المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القصة الكاملة لسجينة خميس مشيط



yasmeen
08-17-2005, 07:42 AM
.. زوجها يقف معها ويزورها في السجن .. واختها تقول انها دافعت عن نفسها وقتلته في بيته



أكدت لـ«الشرق الأوسط»، الأخت الكبرى لسجينة خميس مشيط ـ فضلت عدم ذكر اسمها لموانع اجتماعية ـ بأنه لم يكن هناك أي تهديد أو ابتزاز كان يمارسه المقتول على أختها المسجونة، وأنه لا أحد يعلم بما حدث بينهما سوى الله ثم هما ـ أي المقتول والسجينة ـ مضيفة أنها عندما تقرأ «كل ما يتعلق بقضية أختي في بعض الصحف المحلية والتي تورد بعض المعلومات المغلوطة وكثيرا من الإشاعات غير الصحيحة، فإن ذلك يتعب أعصابنا ويؤثر في أسرتنا، وقمنا بالرد على ذلك في بعض الصحف المحلية وفي الموقع الرسمي الإلكتروني المخصص لها».
وذكرت أخت السجينة بأن أختها ليس لديها أولاد، وبأنها كانت متزوجة قبل حدوث القضية بثلاثة أعوام، وكانت سعيدة مع زوجها، غير أن الشيطان لم يتركها في حال سبيلها.

وقالت أخت السجينة بأن زوج أختها نعم الرجل، فهو ينحدر من قبيلة شهران التي تنتمي إليها زوجته، وبأن مهنته رجل أعمال، مشيرة إلى أنه «مؤمن بأنها دافعت عن نفسها، وما زال متمسكا بها، وما زال يزورها في السجن حتى الآن، وبأن أهل الدم كانوا يريدونه مكان زوجته، غير أنه بريء بشهادة المحكمة، ونحن أهلها تمنينا أنها ما تكون هي، لكنها اعترفت بذلك، وأختي ليست لها أي خادمة عند وقوع الحادثة».

وأشارت أخت السجينة الى أن موضوع أختها لم يتحرك إلا بعد صدور الحكم، في 28 يونيو (حزيران) 2004، أي قبل أكثر من 14 شهرا، بحكم أن العادة جرت بألا يكون هناك أي تحرك للصلح والسعي للعفو إلا بعد صدور الحكم، وكان أول من أثار القضية إعلاميا، صحافية سعودية زارتها في السجن منذ 6 أشهر تقريبا.

واستغربت أخت السجينة من حجم التعاطف المحلي والإقليمي والعالمي ـ عبر الانترنت ـ مع أختها، مضيفة أنه «ليست لدينا أي واسطة، وأعتقد أن اجتماع هؤلاء الناس رحمة لأختي، ولأن الناس تريد عمل الخير، فوالدنا توفي، ولدينا فقط أخوان، والبقية بنات، وقد يكون لأن المحكوم عليها.. امرأة».

وقالت انها مداومة على زيارة أختها منذ ستة أعوام تقريبا، وكذلك زوج أختها، من خلال زيارات عادية وخاصة، فالزيارات النسائية يومي الخميس والأحد، بينما الرجال يسمح لهم بالزيارة كل يوم ثلاثاء وجمعة، والزيارات الخاصة تمتد من نصف ساعة إلى ساعة ونصف الساعة، فيما تمتد الزيارة العامة بين 10 دقائق وربع الساعة، وتكون الزيارة عبر فاصل حديدي.

وأضافت أخت السجينة بأنه لم يجد أي جديد في الموضوع، على حد علمها ـ حتى عصر الثلاثاء الماضي ـ مضيفة أنها تتوقع «حصول شيء ما مستقبلا، خاصة بعد أن عرفت بتدخل شخصيات اعتبارية في الموضوع للتوسط».

وأكدت الشقيقة بأنه ليس هناك أي اتصال بين أهل السجينة وأهل القتيل، ولكن هناك اتصال مع شيخ قبائل شهران، معتبرة أنه «صحيح أن الولد المقتول ولدهم ـ أي أصحاب الدم ـ لكن البنت بنتنا أيضا، ودافعت عن نفسها وقتلته في بيتها، وبحسب ما أعلم فإن والدي المقتول متوفيان، ولم يبق سوى إخوانه».

