الأدب الإيراني باللغة العربية.. متابعة إصدارات حديثة مترجمة عن الفارسية
https://aljadah.media/wp-content/upl...2-1290x580.jpgقراءة طويلة9 فبراير 2024 15:30
الأدب الإيراني باللغة العربية.. متابعة إصدارات حديثة مترجمة عن الفارسية
بقلم / محمد الحسين
دائمًا ما يوصف الأدب الإيراني بأنه أدب غريب، ومختلف عن بقيّة الآداب العالمية، حيث حافظ على أصالته وخصوصيته وتمسّكه بتراثه الثريّ الخاص، وهو غالبًا ما يثير الفضول والجدل والتساوؤل.
ولكن مع ذلك، يشعر حياله القارئ العربي بأنه يقرأ أدبًا يحاكي واقعه وذاته، إذ رغم اختلاف اللغة والأسلوب والثقافة لكنّه يلتمس من وراء النصوص خيوطًا من التشابك والاشتراك، فضلًا عن تماثل كبير في القضايا والمشاكل التي يطرحها هذا الأدب.
ورغم أهمية الأدب الإيراني، الا أنّ العناية به لا ترقى لأهميته، إذ إنّ الإهمال من قبل دور النشر ظلم هذا الأدب كثيرا، كما لعلّ ذلك حدث بسبب ترهّل ما تركته القطيعة السياسية بين إيران والعالم العربي بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وفي المقابل، تقول الدكتورة أماني حسن أستاذة الأدب الفارسي في جامعة عين شمس المصرية: “إن أحكامنا على الأدب الإيراني إلى الآن منقوصة بشكل كبير، لأنّ ما وصلنا من هذا الأدب أعمالٌ لا تُذكر، فلا يمكن الحكم عليه بشكل قاطع”.
لقد فرض الأدب الإيراني المترجم عن اللغة الفارسية في الآونة الأخيرة وجوده المميّز بين الإصدارات العربية المترجمة، واحتلَّ من بين كل الآداب العالمية مكانة مرموقة نالت الاهتمام، وذلك لما يتصدّر من موضوعات وعناوين ذات مضامين اجتماعية هامة وأفكار متجدّدة.
ويعود الفضل في كل ذلك إلى المترجمين البارعين، بخبرتهم وذوقهم العالي في اختيار العناوين التي تلبّي حاجة القرّاء، وامتهانهم الأسلوب البسيط والسهل في تقديم الأدب الإيراني إلى لغة تخاطب مشاعر القراء وتحرّك هواجسهم.
لقد عانت الترجمة بشكل عام والترجمة عن اللغات الشرقية بشكل خاص من غياب التنظيم والاهتمام من دور النشر، حيث طغت على الساحة الثقافية الآداب العالمية الغربية، التي لم تترك مجالًا لدى القاريء العربي ليطّلع ولو قليلًا على الآداب الشرقية وينعم بما تمتلكه هذه الآداب من حكمة وفلسفة وأفكار وثقافات تربوية، وخاصة الأدب الفارسي الإيراني الذي يحاكي الواقع العربي ويتلاحم مع ثقافته، بسبب تأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية، والتقارب الكبير بين الثقافة الإسلامية العربية والثقافة الفارسية والإيرانية.
نعرض هنا نماذج متنوّعة من الإصدارات الحديثة المترجمة عن اللغة الفارسية:
ظ،- رواية “أميرة في المترو” للكاتبة محدثة جودرزنيا. ترجمة غادة محمد عبد القوي. جسور للنشر والتوزيع.
الكاتبة الإيرانية محدثة جودرزنيا هي صاحبة رواية “نجمة”، وقد صدر لها عدد من الروايات، وهذه الرواية هي أول ترجمة عربية لها، وهي رواية خيالية، إذ تتلقى هنية خبر وفاة جدّتها وهي في الطريق لزيارتها، فتصادفها أحداث في مترو الأنفاق تغيّر حياتها.
- رواية “الغريب والبحر” للكاتب الإيراني جمال الدين أكرمي. ترجمة ميساء جبر. جسور للنشر والتوزيع.
جمال الدين أكرمي هو كاتب ومترجم ورسّام إيراني، وهو ذو إنتاج غزير في مجال أدب الطفل. تدور أحداث هذه الرواية المقدّمة للمراهقين في تشابهار، ميناء في جنوب بلوشستان، حيث يعمل المراهق محمد على مراكب كالابار أثناء الدراسة ويهرع لمساعدة رجل غريب في البحر.
وحصلت هذه الرواية على جائزة كتّاب العام لسنة 2015 ميلادي.
