المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصائح طبية لمريض القلب أثناء السفر بالطائرة



مجاهدون
06-23-2005, 08:32 AM
140 مليون راكب مصابون بأمراض شرايين القلب يحلقون على الطائرات سنويا



من نافلة القول إن السفر بالطائرة غدا وسيلة النقل المفضلة عالمياً، فهي حقيقة يعلمها القاصي والداني، لكن ما هو جدير بالملاحظة هو أن عدد المسافرين سنوياً تجاوز 1650 مليون إنسان عام 2000 وبعده، بزيادة سنوية مطردة تتجاوز 4% سنوياً وفق تقارير المنظمة الدولية للطيران المدني، أي أننا ربما تجاوزنا 2000 مليون مسافر اليوم.

وبعملية حسابية بسيطة لمعرفة عدد مرضى شرايين القلب من بين هؤلاء الركاب، بناء على أن متوسط نسبتهم 7% في معظم مجتمعات العالم، فإننا نجد أنهم حوالي 140 مليون راكب سنوياً على أقل تقدير، هذا دون حساب مرضى ارتفاع ضغط الدم أو صمامات القلب أو اضطرابات إيقاع النبض المختلفة الأنواع.

نظرة طبية

* أساس نظرة طبيب القلب للمريض وإجابته عن الاستفسار المتعلق بسلامة السفر بالطائرة، يعتمد على أصلين:

يتمثل الاصل الأول في نوع مرض القلب، فحينما يقال مريضٌ القلب فهذا يعني طيفاً واسعاً، فمنهم من لديه ضيق في أحد أو بعض شرايين قلبه التاجية الثلاثة بما قد أدى أو يؤدي إلى جلطة في عضلة القلب، أو آلام الذبحة الصدرية سواء تم العلاج بإجراء قسطرة للقلب ثم توسيع ضيق الشريان ثم تركيب الدعامة، أو تمت عملية القلب المفتوح أو تمت المعالجة بالدواء وحده. ومنهم من لديه تلف في أحد الصمامات يبدو كضيق يعيق جريان الدم من خلاله أو كتسريب له، أو أن هناك من العيوب الخلقية المتنوعة الأشكال سواء تمت معالجة هذا كله بالعملية الجراحية أو بالأدوية فقط. وأيضاً منهم من لديه اضطرابات في إيقاع النبض، سواء تم تركيب جهاز تنظيم ضربات القلب للحد من آثارها أو لم يتم. وكذلك وجود حالات مرضية مصاحبة لما تقدم كارتفاع ضغط الدم ومرض السكري أو الفشل الكلوي مثلاً مما قد يؤثر في القلب.

اما الأصل الثاني فهو الحالة الوظيفية للقلب. ومهما كان نوع مرض القلب لدى المريض فإن هناك جانبين يتم تقويمهما لدى المريض، الأول قوة عضلة القلب لضخ الدم واستقباله، والثاني كفاءة الرئة بذاتها من الناحية الوظيفية واعتدال ضغط الدم فيها وأثر مرض القلب عليها.

إذ بعد معرفة نوع المرض يتم النظر إلى استقرار حالة القلب والرئة الوظيفية، فضعف القلب الشديد لا يعني البتة المنع من ركوب الطائرة إذا كانت حالة المريض مستقرة عبر نجاح المتابعة الطبية في تحقيق ذلك بالدواء واتباع نصائح الغذاء وكمية تناول الماء، والضيق الشديد في أحد الصمامات، كذلك ما دامت حالة المريض مستقرة. واستقرار الحالة أياً كانت الإصابة في القلب هو الأساس في النصيحة الطبية حيال مناسبة السفر بالطائرة.


