المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل من تاريخ صلاحية للمذيعات العربيات ؟



موالى
11-06-2005, 03:00 PM
منهن من لمعن لسنوات ومن ثم اختفين.. وأخريات «أبديات»


بيروت: فيفيان حداد وابتسام حموي


تعتبر مذيعة التلفزيون بمثابة واجهة المحطة التي تعمل فيها. وتشكل عادة موضوعا لاستقطاب المشاهد الى محطة بعينها فإما يثابر على مشاهدة المحطة منتظراً اطلالتها، واما انتقل وبكبسة زر في رحلة البحث عن وجه آخر يريحه ويستمتع بمتابعة حديثه.

ولعلَّ الاهمية التي تشكلها المذيعة في هذا المجال ينعكس سلباً عليها، وبشكل غير مباشر بحيث تتعرَّض بعض المذيعات الى الاقصاء وانهاء خدماتها الاعلامية من قبل المؤسسة العاملة فيها اذا ما وجد المسؤولون ان تاريخ انتهاء صلاحيتها اقترب اذا صحَّ التعبير مع قسوته.

الا ان المدافعين عن اصحاب التلفزيونات والمذيعات معا، يرفضون هذا القول ويعتبرون ان المذيعة تبقى صمام الامان بالنسبة للشاشة، التي تطل منها ما دامت تطلعات القناة التابعة لها تصب في المحور نفسه وان اي عملية تغيير او تبديل في وجوه المذيعات تصبح جائزة فقط في حال اختلفت هذه التطلعات واخذت منحى آخراً.

وفيما يرى البعض ان التقدم في السن هو الخطر الحقيقي، الذي يهدد العاملات في هذا المضمار لان الكاميرا قادرة على كشف معالمه تلقائياً، الا ان نسبة اخرى تجد انه ما دامت الاعلامية تملك القدرة على العمل وبنفس المستوى الذي سبق وتحلّت به على مدى سنين مزاولتها المهنة فلا شيء باستطاعته اخراجها من سربها.

ويمكن القول ان المقدمة التلفزيونية اللبنانية سعاد قاروط العشي هي واحدة من بنات جيلها التي كسرت القاعدة، فلم تتوقف عن العمل التلفزيوني طيلة ثلاثين عاماً. وتقول العشي «ليس هناك من تاريخ صلاحية ينهي عمل المذيعة التلفزيونية ما دامت تتمتع بمخزون كبير من المستوى العملي والفكري». وتضيف «قد تكون هناك فرص عمل اقل في وجود هذا الكم الهائل من الاعلاميين الشباب والمتخرجين حديثاً من الجامعات، انما هذا لا يلغي دور المذيعة المحترفة صاحبة الخبرة كما لا يمكن الاستغناء عن اطلالتها مهما تقدمت في السن لانها تشكل مصداقية للخبر الذي تقدمه». والمعروف ان سعاد قاروط العشي بدأت عملها في تلفزيون لبنان كمذيعة اخبار ثم انتقلت للعمل حالياً في تلفزيون الـ«ان بي ان» كمقدمة لبرنامج سياسي بعنوان: «التاريخ ان حكى»، وهي ترى ان التجديد الذي تتبعه بعض المحطات المتلفزة من ناحية البرامج والوجوه الجديدة، يأتي احياناً كثيرة لصالحها، لكنه لا يعطيها الحق باقصاء المذيعة الجيدة اذا توفرت لديها المتطلبات اللازمة. ويطلق على بعض المذيعات لقب صاحبات العمر المديد في هذه المهنة، والتي اعتاد المشاهد على اطلالاتها اليومية كما يعرّف عنها بـ«الابدية» وقد التصق هذا اللقب بهن لخبرتهن الطويلة التي كونوها على مدى سنين تجاوزت العقد او العقدين، امثال مذيعات الاخبار على قناة الـ «ال. بي. سي» دوللي غانم التي أصبحت من رموز هذه المحطة خصوصاً وانها بين اوائل المذيعات العاملات فيها منذ العام 1985. كذلك الامر بالنسبة لانطوان عون ونيكول تنوري مذيعي الاخبار على قناة الـ mbc واللذين عرفهما الجمهور العربي كافة منذ اوائل التسعينات، عندما اطلا عبر الشاشة الصغيرة للقناة المذكورة والقيا التحية على المشاهدين مستهلين نشرة الاخبار.

