المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زيارة روما تكشف للمرء معمارا مذهلا وحياة عصرية مفعمة بالحيوية



على
07-31-2005, 11:53 AM
المدينة الخالدة التي شهدت صعود العديد من الإمبراطوريات وسقوطها


لندن: عبد الكريم الحاج

بحسب الأساطير، انشيءت مدينة روما في الواحد والعشرين من شهر ابريل عام 753 قبل الميلاد من قبل التوأمين «روملوس» و «ريموس»، وهما ابنا «مارس» آله الحرب عند قدماء الرومان. وفي لحظة غضب قتل روملوس أخاه ريموس ونصب نفسه أول ملك على مدينة روما. وبغض النظر عن صحة الأسطورة فالواقع هو أن المدينة أسست بالفعل في الألفية الأولى قبل الميلاد وتطورت من قرية صغيرة الى «دولة مدينة». وتوسع حكم روما وامتد من المحيط الأطلسي في الغرب الى ضفاف نهر الفرات في الشرق وضمت جميع الأراضي المطلة على البحر الأبيض المتوسط الذي سماه الرومان «ماري نوستروم» أي بحرنا.

وقصة صعود وانحلال الإمبراطورية الرومانية مثيرة ومليئة بالأحداث المأساوية وخلد التاريخ من أباطرتها المتعطشين للدم «نيرون» الرهيب (54 ـ 68م)، «كومادوس» (180 ـ 192م) والإمبراطور المجنون «كاليغولا» (37 ـ 41 م). وعلى الرغم من قسوة بعض أباطرتها إلا أن روما استمرت في الصعود وبقت عاصمة للإمبراطورية الى أن قام الإمبراطور «ديكوليتان» بتقسيم الإمبراطورية الى قسمين الإمبراطورية الرومانية الغربية وعاصمتها روما والإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية. ومنذ ذلك الحين بدأت روما في التراجع والهبوط. وبحلول القرن السادس للميلاد قضت الأوبئة والأمراض على معظم سكان المدينة وبلغ تعداد سكانها نحو سبعين ألفا بعد أن كان يزيد على المليون نسمة.

ومع صعود المسيحية وازدياد سلطان الباباوات استعادت المدينة بعضا من عافيتها ومكانتها التاريخية. وفي عهد البابا غريغوري الأول (590 ـ 604م) الذي شجع نشر المسيحية في أوروبا عادت الأموال تنهمر على المدينة من معتنقي الدين المسيحي الجدد، وصرف غريغوري الأول ومن بعده من الباباوات هذه الأموال على اعادة بناء روما. وعلى الرغم من فترة انحدار خلال القرن الرابع عشر، عندما نقل الكرسي البابوي الى مدينة افينون استمر الباباوات في مشاريع البناء وسعى كل واحد منهم إلى التفوق على من سبقوه وتخليد اسمه في التاريخ بمنشأة معمارية، واستفادت المدينة من فناني عصر النهضة الذين شارك الكثير منهم في بناء التحف المعمارية، وكان أهمهم على الإطلاق مايكل انجلو الذي قضى أربع سنوات كاملة في رسم سقف كنيسة «السيستين» بالفاتيكان.

وانحسرت قوة وسلطات الباباوات خلال القرنين الثأمن والتاسع عشر الى أن اقتحم المدينة القائد الوطني الإيطالي «جيوسبي غريبالدي» الذي وحد ايطاليا عام 1870 وفرض الإقامة الجبرية على البابا. وأعلنت المدينة على الفور عاصمة للدولة الإيطالية الوليدة ونصب «فيتوري ايمانويل الأول» ملكا على البلاد. واستمرت الملكية الى عام 1945 حين انتهت الحرب العالمية الثانية واعلنت الجمهورية الإيطالية، ولكن بقت روما عاصمة البلاد والقلب الحضاري النابض لايطاليا.