وذكرت بأنه منذ عام وشهرين وأسرة سجينة خميس مشيط بأكملها تعيش على أعصابها، وتعيش على نار، مضيفة أنه «صحيح أن كل تأخير فيه خير، لكن الانتظار صعب ومقلق بالنسبة لأختي السجينة ولوالدتنا ولي شخصيا ولجميع أفراد أسرتي».

وسردت أخت سجينة خميس مشيط بان أختها تحمل شهادة الثانوية ولم تكن موظفة أثناء حدوث القضية، وان عمرها ثلاثون عاما تقريبا، في حين كان عمرها عندما حدثت القضية بين 24 و25 عاما، وبأنها ستكمل ستة أعوام في شهر ديسمبر (كانون أول) المقبل، مؤكدة أن أختها دائما تردد كلاما واحدا في نهاية كل زيارة، وهي «خلصوني بأي شيء من السجن، أنا تعبت، خلاص أنا ميتة ميتة، سواء بالحد أو بغيره في حال خرجت بعفو». واختتمت شقيقة السجينة حديثها بأنها غضبت من أختها وعاتبتها كثيرا، لأنها لم تشتك إليها من أي شيء، ولم تبح لها بأي شيء كان يضايقها أو يكدرها، مضيفة بأنه «عسى الله أن يهدي نفوس أهل الدم، وعندما سيتنازلون إن شاء الله فإن كل الناس ستدعو لهم، مثل ما دعينا بالخير لمن عفى في القريات عن قاتل ولده ونحن لا نعرفه».

من جهة أخرى، أكد مصدر أمني أن الفتاة أصرت أثناء التحقيق على ابتزاز الرجل لها، وأنه تم التكتم على الموضوع سترا للعرض. مضيفا، أن سبب إصرار أصحاب الدم في عدم التنازل عن قاتل ابنهم، هو تأكدهم من أن الفتاة لم تقم بقتله وحدها، وأن هناك شخصا آخر ساعدها في ذلك، حيث أنه ـ بحسب زعمهم ـ لا يمكن لها أن تقوم وحدها بقتل رجل وتقطيعه ووضعه في أكياس للقمامة ورميه.

وسائل الابتزاز والتهديد

* على الرغم من نفي شقيقة سجينة خميس مشيط، إلا أن قضايا الابتزاز والتهديد بين الشباب والفتيات في السعودية موجودة، وتطورت أساليبها، فما ان تبدأ بعض الفتيات في حياة زوجية جديدة، حتى يظهر على السطح، ومن خلال التهديد والابتزاز، ملامح لعلاقات سابقة، لتواجه خطر التهديد بالأدلة التي تدينها لدى أسرتها والتي تختلف تبعا للرجل ذاته.

وتبدأ أساليب ابتزاز الشباب للفتيات في المجتمع السعودي في المرحلة الأولى بفضح الرسائل المرسلة بخط اليد، ما ان تعلن الفتاة رفضها ومعارضتها لمطالب الشاب في استكمال العلاقة والانصياع لكافة شروطه حتى وإن كانت متزوجة، ويتطور الابتزاز بمكالمات غرامية مسجلة قد يرافقها دليل قطعي آخر كصور شخصية لذات الفتاة، ليأخذ التهديد منحى آخر وأكثر قسوة، عقب التطور التكنولوجي الحديث ليصبح الابتزاز بشرائط فيديو أو من خلال صور الهاتف المحمول.

وفي حال عدم رضوخ الفتاة للتهديدات، فإن المبتز لن يقتصر على إفشاء العلاقة للأب أو للأخ أو حتى للزوج، وإنما يتعدى إلى نشرها على ساحات الانترنت، وتوزيعها عبر خدمات البلوتوث بالجوال لتصل كافة أنحاء الوطن العربي.

وتخصص بعض المواقع الالكترونية خدمة لعرض صور الفتيات الخليجيات والعربيات لتندرج بذلك ضمن أكثر المواقع شعبية مسجلة أعدادا كبيرة من الزائرين سواء من الشباب أو البالغين. وقد برز أخيرا جراء الافتقار للثقافة القانونية الكافية أو تحسبا من عواقب التهديد بالشرف والتي قد تصل في بعض الحالات لتبرأ الأسرة من الفتاة أو الشروع في قتلها وفق ما يسمى «بجرائم الشرف» إلى استجابة الفتاة لجل التهديدات بإقامة علاقة غير شرعية.

