د. خالد منتصر



سرادق للعقل على النيل سات.. ولاعزاء لكل من لديه مخ.

[مارست هوايتى المفضلة فى تقليب قنوات الدش لاكتشاف ملامح العقل العربى، وقراءة خريطة أهل لغة الضاد، وكلما قلت بلاش فرجة وإكتئاب وغم، أجد نفسى مدفوعاً تحت ضغط قوى كونية غامضة، وبتأثير مرض المازوخية الفضائية، الذى من أهم أعراضه التلذذ بتعذيب الذات عبر مشاهدة برامج الفضائيات العربية!، أجد نفسى أبحث عما ينغص على حياتى من محطات فضائية، ظللت أقلب وأقلب بإصرار مريب وعجيب إلى أن وصلت إلى قناة إسمها " كنوز "، وإعتقدت أنها لعرض كنوز الدراما أو كنوز البرامج أو كنوز الأفلام القديمة، ولكنى للأسف وجدتها تعرض بدلاً من كنوز الأعمال الدرامية، وجدتها تعرض كنوز الأعمال السفلية!، وتتحدث 24 ساعة عن العفاريت والجن وفك الأعمال وربط الرجال وزواج النساء من الجن والرقية الشرعية للخلاص من شمهورش العنيد الفتاك.... إلى آخر هذا الهراء التخريفى الفتاك الذى يمرمط صورتنا وصورة ديننا وصورة إنسانيتنا فى الوحل.

[شاهدت على هذه القناة المريبة التى تبث من لبنان ولاأعرف من صاحبها ومن يمولها ومن يرعاها، ولولا أننى لست من أنصار نظرية المؤامرة، ولولا أن القناة تتحدث بلسان عربى لا عبرى، لإتهمت الصهاينة بأنهم هم أصحاب هذه القناة، فمهما حاربونا ودمرونا، لن ينجحوا مثل نجاح هذه القنوات وأمثالها فى تخريب العقل العربى وجعله مصاباً بالعته والتولة والفصام، شاهدت لكم برنامج الشيخ على وهو رجل وسيم حليوه معجبانى صاحب وجه سينمائى وصوت مسرسع وعيون فى منتهى النصب وشعر مصفف على طريقة المطرب حلمى عبد الباقى، تهاتفه الست من دول وهى مستعدة لتصديق أى تخريفه من تخريفاته، ويدور الحوار كالتالى بدون أى زيادات أو مبالغة، يقول لها الشيخ على: جالك وجع فى جنبك ياست، فتقول الست آه صح، يرفع الشيخ على صوته قائلاً:

شفتك إترعشت من فترة، تصرخ آه فعلاً مش ممكن ده إنت زى ماتكون عايش معانا فى الشقة، تنتفخ أوداجه بزهوة الإنتصار فيباغتها قائلاً : وعضلاتك كانت تعبانة وكعبك كان بيوجعك، فتخر ساجدة على التليفون وهى تبكى وترتعش، فيجهز عليها قائلاً : كلمينا على الهوا بعد 22 يوم ستجدى نفسك شفيتى بقراءة رقيتى الشرعية، ويبدأ فى قراءة رقيته الشرعية بحروف متلعثمة ولغة عربية تنصب الفاعل وترفع المفعول، والمدهش أن الإتصالات والإس إم إس تنهمر كالسيل على هذا البرنامج، وكأن سحابة الغيبوبة السوداء صارت مساحتها من المحيط إلى الخليج.

[ وبعدها ينزل على أم رأسك برنامج " لما يدور القدر " من تقديم الست أم وائل اللبنانية، وهى سيدة رابطة إيشارب، تتحدث بالعين والحاجب وتخصصها فك أعمال، ومن أول نظرة تحس أنك أمام إمرأة لسه مخلصينها من أيدى بوليس الآداب منذ لحظات ومعها فتيات شبكتها ، وتظل الست أم وائل تهرى بدن المشاهد بقدراتها الفذة على إخضاع شمهورش لأوامرها السلطوية ودعواتها اللوذعية، أما عمنا الشيخ أبو رجب فهو محتال فضائى من النوع القرارى، يملك سكسوكة من النوع المفتخر، وتخصصه إخراج جن، من أى ديانة ومن أى جنسية، وكل ماعنده هو كلمتين عبارة عن قراءة سورة الإخلاص أو الحشر سبع مرات على الريق لإخراج أى جن سفلى أو علوى أو بين البينين!، يودعك الشيخ أبو رجب لتقع فى براثن عاطف الموسوى خبير الأعشاب وحبة البركة والبردقوش، يخبطك عمنا الموسوى كل عكة عشبية والتانية عينك ماتشوف إلا النور، إشى صبار مخلوط بمسحوق كركم على معلقتين ضوافر هدهد يتيم أو حوافر حمار لئيم..... إلى آخره من تخريفات وعك العطارين.