- ديوان “ألوان العالم الباهتة”، للشاعر الإيراني گروس عبد الملكيان. ترجمة ماهر جمو. دار ماركيز للنشر والتوزيع.
يقدم لنا المترجم السوري البارع ماهر جمو هذه الترجمة العربية الرائعة لواحد من أهم شعراء إيران المحدثين، وماهر جمو هو شاعر ومترجم سوري امتاز باختياراته المنفردة التي تركّزت على الشعر الفارسي الحديث، خاصة موجة المحدثين منهم.
وگروس عبد الملكيان هو شاعر إيراني من جيل الشباب، تميّز بنصوصه الذكية ذات اللغة البسيطة، يجعل القاريء في تأمّل مربك، ويضعه داخل مشهد سينمائي أخّاذ، ثم يمسك قارئه من خلال نصوصه ليسير به عكس الأتجاه المألوف.
- رواية “ستموت في القاهرة” للكاتب حميد رضا صدر. ترجمة غسان حمدان. دار صفصافة.
حميد رضا صدر هو كاتب وناقد سينمائي، ومحلل رياضي، تنوّعت مساهماته بين السينما وكرة القدم والأدب والتاريخ.
يروي في هذه الرواية حياة آخر ملوك إيران الشاه محمد رضا بهلوي منذ الستينيات حتى وفاته في مصر، بعد أن لجأ إليها عند قيام الثورة الإسلامية عام 1979. نالت هذه الرواية التي صدرت عام 2014 استحسان القرّاء ورُشّحت لجوائز عديدة.
- رواية “بئر الظلمات” للكاتب الإيراني حميد رضا شاه آبادي. ترجمة سمر عزّت. دار كتوبيا للنشر والتوزيع.
هي الجزء الثالث والأخير من ثلاثية “بوّابة الموتى”، التي شملت روايتَيْ “ليلة الخندق” و”القبر العمودي”، وقد نقلتها للعربية المترجمة المصرية سمر عزّت. ويُعدُّ الكاتب والباحث في التاريخ الإيراني المعاصر، والروائي والقاص والكاتب المسرحي حميد رضا شاه آبادي من الكتّاب ذوي الخبرة والأسلوب في مجال أدب الشباب والكبار، ومن الباحثين المميّزين في مجال التاريخ.
- رواية “أكثر زرقة من الذنوب” للروائي الإيراني محمد حسيني. ترجمة غسان حمدان. دار ترياق.
فازت هذه الرواية بجائزة گلشيري الأدبية، وجائزة مهرجان أدب لأفضل رواية لعام 2003. وتدور أحداثها عن صبي يذهب إلى بيوت الناس ويقرأ الكتب لأصحابها بسبب الفقر، مؤلّفها هو محمد حسيني، من الكتّاب الإيرانيين المعاصرين المميّزين، وهو كاتب وباحث وصحافي إيراني، من مواليد طهران 1971. ألّف عددًا من البحوث الأدبية، والروايات والقصص القصيرة.
رواية “العمى الأحمر” للكاتبة الإيرانية ذات الأصل الأفغاني عالية عطائي. ترجمة محمد حمادي. دار جدل.
عالية عطائي هي كاتبة إيرانية من أصول أفغانية تعيش في إيران. قامت حتى الآن بتأليف أربع روايات، ونشرت العديد من القصص القصيرة في المطبوعات المحلّية والأجنبية، وقد حصلت بعضها على جوائز أدبية مثل جائزة مهرجان أدب، وقد اهتمت في التأليف بمجال أدب الهجرة، وروايتها هذه حصلت على جائزة “ما” الأدبية.
ديوان “أنا الألم المشترك إصرخيني”، للشاعر الإيراني أحمد شاملو. ترجمة فاطمة برجكاني. دار تكوين.
مختارات من قصائد الشاعر الإيراني أحمد شاملو (2000-1925)، عملاق الشعر الإيراني الحديث، وقد قدم لها الشاعر العربي الكبير أدونيس. ويُعدُّ أحمد شاملو أعظم شعراء الرعيل الأول في إيران؛ أبرزهم نيما يوشيج ومهدي أخوان ثالث وحميد مصدق، الذين رحلوا قبله ببضعة أعوام. يعتبره الناقدون محطِّمًا للأصنام في إيران، حيث وصل بنقده إلى الشعراء الكلاسيكيين، فانتقد الفردوسي وسعدي، وقد عارض بأشعاره نظام الشاه بهلوي، كما لم تسلم الثورة الإسلامية من انتقاداته.
“أمي العزيزة ما الأمر”؟ قصص قصيرة للكاتب علي أشرف درويشيان. ترجمة أحمد موسى. منشورات الربيع.