إلا أن الإكراه بالتخويف والتهديد مما يوقع بدوره في نفس المرأة الرهبة والتخويف، ما يحملها على إقامة علاقة غير شرعية والتي تسمى وفق المذهب الحنبلي بالإكراه المعنوي، لينقل الجريمة من الزنا إلى الاغتصاب، والذي يشترط فيه أن يكون على قدر من الجدية والخطورة، بحيث يحدث أثره في نفسية المرأة، بما يحملها على مواقعة الرجل. وعلى ضوء القانون المصري والذي يستند في تشريعاته على المذهب الحنفي فقد عرف الإكراه الأدبي (المعنوي) تمييزا بينه وبين الإكراه المادي، في أنه لا يتم باتخاذ وسائل قسرية أو مباشرة عنف على المجني عليها، وإنما يساهم في الحد من حرية الاختيار وإجبار المجني عليها الالتزام برغبات الجاني.

ولأن الإكراه يؤثر على الإرادة ويشل من فعاليتها من خلال التهديد في المساس بالحرية والعرض والشرف والاعتبار، ولما يوقعه التهديد من أثر في شل إرادة المجني عليها بحيث تخضع لرغبات الجاني وتمتنع عن المقاومة، يعاقب الجاني ويجرم بالسجن لمدة تصل إلى سبعة أعوام مع الأشغال الشاقة.

من جهة أخرى، أفتى الشيخ محمد بن عثيمين بسقوط حكم القصاص في حال قتل الجاني لمن لا يدفع شره سوى بالقتل مستندا على ما ذكره ابن تيمية، وهو «ان من صال على نفسه أو حرمته أو مال له آدمي أو بهيمة فلهو الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به». وسواء كان يريد القتل أو الفاحشة أو انتهاك العرض أو يريد الأذية التي دون القتل أو دون انتهاك العرض.

والسؤال الذي يفرض نفسه، أليس قتل أي فتاة لمن هددها بشرفها هو دفع الصائل الذي لا يدفع شره سوى بالقتل؟! يجيب على ذلك المستشار الشرعي خالد المهيدب الذي أكد كثرة قضايا وقائع الابتزاز التي تمارس على الفتيات لإقامة علاقات جنسية غير شرعية استنادا إلى المكالمات المسجلة والرسائل إلى جانب الصور. موضحا انه غالبا ما يتم اللجوء إلى ذلك في حال إنهاء الفتاة للعلاقة نتيجة لارتباطها بالزواج من رجل آخر، وتخوفا من الفضيحة وأمام الضغط النفسي الذي يمارس عليها.

وأكد أن السواد الأعظم من الفتيات ينصعن ويستجبن للتهديدات وتمكين أنفسهن للشباب خوفا من الفضيحة والعار. مرجعا ذلك إلى عدم وجود أي جهة رسمية معلنة تتولى معالجة وإنهاء الابتزاز والتهديد الممارس على الفتيات.

من جهة أخرى، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» (ن. س) إحدى الفتيات اللاتي لجأن إلى مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عقب أن ابتزت وهددت بوثائق احتفظ بها من كانت على علاقة به، أنه تفاديا لانفضاح أمرها لدى والدها وأشقائها بالإضافة إلى تخوفها من كشف أمرها لخطيبها، أجبرت على الانصياع له بادئ الأمر، لتمكنه من نفسها في إحدى الشاليهات بمدينة الرياض، ليزيد ذلك من الأمر سوءا باحتفاظه بتسجيل مصور.

وأوضحت أن عدم مجاراتها له بعد ذلك كان سببا في إفشاء الأمر لوالدها ولإخوتها إلى جانب خطيبها الذي قرر الانفصال عنها، مضيفة أن لجوءها إلى مركز الهيئة كان لإنهاء التهديدات التي لم تنفك حتى عقب اضطلاع أسرتها التي لم تكن لتعلم جل التفاصيل حتى الساعة، لينتهي الأمر بنصب كمين للجاني.

