الكرنكعوه عادة خليجية متوارثة

[فاطمي]

خالد طه


مع اقتراب ليلة النصف من رمضان تستعد دول الخليج قاطبةلليلة الكرنكعوه وهي عادة شعبية قديمة يحتفل بها الاطفال ابتداءا من بعد صلاة المغرب بارتداء الملابس الزاهية التي ترسم لوحة تراثية وقد تعددت اسماء هذه العادة ففي الكويت والسعودية يطلقون عليها (قرقيعان) وفي قطر والبحرين تسمى بالكرنكعوه، وفي سلطنة عمان يسمونها القرنقشوه، وفي دولة الامارات تسمى (من حق الليلة)، ومهما اختلفت المسميات الا انها عادة متشابهة في دول الخليج الست حيث يبدا الاحتفال بها بعد صلاة المغرب من ليلة النصف من رمضان ويتجمع الاطفال جماعات وقد تزينوا بالملابس الزاهية، حيث ترتدي البنات (البخانق) وهي حجاب تقليدي للرأس اعتادت الفتيات على لبسه في هذه المناسبة وهو قماش خفيف مطرز بخيوط ذهبية، الى جانب وضع الحلي الذهبية التقليدية، اما الصبية فيرتدون الـ (قحفية) وهي طاقية بيضاء مطرزة يرتديها الاولاد في الخليج في الكرنكعوه، ويأخذ الأطفال بالطواف على البيوت وهم يرددون أهازيج تراثية خاصة بهذه المناسبة، للحصول على الكرنكعوه ومن تلك الاناشيد:

كرنكعوه كركاعوه

عطونا الله يعطيكم

بيت مكة يوديكم

يوديكم لأهليكم

يامكة يالمعمورة

يا أم السلاسل والذهب يانورة

عطونا دحبة ميزان يسلم لكل عزيزان

وكرنكعوه كركاعوه كان اخلي الليل

اخلي الليل مدري وش ممكن اخلي الليل

بس اخلي الدنيا كل الدنيا ليل

الى اخرها من الابيات الجملية التي تهتف بها حناجر الاطفال ويقوم الاهالي بتوزيع الكرنكعوه المكون من الحلوى والمكسرات وفي بعض الاحيان فيما تقدم بعض الاسر المال لهؤلاء الاطفال مثل عيدية العيد..

التسمية

تسمية الكرنكعوه في اللهجة الشعبية القطرية تعود الى استخدام الاطفال في الماضي بعض الأواني مثل (الطاسة) أو (القدر) للقرع عليها، وكان الكرنكعوه في الماضي عبارة عن سلة كبيرة مصنوعة من سعف النخيل يوضع بداخلها خليط من المكسرات التي تشتمل على الفول السوداني والجوز والتين المجفف، بالاضافة الى الحلويات، ويتنافس الاطفال بهذه المناسبة لجمع أكبر كمية من المكسرات،

وكانت ربات البيوت الخليجيات يستعددن بشكل خاص لهذه المناسبة من حيث شراء المكسرات وغيره، أما الآن فالاسواق قامت بهذا الدور ببراعة و نظرا لعظمة هذه المناسبة تستعد الكثير من محلات الحلويات والمكسرات في الدوحة للاحتفال بليلة الكرنكعوه، حيث تدخل العديد من التصميمات الجديدة والإضافات المبتكرة للكرنكعوه مع المحافظة على محتويات تلك العادة المتوارثة كوجود المكسرات والحلويات،

تاجر باحدى مجلا بيع المكسرات والشيكولاتة في سوق واقف الشعبي يؤكد ان المحلات استعدت لهذه المناسبة منذ يومين حيث عمدت الى عرض مالديها من تشكيلات جديدة من الحلويات من أجل هذه الليلة وقال:

الى جانب المكسرات ننظر عادة في طلبات الزبائن ونعمل على توفيرها من خلال استيرادها من الخارج، والتي غالباً ما تكون من ايران، و أرى ان الناس في الوقت الراهن أخذت تتوجه الى التصاميم التراثية وعدم الاكتفاء فقط بشراء المكسرات والحلوى مثلما كان سابقاً، حيث يلاحظ تنافسا بين المحال من اجل طرح كل ماهو جديد من نماذج الكرنكعوه، فهناك اكياس خاصة بالكرنكعوه بشكل عصري، اضافة الى السلال المصنوعة من سعف النخيل، وكذلك وضع الكرنكعوه في فوانيس أو كما يطلق عليها في الخليج بالـ (فنر)، اضافة الى طرح نماذج شعبية مصغرة التي كانت موجودة في السابق ووضع المكسرات فيها، كالعربات القديمة، والآبار التي كانت توضع في المنازل، وكذلك المباخر الفخارية، و استخدام قماش الخيش،

