.
واضاف ان الغرب في تلك الحقبة استفاق من سباته اثر التعرف على العالم الاسلامي وحضارته المعطاء وشق امامه طريقا جديدا ومواكبة مع الانحطاط الداخلي للعالم الاسلامي، حيث بدأ يرتقي سلالم التطور والتقدم وانشأ حضارة تأثر بها الشرق والغرب والشمال والجنوب.

تحديات جديدة
وأوضح خاتمي ان المسلمين يقفون اليوم في موقع يختلف عن الامس ويواجهون تحديات جديدة تتطلب انتهاج حلول جديدة، مشيرا الى ان 60% من عدد المسلمين البالغ عددهم مليارا ونصف المليار يقطنون في رحاب اراض تحكمها حكومات منهم وان اكبر مصادر الثروة الانسانية والمادية تكمن في هذه الدول، وان قلب العالم الاسلامي اي الشرق الاوسط من الناحية الجغرافية السياسية والجيواستراتيجية وتمتعه بكوادر العمل الرخيصة والثروات الطبيعية الهائلة والاسواق الاستهلاكية كان ولا يزال محط انظار الاستعمار الطامح للاستيلاء عليه بأساليب مختلفة.

وأكد ان ظهور نظام غربي من النوع العنصري والفاشي في الشرق الاوسط جعل العالم الاسلامي يعيش الرعب وعدم الاطمئنان منذ نصف قرن ادى الى ازدهار مراكز الانتاج الاقتصادي والعسكري والسياسي الغربي على حساب رأب الصدع الناجم عن التخلف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي.
حجر عثرة
وقال ان تضخيم الخلافات وتهويلها وايجاد حالة من الخوف اللامبرر من الآخر في دول المنطقة والعالم الاسلامي وعزل وفصل هذه الدول عن بعضها بل وجعلها في صدام مع بعضها هي من جملة الاساليب الاخرى التي تستنزف طاقات العالم الاسلامي وتشكل حجر عثرة امام تطوره وتقدمه.
واعطى خاتمي مثالا عن الكوارث التي افتعلها النظام العراقي السابق باعتدائه على ايران طيلة ثماني سنوات ثم اعقبها بغزوه الكويت والجرائم التي ارتكبها فيها.
وذكر ان التطوارت العلمية والمادية الغربية الرائعة التي تدور عجلتها بسرعة مذهلة ادت الى توسعة الهوة واتساع المسافة بينها وبين البلدان الإسلامية، بالاضافة الى انشاء مؤسسات ومعاهدات تعتبر مصالح القوى الكبرى هي مصالح للبشرية كافة او استخدام المنظمات والمراكز المقامة من اجل تحقيق السلام والعدالة ومكافحة الجهل والفقر كأداة وألعوبة بيد القوى المتسلطة في الشأن الدولي ضاعف من مشاكل دول الجنوب.
واشار خاتمي الى ان احد التداعيات الطبيعية لهذا الوضع هو النمو المتزايد للتطرف والتشدد في ارجاء العالم ومنه في عالمنا الإسلامي.
عامل هدم
واضاف ان هناك عاملين هدامين بين كافة العوامل المؤثرة في تبلور مشكلات المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وهما الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي، حيث ان الترابط بين الاستبداد والاستعمار ضاعف من التعاسة، لان السلطة المستبدة والتي تفتقر لقاعدة شعبية اعتمدت على القوى الخارجية من اجل الحفاظ على عرشها وبسط هيمنتها، موضحا انه منذ اكثر من قرن ورواد الفكر المستنير والمصلحون في العالم الإسلامي يقترحون الحلول، لكنها للأسف لم تؤد الى أي تأثير حاسم ساهم في تغيير مسيرة الانحطاط وعالج الآلام من جذورها.
وقال خاتمي ان الخلاص من الاستبداد والاستعمار في كل اشكاله يكمن في امور عدة وهي العثور على سبل تكفل استبدال الانظمة الاستبدادية تحت اي اسم وعنوان بأنظمة شعبية حيث لا سبيل اليوم سوى قبول السيادة الشعبية في المجتمع، وان هذا الامر يحتاج الى تربية النفوس وتربية المجتمع وإعداده لقبول ضوابط نظام الديموقراطية الشعبية، بالاضافة الى تربية نفسية تقوم على الاعتماد والقبول بهذا الواقع وهو ان أي أجنبي لا يريد ولا يستطيع ان ينقذنا من التخلف والتبعية.
كذلك استبدال القدرات والثروات الكامنة الى قدرات فعلية، وهذا الامر لا يتحقق إلا في ظل الحصول على العلم والتكنولوجيا ورفع مستويات الانتاج والاستعداد للتنافس البناء في مجال الحياة الاقتصادية والسياسية العالمية.
وأيضا يجب أن يسير مبدأ التطور بتوليفة متناغمة مع الهوية التاريخية والثقافية لشعوبنا. بالإضافة إلى أن احترام التقاليد والاهتمام بها يجب ألا يعني بتاتا الرضوخ أمام العادات الذهنية والأساليب التي تبلورت خلال القرون الماضية.
قواسم
وأردف خاتمي قائلا: إن الإسلام هو أحد قواسمنا المشتركة فكونوا على ثقة بأن أي تطوير لن يطرأ في العالم الإسلامي إلا من خلال المؤانسة والتعاون والتصالح ويجب عدم إغفال ان الإسلام المؤهل لإنقاذنا هو الذي يتطابق مع معايير الحياة المعاصرة وينسجم مع مكونات الاقتدار والعظمة.
وان مكونات الاقتدار والعزة لن تتحقق إلا بقبول السيادة الشعبية الديموقراطية والمشاركة الواعية والحرة للناس في إيجاد وهداية النظام السياسي والاجتماعي.
فهم الإسلام
وقال إنه من خلال مراجعة مصادر الفكر الإسلامي الأصيلة نحتاج إلى فهم عن الإسلام يهتم بعبادة الله سبحانه وتعالى وينفي العبودية لغير الله ويكرس المعنويات والأخلاق ويفكر في الوقت ذاته بحرمة الإنسان أيا كان وأينما كان، وبالعدالة وبهذه النظرة يمكننا أن نختار الكثير من المظاهر.
وأضاف ان نيل مثل هذا التطور والوصول إلى إسلام كهذا يقتضي نوعا من التجديد في العالم الإسلامي سواء في المجال الذهني أو المجال العيني، مشيرا إلى أنه يجب علينا تزامنا مع وفائنا والتزامنا بالأصول أن نعيد بناء ثقافتنا وأدبنا وأخلاقنا ونمط حياتنا الاجتماعية.
تيار الإصلاح
وأوضح خاتمي ان اختبار تيار الإصلاح والإحياء في العالم الإسلامي لفترة مائة عام واماطة اللثام عن نقاط ضعفه وقوته قد أوصل المفكرين العارفين بمواطن الآلام والمصلحين الواقعيين إلى مرحلة من النضج والنماء تمكنهم من الحصول على تعريف مقبول في العالم الإسلامي ليطرحوه أمام الحركات التي تحارب الإسلام والتيارات المتطرفة.
وختم خاتمي بقوله 'إني أرى تباشير بزوغ هذا الفجر المشرق تلوح في أفق مصير الأمة الإسلامية، وهنا أمد يد الاستعانة في هذا المجال إلى كل أولئك الذين يطمحون لعزة الأمة الإسلامية وسؤددها، ورفعة الدول الإسلامية وتقدمها ويفكرون بالسلام والعدل والحكمة.