لا يمكن إدراك أهمية هذا لحالة قلبية وظيفية ما، دون تصور ظروف الطائرة وفهم ما الذي يحصل للجسم في مقصورة الطائرة بالذات إضافة إلى المعاناة في إجراءات السفر مهما كان ميسراً بدءاً من إعداد الحقائب والمغادرة وانتهاءً بالوصول إلى مكان الإقامة. فداخل كبينة الطائرة يتم تعديل الضغط الجوي بدرجة كبيرة مقارنة بما عليه الحال خارجها وهو ما يجتهد مهندسو الطائرات في تحقيقه، لكن بالرغم من هذا لا يبلغ الأمر ما يكون عليه الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر. ولدى تحليق الطائرة على ارتفاع يتراوح ما بين 36 و40 ألف قدم يكون الضغط الجوي الذي يعيشه الراكب مماثلاً لما عليه الحال في مرتفعات جبلية يبلغ ارتفاعها 8 آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر. إن هذه النقلة السريعة في مستوى الضغط الجوي والعيش ولو لدقائق في هذا القدر منه يؤدي الى تقليل قدرة الجسم على أخذ الأوكسجين من الهواء، إضافة الى أن حجم الغازات في الجسم يكبر. وهذان الأمران ربما يستطيع جسم الإنسان السليم تحمله بسهولة لكن الوضع يختلف لدى المرضى. والذي يهم مرضى القلب هو نقص نسبة الأوكسجين في الدم والتي يبلغ مقدارها في الحالات الطبيعية ما بين 5 إلى 10%.

و لذا فإن المرضى الذين يعانون من ضعف في عضلة القلب لأسباب عدة كأمراض الشرايين أو الصمامات مثلاً أو لديهم قصور في أداء الجهاز التنفسي لوظائفه أو فقر الدم وغيرها فإن الرئة لا تتمكن من أداء دورها في تلبية حاجة أعضاء جسمهم من الأوكسجين ضمن هذه الظروف ويعانون بالتالي من أعراض متنوعة أهمها ضيق النفس واللهاث بما يشغلهم ويشغل ملاحي الطائرة للعناية بهم وهو ما يؤثر على سلامتهم ما لم يتم تزويدهم بالأوكسجين.

وبالرغم من أن درجة الرطوبة في المقصورة هي 20% أي أقل من المعتاد في غالب المنازل وهو 30%، إلا أن هذا لا يسبب سوى جفاف الجلد والأنف غالباً دون باقي الجسم بما لا يوجب شرب الماء بكثرة وهو ما يؤذي مرضى القلب إذا ما كان لديهم ضعف في عضلة القلب.

ولا داعي للخوف من الإصابة بالعدوى الجرثومية ما لم يكن هناك مريض ملاصق للراكب وهو ما تؤكده كثير من الدراسات حسب قول منظمة الصحة العالمية في تقاريرها هذا العام، فنوعية الهواء داخل المقصورة يتم العناية بها بشكل عال إذ يتم تغيير هوائها كاملاً من 20 إلى 30 مرة في الساعة ويتم ترشيح الهواء بمرشحات شبيهة بما يستخدم في غرف العمليات بالمستشفيات.

إرجاء السفر

* هذا من الناحية العامة لمرضى القلب، وبالنظر إلى حالات خاصة يختلف الحال. فبعد خروج المرضى المصابين بجلطة حديثة في القلب من المستشفى، فإن الأساس هو عدم إحساسهم بآلام الصدر خاصة أثناء الراحة أو مع بذل الجهد البدني، فإذا ما سارت الأمور بشكل سليم بما يؤكده الطبيب ويعرفه المريض بأن يكون قادراً على بذل المجهود البدني بما يوازي مثلاً صعود درج دور واحد دون توقف فإن السفر بالطائرة مناسب بعد أسبوعين من الإصابة بالجلطة، أما إن كانت هناك مضاعفات مؤثرة أو عدم استقرار في الحالة فالتريث ومراجعة الطبيب هما الأولى لاستكمال العلاج. وكذلك المرضى الذين تم إجراء قسطرة ناجحة لشرايين قلبهم وتركيب دعامة لضيق شريان ما منها، فإن الانتظار لمدة ما بين أسبوع الى أسبوعين مناسب جداً لحالتهم طالما لا يشكون من أية آلام في الصدر مع بذل المجهود البدني المعتاد.