رئيس مجلس ادارة تلفزيون الـ «ال. بي. سي» الشيخ بيار الضاهر رفض مقولة ان هناك مدة ما تحدد نهاية صلاحية المذيعة، واكد «ان هذا التعبير لا يصح في العمل الاعلامي»، مشيراً الى «ان الخبرة التي تتمتع بها المذيعة المخضرمة في البرامج السياسية والـ (توك شو) تزيد من الثقة بينها وبين المشاهد والمحطة ايضاً». ورأى «ان المذيعة ومنذ اطلالتها الاولى اما أن يحبها الناس او العكس»، مضيفاً «ان الامر قد يختلف قليلاً بالنسبة لمذيعة المنوعات اذا احتاج البرنامج لتجديد ما، ولكن ذلك لا يمنعها من ممارسة مهنتها في برنامج تلفزيوني آخر يناسب طاقتها».

ويشكل غياب بعض المذيعات عن الشاشة الصغيرة علامات استفهام كثيرة لدى المشاهد وغالباً ما تأتيه اجوبة مبهمة حول اسباب هذا الغياب، خصوصاً وان الاطلالات الاعلامية لهؤلاء تصبح قليلة واحياناً نادرة. ومثال على ذلك المذيعة شاهناز عبد الله التي بدأت مهنتها كمذيعة ربط في تلفزيون «المستقبل» ثم ما لبثت ان شاركت زاهي وهبي في برنامج «خليك بالبيت» وبعد انفصالها المهني عنه تعذر على شاهناز ايجاد برنامج آخر يتلاءم وشخصيتها، رغم عدة محاولات من قبل ادارة التلفزيون باءت جميعها بالفشل. حالياً احتجبت شاهناز عن الشاشة الصغيرة نهائياً.

اما يمنى شري مذيعة المنوعات والبرامج الفنية في القناة نفسها فخرجت من مهنة التقديم ولم تعد اثر خلاف حصل بينها وبين ادارة المحطة، وقد تجلى ذلك من خلال سياسة «التقطيع» لبرنامجها «جار القمر» اذ توقف بثه على الارضية ومن ثم على الفضائية وما لبث ان غاب الى غير رجعة. وكانت بعض محطات التلفزيون في لبنان قد لجأت الى تبديل بعض الوجوه الاعلامية سواء في نشرات الاخبار او في البرامج الفنية واتبع عدد منها خطة تغييب المذيعة تدريجياً حتى لا يشعر المشاهد بفراغ اقصائها.

ومن بين المذيعات اللواتي غبن تماماً عن الشاشة الصغيرة لاسباب او لاخرى مذيعة الاخبار يولا سليمان التي بدأت مشوارها في اذاعة «صوت لبنان» ومن «المؤسسة اللبنانية للارسال» (LBCI) ومنها الى الـ A.N.B لتغادرها بعد فترة قصيرة من الاطلالة الاخبارية عبر شاشتها.

ومن الاعلاميات اللواتي بتن لا يظهرن على شاشة التلفزيون الا في المناسبات يولاند خوري، التي سبق وعملت مراسلة لنشرة الاخبار وبعد ذلك معدّة برامج وثائقية، ودائما على الـ «ال.بي.سي».

اما المذيعة ميراي مزرعاني فيفتقدها المشاهد منذ فترة طويلة، وهي التي تخصصت في تقديم برامج التسلية والالعاب. ويأتي هذا الغياب اثر قلة العروض المناسبة، التي قدمت اليها، رغم ان هذا النوع من البرامج ما زال موجوداً على شبكة برامج عدة تلفزيونات محلية وفضائية.

