المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انتشار الغش الإلكتروني والسرقات الأدبية عبر الإنترنت



فاتن
06-28-2005, 06:47 AM
برامج البحث توفر المعارف إلكترونيا وتقنيات مقارنة الكلمات والنصوص ترصد المحتالين


مع دخول البشرية عصر الانترنت بدأت تتهاوى آخر صروح خصوصيات المعرفة البشرية... الأفكار العظيمة والكلمات الرائعة التي ينحتها المفكرون ويسجلها العلماء والباحثون، بعد ان اصبحت عرضة للانتحال من قبل الآخرين، والسرقة الأدبية بهدف الغش، خصوصا بين صفوف الطلبة الذين يقدمون تقاريرهم وابحاثهم في المدارس والجامعات او الذين يكتبون اطروحاتهم في الدراسات العليا.

وامام ازدياد عمليات الانتحال والغش يطور مهندسو الكومبيوترات والمبرمجون نظما وبرامج للتعرف على الغش، بين السطور التي تحمل كلمات وتعابير وفقرات مستعارة من الآخرين في اوراق وتقارير واطروحات الطلبة وفي المقالات الصحافية والكتابات العلمية والادبية المسروقة. وقد عجل في ذلك الفضيحة التي وقعت مع جيسون بلير الصحافي في صحيفة نيويرك تايمز الذي ظهر انه كان يمارس الغش وسرقة المعلومات.

الغش والانتحال دقا حتى ابواب القصر الملكي في بريطانيا، وابواب واحدة من اشهر المدارس في العالم هي ّكلية أيتونّ، بعد ان وجه الاتهام الى الامير هاري النجل الاصغر للامير تشارلز ولي عهد بريطانيا، بأنه لم يكتب بنفسه بحثا دراسيا في الفنون، ومع ذلك فقد نجح في اجتياز دورة للصفوف المتقدمة التي تؤهله لدخول الجامعة. وتشهد الجامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا واوروبا زيادة حادة في عدد المستفيدين من أعمال أسلافهم من الطلاب والباحثين، حيث تؤخذ نصوص بأكملها بل وحتى فصول منها وتقدم على انها اعمال طلابية جديدة. وتنتقل هذه الظاهرة الى المدارس. غش الإنترنت

* وبينما تلعب شبكة الانترنت دورا رائدا في تزويد الانسان بالمعارف، فانها تقدم للغشاشين من الطلاب او الصحافيين او الاكاديميين مادة غزيرة يمكن نسخها وطبعها واضافتها الى اعمالهم من دون ذكر المصدر. والأدهى من ذلك ان مواقع الكترونية بدأت بالعمل على الانترنت لتزويد الطلاب بكل ما يشتهون من المعلومات المسروقة في اغلبها لكتابة تقاريرهم او ابحاثهم مقابل مبالغ مالية.

وقد أدى انتشار عمليات القرصنة المتواصلة بتنزيل الموسيقى من الانترنت للاستماع اليها، الى اضمحلال حدود الوازع الاخلاقي لدى مستخدمي الانترنت، الامر الذي قاد غالبيتهم، ومنهم كثيرون من ذوي النوايا الحسنة، الى الاستفادة ومن دون خجل، من المعارف في خزائن الانترنت. وتوفر عمليات البحث البسيطة على محركات البحث لأي بوابة انترنتية الى حصول الطلاب بسرعة على المواضيع المطلوبة بسهولة واستخدامها.

وتعبر احصاءات هيئات الامتحانات في بريطانيا عن اتساع هذه المشكلة، اذ سجلت العام الماضي 695 حالة انتحل فيها الطلاب الممتحنون في تقاريرهم وابحاثهم بعض النصوص، بينما انتحل 227 نصوصا كاملة ارجعوها الى انفسهم. واصدر المجلس المشترك للشهادات في بريطانيا شهر مايو الماضي ضوابط تلتزم بها المدارس بشأن الانتحال بعد ان اعترف بأن عمليات الغش الراهنة بسرقة المواضيع تهدد مصداقية الامتحانات.

وتنتشر انواع المواقع الانترنتية التي تساعد الطلاب وتدرسهم، او يكتب لهم مدرسون خصوصيون ابحاثهم مقابل اجور، وبذلك يحمل البحث اسم الطالب في الوقت الذي ألفه استاذ! وقد حدا هذا بالتربويين في استراليا الى تأسيس رابطة التدريس الاسترالية لوضع ضوابط للتدريس والتعليم على الانترنت من جهة ومراعاة الجوانب الاخلاقية لمنع سرقة النصوص او الانتحال.

وكتب الدكتور وليام ماكيث رئيس كلية بريسبوتريان للسيدات في سيدنى مقالة منتصف شهر يونيو الجاري في صحيفة ّسيدني مورننغ هيرالدّ الاسترالية، ناشد فيها المدارس بالتمعن في دراسة التقارير المقدمة من الطلاب لمنع السرقات الادبية.

«تقنيات الغش»

* السرقات الادبية تنطلق اليوم بفضل نجاحات تقنية كبرى حققتها برامج البحث والفهرسة، ثم برامج مقارنة الكلمات والنصوص، واخيرا تطبيقات رصد التعابير على الانترنت.

اولى هذه التقنيات بدأت في التسعينات مع بدايات الانترنت، اذ طورت برامج سميت «دبيبات الويب» Web Crawlers او العناكب، بهدف البحث عن ملايين من صفحات الانترنت، وفهرسة كل كلمة مهمة موجودة داخلها. وكل ذلك لتمكين مستخدم الانترنت الحصول على صفحة او كلمة او عبارة بسرعة.

وان كانت برامج البحث هذه قد ادخلت العالم الى نطاق هائل من المعرفة، فانها ولدت في نفس الوقت معرفة لا يحتاجها الجميع. وهكذا اصبحت، مثلا، العبارات الذكية او التعابير الخاصة التي ينحتها اديب او عالم تستهلك في ساعات، بعد ان كانت تظل متداولة خلال اعوام.

ولمحدودية عمل هذه البرامج خصوصا في مقارنة الوثائق والتقارير، طورت برامج مقارنة النصوص. واستخدمت هذه البرامج من قبل الشركات الكبرى لمقارنة نصوص تظهر على الانترنت مع نصوص في وثائقها المحفوظة في قاعدة للمعلومات خاصة بها. وكذلك استفيد منها في مقارنة موضوعات الكتب الالكترونية لرصد السرقات الادبية والانتحال.

واصبح برنامج «ترنتن» Turnitin واحدا من اشهر برامج مقارنة النصوص وقد طور نتيجة الفضائح الصحفية والسرقات الادبية، مثل فضيحة بلير في نيويورك تايمز. وقد توجه واضع البرنامج بنسخة منه الى الصحف كي ترصد الغشاشين. ويتيح البرنامج للمدرسين مقارنة نصوص تقارير طلابهم مع التقارير المختزنة، ومنها تقارير الطلاب السابقة، في قاعدة معلومات تابعة للمدرسة لكشف الغش. ويشير الخبراء الى كفاءة البرنامج. اما التقنية الثالثة فهي برامج ذكاء صناعي، ولهذا فانها تتعلم مع الزمن، طورها باحثو معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا سوية مع جامعات اخرى للتعرف على الوثائق بمقارنة نصوصها.