المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يمكن إنعاش الزواج وخلق حياة جديدة؟!



سمير
11-17-2005, 04:25 PM
إعداد: مليكة بو شامة

حين وضعت الدكتورة لورا شليسينغر، وهي مؤلفة سبعة كتب من اكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة، كتابها «رعاية الازواج وتغذيتهم على انسب وجه»، وعدت القارئ بالشعور في غضون 48 ساعة بمزيد من السعادة لكونه متزوجا، ومن شريك حياته بالذات، وزعمت ان مئات الرسائل والمكالمات الهاتفية التي وردتها بعد ذلك تؤكد توصل اصحابها الى تحقيق التغيير في حياتهم الزوجية في غضون ساعات ان لم يكن في دقائق، والرعاية التي تتحدث عنها شليسينغر لا تكمن حسب تعبيرها في حركات لا تفي بالغرض مثل استقبال الزوج بثوب شفاف بل تكمن في خلق تغيير في القلب، والعقل، والروح، والموقف. فالرجل لا يأبه في الواقع بحركات الاغواء اليومية بل يتوق الى جرعة يومية من الدفء، والتقدير والحنان. وتنفي المؤلفة، ان يكون كتابها دعوة للمرأة الى الخنوع، والتذلل، والتبعية كما توحي بذلك ناشطات الحركات النسوية بل العكس تماما. وهذا سبب اختيار «قوة المرأة» عنوانا لكتابها الجديد.

سر قوة المرأة

ان ما ميز المرأة في كل العصور هو ميلها الطبيعي الى التعطف، والاحتضان، واظهار الرأفة والحب. وحين نذكر «حب الام» فإننا نتحدث عن اقوى العواطف وانقاها، وحين يذكر «حليب الأم» نتحدث عن الوسيط الذي تنتقل عبره الحياة.

والمرأة كائن مميز لقدرتها على منح الحياة داخل رحمها، فالأم هي مصدر الحياة والغذاء من خلال من الرضاعة والعاطفة، وهي الرابط بين زوجها والاسرة والمجتمع. وتضطلع بدور حاسم من خلال اختيارها لرجل بعينه في تحديد السلوك الاجتماعي للزوج (شباب السوء حين يتعذر عليه العثور على امرأة تتزوجه يصبح ذلك حافزا له لتحسين سلوكه).

وكل هذا يمنح المرأة القوة بشكل طبيعي. فالرجل يلجأ للمرأة كما كان يلجأ لأمه وهو طفل. ويعيش من اجل ان يحظى بالاعتزاز بالنفس والتقدير، والاهتمام الذي لقيه منها طفلا. وعندما «تفهم» المرأة ذلك، و«تستخدمه» ستلاحظ التغيير على زوجها، وعلاقتها به، وعلى حياتها، وسيشعر الاثنان بالسعادة مهما كانت المنغصات حولهما.

وهذا الكتاب هو عبارة عن دعوة للمرأة ودليل تهتدي به لتعزيز قدرتها الفطرية على احداث هذا التغيير في جو من البهجة والرضا. كما يمثل الكتاب ردا على الاسئلة العديدة من ازواج وزوجات. وفيه ان المجتمع في عصر النزعة النسوية صب كل اهتمامه على شكاوى النساء من الرجال وانتقادهن لهم لتقاعسهم عن تلبية حاجاتهن، ونسي ان للرجال ايضا حاجاتهم وان للنساء هفوات كذلك، وهكذا اصبح الناس ينظرون الى المرأة التي تسعى الى ارضاء زوجها على انها ذليلة (في حين يعتبر الرجل الذي لا يرضي زوجته نذلا).

ويكمن جزء من المشكلة في كون النزعة النسوية لا تقدم سوى القليل كبديل. وهي في الغالب شجعت مشاعر الغضب والحقد، واللوم ازاء الرجال عوضا عن تشجيع الشراكة المتعادلة. فمعظم النساء يطمحن اقامة علاقة مودة مع الرجال.