من ناحية أخرى أكد المستشار المهيدب في واقعة أخرى وبعد نصب كمين لأحد الشباب ممن عمد على ابتزاز إحدى الفتيات واستدراجها بالتهديد في نشر صورها على الانترنت، والتي اضطرها الأمر إلى تمكين نفسها له، احتفاظه لتوثيق تهديداته بمجموعة من الأشرطة المصورة والأقراص المدمجة لمجموعة من الفتيات في صور مخلة كان قد أقام علاقات غير شرعية معهن.

ولا يقتصر التهديد والابتزاز على الرجل وإنما قد تعمد إليه بعض النساء، كما جرى منذ ثمانية أعوام من ابتزاز وتهديد امرأة لرجل متزوج بإفشاء أمر حملها منه لأسرته مقابل مبلغ من المال، ليلجأ إلى قتلها ووضعها في كيس للقمامة وذلك من أجل إسكاتها.

من جانب آخر اشترطت الشريعة الإسلامية لقيام المسؤولية الجنائية وإيقاع عقوبة القصاص في القاتل أن يكون القتل عمدا وعدوانا خاليا من شبهة عدم القصد، لا أن يكون دفاعا عن حق، وجعلت عفو أولياء الدم مسقطا للعقوبة.

وكما أوضح المحامي خالد المطيري أنه لم يتوسع الفقهاء القدماء كثيرا في مسألة الدفاع عن الحق مستندين في ذلك إلى الآية الكريمة «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين»، وخلصوا إلى أن الدفاع عن الحق يشترط له اللزوم والتناسب وهو لزوم القتال لدفع الضرر عن الحق، وفي الحالات التي لا يلزم فيها القتال بوجود حلول أخرى فإنه لا يعد دفاعا عن النفس، ولم يعرفوا تطبيقا لمبدأ الدفاع عن الحق المسقط للقصاص باستثناء (دفع الصائل).

وأشار المطيري إلى أنه لم تخرج الكثير من التشريعات عما هو موجود في الشريعة الإسلامية في تقرير حق الدفاع الشرعي باستثناء نظرتها الواسعة للضرر بشقيه المادي والمعنوي الذي عرف معه ما يعرف بالأذى النفسي الذي يتعرض له الجاني من المجني عليه الذي قد يكون شديدا ودافعا لارتكابه جريمة القتل، مضيفا أنه من غير المنطقي أن لا يعتد بهذا الأذى وأخذه بعين الاعتبار وجعله سببا مخففا للعقوبة.

ونوه المطيري إلا انه مع تطور العلوم الإنسانية وبالأخص النظريات الاجتماعية وعلم العقاب والجريمة أظهرت الكثير من الدراسات ما يعرف ببواعث ودوافع الجريمة وأمدت القوانين المختلفة بما يعرف بالأسباب المخففة للعقوبة تبعا لحالة الجاني النفسية وتاريخه العائلي والمرضي والضغوط التي تعرض لها قبل ارتكابه للجريمة، كما أظهرت أن الأذى النفسي الذي يتعرض له الإنسان أو يكون مهددا بالتعرض له قد يكون أقوى وأشد تأثيرا من الاعتداء المادي.

وبالرغم من ثراء وسعة الشريعة الإسلامية كمصدر تشريعي، يرى المحامي أنها لم تحظ بالدراسات المتخصصة والمتعمقة في هذا الجانب إضافة إلى نقص تأهيل بعض القضاة وقلة اطلاعهم على ما استجد في الحقل القانوني والاجتماعي في هذا المجال.

وأكد على أن الكثير من التشريعات وجدت في التقنين طريقة مثلى لتجاوز هذا النقص المعرفي وطورت تشريعاتها وفقا لآلية لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية وتتماشى مع روح العدالة كما المشرع السوداني.

من جانبه، أكد الدكتور أسعد صبر، استشاري الطب النفسي، ضرورة تكوين لجان مختصة تشمل أخصائيين نفسيين واجتماعيين وتحت مظلة وزارة الداخلية لتقييم حالة مرتكبي جرائم القتل ومدى استقرارهم النفسي، مشددا على ضرورة اعتماد الطب النفسي الجنائي (الشرعي) كما هو متبع في سائر الدول العربية والغربية، أثناء مجريات التحقيق وعقب صدور الحكم.

