المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نساء مريضات بـ «حب الإطراء»!



جمال
06-20-2005, 01:35 AM
عدوهن من ينتقدهن.. وموتهن في إهمالهن

تحقيق: مفرح حجاب

بينما كنت أنتظر انجاز معاملة لي في احدى الجهات الحكومية، جلست في استراحة المراجعين مقابلا الموظفين والموظفات. وما هي إلا لحظات حتى بادرت إحدى الموظفات زميلتها بقولها: «هدى.. ما علقتي على بدلتي الجديدة». فردت من دعتها هدى: «تدرين زحمة الشغل.. زينة عليك». لم تعجب الموظفة برد هدى على ما يبدو إذ قالت: «اشوفك ما تقولينها من قلب.. ادري إني قاهراك.. عموما رأيك مو مهم.. يكفي إن الكل يقولون لي يوميا.. إنني أرتب وأشيك موظفة بالقسم».

بيد أن هدى ردت عليها ببرود شديد ومن دون ان تنظر حتى إليها قائلة: «ملينا واحنا نقولك كلام حلو يوميا.. الله يعينك على نفسك». انزعجت الموظفة أكثر من برود هدى وردها، وكاد الأمر يتحول الى مشاحنة كلامية، لولا تدخل باقي الزملاء والزميلات الذين راحوا يشيدون بأناقة الموظفة ويمتدحون بذلتها الجديدة، ويؤكدون شياكتها في كل ما تلبس.

تساءلت أنا المنتظر انهاء معاملتي: ما بال هذه الموظفة كأنها مريضة بـ«الإطراء»؟ وهل هناك كثيرات مثلها يشكل لهن الاطراء كل هذه الأهمية؟ وهل يمكن أن يشكل حب الاطراء لدى البعض هذا الحد من التأثير الايجابي او السلبي في نفوسهن؟


تؤكد حياة المهنا، التي تعمل في ادارة الحسابات بأحد البنوك، ان الاطراء أمر مهم في حياة الإنسان لما له من تأثير ايجابي في نفسه، وتقول:

ـ الإطراء والثناء والمديح وغير ذلك من الكلام الجميل مهم للجميع، وإن كانت المرأة هي الأكثر تأثرا به نظرا الى عواطفها الجياشة.

إنني لا أنكر أن هناك من النساء من يبحثن دائما عن إظهار أنفسهن بشكل أو بآخر بأساليب كثيرة وعمليات ابهار مختلفة، إلى درجة أن بعضهن يقمن بحل مشاكل المراجعين ليقال عنهن أنهن متميزات، هذا بخلاف أنواع الملابس والماكياج ونوع السيارة وغير ذلك من أجل سماع كلمات الاعجاب والإطراء من الآخرين. ولكن يفترض أن يكون لدى المرأة ثقة بقدراتها وأن تتوافق شخصيتها مع قدراتها، بمعنى الا تكون مبدعة وتنتظر من يقول لها أنت مبدعة، لأن عدم التوافق مع القدرات يدخل المرأة في جدل مع نفسها ويجعلها تستجدي دائما كلمات الاطراء ممن حولها لتقنع نفسها دائما بأنها شخصية جيدة.

إن حالات الفراغ كثيرا ما تصيب المرأة بنوع الإحباط والتوتر مما يدفعها إلى البحث عن أي شيء في أي شيء لتشعر بأنها مهمة.

وحسب المهنا فإن المرأة يفترض ان تكون أكثر عملية بحكم الثقافة التي اكتسبتها والثقافة العامة السائدة، ولا ينبغي ان تظهر بصورة المرأة التي تعاني نقصا معينا لأن استجداء الاطراء من الآخرين غير مستحب، فجميل ان يكون هناك اطراء وجميل أن تكون المرأة مشهورة ومعروفة ولكن عليها ان تبدع فيما تقوم به وأن تهتم بأناقتها ومظهرها ليس من أجل اطراء الآخرين ولكن من أجل نيل رضا النفس أولا، مع ترك مسألة التقييم سواء للزوج أو المسؤولين في العمل أو حتى الزملاء بمعنى أن تكون بسيطة وطبيعية في كل شيء لأن الشهرة كثيرا ما تكون لها سلبيات قاهرة وهي كفيلة بأن تهزم المرأة مهما كانت قوية.


