أولاً: موقفه من الأئمة عليهم السلام إجمالا:

يصرح ويقول بأن الأئمة لم يحصل بهم شيءٌ من المصلحة واللطف على الأمة فقال (منهاج السنة 3 / 378):" ومن المعلوم المتيقن : أن هذا المنتظر الغائب المفقود لم يحصل به شئ من المصلحة واللطف ، سواء كان ميتا كما يقوله الجمهور ، أو كان حيا كما تظنه الإمامية ، وكذلك أجداده المتقدمون لم يحصل بهم شئ من المصلحة واللطف الحاصلة من إمام معصوم ذي سلطان . . . ".
ولنا وقفة في موقفه مع الإمام صحاب العصر والزمان عليه السلام.

لم يقف عند هذا الحد فحسب بل تمادى وطعن في إمامتهم وزاد على ذلك فقال (منهاج السنة 2 / 453):
" والكلام في أن هؤلاء أئمة فرض الله الإيمان بهم وتلقي الدين منهم دون غيرهم ، ثم في عصمتهم عن الخطأ ، فإن كلا من هذين القولين مما لا يقوله إلا مفرط في الجهل أو مفرط في اتباع الهوى أو في كليهما ، فمن عرف دين الإسلام وعرف حال هؤلاء ، كان عالما بالاضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم بطلان هذا القول ، لكن الجهل لا حد له "
فهو يصرح هاهنا بأن الأئمة صلوات الله عليهم لم يأتوا بفائدة تذكر في الأمة بل سببوا أضراراُ في الدين الذي جاء به النبي المصطفى صلى الله عليه وآله، بما فيهم أمير المؤمنين عليه السلام متجاهلاً قول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله "إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي".
وإسترسل هذا الرجل في غيه وطعن في علمهم ودينهم رغم أن جمهور علماء أهل السنة قد اشادوا بعلمهم وزهدهم، فقال (منهاج السنة 4 / 168 - 170) :
" ويذكرون اثني عشر رجلا ، كل واحد من الثلاثة خير من أفضل الاثني عشر وأكمل خلافة وإمامة ، وأما سائر الاثني عشر فهم أصناف ، منهم من هو من الصحابة المشهود لهم بالجنة كالحسن والحسين ، وقد شركهم في ذلك من الصحابة المشهود لهم بالجنة خلق كثير ، وفي السابقين الأولين من هو أفضل منهما مثل أهل بدر ، وهما - رضي الله عنهما - وإن كانا سيدي شباب أهل الجنة ، فأبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة ، وهذا الصنف أكمل من ذلك الصنف.... وفي الاثني عشر من هو مشهور بالعلم والدين ، كعلي بن الحسين وابنه أبي جعفر وابنه جعفر بن محمد ، وهؤلاء لهم حكم أمثالهم ، ففي الأمة خلق كثير مثل هؤلاء وأفضل منهم ، وفيهم المنتظر لا وجود له أو مفقود لا منفعة فيه ، فهذا ليس في اتباعه إلا شر محض بلا خير . وأما سائرهم ، ففي بني هاشم من العلويين والعباسيين جماعات مثلهم في العلم والدين ، ومن هو أعلم وأدين منهم ، فكيف يجوز أن يعيب ذكر الخلفاء الراشدين الذين ليس في الإسلام أفضل منهم ، من يعوض بذكر قوم ، في المسلمين خلق كثير أفضل منهم ، وقد انتفع المسلمون في دينهم ودنياهم بخلق كثير ، أضعاف أضعاف ما انتفعوا بهؤلاء ؟".