وأوضح المستشار النفسي أن ارتكاب جرائم القتل وبالأخص من قبل الأحداث أو من هم في مقتبل العشرينات يكون عائدا إلى انعدام الاستقرار النفسي جراء ضغوط لمشكلة ما، أو معاناتهم من اضطرابات الشخصية التي تجعلهم غير قادرين على التفكير في عواقب الأمور، وغالبا ما تتسم شخصياتهم بالاندفاع والتهور، إلى جانب احتمالية معاناة الجاني من مرض نفسي أو اضطراب في الشخصية والذي يتميز بتلذذه في تعذيب الآخرين وعدم شعوره بالندم، موضحا أن لجوء الجاني إلى تشويه الجثة عقب قتلها يعود إلى اضطراب أو اكتئاب ذهاني أو انفصام بالشخصية.

وأكد الدكتور أسعد صبر على مدى شدة الضغط النفسي الذي يتسبب به التهديد والابتزاز جراء عدم التمكن من التحكم بمجريات الحياة، مضيفا إلى ذلك تفاقم الضغوط النفسية في حال تهديد المرء بشرفه وعرضه. عفا عن قاتل ولده..

* ذكر الشيخ فهد بن أحمد الراشد السهر، سعودي يسكن مدينة القريات في منطقة الجوف شمال السعودية، أنه عفى عن قاتل ولده في ساحة القصاص الأسبوع الأول من شهر أغسطس الجاري، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» بأن شعوره يوم تلقى خبر مقتل ولده كان ثابتا، مضيفا أنه قال في تلك اللحظة «لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبي الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون».. «وجميع أهلي وأقربائي تركوا قتل ولدي واهتموا بي، لأنهم كانوا يجهلون ردة فعلي، وكانوا يخشون أن أحمل سلاحي وأتجه لأهل القاتل للأخذ بالثأر».

وقال السهر بأنه «بعد اليوم الثالث من دفن ولدي المقتول، جاءني إمام وخطيب مسجد في الحي الذي أسكن فيه، يتشفع لدي من أجل السماح لأهل القاتل بتعزيتي في ولدي، وسمحت لهم بدخول بيتي وتقديم واجب العزاء».

وأشار الشيخ فهد أنه بعد مضي أكثر من شهر على مقتل ولده، بدأت الوساطات من جميع أنحاء المملكة سواء من الأفراد العاديين أو الأعيان أو مشايخ القبائل أو مندوبي بعض الأمراء وبعض الجهات، مضيفا أنه استقبل «وساطة من المملكة الأردنية الهاشمية، واستمرت هذه الوساطات فترة خمسة أعوام، وهي المساحة الزمنية الفاصلة بين قتل ولدي وصدور حكم القتل قصاصا ضد القاتل، وجميعهم يطلبون العفو والصفح عن القاتل لوجه الله تعالى، ورفضت جميع هذه الوساطات لأمر في نفسي، يتمثل في أنني لو أردت العفو فإنني أرغب في ربط العفو بيني وبين الله سبحانه وتعالى مباشرة، وليس بيني وبين مخلوقين، وليس في هذا أي انتقاص لكل من سعى في سبيل العفو عن القاتل، وكنت أتكدّر وأتأثر نفسيا عندما أرد أي شخص جاء للتوسط، خاصة وأنه يخرج من بيتي متأثرا وخائب الأمل، وكان ردي لهم جميعا واحدا، وهو أن موعدنا ساحة القصاص، وإن شاء الله يصير خير».

واعترف السهر بأنه كان طيلة الفترة التي تلت مقتل ولده، تحت صراعات داخلية في نفسه عنيفة ومؤلمة، معتبرا أن «أمر المطالبة بتنفيذ القصاص أو العفو ليس بالأمر السهل، خاصة وأن القاتل قتل ولدي فلذة كبدي وزينة حياتي وأغلى ما أملك في هذه الدنيا، وقبل تنفيذ حكم القصاص بشهر قررت العفو عن القاتل لوجه الله في ساحة القصاص، واحتفظت بهذا الأمر في نفسي، ثم بحت به لزوجتي أم ولدي المقتول».

yasmeen
08-17-2005, 07:44 AM
وأضاف أنه بعد إبلاغه بموعد تنفيذ القصاص، جمع أولاده وأبلغهم بقراره بعد استشارتهم، ثم شرع في إعداد كلمة بهذه المناسبة، مضيفا أنه ألقى كلمته «صباح اليوم المحدد لتنفيذ القصاص في الساحة المخصصة لذلك بمنطقة الجوف، واشتملت على عفوي عن قاتل ولدي لوجه الله سبحانه وتعالى، ثم قام جميع من حضر بالتكبير والتهليل وشكر الله وحمده، واتجهوا نحوي لمصافحتي وتهنئتي».

