المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة مؤسسة دار الاسلام إلى الشيخ جواد التبريزي



ابوقاسم
07-04-2003, 07:40 PM
رسالة مؤسسة دار الاسلام إلى الشيخ جواد التبريزي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده وصلى الله على محمد خير خلقه وعلى آله الطيبين الطاهرين

سماحة آية الله الشيخ ميرزا جواد التبريزي دام ظله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد: نبتهل إلى الله تبارك وتعالى ان يمن عليكم بدوام الصحة، والعافية وان يديم بقائكم الشريف لخدمة الحوزة العلمية، ونشر علوم أهل البيت عليهم السلام ونصرة الإسلام والمسلمين.

شيخنا الكبير.. تلقى المؤمنون في بلاد الغرب وفي بلدان اخرى بياناتكم الاخيرة ضد سماحة آية الله العظمى السيد فضل الله حفظه الله، وقد أثار ذلك إِستغرابهم وقلقهم، على أساس أن ما تحدثتم به عن سماحة السيد فضل الله يدل على عدم سماعكم وقرائتكم لحقيقة آرائه وأفكاره في خصوص أهل بيت العصمة عليهم السلام، فسماحته خدم الطائفة منذ أكثر من نصف قرن مضى وقدّم للعالم الإسلامي فكر أهل البيت عليهم السلام ودافع عن ظلامتهم ومدرستهم وتصدى لكل المحاولات التي أرادت النيل منهم، وتشهد على ذلك مؤلفاته القيمة الكثيرة ومحاضراته التثقيفية ودروسه العلمية ومقابلاته الصحفية. كما أن سماحته مارس دوره المشكور على أحسن وجه في تعريف العالم بالشيعة والتشيع وإِنتصر لهم في المحافل والندوات العالمية ودافع عن الحوزات العلمية وتصدى لمحاولات النيل منها، وقارع أهل الضلال من أعداء الإسلام وأحبط حملاتهم التشهيرية ضد الإسلام ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) خاصة، حتى تعرض سماحته لأكثر من محاولة اغتيال من قبل الاستكبار وأعداء أهل البيت وما يزال يقف بوجه الأعداء بكل قوة وصلابة، وهذا أمر معلوم للجميع

[610]

ولا نظنه خاف على شخصكم الكريم.

إن سماحة السيد فضل الله علم من أعلام الطائفة ورمز من رموز الإسلام له أُمة من المؤيدين والمقلدين المنتشرين في بلاد الغرب ومناطق مختلفة من العالم الإسلامي، وهم على دراية تامة بعقائده وآرائه، وعلى معرفة أكيدة بخدماته وجهوده وجهاده، لذلك فأن التعرض له بتهم هو بريء منها يسيء إلى مشاعر المؤمنين من جهة، ويخدم أعداء المذهب والإسلام من جهة اخرى عندما يجدون ان أعلام الشيعة يهاجم بعضهم البعض ويتهم أحدهم الآخر وهو توهين لموقع المرجعية العامة واضعاف لمقامها في نفوس المؤمنين، وهذا ما يريده أعداء أهل البيت (عليهم السلام)ويبذلون من أجله الأموال ويستخدمون الرجال.

شيخنا المعظم... ان مقامكم العلمي وموقعكم في الحوزة العلمية يستدعيان ان تكون آراؤكم وأحكامكم بحق الأشخاص والموضوعات صادرة عن تثبت وتدقيق كامل، الأمر الذي جعل المؤمنين في بلاد الغرب وغيرها يستغربون من مواقفكم من سماحة السيد فضل الله على إِعتبار ان ما تصفونه به من صفات يتعارض مع حقيقة أفكاره وكتاباته المدونة منذ عشرات السنين، وهذا ما دفع جموع المؤمنين إلى القول ان سماحتكم وقعتم تحت تأثير البعض ممن لا يتورع عن التشكيك والاتهام او أنه غير ثبت في فهم مداليل الكلام، بل أن كلاماً راح يقال هنا وهناك يسيء بمجموعه إلى مقامكم العلمي الرفيع على أساس ان قضايا الفكر والتاريخ والعقيدة لا تُطرح بهذه الصورة التشهيرية وعلى عامة الناس، وأن منهج العلماء هو المحاججة العلمية القائمة على قواعد التثبت والأخذ والرد بالدليل والحجة، كما هو منهج الحوزات العلمية في قم المقدسة.

