مقابلة مع المرجع كاظم الحائرى
الـحائري لـ القبس : الصدر أكد امتثاله لأوامري
18/7/2003 القبس
نزار حاتم :
نجاح الحاكم الأميركي بول بريمر في تشكيل مجلس الحكم العراقي، رغم كونه يشكل خطوة هامة على طريق رسم الخارطة السياسية الجديدة في العراق، الا أن طاقمه المؤلف من خمسة وعشرين عضوا ما زال ينتظره كثير من العقبات التي قد تعصف به مستقبلا ما لم يتم اجتيازها عبر تغليب المصلحة الوطنية على الجوانب الطائفية والقومية والفئوية السياسية.
فالتوليفة التي يتكون منها المجلس روعي فيها سياسيا التنوع الأتني القائم على أساس النسبة السكانية، وبالتالي فان احساس أي طرف من الاطراف بنوع من الغبن في هذه التوليفة قد يدفعه، من اجل خلط الأوراق، الى اتخاذ مواقف سلبية حيال كثير من القرارات التي ينبغي اتخاذها بشأن تشكيل الحكومة وصياغة بنود الدستور.
واذ يبدي بعض الرموز السنية تحفظات غير ظاهرة للعلن ازاء تركيبة المجلس الحكومي بسبب كونها تشكل سابقة كرست النصيب السياسي الأوفى للشيعة منذ قيام الدولة العراقية، فان الطيف الشيعي الممثل في المجلس قد يتعرض لحالة من الانشطار بسبب اختلافات الرؤى والتوجهات التي تتوزع عناصر هذا الطيف حيال المستقبل السياسي في البلاد، ذلك لأن غالبية الاعضاء الشيعة المختارين لا جامع بينهم سوى الانتماء للمذهب، لانهم موزعون على تيارات اسلامية وليبرالية، الأمر الذي يترك باب احتمال الاختلافات مفتوحا من خلال محاولة كل طرف فرض وجهة نظره على الآخر.
عضو مجلس الحكم عز الدين سليم (الدعوة)
وفي محاولة لتلمس مجمل هذه الاحتمالات اجرت «القبس» اتصالا هاتفيا مع عضو المجلس الحكومي والمسؤول الأبرز في تنظيم «الدعوة الاسلامية» عز الدين سليم في مقره ببغداد واجرت معه الحوار التالي :
> ما الضمانات الكفيلة بعدم حصول اختلافات بين عناصر مجلس الحكم بصورة عامة، وبينكم كاسلاميين وبين العناصر الشيعية الاخرى المحسوبة على التيار الليبرالي؟
- كل البيانات السياسية التي صدرت عن المعارضة العراقية في مؤتمري صلاح الدين ولندن تعتبر مرجعية لكافة الاطراف لأنها تضمنت توافقات واضحة حول طبيعة الحكم ومسيرة الحياة السياسية، وموقع الاسلام، والتعددية والقضايا المتصلة بالقوميات والمذاهب.
> هل قطع المجلس الحكومي خطوات في هذا الاتجاه؟
- نعم نحن اوشكنا على الانتهاء من صياغة النظام الداخلي للمجلس والذي قد يتم الاعلان عنه في الاسبوع المقبل وهو يتضمن آلية لاتخاذ القرارات والاجتماعات الدورية للمجلس.
> من الذي سيتولى رئاسة المجلس؟
- في ضوء النظام الداخلي الذي أشرت اليه سيتم اختيار رئيس المجلس.
ملاحقة المجرمين واعادة
تشكيل الشرطة
> ما أهم القرارات التي اتخذتموها منذ الاعلان عن تشكيله؟
- القرارات المتخذة اجملها على النحو التالي.
أولا: قرار بتشكيل محاكم لمحاكمة البعثيين الذين ارتكبوا جرائم سياسية بحق ابناء الشعب أو ممتلكاتهم وقد تم تشكيل لجنة لمتابعة هذا الامر.
ثانيا: قرار بتشكيل قوات الشرطة والتي يفترض ان تتألف من 70 الى 75 الف عنصر.
ثالثا: الشروع بترميم الف مدرسة، مئتين منها في محافظة البصرة، وانشاء ثلاثمائة مؤسسة صحية وبلدية.
«الدعوة - تنظيم العراق» لا يعتبرون الجعفري ممثلهم
نقطة اخرى جديرة بالاشارة يمكن ان تشكل المجلس، هي ان بعض الاطراف السياسية غير الممثلة فيه ربما باشرت ردود فعل خفية قد تظهر قريبا من خلال تحركات سياسية لدى الدوائر الاميركية والبريطانية لتعبر عن احتجاجها لعدم ادراج من يمثلها في المجلس المذكور، من قبيل «حزب الدعوة الاسلامية - تنظيم العراق» بقيادة هاشم الموسوي، والذي يحظى بشعبية أوسع من غريمه «حزب الدعوة الاسلامية» الذي تمكن من ايصال عضو مكتبه السياسي ابراهيم الجعفري الى عضوية المجلس.
