الطعن في الصحابي وبالبخاري أخطر من تمكين المرأة
لم تحظ ضوابط تمكين المرأة من الانتخاب والترشيح الذي اجازه الشيخ الفاضل محمد الاشقر بشيء من التفصيل في مقالة الشيخ التي نشرتها جريدة الوطن يوم السبت الماضي والتي رددنا عليها في مقالنا يوم الاثنين الماضي، وانما حظيت توصيته بضبط الانفلات بعدد محدود جداً من الكلمات التي لا تتجاوز السطر الواحد.
وكان الاجدر بالشيخ حفظه الله (وهو ليس بغريب على المجتمع الكويتي فلقد عمل قبل الغزو العراقي كمستشار بوزارة الاوقاف في الموسوعة الفقهية) ان يسرد ويفصل في الضوابط المنظمة والمطلوبة لاجازة ممارسة المرأة الانتخاب والترشيح في مجلس الامة.. فلربما منعت ضوابطه ممارسة المرأة للعملية الانتخابية برمتها، كما حصل مع ضوابط وزارة الاوقاف التي وضعتها لتنظيم الحفلات الغنائية فقامت الدنيا عليها ولم تقعد! وكان الاجدر به ايضاً ان يأتي بأدلة محل اتفاق الفقهاء او قالها من قبله احد الفقهاء، لا ان يأتي بأدلة تخالف ما عليه الفقهاء واجماع العلماء!
فما قاله عن الصحابي الجليل ابي بكرة: «انه اخطأ وقد قُبل الحديث «لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة» احتراماً له على الرغم من انه لا يجوز قبول الحديث منه»، مخالف لاجماع العلماء فقد اجمعت الامة على قبول رواية الصحابي الجليل ابي بكرة ونقل الاجماع ابن قدامه وقال: «ولا نعلم خلافا في قبول رواية ابي بكرة مع رد شهادته» (المغني 12/87) وقال ابن القيم ايضاً: «وقد اجمع المسلمون على قبول رواية ابي بكرة رضي الله عنه» (اعلام الموقعين 1/127).
كما اجتمعت الامة على عدالة الصحابة وعلى عدم جواز التشكيك او الطعن في واحد منهم بروايته، وانظر ما قاله بن الصلاح (في علوم الحديث 264): للصحابة بأسرهم خصيصة وهي لا يسأل عن عدالة احد منهم بل ذلك امر مفروغ منه لكونهم على الاطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة واجماع من يعتد به في الاجماع. ويشرح معنى عدالتهم الاستاذ محمد ابو شيبة فيقول: ومعنى عدالتهم انهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله لما اتصفوا به من قوة الايمان والتزام التقوى... وليس معنى عدالتهم انهم معصومون من المعاصي او من السهو او الغلط.
ثم اننا يا شيخ محمد لو تنازلنا عن الادلة السابقة رغم قوتها وكفايتها لقبول روايته، وسلمنا بسقوط شهادة ابي بكرة، فإنه يجب علينا بيان ان ثمة فرقا بين قبول الرواية والشهادة، فالشهادة تتطلب شروطا معينة لقبولها كالعدد والحرية والذكورية في بعض القضايا بخلاف الرواية، التي تصح من الواحد ومن المرأة والعبد وخصوصاً من الصحابي.. ولو سلمنا ايضاً بسقوط هذا الدليل فإننا سنقع في تناقض بين في اصول الفقه وهو قبول شهادة القاذف لو كذب نفسه في القذف.. وقبول شهادته لو كذب نفسه وما رأته عينه!
وحتى لا اطيل اقول تبقى القضية خلافية وسبب الخلاف فيها هو تعريف الولاية التي منعت منها المرأة بأدلة اخرى غير حديث ابي بكرة هل ينطبق تعريفها على عضويتها بمجلس الامة ام لا؟! وان الطعن في حديث رواه البخاري اخطر بكثير من دخول المرأة المجالس النيابية.. وان ممارسة المرأة للانتخاب والترشيح صدرت فيها فتاوى كثيرة تحرمها مثل فتاوى وزارة الاوقاف الكويتية، وفتاوى الازهر الصادرة في يوليو 1952، وفتوى الشيخ عبد العزيز بن باز المنشورة في مجلة المجتمع (عدد رقم 890) وفتوى الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق على موقعه بشبكة الانترنت والشيخ جاسم المهلهل المنشورة في جريدة الوطن. بالاضافة الى العديد من الاطروحات العلمية التي ناقشت حقوق المرأة السياسي مثل المرأة والحقوق السياسية في الاسلام لمجيد محمود ابو حيدر.. ولاية المرأة في الفقه الاسلامي لحافظ محمد انور، والولاية العامة للمرأة في الفقه للدكتور محمد القضاة.
وعلى من يروم الاخذ بالرأي الفقهي المجوز لممارسة المرأة لحقي الانتخاب والترشيح ان يعقد ورش عمل وجلسات علمية لمشايخ يعرفون الحال الكويتي وآلية العمل داخل البرلمان وصلاحية النواب الخ، حتى يتسنى لهم اصدار حكم شرعي يمت للواقع بصلة.

alfahad@kuniv.edu

احمد محمد الفهد

http://www.alwatan.com.kw/default.as...5&topic=261002