لقد ذهلت صاحبة الكتاب لمدى انصراف معظم النساء عن ارضاء ازواجهن، وهي عقلية سادت ثقافة المجتمع حتى اصبحت المرأة لا ترى في هذا الاهمال سلوكا فظا، وتعسفيا وانانيا. وحين تدرك ما تملكه من قوة، وقدرة على احداث التغيير في علاقتها بالرجل، وفي زواجها، وبيتها وحياتها وتستغل هذه القدرة لتخوض تجربة اكثر ايجابية وفائدة عليها. وخير مثال على ذلك، قصة امرأة كانت تغار من ابنتها الشابة على زوجها الثاني بسبب اهتمامه البالغ بها، وبعد التدقيق في الامر، تبين ان السريكمن في ما تخص به الفتاة زوج امها من تقدير واهتمام، وحسن المعاملة، في حين لا تنفك الام تلاحقه بالزعيق والاوامر حتى عبر التلفون وتقابله بتجهم لدى عودته من العمل.

سلطة أكبر

تملك المرأة سلطة اكبر في العلاقة بين الجنسين، فالرجل تلده المرأة، وتربيه المرأة، ويلجأ للمرأة طلبا للألفة والتزاوج، وتظل المرأة طيلة حياتها محورا اساسيا في حياة الرجل العاطفية، وسعادته، وكلنا يعلم مدى الاثر المدمر لشعور الرجل بأنه ليس محبوبا، او ليس محط اعجاب وتقدير من قبل امرأته. فحين يلقى منها النفور او يخسرها قد يفقد بذلك رغبته في العيش، اذ ان معظم الرجال يعيش من اجل الزوجة والابناء وخدمتهم، وعندما يشعر ان جهوده هذه لا تحظى بالتقدير، يجرحه ذلك، ويشعر بالضياع والوحدة، ولا يبدي رغبته في التعاون، مثلما حدث مع ضابط شرطة يتمتع بالقوة البدنية والحيوية، بالاضافة الى كل مظاهر الفحولة، ومع ذلك اصيب بالاكتئاب لأن زوجته لم تكن يوما فخورة به، ولا سعيدة بالعيش معه، وقد اشعرت هذه الحالة العديد من النساء بالاسى والحسرة حين اكتشفن مدى الاذى الذي يلحقنه بأزواجهن بعدم التعبير لهم عن المحبة، وكثير منهن سارع للاتصال بالزوج في مقر عمله لتدارك الامر، مما كان له اثر ايجابي كبير على علاقاتهن الزوجية.

مكمن الداء

الواقع ان المشكلة لا تكمن في انانية معظم النساء والزوجات بل في عدم تشجيعهن على فهم الرجل وتقديره. فالمرأة تعودت على النظر الى الرجال ككائنات تستدعي الحذر منها، وعلى اعتبار البذل والعطاء كخضوع وعبودية. فالثقافة السائدة تكاد لا تحض على احترام الذكور وتفكيرهم، ومشاعرهم ومسلكهم، ولذلك نجد من النساء من تكابر وترفض الاعتراف بتقصيرها في حق من حقوق رجلها، ثم تدرك خطأها بعد فوات الاوان، فهذه سيدة لم تكن تشعر بالرضا عن حياتها مع زوج طيب وشهم، يكد في العمل ولا يدخر جهدا في اسعادها، وكانت تشعر دوما بمزيد من الحاجة للاهتمام بها، وبضرورة سعيه الى ايجاد عمل افضل غير عمله الذي يحبه، وكانت تعتقد انه بإمكانها العثور على شريك افضل منه ان هي ارادت ذلك، ومن هنا لم تعبر له يوما عن اي تقدير، ولا اشعرته بأهمية وجوده في حياتها، ثم يشاء القدر ان يصاب بالسرطان الذي يودي بحياته لكي تدرك فداحة خطئها.

العلاج النفسي لا يسعف

لم تكن اوساط العلاج النفسي اقل عدوانية تجاه الازواج، فالمعالجون النفسيون يتبنون عموما ايديولوجيا ليبرالية متأثرة بالذهنية النسوية المعادية للذكور ويروجون لها في معظم برامجهم التدريبية. فحين يشجع الازواج زوجاتهم على طلب المشورة من المعالج النفسي على امل ان يساعدهم في انقاذ حياتهم الزوجية، يفاجأون في الغالب بنتائج عكسية لما كانوا يرجونه من الاستشارة النفسية. فتعبير الزوجة عن حبها للزوج والتودد اليه بما يطيّب نفسه ليس في عرف المعالج النفسي واجبا يلزمها بشيء، ولا حقا مكفولا للرجل، واي مطالبة بذلك من قبل هذا الاخير هو ممارسة لسلطته عليها، ومحاولة لسلب قوتها منها.