ولم يخف بعض اعضاء المكتب السياسي لحزب الدعوة الاسلامية - تنظيم العراق شكوكه في ان يكون الجعفري نفسه قد حاول من خلال لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين تهميش دورهم ليبقى هو الوحيد الممثل للحزب.
وهم لا يترددون في اتهام الجعفري باعطاء صورة مشوهة عن حزبهم بدافع المنافسة، ويزيدون ان البعض قد نقل الى مسامعهم عن اتباع الجعفري تهمة التبعية لايران.
وفي معرض ردهم على هذه التهمة يتساءل المسؤولون في «تنظيم العراق» عما اذا كان احدهم يحمل الجنسية الايرانية في اشارة واضحة الى عدد من ذوي الاصول غير العربية - الايرانية والباكستانية - وهم اعضاء في المكتب السياسي للحزب الذي ينتمي اليه الجعفري.
وفي السياق نفسه يشير هؤلاء المسؤولون الى ان طهران كانت قد اوفدت الجعفري نفسه عام 1982الى طرابلس للقاء الزعيم الليبي معمر القذافي لأمور تتصل بالعلاقات الايرانية - الليبية، الأمر الذي اثار في حينه استياء شديدا لدى عدد كبير من اعضاء حزب الدعوة لأنه، من وجهة نظرهم، يكرس نوعا من التبعية السياسية للقرار الايراني.
تحفظات تيار الصدر
من جهة أخرى، يشير بعض المراقبين الى أن تيار الصدريين الذي يحظى بشعبية هي الاوسع بين القوى الشيعية في العراق ابدى تحفظا على تشكيل المجلس، من خلال البيان الذي كانت اعتبرت فيه مؤسسة الامام الصدر هذا المجلس بانه لا يمثل طموح الشعب العراقي، دون أن يستبعد هؤلاء المراقبون ان يدعو السيد مقتدى الصدر (زعيم هذا التيار) مناصريه الى التنديد بمجلس الحكم الذي يضم بعض خصومه التقليديين.
مراقبون آخرون يستبعدون اقدام السيد مقتدى الصدر على مثل هذه الخطوة بعد زيارته مؤخرا الى طهران، اذ حثه المسؤولون الايرانيون وفي مقدمتهم الشيخ هاشمي رفسنجاني على ضرورة الانسجام مع القوى الشيعية الاخرى لا سيما في الظروف الراهنة.
وما يعزز هذا الاعتقاد هو أن السيد مقتدى التقى مفصلا خلال هذه الزيارة آية الله العظمى السيد كاظم الحائري في مدينة قم، وقد طلب منه الأخير الانصياع الى قرارات ممثله السيد الاشكوري الذي اوفده لادارة مكتبه في النجف.
ماذا يقول الحائري؟
ولم يكن للسيد مقتدى - من الناحية الشرعية - بعد ان اعلن الولاية العامة للسيد الحائري، مناص من الامتثال لطلب الأخير كما يتضح من خلال الحوار التالي الذي أجرته «القبس» مع الحائري نفسه.
> أنتم خريجو حوزة النجف الدينية لماذا لم تعودوا لحد الآن الى هذه الحوزة وتمارسوا دور المرجعية هناك بدلا من قم؟
- الأمور مرهونة بمواقيتها.
> ما الذي تريدونه لمستقبل العراق؟
- أنا شخصيا أريد النظام الاسلامي، ولكن اذا ما كان ذلك متعذرا فينبغي تشكيل حكومة عراقية تتوافق عليها الاطراف لتتولى ادارة البلاد والحفاظ على الامن والاستقرار.
> علمنا ان السيد مقتدى الصدر قد زاركم وأجرى معكم لقاء مفصلا حول طبيعة الوضع في العراق بشكل عام ووضع الحوزة العلمية في النجف بصورة خاصة، فهل يمكن التعرف من خلالكم على ابرز النقاط التي ركزتم عليها في هذا اللقاء؟
- نعم زارني وهو رجل مسالم خلافا لبعض المزاعم التي تصفه بالتشدد، وكما تعلمون أنني بعثت السيد الاشكوري ممثلا عني في المكتب الذي فتحناه في النجف وقد دعوت السيد مقتدى الصدر الى الأمتثال لكافة القرارات التي يصدرها المكتب باعتبارها صادرة مني شخصيا.
> وماذا كان موقف الصدر حيال دعوتكم هذه؟
- لقد أكد الرجل استجابته لهذه الدعوة، وهذه قضية شرعية وهو رجل متدين.
> كيف تنظرون لمستقبل الحوزة العلمية في النجف؟
- طبعا في الوقت الحاضر لا توجد حوزة في النجف بالمعنى الحقيقي رغم وجود المرجع الديني آية الله السيد السيستاني، لأن نظام صدام حسين لم يبق شيئا في هذه الحوزة، وبالتالي فان هذه الحوزة بحاجة الى اعادة بناء من جديد، خصوصا من حيث تحديد الاساتذة بعد عودتهم الى هناك، وطبيعة مناهج الدروس وانتظام عملية التدريس.