أحداث النجف الأخيرة .. دروس وعبر

4

أرض السواد - طاهر الخزاعي


أزمة النجف والقوى السياسية العراقية (حزب الدعوة الاسلامية)

توقفنا في الحلقة الثالثة عند موقف حزب الدعوة الاسلامية في أزمة النجف الأخيرة حيث لم يكن الموقف في ظاهره يتناسب وحجم هذا الحزب أمل الأمة .. قد يقول قائل كان تعاطي حزب الدعوة الاسلامية مع الأزمة أفضل الجميع , وهذا وإن كان صحيحا لكن المشكلة أن كل المواقف كانت ضعيفة فينتج عنه أن موقف الحزب كان أفضل الضعفاء وهذا بحد ذاته يحتاج الى وقفة ودراسة , إذ متى كان موقف حزب الدعوة يُقرن بمواقف الضعفاء ؟
قد تكون هناك تحركات على الميدان غير معلن عنها ولكننا نتعامل مع الظاهر ولهذا لابد من اشارتين
أولاً : لابد من توثيق أن بيانا صدر من المكتب السياسي لحزب الدعوة الاسلامية اثناء الأزمة نُشر في صحيفة البيان وصف ما جرى بالنجف اعتداءً مبيتا ! .. وهذا التعبير الذي جاء به البيان كان موقفا صريحا واضحا وضع النقاط على الحروف ولا يحتاج الى تفسير وتأويل . لكن الأهم من ذلك هو التحرك العملي أثر هذا التشخيص الصحيح للأزمة ولم نجد تحركا مختلفا عن الآخرين في السعي للمبادرات السلمية
ثانيا : ماهو المطلوب من حزب الدعوة الاسلامية بعد أن شخص المسألة ؟ .. هل المطلوب الدعوة لحمل السلاح والدفاع عن النجف ؟ وأقل ما يُقال عن هذا الحل خيالي وجنوني في نفس الوقت..فماهو اذاَ الحل الموقف المطلوب ؟
كان ينبغي رفع مذكرة لقوات الاحتلال وللحكومة العراقية ولمنظمة الامم المتحدة تشجب هذا العدوان - المبيت - على النجف والقتل الجماعي للمدنيين والوقوف موقف المدافع عن أبناء الشعب العراقي وبغض النظر عن أن ما حصل للتيار الصدري أمس وغدا ضد غيره وهكذا .. فالمسألة متعلقة بالمفهوم لا المصداق .. والحركة الاسلامية التي نشأت من رحم هذا الشعب يجب أن يكون همها الأول والاخير هو الدفاع عن الشعب العراقي في أحلك الظروف وأقساها وليس ثمة فرق بين قمع الشعب على يد صدام أو على يد غيره فالشعب هو الشعب والقمع هو القمع ! .. والمهم في الأمر ليس حمل هذا الهم فقط بل ترجمته الى واقع
هل من المعقول أن لا يعرف قادة الحزب هذه المسألة ؟ وقد كان بيان المكتب السياسي واضحا في هذا المجال .. ماهي الموانع اذن من أن يكون موقف حزب الدعوة الاسلامية أكثر جرأة وأوضح مواجهة ؟ أعتقد ان هذا السؤال هو مفتاح معرفة خلفيات تلكأ الموقف الدعوي
ما أراه أن المعضلة الكبرى في العراق وهي المعادلة الحاسمة التي تتعامل بها قوات الاحتلال وفقا للقاعدة التي تقول : إن لم تكن معي فأنت ضدي .. والضدية تعني لأمريكا أن تجعلك تحت قائمة الارهاب وتحت قائمة اعداء أمريكا وبالتالي فالحرب على الارهاب - حسب تصنيف أمريكا - قائمة .. والضدية في العراق تعني لأمريكا أن تصرح ضدها وأن تدعو لجلاء الاحتلال ورحيله وإن كان بالسلم وإن كان بالتظاهر وإن كان بالعصيان المدني لأننا بصراحة تامة لم نجد من طالب بوضع نهاية للاحتلال أو من طالب برحيله من المشاركين في العملية السياسية التي رسم خطوطها الحاكم المدني السابق بريمر .. بالتالي فالشعب العراقي الذي تضربه أمريكا بطائراتها ودباباتها تحسبه هي في عداد أعدائها ومنطقيا - أمريكيا - من يقف مع هؤلاء فهو يقف ضد أمريكا ويشمله قرار الاجتثاث !! .. ومن هنا أستطيع أن أفهم هذا الضعف والتلكؤ في الموقف الدعوي على أساس العمل من أجل المحافظة على التيار الصدري وتيار الدعوة معاً في هذه المرحلة التي تتسم بالخطورة القصوى .. هذا اضافة طبعا الى اشتراك حزب الدعوة الاسلامية في الحكومة المؤقتة والحكومة طرف في أزمة النجف وهنا وقع الحزب بين فخين .. وهذا ما يدعو الى اثارة مسألة أصل مشاركة حزب الدعوة الاسلامية في هكذا حكومة تتورط بمشاركة الاحتلال لضرب الشعب العراقي ؟
من المؤكد ان موقف حزب الدعوة سيكون أقوى وأوضح وأصرح من كل القضايا في العراق اليوم لو لم يكن مشاركا في الحكومة ولكن هل كانت أمريكا تسمح لحزب الدعوة ألا يشارك في الحكومة ليقود بالتالي معارضة للمشروع السياسي الامريكي في العراق ؟
تساؤلات واثارات عديدة في هذا المجال تدعو القائمين على حزب الدعوة لدراستها ومواجهة الاحداث الكثيرة التي يفرزها الواقع العراقي في مستقبله القريب وتاريخ حزب الدعوة ناصع من حيث اتخاذ المواقف المناسبة والمرجح أن تكون تراكمات الخبرة السياسية والميدانية الطويلة عامل صقل للمواقف الآتية .. كما ينبغي أن يكون ما مضى من أحداث محطات لاستلهام الدروس والعبر

يتبع