قال العلامة السيد محمد حسين فضل الله: لماذا لم تمنح أوروبا - ومنها فرنسا - اليهود دولةً على أراضيها ما دامت هي التي تُحمّل نفسها مسؤولية مآسيه في عهد النازية وغيرها؟ ولماذا يُحمّل الشعب الفلسطيني، والعرب والمسلمون، مسؤولية وحشية أوروبا ضدّ اليهود؟

وأفاد مراسل وكالة مهر للانباء ان سماحته الذي كان يتحدث خلال خطبتي صلاة الجمعة في مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، اشار الى تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي والذي وصف قيام الكيان الصهيوني على الاراضي الفلسطينية معجزة القرن العشرين، قائلاً: لقد كنّا نتصور أن فرنسا لا تزال وفيّة للمبادئ التي انطلقت بها ثورتها، في تأكيد الحرية الانسانية للشعوب، ورفض المجازر الوحشية التي يقوم بها شعب ظالم ضدّ شعب مظلوم، وكنّا نحسب أن هذه الدولة الأوروبية قد ابتعدت عن الالتزام باحتلال الشعوب، ومصادرة حرياتها، مما لاحظناه في رفضها الاحتلال الأمريكي للعراق لأن اسرائيل قامت على أساس تشريد شعب من أرضه، بفعل المجازر الوحشية التي قام بها اليهود تحت اشراف الاحتلال البريطاني.

وأضاف العلامة فضل الله: اننا نسأل هذا الرئيس: هل بات تدمير الشعوب وتشريدها من أوطانها هو الحدث الأهم في القرن العشرين؟! وهل أن المعاجز تحولت إلى أمثال هذه الأوضاع المدمرة لحقوق الانسان بما لا يتصوره عقل أو وجدان؟!

وأضاف سماحته: من جهة أخرى، فان الجميع يعرفون أن القنبلة النووية الإسرائيلية كانت بفعل المساعدة الفرنسية، وبعض الدول الأوروبّية امتداداً إلى أمريكا، وإذا كانوا يتحدّثون عن أن هذه القنبلة لا تمثّل خطراً على المنطقة والعالم، فانهم يعرفون أنّ هذا الكيان الغاصب قد استغلّ كلّ قوّته العسكريّة في تهديد كلّ دول المنطقة، ولا سيّما لبنان؛ حتّى أن الجنرال ديغول كان قد قاطع إسرائيل بعدما تأكّد له أنّها كانت البادئة بالعدوان عام .۱۹۶۷
واكد سماحته: من جهة أخرى، وفي ظلّ انتظار العرب والسلطة الفلسطينيّة المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس بوش، والذي لن يحقّق اتفاقاً أو اختراقاً تاريخيّاً في عمليّة السلام، كما يصرّح رئيس وزراء العدوّ، لا تزال اسرائيل تحرّك عدوانها في الضفّة الغربيّة وغزّة. وأمام كلّ ذلك، فانّ على العرب أن يدركوا أن السلام مع كيان العدوّ ليس له أيّ واقعيّة، كما أنّ عليهم أن يعوا أهمّية المقاومة في صدّها للعدوان الإسرائيلي، كما نناشد الفلسطينيين، ولاسيّما الذين يحملون عنواناً اسلاميّاً، أن يتّقوا الله في عباده وبلاده، ويُسقطوا الفتنة فيما بينهم ممّا لا يستفيد منه إلا العدوّ الذي تتحرّك مخابراته من فتنة إلى فتنة؛ لتبقى له السيطرة على الواقع كلّه، ولا يبقى هناك مجال للمقاومة التي قد تنشغل بالخلافات الداخلية.
وتطرق العلامة فضل الله الى تهديدات ديك تشيني ضد ايران قائلاً: لا يزال نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يهدّد إيران بعواقب وخيمة في حال رفضها تغيير سياستها النووية والإقليميّة، منتقداً دورها العراقي والإقليمي المعيق لما يسمّى عملية السلام. ونحن نقول لهذا الرجل الحاقد على العرب والمسلمين، لماذا لا يتحدّث عن السياسة الحالية لإدارته، في خططها ضدّ السلام العادل للشعوب، وفي مصادرتها للحريات الإنسانية السياسية والاقتصاديّة من أجل مصالحها الاستراتيجية؟

واشار العلامة فضل الله الى الاوضاع في لبنان قائلاً: لا يزال لبنان يعيش الجدل السياسي، في اللقاءات المتنوعة بين فريق وفريق، في الدائرة المسيحيّة أو الإسلاميّة، ويتحدّث البعض في ذلك عن الانفراج المنتظر وعن التفاؤل الحذر، في الوقت الذي يُثير بعض الذين لا يريدون للأزمة أن تجد حلاً توافقيّاً واقعيّاً بعض التعقيدات، ويتخذون لأنفسهم موقعاً قضائيّاً، في الاتهامات التي تتحوّل إلى أحكام ارتجاليّة أو انفعاليّة، في عمليّة استعادة للتاريخ الدامي الذي لم يسلم منه أحد.

ودعا سماحته الجميع إلى القراءة في خريطة المنطقة، والصراعات فيها، بدلاً من القراءة في خرائط المصالح الفئوية والشخصية الضيقة؛ وبذلك يُمكن التوصّل إلى توافق عملي واقعي أكثر.

عن الوفاق الایرانیه