الا ان السؤال الذي يطرحه البعض كم يبلغ العمر المفترض للمذيعة لاكمال مسيرتها؟

كريستيان الجميل مدير الانتاج في تلفزيون «روتانا» يؤكد من جهته «ان لا عمر يحدد مشوار المذيعة بشكل عام ولأي خانة انتمت»، معتبراً «ان المذيعة صاحبة العطاء الدائم لا يمكن ان تخفق في مهنتها حتى لو قدمت برامج المنوعات والالعاب». ويوضح «الاعلامية هالة سرحان خير دليل على ذلك وكذلك رزان المغربي اذ ما زالتا تستقطبان المشاهدين من كل الاعمار وتضفيان على الحلقات ديناميكية ملحوظة». اما بالنسبة الى الانقلاب الابيض الذي قامت به محطة «روتانا» اثر شرائها تلفزيونART فقد اوضح الجميل ان الامر بديهي عند انتقال شركة الى مالكين جدد، مشيرا الى ان «روتانا» حافظت على وجوه سبق واعتاد عليها المشاهد امثال نانسي ياسين ونادين اغناطيوس وجومانا بو عيد، كذلك بالنسبة لنادين فلاح التي تستعد لاطلاق برنامج تلفزيوني جديد.

وأكد جميل ان برامج على شاكلة «روتانا كافيه» والتي ترتكز على مجموعة او فريق كامل من المقدمين قد يتحمل التجديد في وجود مذيعيه من وقت لآخر لتطعيمه بشمولية اكبر. ويذكر ان الادارة الجديدة في «روتانا» استغنت عن خدمات بعض مذيعات الـART امثال كاتيا كعدي التي تقدم حالياً برنامج «ستارز وبس» على قناة «هي» وفرح دبيبو التي ما زالت تبحث عن فرصة جديدة تطل من خلالها على معجبيها. واوضح ان المذيعة التي سبق وحملت لقب جمالي او مارست عرض الازياء، يصح عليها ما يصح على زميلاتها الاعلاميات، لانها عندما تنطلق في عالم المرئيات تصبح منتمية اليه بشكل مباشر.

وينضم المخرج التلفزيوني طوني قهوجي الى القائلين بأن المذيعة الحقيقية لا العمر ولا الايام ولا اي سبب آخر باستطاعته ان يضع حداً لمهنتها. ويقول: «هناك بعض المذيعات اللواتي ابتعدن عن الساحة بملء ارادتهن فيما استمرت شريحة اخرى في العمل التلفزيوني رغم تقدمها في السن». ويضيف: «المشكلة تكمن بمن تحاول ان تبدو اصغر عمراً وبشكل مبالغ فيه فتصبح اطلالتها على الشاشة الصغيرة غير مستحبة ينفر منها المشاهد». وينفي المقولة التي يرددها البعض ومفادها بان الكاميرا قد تحب المذيعة الشابة ولكن ليس المتقدمة في العمر.

ويأتي غياب بعض المذيعات القديرات عن العمل التلفزيوني بسبب عدم اقتناعهن بالعروض المقدمة اليهن، كما حصل مثلاً مع المذيعة التلفزيونية ماغي فرح والتي تملك كماً لا يستهان به من المشاهدين المعجبين بأدائها. وقد مضى على غيابها عن الشاشة الصغيرة عدة سنوات رغم الاعلان عن اقتراب إطلالتها مرة عبر قناة «هي» واخرى عبر قناة الـ ANB وحالياً على الـ «ال. بي. سي».

وتفضل بعض العاملات في هذا المجال اللجوء الى الاذاعة لمواصلة مشوارهن الاعلامي، في حال وجدن ان عمرهن لم يعد يسمح لهن بالوقوف امام الكاميرا خصوصاً وان هذا النوع من العمل يرتكز على القول المعروف «اسمعني ولا تقشعني». مدير عام تلفزيون «المستقبل» الدكتور نديم الملاّ يؤكد «ان لا سياسة خاصة لمحطته في هذا المجال وليس هناك من صلاحية يفرضها عمر المذيعة على ممارسة عملها او العكس، مشيراً الى ان بعض المذيعين والمذيعات يتجاوزون الخمسين او الستين عاماً ولا ينفكون يمارسون عملهم». واوضح «نحن في تلفزيون المستقبل لا يهمنا العمر بقدر ما يهمنا المذيع، والدليل على ذلك استمرار وجوه بدأت معنا منذ خطواتنا الاولى، ولا اتذكر يوماً اننا استغنينا عن عمل احدهم او احداهن مع التقدم في السن».