غضب يتأجج

بدأ الرجال يخرجون عن صمتهم، ويعربون عن حجم الاذى والغضب الذي يستشعرونه، ويتحدث احدهم عن تجربته فيقول: «انفصلت عن زوجتي قبل اربع سنوات بعد زواج دام تسع سنوات. وكان اليوم الذي التقيتها فيه للمرة الاولى اسعد يوم في حياتي، وحين انفصلت عنها شعرت كأنها سلبتني آخر ذرة من إنسانيتي واصبحت مجرد قوقعة فارغة، وإنسانا منهكا جدا ومتشائما للغاية في نظرتي إلى المرأة اليوم. ولا ادري ما افعله بهذا الغضب كله».

ومثل هذا الرجل كثيرون ممن شعروا بالمهانة، وسوء المعاملة او حتى باستغلالهم عاطفيا ونفسيا من قبل الزوجة. والواقع ان اعتمال هذا الغضب في دواخلهم بشكل متواصل يسمم وجودهم وحياتهم. والاولى بهم ان يضعوا نصب اعينهم المواصفات التي يطلبونها في المرأة قبل دخول اي تجربة عاطفية جديدة.

ولا يختلف اثنان على ان المرأة تمارس سيطرة هائلة على علاقتها بالرجل، وعلى ان هذا الاخير قابل للتحول على نحو ايجابي بابسط كلمات الحب والاعجاب والدعم من شريكته. ومن المعلوم ايضا ان المرأة بقدر ما تملك القدرة على العطاء تملك القدرة على السلب والحرمان. وبالتالي عليها ان تتحاشى استعمال هذه القدرة باستخفاف. وألا تستخف ايضا بحاجات شريكها. ولعل ابلغ مثال على ما يمكن ان يسفر عنه الاستخفاف بالحاجات الحقيقية للرجل ما كشفته احدى بنات الهوى السابقات. إذ تحكي قصتها قائلة: «من الخطأ ان ننظر لكل الرجال الذين يدخلون بيوت الدعارة على انهم اشخاص أنذال وقذرون كل همهم تلبية نزوات لا تلبيها لهم زوجاتهم في البيت. ولئن كان هذا الامر ينطبق على بعض الرجال فإنني اكشف من خلال تجربتي وجها اخر. لقد كان معظم زبائني متزوجين غير ان 90 في المائة منهم على الاقل لم يلمسوني قط. فكانوا يدفعون لي اجري لا لشيء الا لاجلس، وانصت إليهم باهتمام فاشعل لهذا سيجارة، واطيب خاطره بكلام يرضي غروره، واهتم بذاك واشعره بالارتياح. بعيدا عن اي ايحاءات جنسية، ولعل النساء سيذهلن لقلة المرات التي مارست فيها الجنس فعليا مع زبائني. وانا اعتبر تجربة كلينتون مع لوينسكي مجرد حالة مشابهة. انهم اشخاص بؤساء للغاية، يسكنهم شعور عارم بالوحدة رغم كونهم متزوجين هكذا كنت انظر اليهم دائما».

فلنتصور مدى خطورة المشكلة.. رجال يلجأون الى بنات الهوى طلبا للاهتمام والقبول والتقدير والحنان، اما الجنس فلم يكن سوى امر عرضي. والحاجات الفعلية لديهم تولّت تلبيتها امرأة تلقت مقابلا لكي تنصت اليهم، وتعاملهم برفق.

ليس في هذا القول إدانة او لوم للنساء على كل المشاكل التي تشوب الاسر. ولكن الغاية من سوق مثال كهذا هو ابراز ما تملكه المرأة من قدرات سحرية على خلق اجواء داخل البيت يحقق لها البهجة والسعادة قبل زوجها وابنائها. وتسخير هذه القدرات لا ينطوي على اي تعقيدات او صعوبات وان كان تغيير العادات القديمة يتطلب جهدا، وهذا ما قد يثبط الهمم. وكل ما هو مطلوب هو تغيير في النظرات وفي نبرة الصوت بالاضافة الى لمسة يد حانية. فالامر بسيط للغاية. وبضع دقائق في اليوم كفيلة بتحقيق المعجزات.