المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معاهد التدليك الصيني.. مراكز علاج أم نصب؟



على
08-18-2005, 07:34 AM
12 دينارا للساعة و150 لكورس تخفيف الوزن


تحقيق: محمد حنفي

ربما يفاجأ المتابع لحركة الإعلانات في الكويت خلال الفترة الأخيرة بهذا الكم الكبير من الإعلانات عن معاهد المساج أو التدليك الصيني، المزودة بصور لمدلكين ومدلكات قادمين من الصين وبعض دول شرق آسيا، بل إن بعض صالونات الحلاقة هي الأخرى دخلت اللعبة وبدأت تعلن عن تقديم خدمة المساج لزبائنها، ويبدو الأمر كما لو أن الصين قررت غزو الكويت بالتدليك.

لقد لفت نظري أن الإعلانات الخاصة بتقديم خدمات المساج والتدليك الصيني صيغت بصورة مبالغ فيها، وبإثارة لافتة لجذب الزبائن، فالتدليك الصيني وفقا لهذه الإعلانات «يعالج» آلام الظهر والعنق والقدمين والصداع وحب الشباب وترهلات ما بعد الولادة، ويخفف الوزن. كما أثار انتباهي إعلان يتحدث عن تدليك الجسم (بالكامل) كما لا ننسى الكثير من المعاهد التي تعلن عن خدمة التدليك في المنازل.

أما بالنسبة إلى أسعار التدليك الصيني فيتراوح سعر ساعة التدليك الواحدة بين 10 و12 دينارا، وتصل إلى 15 دينارا في حالة طلب الزبون التدليك في المنزل.

تقسم بعض معاهد التدليك الصيني عملها إلى ثلاثة أنواع، الأول يطلقون عليه التدليك الاسترخائي وهو عبارة عن جلسة لإزالة الضغوط اليومية بعد يوم طويل من العناء، والثاني علاجي يعالج الصداع وبعض آلام الجسم مثل الظهر والرقبة والقدمين.

أما النوع الثالث فهو عبارة عن كورس لتخفيف الوزن ويتراوح سعره ما بين 80 و 150 دينارا حسب وزن الزبون. ويؤكد الكثير من المعاهد التي اتصلت بها أن المدلكين فيها صينيون متخصصون في التدليك أو المساج، كما أن بعض المعاهد أكدت أنها تستعين بأطباء في المساج. وبالنسبة إلى كورس تخفيف الوزن فإن هؤلاء الأطباء ـ كما كشفت لنا إحدى المشرفات على مركز للتدليك الصيني ـ يقومون بفحص الراغب في تخفيف وزنه عن طريق التدليك لمعرفة كمية الدهون، ومن ثم تحديد البرنامج المناسب له، وهو عبارة عن جلسات، مع صرف بعض الأعشاب الصينية التي تساعد على تخفيف الوزن مع البرنامج.

وحسب ما أكدت لنا بعض المعاهد، فإنها تضمن أن تنقص الوزن 5 كيلو غرامات، وعندما سألت المشرفة عما يجري إذا لم تنقص هذه الكيلوات الخمسة من الوزن، قالت إن المركز يقوم بمنح الزبون جلسات إضافية حتى يفقدها.

تدليك أم إثارة غرائز؟

وبالطبع فإن هناك الكثير من الشبهات تحوم حول مراكز ومعاهد التدليك الصيني، ليس في الكويت وحدها، ولكن في الكثير من الدول العربية القريبة. ففي لبنان أغلقت بعض معاهد التدليك والمساج بعد أن رصدت علاقات مشبوهة تجري في هذه المراكز بين المدلكات والزبائن. وفي الأردن تكرر الأمر ووضعت قوانين تنظم عمل هذه المراكز بعد أن حامت حولها الكثير من الشبهات اللاأخلاقية. والأمر نفسه يثار في الكويت أيضا، ففي العام الماضي طالب بعض النواب بإغلاق معاهد ومراكز المساج لما يحوم حولها من شبهات كثيرة، بل إن البعض وصفها بأنها أوكار للرذيلة.

ربما كان من أخطر الاتهامات الموجهة إلى هذه المعاهد المتخصصة في التدليك الصيني، أنها تستعين ببعض المدلكات الآسيويات لتدليك الرجال بهدف إثارة غرائزهم، وهو ما يراه منتقدو هذه المعاهد نوعا من الدعارة المقنعة. وللأمانة الصحفية فقد اتصلت بعدد كبير من هذه المراكز طالبا منهم حاجتي إلى مساج في المنزل عن طريق فتاة آسيوية، فجاء الرد اعتذارا من بعض المعاهد التي أكدت عدم توفيرها لخدمة التدليك في المنازل أصلا بينما أكدت بعض المعاهد الأخرى أنها لا تخصص مدلكات للرجال أو مدلكين للنساء.