وذكر السهر أن المعفي عنه حاول زيارته إلا أنه تجنب ذلك، لأن الأمر ليس هذا وقته، من جهته ذكر المعفو عنه بأن «هذا العفو معروف ودين في رقبته إلى أن تقوم الساعة».

وأضاف السهر بأن كل من توسط لديه للعفو عن القاتل «جاءني بعد أن أصدرت عفوي عن القاتل إذا كان في مدينة القريات، أو اتصل بي إذا كان خارجها، وجميعهم شكروا الله ثم شكروني، وطلبوا زيارتي في منزلي».

وأقسم فهد السهر بالله وبكتابه بأنه لم ولن يندم قط على عفوه عن القاتل، مضيفا أن الأمر جاء بالعكس «فأصبحت أنام قرير العين، وأصبحت مرفوع الرأس أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام خلقه، ولم يزدني العفو إلا رفعة وعزة».

وذكر السهر بأنه سمع عن فتاة خميس مشيط التي صدر بحقها الحكم الشرعي بالقتل قصاصا من لجنة العفو في منطقة الجوف في أحد الاحتفالات، وذلك عندما ناشد رئيس اللجنة باسم لجنة العفو في منطقة الجوف وباسمه شخصيا للعفو عن هذه المرأة، واختتم حديثه بأن أسعد لحظات حياته كانت عندما عفى عن قاتل ولده، مضيفا أنه سيكون سعيدا جدا «لو تذوق جميع من بيده عتق رقبة مؤمن من حد شرعي طعم السعادة والراحة والأمن، ولذلك أناشد جميع من أراد الخير والأجر من الله تعالى، أن يعفو ويصفح لوجه الله فقط، وأنا أطلب من الله تعالى، ثم من أهل وذوي المقتول في خميس مشيط أن يعفوا لوجه الله تعالى عن ابنتهم، وألا يبتغون من ذلك أي أجر لا من صغير ولا من كبير، وأن يقووا إيمانهم بالله، ويكظموا غيظهم ويتنازلوا لوجه الله ويسألوا الله أن يعوضهم خيرا». مراحل الحكم بالحد الشرعي

* تبدأ أي جريمة في العالم في الظهور بعد كشفها أو التبليغ عنها، حيث تنطلق مرحلة التحقيق الجنائي بأنه مجموعة الاجراءات والأعمال التي يقوم بها المحقق لجمع الأدلة والبيانات اللازمة لكشف الجرائم والتعرف على مرتكبيها والقبض عليهم والتحقيق معهم حتى يتم اعترافهم وإيجاد الدليل القاطع لإدانتهم ومن ثم تحويلهم إلى القضاء لمحاكمتهم وإصدار الجزاء العقابي ضدهم، وتنقسم الأدلة الجنائية إلى أدلة مادية وأخرى معنوية، إضافة إلى الإقرار والاعتراف والشهادة.

وتتمثل خطوات التحقيق الجنائي الأولي في تلقي البلاغ ومن ثم الانتقال إلى مسرح الحدث ومعاينة ما فيه من أشخاص ومواضع وملابس وسيارات وأشياء أخرى، ومن ثم التفتيش عن الأسلحة والأدوات المستعملة في الجريمة، وتحريز المضبوطات، والاستعانة بالخبراء الفنيين، وهم الأطباء الشرعيون وخبراء إظهار البصمات وخبراء التصوير الجنائي وقصاصو الأثر وخبراء المختبرات الجنائية في مجالات الفحوص الطبيعية والكيماوية والأسلحة النارية والآلات والحرائق والمنشآت، ومن ثم القبض على المتهم واستجوابه بحسب ما يناسبه من طريقة، فمثلا يجب استجواب المرأة بحضور ولي أمرها أو سجانة أو مشرفة اجتماعية أو مندوب من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو عمدة الحي.

