انتقل الى الدار الاخرة اليوم الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح ...انا لله وانا اليه راجعون
عرض للطباعة
انتقل الى الدار الاخرة اليوم الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح ...انا لله وانا اليه راجعون
إنا لله وإنا اليه راجعون
الشيخ سعد...الرجل الطيّب الذي أبغض الديمقراطية
إنتظر الإمارة طويلاً وعندما وصلته كان عاجزًا عن استلامها
ممدوح المهيني من الكويت: في الساعة الـ 7 من مساء يوم أمس، إنتشر خبر وفاة الشيخ سعد العبدالله الصباح، وفي الساعة التاسعة أصبح من غير اللائق في الكويت الحديث عن قضايا مثل شراء الأصوات أو المرشحين الإسلاميين أو تدخلات أفراد من الأسرة الحاكمة، على الرغم من بقاء ثلاثة أيام فقط على موعد الإقتراع لتشكيل مجلس أمة جديد. تتلقى اتصالات متوقعة من بعض الشخصيات وهم يخبرونك عن رغبتهم في تأجيل المواعيد المتفق عليها بسبب هذا الحدث المحزن. إذ يخشى أحد المرشحين على صورته الانتخابية وهو يقول إنه لا يريد الظهور غدًا في الإعلام، وكأنّ شيئًا لم يحدث. قد يقوم بعض المرشحين ببعض التكتيكات الإعلامية من أجل ألا يظهروا وكأنهم مجردون من العواطف، إلا أن الكويتيين يشعرون بالحزن فعلاً لغياب شيخهم المريض، والأمير الذي لم يحكم سوى أيام معدودة.
هذه العواطف المتدفقة لا تحركها فقط ظروف الشيخ الصحية، ولا المدة القصيرة في الحكم التي قضاها. ولكن يحركها الكثير من الخصال الشخصية والمواقف السياسية والأحداث المأسوية والسعيدة التي تشكل الإرث الكبير لشخصية الشيخ سعد.
توصف شخصية بالطيبة والكتومة، وهو يعدّ من شيوخ الكويت، إذ يربطهم مع الكويتيين رابط حميمي وشفاف وأخوي، ويتم النظر له وكأنه فرد من العائلة . أكثر الأحداث التي ربطت الكويتيين مع شيخهم هي أكثر الأحداث مأسوية في تاريخ الكويت، وهي الغزو العراقي. هذا الحدث المجلجل في خيال الكويتيين مازال يتحكم بهم ويؤثر على عواطفهم. كما أنه جلب معهم الكثير من الرجال والقناعات والمشاعر المختلفة والجديدة.
هذا الحدث الذي أسقط صدام وبعض الرؤساء العرب من نفوس الكويتيين نهض برجال آخرين، كان من بينهم الشيخ سعد. يتداول الكويتيون بفخر القصص التي تتحدث عن الموقف الشجاع الذي اتخذه الشيخ سعد في اليوم الأول من الغزو العراقي. مع إصرار الشيخ سعد على مغادرة الأمير الراحل للكويت حتى يحافظ على الروح المعنوية للشعب الكويتي، رفض هو الرحيل وأصر على البقاء والتصدي للقوات العراقية. ولكنه دُفع بالقوة إلى السيارة التي انطلقت بسرعة إلى الحدود السعودية.
وبدأت بعد ذلك مرحلة أخرى من الذكريات عنه، فقد قام الشيخ سعد بجهود دولية كبيرة من أجل دفع الجهود السياسية والعسكرية لتحرير الكويت من القوات العراقية. وقد ظهرت التسجيلات الصوتية له، وهو يتحدث عن الكويت: "إنها موطن آبائنا وبلد أطفالنا وسنعود لها قريبًا"، بمثابة جرعة الأمل والشجاعة التي طمأنت قلوب الكويتيين الذين بدأت مخاوف شعب الشتات تتسرب إليها.
في الـ 14 من مارس عام 1991 عاد الشيخ سعد إلى الكويت بعد التحرير، واستقبله الناس فرحين وهم يقفزون ويقبلون كتفه، وعلقت تلك الصور التلفزيونية في ذاكرة الكويتيين بأنه يوم العودة للوطن. وكان ينظر له بصورة كبيرة بأنه أحد أبطال التحرير .
ولكن ومن زاوية أخرى، يرى الكويتيون في الشيخ سعد الصباح رجلاً سيئ الحظ. فبعد انتظاره طويلاً لمنصب الإمارة إلا أنها وصلته عندما كان عاجزًا عن أخذها. فقد كان الشيخ يعاني من مرض الزهايمر الذي زحف إلى عقله، وكان باديًا على تصرفاته ونظراته الشاخصة في اللقطات التلفزيونية القليلة التي ظهر بها. وتمثل قضية عزل الشيخ سعد أحد المشاهد الدرامية التي تعكس قصة الحب القاسي، فعلى الرغم من محبة الكويتيين له إلا أنهم كانوا يعلمون أن إبعاده عن الحكم بسبب عجزه هو الأمر الصائب, لذا فإن الجميع كان يرى في عزل البرلمان له خطوة صحيحة. على الرغم من الظلال التي كانت تغطي عقل الشيخ سعد، إلا أنه كان راغبًا في الحكم، ولكنه تلقى الطعنة الرحيمة من الناس الذين لطالما أحبوه حتى وهم يحرمونه من حلمه الذي انتظره كثيرًا.