معالم المدينة

* الروائية الأميركية «ماي كوتي» قالت «لقد سلبتني روما كل غروري، لأنني بعد أن شاهدت عجائبها شعرت أني ضئيلة». لا تضطرب مشاعر جميع زائري المدينة الخالدة الى هذه الدرجة، لكنه ليس بوسع أي إنسان يزور روما للمرة الأولى أن لا يقف مدهوشا أمام معمارها وروائعها الفنية وتاريخها المذهل، معالم المدينة التي تجدر زيارتها كثيرة جدا وليس بالامكان إحصاؤها في صفحة واحدة غير أننا سنعرج على أهمها على كل حال..

قد يكون «الكولوسيو» أو المسرح الروماني اشهر معالم روما، هذا المبنى الضخم الواقع في قلب المدينة بناه الإمبراطور «تيتوس» عام ثمانين ميلادية وخصصه لألعاب الإبهار الدموية كمصارعة المقاتلين حتى الموت، ومقاتلة أسرى الجيوش الرومانية لوحوش البرية إمام الجمهور. ويتسع «الكولسيو» لأكثر من ثمانين ألف متفرج. وكان المبنى مسرحا للكثير من القصص الدموية، حيث كان المصارع المهزوم يقتل أو يرمى للوحوش الضارية أمام تهليل الجمهور. و«الكولوسيو» مفتوح لزيارة الجمهور بين الساعة التاسعة صباحا الى الساعة السابعة والنصف مساء خلال شهور الصيف. ويبلغ سعر تذكرة الدخول نحو 10 يورو. وللحجز بالامكان الاتصال بالرقم: 003967005469. وعلى بعد خطوات قليلة من «الكولوسيو» يوجد المنتدى الروماني «فورو رومانو» وهو وسط المدينة القديم حيث كانت توجد المعابد والبلديات وأسواق المدينة. وأعظم آثار هذه المنطقة قوس النصر المسمى «اركو دي سيتيمو سبفبرو» وبني عام 205م لتخليد ذكرى انتصار الرومان على «البارثانيين»، كما يوجد بالمنطقة مجلس شيوخ الإمبراطورية الرومانية «كوريا»، وكان مركز صنع القرار خلال الحقبة الجمهورية للإمبراطورية الرومانية، وهناك أيضا قصر عذارى «فيستالي»، وهن ست راهبات كن يقمن على إبقاء النار متقدة في معبد «فيستا». والدخول الى المنتدى مجاني إلا أن هناك تعرفة 10 يورو على دخول تلة «بلاتينو» المجاورة حيث كانت قصور الأباطرة الرومان. وتوفر التلة موقعا رائعا لمشاهدة مدينة روما.

وروما مدينة الاطلال بلا شك فمعظم آثارها مدمر بشكل جزئي غير أن مجمع الآلهة «بارثينون» في ساحة «روتوندا» لا زال بحالة جيدة بل رائعة. وبني المجمع عام 270م من قبل «ماركوس اريبا» كمعبد لآلهة الاولمبياد، واعيد بناؤه بشكل كامل بعد مائة عام من قبل الإمبراطور هدريان. وحول عام 609م الى كنيسة كاثوليكية. وقطر قبة البارثينون 43 مترا وهو ما يعادل ارتفاع المبنى، مما يجعل منه معجزة هندسية مقارنة بتقنيات عصر بنائه. والدخول الى المبنى مجاني وهو مفتوح للزوار بين التاسعة صباحا الى السادسة والنصف مساء من الاثنين الى الأربعاء، ومن الساعة التاسعة صباحا الى الواحدة ظهرا أيام الأحد.

وتتميز روما بساحاتها الأنيقة غير أن أجملها ساحتا «ديل كامبيدوغليو» التي صممها «مايكل انجلو» وساحة «نوفانا»، أكثر ساحات روما حيوية وضجيجا بحركة الناس، وهي محاطة بآثار معمارية بناها الفنانان «جيان لورينزو باريني» و «فرانشسكو بوروميني» وعاش كلاهما في القرنين السادس عشر والسابع عشر وأطلقا أسلوب «الباروك» الفني.