أما «الفذلكة» فهو تقرير التحقيق النهائي الذي يرفع للمراجع العليا عن كل وقائع القضية، ومن ذلك المحاكم، وينبغي أن يحتوي على اسم الموقوف وتاريخ إيقافه وعمره والتهمة الموجهة إليه، ثم يحتوي على وقائع التقرير وهي البلاغ والاستدعاء والملاحقة والبحث والتحري والاستيقاف والقبض ومعاينة وتفتيش المقبوض عليه، وضبط إفادات المشمولين بالتحقيق وهم المبلغ والمتهم والشاهد والمختصون من أهل الخبرة، مع اختبار صدق الإفادات، وكيفية التصرف بالمتهم والمضبوطات والمجني عليه، ثم يكتب التقييم والتعليق النهائي، ومن ثم الخلاصة، ثم تذكر نتيجة التحقيق، يعقبها الرأي والتوصية.

ويعد مجال الطب الشرعي رافدا مهما جدا لتحقيق العدالة في القضايا الجنائية، وينقسم إلى طب شرعي باثولوجي مختص بتحديد سبب الوفاة ونوعها، وقسم آخر طب شرعي إكلينيكي مختص بقضايا الأحياء، مثل الاعتداءات الجنسية وتحديد الإصابات ونسب العجز وتقدير العمر ووصف صلاحية العقل للفرد.

كل ما سبق يرفع للمحكمة للتصديق ومن ثم اتخاذ ما يلزم، من رفع القضية بعد الحكم للتصديق من هيئة التمييز، وهي البوابة القضائية النهائية لأي قضية جنائية يعاقب عليها بحد شرعي، ثم يعين موعد التنفيذ ومكانه وساعته وكيفيته، ويغلب أن يكون في كل منطقة أو مدينة أو محافظة مكان مخصص لتنفيذ الأحكام الشرعية، وفي أيام محددة يكثر فيها وجود الناس، الذين يتحلقون حول ساحة القصاص ـ الصفاة في اللهجة المحلية ـ المليئة برجال الأمن، كما يوجد طبيب شرعي لفحص المنفذ فيه الحكم قبل وبعد التنفيذ، وللتأكد من تنفيذ الحكم، وعادة ما تفتتح ساعة القصاص بإعلان بيان تنفيذ حكم القصاص.

بانوراما أحكام القصاص

* بلغت جرائم القتل العمد المسجلة في المملكة 1094 جريمة في الفترة بين 1985 و1994، وكان تنفيذ أحكام القصاص يندر من وجود حكم على إمرأة، فبحسب تقديرات وكالة الأنباء الفرنسية فإن هناك 35 شخص قتلوا قصاصا في السعودية في عام 2004، وبأن هناك 52 على الأقل قتلوا بحدود شرعية في المملكة في 2003.

ومن أبرز وأحدث حالات تنفيذ القصاص في السعودية في الأعوام الستة الماضية، حيث تم تنفيذ حكم القصاص في 4 سبتمبر (أيلول) 1999 في المدعوة سافرة أونبيي سلامي نيجيرية الجنسية في محافظة جدة بمنطقة مكة المكرمة، وتم تنفيذ القصاص في الجانية وارني سميران اودي اندونيسية بمدينة الاحساء بالمنطقة الشرقية في 19 يونيو (حزيران) 2000، كما تم في 12 مايو 2002 تنفيذ حكم القتل بالجانية زبنة بنت سعيد بن محمد بن عبكة القحطاني في مركز العرين ببلاد قحطان في منطقة عسير، وتم تنفيذ حكم القتل بقمزة بنت حسين بن محمد آل ملحان القحطانى في 4 ديسمبر 2003 بمركز العرين بمحافظة أحد رفيدة بمنطقة عسير.

وفي العام الجاري، تم تنفيذ حكم القتل في نورة بنت خلف الحربي في 7 فبراير (شباط) الماضي، وفي 10 يوليو (تموز) المنصرم نفذ القصاص بالجانية نورة بنت سلمان بن سليمان الفايدي في مدينة مكة المكرمة بمنطقة مكة المكرمة.