وعندما استوضحناه عن سبب غياب المذيعة زينة جانبيه عن الشاشة الصغيرة، اوضح «انها حالياً وجدت نفسها في العمل الاذاعي بانتظار فرصة تلفزيونية تلائم شخصيتها» ويؤكد احد اهم صانعي المذيعات في العالم العربي انطوان كسابيان والذي درب وجوها معروفة على الساحة التلفزيونية بان بعض المحطات تضطر احياناً الى تبديل وجوه المذيعات العاملات لديها تبعاً لسياسة جديدة من شأنها مثلاً العمل على استقطاب شريحة اكبر من المشاهدين ويضيف: «ان ادارة كل محطة تعرف بالتأكيد مصلحتها ولذلك نراها تلجأ الى التغيير احياناً ان في نوعية البرنامج او في المذيعات، لانه حسب تقديرها ترغب مثلاً في اثبات هوية جديدة لها.

ويرى كسابيان من ناحيته انه لا يمكن الاستغناء عن المذيعة اللامعة حتى لو تقدمت بالعمر، خصوصاً مذيعة الاخبار او البرامج السياسية لانها تتسلح بالخبرة والمصداقية وهما امران يجب ان تتحلى بهما المذيعة الرصينة. ويقول: «يجب ان تكون مقدمة المنوعات خفيفة الظل، فيما مذيعة برامج الاطفال يجب ان تملك تقاسيم البراءة في وجهها وان تتصف مذيعة الاخبار بالمصداقية».

والمعروف ان المحطات التلفزيونية الاوروبية منها والاميركية لا تبدي اهتماماً كبيراً بمظهر المذيعة العاملة لديها، فيكنّ احياناً متقدمات في العمر ومرات كثيرة غير جميلات. الا ان ما ينطبق في تلك البلدان لا ينطبق على لبنان والعالم العربي لان المشاهدين يتأثرون بالقلب كما بالقالب. ويرى كسابيان «ان بلداناً عربية لا سيما في منطقة الخليج تتحكم وبصورة غير مباشرة بواقع بعض وسائل الاعلام، وتحديداً الفضائية بسبب الثقل الاعلاني الذي تمثله على الارض. فبعض المحطات تضطر الى تبديل وجه والاستغناء عن آخر لانه لم يستطع التواصل مع المشاهد الخليجي، فيضطر هذا الاخير للتحول الى محطة اخرى، الامر الذي ينعكس سلباً ويترجم بخسارة مادية على المحطة الاولى.

يبقى القول ان ما تعاني منه المرأة في هذا المضمار لا يشمل الرجل بصورة عامة لان البدانة وحدها تبقى الآفة الوحيدة باستثناء حالة عماد الدين اديب الذي يفرض حضوره الاعلامي وبقوة بعيداً عن مظهره. ويقول الخبراء في شؤون الكاميرا انه يجب على المذيع ان يبتعد عن البدانة ليبقى قريباً من الكاميرا خصوصاً وان الظهور امامها يزيد من الوزن بنسبة اربع او خمس كيلوغرامات. فزياد نجيم الذي بدأ العمل التلفزيوني وهو يافع ما زال حتى اليوم مطلوباً من قبل محطات محلية وخارجية، فهو ما زال يحافظ على بريقه الاعلامي بالصوت والصورة والمضمون. كذلك الامر بالنسبة الى عرفات حجازي الذي عرفه اللبنانيون أباً عن جد وما زال مزاولاً لمهنته رغم تجاوزه الستين. اما عادل مالك فما زال المشاهدون ينتظرون إطلالاته القادرة على الشاشة الصغيرة ليستمتعوا بحديثه وطريقة ادائه رغم إصابته ببدانة ملحوظة.