ومن الساحات المهمة الساحة الأسبانية، حيث يوجد ما يسمى بالدرجات الأسبانية، وهي مركز تجمع الشباب من الجنسين، حيث تتباه الجميلات بعرض أسلوبهن في اختيار الملابس وارتدائها. وفي الساحة أيضا المنزل الذي توفي به الشاعر «جون كيتس» عام 1821، والمنزل الآن متحف يجمع بعض مقتنيات «كيتس» وعدد من الشعراء الرومانتيكيين. وفي الساحة الأسبانية أيضا واحدة من أجمل نوافير روما، نافورة «تريفي» حيث يقوم السياح بتمني أمنية ورمي قطعة نقدية بحوض النافورة. وصممت النافورة 1732 من قبل الفنان «نيكولا سالفي».

مدينة الفاتيكان

* من غرائب روما أن بوسطها دولة مستقلة وقائمة بذاتها وهي الفاتيكان. وأصبحت مدينة الفاتيكان بلدا مستقلا وفقا لاتفاقية «لاتيرن» عام 1929، ونصت الاتفاقية على أن تكون المسيحية الكاثوليكية الديانة الرسمية للدولة الإيطالية. وتبلغ مساحة الفاتيكان نحو 0.44 كلم مربع وتعداد سكانها 880 شخصا، وهي بذلك اصغر دول العالم على الإطلاق.

وفي قلب مدينة الفاتيكان كنيسة القديس بطرس، أهم الكنائس الكاثوليكية قاطبة، ويصل المرء الى الكنيسة عبر جادة جميلة تمر خلال ساحة القديس بطرس. والدخول الى الكنيسة يستلزم الوقوف في طوابير طويلة بسبب عدد السياح الكبير، وأروع ما فيها ضخامتها إضافة الى جمال قبتها من الداخل، والقبة مزينة بريشة «مايكل انجلو».

وبنيت الكنيسة على قبر القديس بطرس. وجمال الكنيسة من الداخل يعود في جزء كبير الى جهود «مايكل انجلو» الذي بذل كل ما بوسعه لجعلها تحفة خالدة. والكثير من آثار وروائع الفاتيكان محفوظ بمتحف المدينة الذي أوجده البابا «يوليوس الثاني» في القرن السادس عشر. ويضم المتحف الكثير من المنسوجات والمخطوطات والمشغولات واللوحات الفنية التي لا تقدر بثمن، كرسومات للفنانين «كرافاجيو» و «ديفينتشي» و«تيتيان». غير أن أعظم ما في الفاتيكان من الأعمال الفنية اللوحات الجدارية لمايكل انجلو وبالأخص رسومه المدهشة على سقف كنيسة «السيستين» التي تعتبر أهم اعمال الفن المسيحي على الإطلاق.

ويزور الآلاف من السياح الكنيسة يوميا ولذا من المفضل الحضور إليها مبكرا لتجنب الازدحام. خلال شهور الصيف يفتح متحف الفاتيكان أبوابه للزوار من الثأمنة والنصف صباحا الى الثالثة وخمس وأربعين دقيقة بعد الظهر من الاثنين الى الجمعة والى الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة أيام السبت، ويبلغ سعر تذكرة الدخول 12 يورو.

التسوق إذا كنت من عشاق الملابس الإيطالية فإن الساحة الأسبانية هي أفضل مكان للتسوق وتتبع الموضة. وتشمل المعارض الموجودة في الساحة بوتيكات «امبوريو ارماني» و«فالنتينو» و«غوتشي».

ومن روائع التسوق في روما المحلات الصغيرة في الأزقة التي تبيع ما لا يخطر على البال. وهناك إضافة الى محلات الملابس محلات التحف والمقتنيات وبالأخص على جانبي جادة «كوروناري»، أمام الطعام اللذيذ فيجده الزائر في محيط منطقة «كامبو دي فيوري».