آخر ماكنت أتصوره أن تخرج علينا قناة وظيفتها الرسمية والمعلنة بكل بجاحة هى نشر الجنون والتخريف والغيبوبة، وقال إيه عايزين مقعد عربى دائم فى مجلس الأمن؟!، أعتقد أن المقعد المناسب لنا كعرب هو مقعد التواليت!.

تكفير المطرب لؤى!
أثناء إستماعى لإذاعة نجوم الإف إم يوم الإثنين الماضى وفى برنامج يقدمه المذيع أكرم ومها بهنسى الساعة الثامنة مساء، فوجئت برسائل إس إم إس تصل إلى البرنامج وتستنكر أغنية "واحد من الناس" للمطرب الشاب لؤى، وظننت أن مصدر الإعتراض والإستنكار هو أن صوت لؤى لايعجبهم، أو أن اللحن غير راقص مثلاً.... الخ، وتنبهت حواسى وأخذنى الفضول لمعرفة سبب هذا الإستنكار الرهيب الذى يشبه المظاهرة، خاصة وأننى أحب تلك الأغنية، وكانت المفاجأة التى سمعتها على الهواء مباشرة من الرسائل التى وصلت المذيعة هى أن أغنية واحد من الناس أغنية كافرة وكلماتها حرام وبالتالى يكون الإستنتاج المباشر إن المطرب الغلبان لؤى مرتد وخارج عن الملة!!، وإندهشت لهذا التكفير الإذاعى العلنى لمطرب شاب غنى لأفضل أفلام الموسم أغنية بسيطة وجميلة، أما السبب الذى أعلنته الرسائل الغاضبة والتى وجدت أشد منها غضباً وإستنكاراً على منتديات الإنترنت الشبابية، فهو أن الأغنية تسب القدر والأيام وهذا شئ منهى عنه شرعاً، وحرام دينياً، أما الكلمات الخارجة المارقة الكافرة الملحدة فهى:

بس الأيام مش سايبانا.. مش سايبانا فى حالنا
بتاخدنا غدر على خوانة... و ياما من اللى جرالنا
وإندهشت من أن المكفرين المعترضين ليسوا من طالبان أو من جماعة التكفير والهجرة، بل هم شباب عادى ويستمع إلى نجوم الإف إم كمان، يعنى ممكن نقول عليه شباب روش، ولكنه يحمل أفكاراً ظلامية من هذه النوعية العجيبة، ولديه تلك الأرتيكاريا المرضية من كلمات عادية ليس فيها أى خروج أو كفر، إندهشت أن ينتقل تربص المكفراتية إلى عينة جديدة من هذا الجيل الذى يفتش فى ضمائر المطربين ونوايا مؤلفى الأغانى، إنها سلسلة من التلاكيك التى يمارسها هواة التكفير وأعداء الحياة بدأت مع أغنية إيليا أبو ماضى "جئت لاأعلم من اين "، ثم إستمرت مع أغنية كامل الشناوى " قدر أحمق الخطى "،

ولم تنته بأغنية عبد الوهاب الأخيرة "من غير ليه "، وكانت التهمة الجاهزة لكل هذه الأغانى هى سب القدر والزمن والأيام، إنهم يريدون تحويل الفن إلى كتالوج شرعى، وقياسه بمسطرة وفلكة سيدنا شيخ كتاب القرية، ونصيحتى للمطرب لؤى أن يمدح الأيام ويغنى مدائح فى المرشد العام، حتى ينقذ رقبته من مقصلة التكفير.

khmontasser2001@yahoo.com