البابطين: خاتمي حول الاختلاف إلى ائتلاف
رحب الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين بالرئىس الايراني السابق محمد خاتمي في بداية الندوة، وقال انه من حسن الحظ ان يتم التوافق الكامل بين المتحدث والهدف الذي انشئ من اجله هذا الصرح الثقافي، مشيرا الى انه لم يكن الغرض من انشاء هذه المكتبة مجرد وعاء ثقافي تختزن فيه ثمار المعرفة بل ان تكون جدران المكتبة جسورا منصوبة على كل منافذ المعرفة.
واضاف ان الاحتكاك بين الافكار هو الذي يبقي شعلة الابداع متوهجة ويمد الفكر بماء الحياة ويجعل منه ثمرة للواقع الانساني وجذرا له في الوقت نفسه.
واكد انه ليس من احد اقدر على تمثيل هذا الاتجاه للفكر الحي والمنفتح على كل الآفاق اكثر من الدكتور سيد محمد خاتمي الذي لم يفصله التشبع بالعلوم الدينية والعلوم العصرية عن تراثه.
واوضح انه المثقف الذي ادرك ان الثقافة ليست امتيازا لصاحبها، بل هي مسؤولية اجتماعية، فآمن بأن الثقافة عاجزة ان لم تتسلح بالسياسة. فدخل السياسة من باب الثقافة وهو يحمل مشروعا اصلاحيا للتغيير.
واشار البابطين الى ان خاتمي رجل سلام تسلح بالكلمة الطيبة فنادى بالحوار بين الثقافات والحضارات للحفاظ على التنوع وليحول الاختلاف الى ائتلاف في وجه مجانين الشرق والغرب الذين لا يعترفون الا بالسيف وسيلة للتعامل مع الآخر لإخضاعه او الغائه.
واضاف: لقد ادرك خاتمي ان وطنيته تفرض عليه اشاعة اجواء صافية مع دول الجوار العربي وعمل جاهدا، لإقامة افضل الروابط مع بلدنا الكويت.
واشار الى ان خاتمي صديق مخلص للمؤسسة وفرت رعايته لملتقى سعدي الشيرازي في طهران عندما كان رئيسا للجمهورية مظلة اخوية امنت للمدعوين رفاهة الكرم وللملتقى رحابة النجاح.

سأقيم عندكم
عند فتح باب الاسئلة علق خاتمي قائلا سأتحدث باللغة الفارسية حتى استطيع ان اعبر اكثر من العربية التي اجيد قراءتها، واردف مازحا سآتي الى بلادكم واقيم لعدة شهور لأتعلم العربية بطلاقة.


السفارة الإيرانية: لا علاقة لزيارة خاتمي بالانتخابات
اعتبرت السفارة الايرانية في البلاد زيارة الرئيس خاتمي ودية وعادية وليس لها علاقة بقضايا الانتخابات المقبلة لمجلس الامة.

وقالت السفارة في بيان صحفي تلقته 'القبس' بالاشارة الى ما جاء في بعض الصحف الكويتية ليوم الاثنين الموافق 29/5/2006 وما يأتي لاحقا بشأن زيارة محمد خاتمي للديوانيات الكويتية وما دار فيها من حديث نود الافادة بأن حضور الدكتور خاتمي ما هو الا زيارة تقليدية، ودية وعادية وليس لها اي علاقة بقضايا الانتخابات المقبلة لمجلس الامة الكويتي اطلاقا ولا تعتبر بأي شكل من الاشكال كدعم لمرشح خاص.