المقاهي

* روما هي عاصمة المقاهي في أوروبا، حيث لا تخلو ساحة أو جادة في المدينة من المقاهي، التي يتوقف عندها سكان المدينة لتناول الايسكريم، أو احتساء القهوة الإيطالية بتنويعاتها المختلفة كالقهوة المثلجة و«الكابوتشينو». وأما المقاهي التي ينصح بزيارتها لتفردها فهي: مقهى Sant Eustchio ويقع المقهى بساحة «سانت استاتشيو»، ورقم هاتفه هو 003966861309. ويقع المقهى خلف «البارثينون» مباشرة. ويعتقد بأن هذا المقهى يقدم أفضل قهوة ايطالية على الإطلاق وبالأخص لمن يحبونها مسكرة.

مقهى Pasticceria Farnese ويقع بجادة «بولاري» ورقم هاتفه 003966880215. مركز المحبين والعاشقين، المقهى رائع خلال ساعات النهار كما هو جميل بالمساء، حيث يجلس رواده لمشاهدة المارة في الساحة التي أمامه.

المطاعم

* الإيطاليون يحبون الطعام بلا شك، وللمطبخ الإيطالي سمعة عالمية، ولذا ليس من المدهش أن يكون لروما الكثير من المطاعم التي تقدم أشهى المأكولات الإيطالية بصيغتها التقليدية. وتتكون الوجبة الإيطالية الكاملة من خمسة «كورسات»، «انتي باساتو» المقبلات، «بريمو» الطبق الأول، «سيكوندو» الطبق الثاني، «كونتورني» الطبق الجانبي و «دولتشي» التحلية. وليس بامكان المرء أكمال «الكورسات» الخمسة إلا إذا كان جائعا جدا! والنصيحة الأهم لمن أراد الاستمتاع بالطعام في روما هي تجنب الاماكن التي يرتادها السياح حيث ان أسعارها مبالغ فيها جدا، بل لا بد من تناول الطعام في الأماكن التي يرتادها سكان روما فهم أدرى بمطابخها. والمطاعم التي يجدر زيارتها هي:

La Rosetta

* هذا المطعم يعتبر أهم مطبخ للمأكولات البحرية الإيطالية المطبوخة بالطرق التقليدية، والخدمة فيه كالطعام الذي يقدم رائعة، كما أن الأجواء بداخلها جميلة ولكنها متراخية، ويقع المطعم قرب «البارثينون»، وليس الامكان الأكل به قبل الحجز مسبقا وهو مغلق أيام الأحد. رقم الهاتف: 0039668308841 .

Romance

* جوه كاسمه تماما، احد أكثر المطاعم رومانسية في العالم بحسب المجلات الأجنبية، ويتميز بموقعه الفريد المطل على وسط العاصمة الإيطالية، كما أن المأكولات التي يقدمها شهية ولذيذة، ويسع لنحو مئتي شخص والحجز المسبق ضروري. رقم الهاتف: 003966873233.

الفنادق

* هناك مجموعة قليلة من الفنادق التي توفر أماكن مبيت بأسعار معقولة في وسط روما بسبب الطلب الرهيب من أعداد السياح الهائلة. وتتركز معظم فنادق المدينة قرب محطة القطار الرئيسية وهي ليست أجمل أو أمناطق روما. وأسعار الفنادق ارخص خلال شهور الشتاء، كما أن الأسعار تقل كلما ابتعد المرء من وسط المدينة.

لأصحاب الميزانية المحدودة يعتبر فندق Albergo Abruzzi مثاليا، يطل الفندق على «البارثينون» وهو في القلب من روما ولذا من الضروري الحجز مسبقا. رقم الهاتف 003966792021. أما لأصحاب الميزانيات المتوسطة فينصح السكن بفندق Domus Tibernia ويتميز بموقعه في أزقة المدينة القديمة، وقربه من الكثير من أفضل مطاعم روما، كما انه ليس فندقا تقليديا، حيث يعطي الانطباع بأنه مجموعة من الشقق الفاخرة. رقم الهاتف: 003965813648.

لأصحاب الميزانيات العالية وللفخامة المفرطة ينصح بالسكن في فندق DE Russi الذي يقع في وسط القلب القديمة ويعتبر آية في البذخ. رقم الهاتف: 0039632888888.