مجموعة قصصية تضمّ 12 قصة، ألّفها الكاتب منتقدًا فيها بعض الظواهر الاجتماعية، كالفقر والتهميش والطبقية، ومنتقدًا بعض المعتقدات المذهبية، مما عرّضه لانتقادات حادّة من علماء الدين. لكن في المقابل، تم الترحيب بهذه القصص من ناحية القرّاء المثقفين بشكل واسع.
علي أشرف درويشيان هو كاتب يساري، كردي من كرمانشاه، بدأ حياته الأدبية في طهران بعد لقائه بالأديب جلال آل أحمد، وقد سُجن بسبب نشاطه السياسي.
رواية رؤيا صوفي للكاتب بهمن شكوهي، ترجمة د. بشار سلمان حلوم، دار ياسمينا للنشر والتوزيع
روايةٌ تاريخيَّةٌ تفصّل رحلةَ الإمام أبي حامد الغزاليِّ المعرفيَّةَ بصورةٍ مشوِّقةٍ، انطلاقاً من أجواء طفولتِه المبكِّرة في إحدى قرى مدينة طوس أقصى الشّمال الشَّرقي لإيران، وأسفاره لتلقِّي العلومِ والمعارفِ في جرجان ونيسابور، وباقي حواضر العالم الإسلاميِّ شرقاً، مروراً بشبابه وارتقاءِ مكانته، وما جرى بينه وبين معلّمه الشَّاعر عمر الخيام من مناظراتٍ ونقاشات. مؤلفها بهمن شكوهي هو صاحب رواية “جلال الدِّين الرُّومي” التي صدرت مترجمة للعربية باجزائها الثلاثة عن الدار نفسها، وقد ترجمها للعربية المترجم السوري الدكتور بشار سلمان حلوم.
رواية “لقاء البلوش” للكاتب محمود دولت آبادي. ترجمة د. بشار سلمان حلوم. دار ياسمينا للنشر والتوزيع.
يحكي لنا الكاتب الإيراني الكبير محمود دولت آبادي في هذه الرواية جزءً من مشاهداته لقومية البلوش أثناء رحلته إلى مقاطعة سيستان وبلوشستان الحدودية مع باكستان، والتي تُعتبر موطنًا لأقلّية البلوش. ويصوّر بدقّة حياتهم وعاداتهم بأسلوب أدبي إبداعي.
محمود دولت آبادي هو روائي إيراني قدير تُرجمت أعماله لمعظم لغات العالم، وهو صاحب رواية “كليدر”، أطول رواية في الأدب الإيراني، تشمل عشر مجلّدات.
“أرقص مع الزوبعة”. نصوص برويز شابور. ترجمة محمد الأمين الكرخي. دار كريستال.
كتاب مهم يضاف إلى المكتبة العربية في إطار نشاط حركة الترجمة بين اللغة الفارسية والعربية، وهو يندرج ضمن ندرة ترجمة الآداب الفارسية الحديثة. يتضمّن شذرات نصية للشاعر والأديب الإيراني الشهير برويز شابور، الذي اشتهر بفنّ كتابة النصوص النثرية القصيرة التي اختصّت بها اللغة الفارسية، كما اختصّ بها الكاتب نفسه.
ويُطلق عليها بالفارسية “كاريكلماتور”، بينما أسماها المترجم “كاريكاتورات شذرية”. هذا الكتاب هو الأول من نوعه في الترجمة العربية لهذا الفن الذي انفرد به الشاعر برويز شابور.
– رواية “طريق الذبح” للكاتب محمود دولت آبادي. ترجمة أحمد موسى. منشورات الربيع.
سبق وأن قرأنا قصصًا وروايات عربية تحدثت عن حرب الخليج الأولى بإسهاب، وأشبع الكتّاب العراقيون القرّاء بمشاهد وتفاصيل دقيقة عن تلك الحرب التي ضيّعت عقدًا بائسًا من تاريخ العراق وايران في ثمانينيات القرن العشرين.
اليوم تُخرج لنا دار منشورات الربيع رواية إيرانية فائقة الجمال تتحدّث عن حرب الثماني سنوات بقلم كاتب إيراني معاصر عاش أهوال هذه الحرب وتجرّع مأساتها.
صدرت مؤخّرًا رواية الكاتب الإيراني محمود دولت آبادي “طريق الذبح”، مترجمة بيد المترجم المغربي د. أحمد موسى.
تتحدث الرواية عن الحرب الإيرانية – العراقية التي راح ضحيّتها نحو مليونَيْ شهيد، فضلًا عن الخسائر المادية وخراب البنية التحتية للبلدين، وانقطاع العلاقات الدبلوماسية لأمد طويل.
https://aljadah.media/archives/32619