ان المؤمنين يتساءلون ما هي حقيقة القضية؟ وهل ان موضوعها حقيقة يختص بضرورات وثوابت المذهب وما هي هذه الضرورات والثوابت؟ أم انها شأن تاريخي إِختلف عليه علماء الطائفة منذ القدم، كما إِختلفوا على الكثير من القضايا التاريخية والفكرية والفقهية وغير ذلك، وكانوا أعلى الله مقامهم على طول التاريخ يتحاورون ويرد بعضهم البعض بالدليل والحجة، لا بطريقة التشهير والنيل والاتهام، إِنما بلغة الحوار العلمي الذي تفتخر بها حوزاتنا على غيرها.

سماحة شيخنا المعظم... إِن المؤمنين درسوا بدقة آراء وأفكار سماحة آية الله العظمى

[611]

السيد فضل الله، وهم يرون أن ما تتهمونه به لا ينطبق عليه بأي حال من الأحوال لأن أفكاره مدونة ومسجلة وهي واضحة المداليل والمعاني في كونها تحكي عقائد مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ولم يعد الشيعة اليوم عواماً متخلفين بل بفضل بركات الصحوة الإسلامية وجهود العلماء العاملين وصلوا إلى درجات عالية من الوعي والفهم والادراك بحقائق الأمور، وقد رجع المؤمنون بالسؤال والاستفسار في هذا الخصوص إلى طائفة من أعلام الطائفة، فنزّهوا سماحة السيد فضل الله عما ينسب إليه وإِعتبروا ذلك فتنة يراد لها شق الصف وتوهين أعلام الشيعة الذين يتصدون لأعداء الإسلام بكل قوة وثبات وصبر كما يدل ذلك دلالة واضحة على هشاشة موقع المرجعية واهتزاز الفكر من خلال تفشي روح الحسد والحقد والجهل برواد الاصلاح ورجال التغيير في مرحلتنا الراهنة الصعبة.

شيخنا الكبير.. إِن هناك من أساء إلى المذهب حقيقة ونشر كتاباته الضالة التي أنكر فيها ضرورات المذهب الاصيلة ولكن للاسف لم يتصد له العلماء الاعلام... وهناك الكثير ممن يمارسون التشكيك في التشيع بمختلف الصور والأساليب دون ان يظهر من رموز الحوزة العلمية من يرد عليهم، وهذه هي المسؤولية التي ننتظرها من سماحتكم لما نعهده في شخصكم المبارك من حرص على خط أهل البيت (عليهم السلام).

كما أن المؤمنين يتطلعون إلى مقامكم الشريف من أجل قتل الفتن وإِحباط المحاولات الضالة التي تهدف إلى تمزيق الصف، وبث الخلاف بين رموز الحوزات العلمية. فسماحتكم تضطلعون بمسؤولية تاريخية شرعية في هذا المجال كما هو الحال في كل أعلامنا أدام الله تعالى بقاءهم وحفظهم من كل مكروه ذخراً لمدرسة اهل بيت النبوة سلام الله عليهم اجمعين.

وفي الختام نبتهل إلى العلي القدير ان يسدد خطانا جميعاً، وان يبقيكم وسائر الأعلام عوناً وناصراً للإسلام انه ولي التوفيق ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

حسين الشامي

المشرف العام لمؤسسة دار الإسلام

29 جمادي الاولى 1418 هـ

1 / 10 / 1997م
من كتاب

المرجعية الدينية من الذات إلى المؤسسة

تأليف: حسين بركة الشامي