في التلفزيونات والصحف الكويتية يذكر هذه الأيام الكثير من محاسن الشيخ الراحل، ويتحدث المقربون منه عن أعماله الخيرة التي قدمها للبسطاء وحتى الأثرياء إذا ما اقتربوا من الإفلاس . يقول أحد المقربين منه " إن الشيخ سعد قام بمساعدات كثيرة الغالب منها لن تعرف حتى بموته. كان حريصاً على جعل هذه المساعدات سرية، ولم يكن يرى فيها أعمالاً خيرية فقط، ولكن رغبةً منه في استقرار الأوضاع، حتى أنه قام بدعم شركات من جيبه الخاص حتى لا تفلس وتضر بالناس والبلد".
ولكن شخصية الشيخ سعد تنطوي على التعقيد البشري الذي يخلط بين الخير والشر . على الرغم من أن الشيخ سعد هو الابن الأكبر لأمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الذي يطلق عليه لقب "أبو الدستور"، إلا أنه كان معاديًا للحرية والديمقراطية في الكويت وسعى لتخريبها منذ بداية تشكلها في المجلس التأسيسي. وتشير الشخصية السياسية المعروفة د. أحمد الخطيب وهو أحد المساهمين بتأسيس الدستور بعض القصص في مذكراته :" الكويت : من الإمارة إلى الدولة" التي تكشف هذه النزعة الكارهة للديمقراطية في شخصيته ورغبته في سيطرة العائلة الحاكمة على مقاليد الحكم. ويتذكر الدكتور الخطيب معارضات الشيخ سعد المستمرة على تفاصيل الدستور وتهديداته بالانسحاب واعتراضاته التي لا تنتهي. وكانت تنتاب الشيخ سعد شكوك كثيرة من أن صياغة الدستور كانت تهدف إلى إقصاء العائلة الحاكمة وإضعاف نفوذهم. وكانت تشرب الشيخ سعد للعقيدة الأمنية هو السبب الذي جعله كارها لثقافة الحرية . يقول د. الخطيب في مذكراته :"ولأن سعد كان مسؤولاً عن الأمن منذ الخمسينات فقد تشرب بثقافة أجهزة المخابرات التي تسعى إلى تعزيز موقعها بإقناع المسؤولين – إن كانوا بحاجة إلى إقناع- بأنها وحدها هي المخلصة للنظام وهي وحدها القادرة على حمايته". كما أن الشيخ سعد كان معارضًا لتدخل المجلس في مسألة توارث الإمارة "واقترح أن يكون ذلك بأمر أميري دون مشاورة أحد ولا يعرض على المجلس للموافقة". كما أظهر الشيخ سعد النزعة التفردية مع إصراره على أن مسألة إعلان الأحكام العرفية والحرب من اختصاص الأمير فقط. ويقول د. الخطيب في إشارة إلى هذه النزعة الكارهة للمشروع الديمقراطي لدى الشيخ سعد ومنذ أيامه الأولى :" لقد خلق سعد العبدالله جوًا متوترًا في لجنة الدستور .. ففي الجلسات التي يغيب فيها سعد العبدالله تمشي الأمور بيسر، ولكنه عندما يعود إلى اللجنة يطلب إعادة النظر في كل ما أتفق عليه، ويخلق المتاعب لأعضاء اللجنة".
رجل الأمن القوي وبطل التحرير والصقر المعادي للأفكار الديمقراطية والأمير سيئ الحظ، وأحداث وصفات كثيرة أخرى تشكل هذا المزيج المعقد من شخصية الشيخ الراحل الذي يحبه الكويتيون ويقدرونه للدرجة التي يشعرون أنه من غير اللائق الآن الحديث عن أي موضوع دنيوي آخر، حتى لو كان موضوع الانتخابات القادمة الذي كانت أخبارها تملأ حياة الناس هنا، ولكن ليس بعد الساعة السابعة من مساء أمس.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politi...8/5/330591.htm
لما مات الملك فهد كانت قنوات وتلفزيون الكويت تبث القرآن لعدة ايام ، ولما مات الشيخ سعد قنوات السعودية واذاعاتها تبث الاغاني ولا كأنه يشاركون الكويت هذا المصاب
السعوديون لا يقدرون الدور الكويتي في تاسيس دولتهم الخائبة