وقد واجهت صاحب معهد تدليك (طلب عدم ذكر اسمه) بهذه الاتهامات الموجهة إلى معاهد التدليك الصيني، من إثارة الغرائز واصطياد الشباب، والميوعة التي تغلب على المدلكين الآسيويين، فرفض هذه الاتهامات قائلا: «إن التدليك الصيني منتشر في كل بلاد العالم، وهو ليس بدعة في الكويت».

وعلى رغم أنه أكد أن الكثير من هذه المعاهد محترمة ولا تقوم بهذه الأفعال المشبوهة، وأنها تتقيد بالعادات والتقاليد حيث تخصص أقساما خاصة للنساء يشرف عليها فتيات، وأقساما للرجال يشرف عليها رجال، إلا أنه في الوقت نفسه أشار إلى إغلاق بعض المعاهد لمخالفتها ذلك، كما لم ينف وجود بعض هذه المعاهد التي يمتلكها بعض أصحاب النفوس الضعيفة، على حد قوله، التي تلجأ إلى أساليب رخيصة لجذب الشباب أهمها أن يقوم بتدليكهم وعمل المساج لهم فتيات آسيويات.

نعم للاسترخاء لا للعلاج

سألت د. سعود العبيدي أستاذ الطب الطبيعي عن رأيه في انتشار هذه المعاهد وما تقدمه من علاج للكثير من الآلام كما تقول في إعلاناتها فقال:

لقد أصبح التدليك الصيني ظاهرة في المنطقة، ومنها الكويت، ولا أعتقد أن ما تقدمه هذه المعاهد يمت إلى الطب بصلة، ولكن هو نوع من التجارة فهم يستغلون ضعف نفوس بعض الزبائن لجذبهم، كما أن عمل هذه المعاهد لا يخلو من شبهات. لعبة التدليك الصيني تركز على أمراض اللاحركة الناتجة عن الخمول وقلة الحركة فلا جديد إذن فيها.

لكن بالطبع هناك أسباب تستدعي لجوء البعض إلى التدليك والمساج من أجل استرخاء العضلات المشدودة بفعل الإرهاق أو التعب، وحتى الصداع الناتج عن الضغوط اليومية يمكن تلافيه بالتدليك، ولكنه نوع واحد من الصداع، وليس كل أنواع الصداع، فهناك أنواع كثيرة من الصداع تحتاج إلى تشخيص من الأطباء وليس التدليك هو علاجها.

هذه الإعلانات لا تستطيع تحديد نوعية المريض الذي تريده، بل هي تريد كل الناس وكل الزبائن، وتضع هذه الإعلانات مجموعة كبيرة من التشخيصات، فهل تقوم بالكشف على كل زبون يأتي إليها وتحدد ما يعانيه بدقة؟ بالطبع لا أعتقد ذلك وأتحدى، فبعض الإعلانات تقول إن في هذه المراكز أطباء متخصصين، والطبيب مكانه المستشفى أو العيادة، وليس مركزا للتدليك.

كما أن الإعلانات تتحدث عن علاج آلام الظهر والرقبة والقدمين إلى غير هذه الآلام، وهو أمر غير علمي، وأشك في وجود متخصصين في هذه المعاهد، فكل ما في الأمر أن التدليك يمكن أن ينفع في تنشيط الدورة الدموية في حالة الإرهاق والتعب، لكن أن يتحول إلى علاج للكثير من الآلام التي تنتاب الجسم، فلا يمكن لأنه عندما تحدث مشكلة ما في العمود الفقري أو الرقبة أو القدمين أو الديسك، فإن ما حدث هو خطأ ميكانيكي في الحركة والتدليك، ولا يصحح هذا الخطأ، ولكي تعود الحركة إلى وضعها الطبيعي لابد من إعادتها ميكانيكيا عن طريق العلاج الطبيعي الصحيح.

العبيدي: التدليك يشكل خطورة على بعض المرضى:

يحذر د. سعود العبيدي من نقطة يراها غاية في الأهمية وهي أن التدليك لا يصلح لكل الناس، ويقول:

إننا ننصح بعض الأشخاص أحيانا بعدم استخدام المساج، كما يحدث مع تحذيرات السونا والبخار لخطورتها على صحتهم، مثل الأشخاص الذين يعانون من جلطة، خاصة كبار السن أو من يعانون من دوالي القدمين. فلو قمنا بعمل تدليك أو مساج بصورة خاطئة لهؤلاء يمكن أن نسبب لهم كوارث. وأخيرا أؤكد أننا عندما نلجأ إلى التدليك من أجل الاسترخاء فقد أوافق وأقول إنه ممكن، لكن أن نقول إن التدليك لعلاج كل هذه الآلام فهذه مسألة فيها نظر.