أما المرضى الذين أجريت لهم جراحة في القلب فينظر إليهم بشكل آخر ذلك أن فتح القفص الصدري أثناء العملية يستلزم دخول هواء إليه أي فيما بين الرئة والضلوع، وهو ما يوجب التريث ثلاثة أسابيع ليتخلص الجسم منه حتى لو لم يشك المريض من أية أعراض، ذلك أن مقدار الضغط الجوي المتدني داخل المقصورة أثناء استواء علو الطائرة يؤدي إلى تمدد الغازات في الجسم، فلو كان هناك هواء لا يزال داخل القفص الصدري فإن حجمه سيكبر وبالتالي يؤثر على تماسك خياطة الجرح الذي في الصدر. ولعل أقرب تشبيه لتمدد حجم غازات الجسم داخل المقصورة ما يشكو منه المسافرون من زيادة غازات البطن أثناء السفر بالطائرة لنفس السبب.

جهاز تنظيم القلب

* وبالنسبة للمرضى الذين تم تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لديهم، فبعض أنواعه يجب الحرص على عدم تعرضه لأي أمر يؤثر على برمجته الإلكترونية كالهاتف الخليوي، وجهاز رجل الأمن اليدوي للكشف عن المعادن الذي يؤثر فقط إذا ما وضع فوقه مباشرة. ولذا يُعطى المريض بطاقة طبية خاصة بذلك ويذكر موضع ذلك من جسده تحديداً، أما جهاز التفتيش الذي يمر من خلاله المسافر سيراً على الأقدام وكذلك كبينة الطائرة والرحلة برمتها فإنها لا تؤثر على هذا الجهاز المزروع تحت الجلد في الجهة اليمنى من أعلى الصدر.

من كل ما تقدم نلحظ أن من الحكمة مراجعة طبيب القلب حين الرغبة في السفر بالطائرة خاصة قبل الرحلات الطويلة مما يتجاوز ساعتين ونصف الساعة وذلك لأخذ المشورة الطبية. ومن المهم التأكيد على ضرورة الاحتفاظ بكميات كافية من الدواء في الأمتعة اليدوية، خاصة منها ما ينصح الطبيب تناوله عند الحاجة بغية سهولة الوصول إليها، وتحسباً لاحتمال تأخر الأمتعة عند الوصول.

الركاب يتعرضون الى تأثير ظروف الرحلات الجوية

* جسم الإنسان يتعرض إلى تغيرات مختلفة أثناء الطيران إن من حقائق الحياة أن جسم الإنسان سواء السليم أو المريض أياً كان نوع مرضه، يعيش في توازن مع متغيرات عدة في بيئته مثل طقس المنطقة التي يقطنها ومستوى ارتفاعها عن سطح البحر إضافة إلى أنواع الجراثيم المنتشرة فيها والحالة الصحية لمن حوله ضمن نمط الحياة اليومية المعتاد له، فهي أمور تعوّد جسم الواحد منا عليها ويتعامل معها بطريقة تقلل من ضررها عليه قدر الإمكان.

أما عند السفر فإن كثيراً من هذه الأمور تتغير ليس بشكل جذري فحسب بل وبصورة سريعة، ما يفرض عليه التكيف معها حتى لا تختل موازين جسمه وتضطرب وظائف أعضائه حال التعامل مع المتغيرات الجديدة. والطائرة تعد أسرع ما هو متوفر اليوم من وسائل السفر، ولذا فاضطرابات الجسم المصاحبة لتنقل الإنسان من بيئة إلى أخرى أوضح ما تكون فيها، إذ كلما كان التغير سريعاً كان تأثر الجسم أكبر مما يوجب حينها توفر كفاءة عالية لديه. بيد أن هذا ليس هو فحوى القصة فقط بل الملاحظ أثناء السفر بالطائرة دون غيرها من وسائل النقل حصول العديد من التغيرات التي تجعل الجسم يعيش مرحلة زمنية فريدة قلما يعيشها المرء عادة لا سيما في الرحلات الطويلة فأجواء الطائرة كالضغط الجوي ودرجة الرطوبة والحرارة والجزء غير المرئي من الأشعة الشمسية والإشعاعات الأخرى القادمة من الفضاء، وعدد الناس المحيطين بالراكب ضمن مساحة مكانية محددة، واختلال الإحساس بالوقت واضح التأثير على المسافر.