عندما يأتي أحدهم ويقول أن فلانا خير من فلان، عليه تقديم الدليل، فأين دليل هذا الرجل؟

المتتبع للنصوص الاسلامية قرآنا وسنة يجد وبوضوح أنه لم يرد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في أحد مثلما ورد في أهل البيت عليهم السلام من تعداد فضائلهم المتميزة ومناقبهم التي اختصوا بها من بين أفراد الامة وحازوها من دونهم . ومما لا شك فيه أن وصول هذا الكم الهائل من الروايات في فضل أهل البيت عليهم السلام وبيان منزلتهم رغم محاولات الطمس والتحريف والتغيير التي تعرضت لها تلك الروايات ، يشير بوضوح إلى موقعهم الريادي في قيادة مسيرة الامة وكونهم يحملون مؤهلات واستعدادات لتلك القيادة.

ونكتفي بذكر آية المباهلة الكافية والكفيلة بفضلهم على جميع الخلق بعد الرسول صلى الله عليه من الأولين والآخرين.

فآية المباهلة آية فصل، إذ تؤكد على حالة الإقتران بين الرسول صلى الله عليه وآله وبين أهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم.
قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم:
« فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» ...آل عمران/61.

وسبب نزول الآية الكريمة أشهر من أن يذكر!!!

أجمعت كتب التفاسير والسير والحديث على أن الذين أختارهم "الله" جل وعلى لمباهلة نصارى نجران مع رسول الله صلى الله عليه وآله هم:
علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ولا أحد غيرهم،
فراجع:
صحيح مسلم 4 : 1871 .
سنن الترمذي 5 : 225 - 2999 .
مصابيح السنة 4 : 183 - 4795 .
الكامل في التاريخ 2 : 293 .
أسباب النزول للواحدي : 60 .
تفسير الرازي 8 : 81 .
تفسير الزمخشري 1 : 368 .
تفسير القرطبي 4 : 104 .
تفسير الآلوسي 3 : 188 - 189 .
تفسير النسفي 1 : 221 .
فتح القدير - الشوكاني 1 : 347 .
معالم التنزيل - البغوي 1 : 480 .
جامع الاصول 9 : 470 – 6479..... وغيرهم

عن سعد بن أبي وقاص ، قال : لما نزلت هذه الآية ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام فقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ".

فراجع:
مسند أحمد 1 : 185 .
المستدرك على الصحيحين 3 : 150 . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وصححه الذهبي أيضا .
فتح الباري 7 : 60 .
أسد الغابة 4 : 105 .
الاستيعاب - ابن عبد البر 3 : 37.... وغيرهم

مدلولات هذه الآية الكريمة:
الدلالة الاولى :
إن تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة ، وإنما هو اختيار إلهي هادف ، وقد أجاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما سئل عن هذا الاختيار بقوله :
" لو علم الله تعالى أن في الارض عبادا أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين ، لامرني أن أباهل بهم ، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء ، فغلبت بهم النصارى " .

الدلالة الثانية :
إن ظاهرة الاقتران الدائم بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام تعبر عن مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية وروحية وسياسية خطيرة، فالمسألة ليست تكريسا للمفهوم القبلي الذي ألفته الذهنية العربية ، بل هو الاعداد الرباني الهادف لصياغة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة ، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت عليهم السلام بما يملكونه من إمكانات تؤهلهم لذلك .

الدلالة الثالثة : لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة القرآنية التي جاءت في هذا النص وهي قوله تعالى : ( أنفسنا ) لاستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في الادلة المعتمدة لاثبات الامامة . إن هذه المفردة القرآنية تعتبر عليا عليه السلام الحالة التجسيدية الكاملة لشخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، نستثني النبوة التي تمنح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه ، فعلي عليه السلام بما يملكه من هذه المصداقية الكاملة هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد مماته (التشيع - عبد الله الغريفي : 224) .

وبالمختصر المفيد، الطاعن في أهل البيت عليهم السلام هو طاعن في الرسول صلى الله عليه وآله والطاعن في الرسول هو طاعن في "الله" العلي العظيم، فإنتبهوا لكلام هذا الرجل.
سيتبع بمواقفة للائمة ع وبترتيب الذي رتبهم الله عز وجل