سفن الغوص

و حسب ماذكره بعض التجار فان هناك الكثير من محلات بيع الحلويات استخدمت سفن الغوص القديمة وأصداف اللؤلؤ كتجسيد لتراث الماضي لتقديم المكسرات بداخلها بعكس الايام الماضية التي كان يكتفي الزبون فيها بشراء المكسرات والحلوى فقط،

ويقول التاجر عادل يلاحظ ان النساء يملن اكثر للتصميمات والمجسمات المخصصة للكرنكعوه، حيث يحرصن على طلب تشكيلات معينة للكرنكعوه في بداية شهر رمضان المبارك، ونحن نحاول قدر الامكان توفيرها لهن في الوقت المناسب، مؤكدا انه يجلب بعض المجسمات من الخارج قبل ثلاثة أشهر

ويشير محمد الى ان الاقبال كبير جداً على التصميمات الجديدة التي نفذت من اجل الكرنكعوه، المتمثلة في العديد من الشخصيات الكرتونية التي تحمل أكياساً تحتوي على المكسرات والحلويات المختلفة،

وقال ان العائلات القطرية تقبل على شراء الكرنكعوه في الثاني عشر والرابع عشر من شهر رمضان، ويكون الطلب كبيرا على المكسرات المستوردة من ايران ودبي والهند وغيرها والتي تشمل الفول السوداني أو (السنبل) وكذلك النقل، وعين الجمل، والملبس وغيرها، اضافة الى الحلويات المختلفة، والتي نحرص على تنوع ألوانها واشكالها من أجل الأطفال، واضاف ان هناك اقبال على شراء الالعاب الصغيرة التي تدرج ضمن اكياس الكرنكعوه من باب التجديد، وبصفة عامة الاقبال كبير جداً من اجل إحياء هذه العادة الشعبية، فبالرغم من التطور الزمني فان الشعب القطري والخليجي لا زال محافظ على عاداته التراثية، حتى وان قدمت بأساليب عصرية،


التجديد

بعض المحلات حرصت على تقديم الشئ المبتكر كتحضير نماذج من (القدور) الصغيرة التي تتلاءم مع هذه المناسبة الطفولية كوضع الكرنكعوه في قدر هريس، أو وضعه في سلة مصنوعة من (الخوص)، والمقصود بها سعف النخيل وهذا بالفعل ما يلقى الكثير من الرواج بين الناس الراغبين في تعليم أطفالهم تراثهم بأشياء ملموسة، والنماذج كثيرة جداً.

ويتحدث مختار بقوله/ لقد استعددنا بشكل متكامل لمناسبة الكرنكعوه من ناحية الحلويات بمختلف انواعها والمصاص والالعاب والمكسرات وغيرها الكثير، سواء ضمن تصميمات مختلفة، أو البيع بالكيلو او الجملة، وهناك تصميمات خاصة للمدارس حيث عمدنا الى تصميم علب صغيرة تحتوي على الكرنكعوه والتي ستوزع على طلاب المدارس، ويكون الاقبال كبيرا جداً عليها حتى من الناس، وهناك اكياس الكرنكعوه الملونة التي اتخذت رسومات عصرية كالدمية فلة، وكذلك الدمية باربي، واكياس تراثية نسجت عليها ثوب الزي الخليجي، فالكثير يميل الى التراث، أمام التصميمات الحديثة، ونحن نقوم بالاستعداد قبل رمضان لهذه المناسبة من اجل استيراد كل ماهو جديد من الخارج.

ويشير تاجر اخر الى ان الابتكارات الموجودة حالياً تم التحضير لها قبل فترة ليست بالقصيرة قبل رمضان، من اجل استيراد كل ماهو جديد من الخارج خاصة من دبي والصين، من حيث المجسمات وغيرها، مؤكدا ان هناك اقبال كبير جداً وطلبات كثيرة على المكسرات

الكثير من المحلات تاسر الزائر بجمال تنسيقها والمجسمات الملونة المتعددة التي وضعت بداخلها والتي تجتذب الاطفال لما تحتويه من شخصيات كرتونية محببة الى جانب المجسمات الاخرى،والملفت للنظر ان اقبال الناس على كل ما هو تراثي قديم..