خميس مشيط

* تعد مدينة خميس مشيط، التي تحتضن السجينة، حاضرة بلاد قبيلة شهران في منطقة عسير القابعة في جنوب غربي المملكة، وسميت خميس مشيط بهذا الاسم نسبة إلى سوقها الأسبوعي الذي كان يقام كل يوم خميس، ومن ثم أضيف لفظ يوم انعقاد السوق إلى شيخ شمل قبيلة شهران وحامي السوق مشيط بن سالم، والذي تولى المشيخة عام 1770 تقريبا. وأصل مدينة خميس مشيط قريتان صغيرتان هما قمبر والدرب، تابعتان لقبيلة شهران، يقع بينهما سوق شعبي كان يعقد كل يوم خميس، تعرض فيه المنتجات ويعلن فيه عقد الصلح ودفع الديات والخلافات والصراعات بين القبائل، ويلقى فيه الشعر والموعظة. وتقع مدينة خميس مشيط في منطقة مستوية على جبال عسير بارتفاع 2 كيلومتر فوق مستوى سطح البحر، ويبعد وسط مدينة خميس مشيط عن مدينة أبها 27 كيلومترا باتجاه الغرب، وتقبع مدينة خميس مشيط على ملتقى واديي بيشة وعتود، اللذين يشكلان مجرى مائيا واحدا حتى يلتقيهما وادي حجلاء، ثم وادي أبها، لتشكل جميعا مجرى واحدا في نهاية المدينة من الشمال المسماة بالعمارة، ويعد هذا المجرى المائي رافدا كبيرا مهما لوادي بيشة الكبير الذي يقوم عليه سد الملك فهد في بيشة شمال مدينة خميس مشيط بما يقارب 200 كيلومتر. وأصبحت مدينة خميس مشيط عاصمة محافظة الخميس التابعة لإمارة منطقة عسير، ومركزا تجاريا مهما، علاوة على أنها مدينة عسكرية بالدرجة الأولى، حيث توجد بها قاعدة الملك خالد الجوية ومدينة الملك فيصل العسكرية، ما جعلها مهوى أفئدة كثير من طالبي العمل في المنطقة الجنوبية، الأمر الذي جعل من مدينة خميس مشيط مسكنا لأفراد من مختلف القبائل في المملكة عموما، والمنطقة الجنوبية خصوصا، إلى جانب سكانها الأصليين وهم من قبيلة شهران، والتي تمتد من محافظة الخميس وحتى بيشة علي ولأكثر من 250 كيلومترا، وتتبع محافظة خميس مشيط مراكز تندحة ويعرى ووادي ابن هشبل وخيبر الجنوب.

وكان مركز خميس مشيط هو نفسه موقع سوق الخضار والفواكه وعدد من المجمعات التجارية، والذي يضم أحياء شعبية صغيرة وقديمة، مثل حي قنبر (أو قمبر وهي قرية قديمة) والهميلة، غير أن المدينة توسعت وتطورت عمرانيا في محيط قاعدة الملك خالد الجوية ومدينة الملك فيصل العسكرية.

ويعد حي قنبر من أقدم الأحياء وأكثرها كثافة سكانية في مدينة خميس مشيط، حيث يتميز بقدم الطرز المعمارية فيه، وضيق الطرقات والممرات والشوارع في داخله، وغالبية سكانه من أصحاب البشرة السوداء، ومعظم قاطنيه من ذوي الدخل المحدود والمنخفض، كما تكثر فيه الجرائم.

ويوجد في مدينة خميس مشيط عدد من المتنزهات والحدائق، مثل منتزه الحرابي والمراث وحديقتي الملك فهد والبلدية والروضة والجبل وضمك ووادي عتود وجدة والضيافة، وتزيد مساحتها مجتمعة عن 1200 هكتار، إضافة إلى عدد من القرى السياحية، كقرية ابن حمسان التراثية وقرية باحص.

ومن أبرز معالم مدينة خميس مشيط، جبل ضمك الواقع جنوب المدينة والذي أصبح منطقة عسكرية، وإلى الشرق منه جبل حمومة وفيه قلعة قديمة، وجبل شكر الواقع إلى الغرب من جبل ضمك والذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومدينة جرش التي تكثر فيها الآثار التاريخية. ويبلغ عدد سكان محافظة خميس مشيط (مدينة خميس مشيط وسبعة مراكز تابعة لها) 447 ألف نسمة تقريبا، وترتيبها الثاني عشر على مستوى المملكة من حيث عدد السكان، والسادسة على مستوى المحافظات.