معاناة المرأة
ويرى حمد السمحان (34 سنة ـ اختصاصي اجتماعي) ان هذا الشعور ناتج عن نقص معين في أمر ما لدى المرأة ويقول:

ـ فقد تكون لديها معاناة مع الزوج لأن يعاملها بقسوة أو لا يهتم بها ولا يسمعها كلاما جميلا وقد تكون عاشت طفولة سيئة أو في بيئة لم تكن صحية بالشكل المطلوب، لأن السلوك الإنساني لا يتكون بين ليلة وضحاها بل هو نتيجة تراكمات من الماضي كانت لها تأثيرات نفسية مؤلمة من خلال حرمان او عدم تحقيق رغبات وغير ذلك.

ان حب الشهرة لدى المرأة ليس بالطريقة التي يشار إليها او المبالغ فيها لأنه في هذه الحالة يكون وليد قصور في أمور أخرى خلفت وراءها هذا السلوك.


نوع من الجنون
أما محمد خلف فقال:

ـ ان حب الاطراء بشكل مرضي يمثل نوعا جديدا من الجنون أصاب قلة من النساء نتحدث أو نتعامل معهن يوميا والله يكون في عون من هم حولهن.

فمن السهل ان تتعامل مع رجل مهما كان نرجسيا، ولكن من الصعوبة التعامل مع امرأة لا تثق بقدراتها وامكاناتها، فالاطراء جميل والبحث عن دور في أي موقع أمر مشروع لكن عندما تريد المرأة أن ينظر إليها كأنها عنترة بن شداد في كل شيء يكون الأمر مثيرا للجدل وتصبح فاقدة لأبجديات الأمور وغير مدركة لما يدور حولها لأنها ترى نفسها دائما الأفضل وأنها الوحيدة دون غيرها التي تستحق هذه المكانة وهذه الشهرة سواء كان الأمر يتعلق بالجمال أو المنصب أو غير ذلك.

ومثل هذا الشعور ناتج عن عدم ادراك المرأة لأهمية القراءة والثقافة، ولو كانت المرأة العربية تقرأ بشكل مستمر لما عانت من مشكلة إطلاقا، بل قد تقوّم الزوج.


المرأة حساسة
وتعتقد سعاد عصمت (ربة منزل) ان المرأة أكثر حساسية في كل الأمور من الرجل لطبيعتها ولطبيعة العادات والتقاليد التي نعيشها في مجتمعنا. وتضيف قائلة:

ـ أمر جميل أن تحب المرأة الاطراء وأن تحب أن تكون بارزة ولكن بتوازن من دون أن يكون ذلك ناتجا عن خلل في شخصيتها أو نقص لديها في ذاتها. إن المرأة تعطي بلا حدود ولكن ينبغي أن يكون حبها للكلام الجميل والاطراء والشهرة في حدود.

ويرجع وائل متولي (33 سنة ـ محاسب) اصابة بعض النساء بهذا السلوك الى العادات والتقاليد في المجتمع العربي بما يجعل المرأة تعاني بعض الضغوط النفسية فتأتي بعض التصرفات التي تبحث من خلالها عن نفسها تعبر عن ذاتها وتشعر بقيمتها بشكل مبالغ فيه. ويقول متولي:

ـ ان الحرمان والفقر وغيرهما وراء هذا السلوك وينبغي في الوقت نفسه على المرأة ان تفكر فيما يدور حولها من أحداث ومستجدات وأن تطور من ذاتها بعيدا عن هذه الهواجس كحب الشهرة والاطراء، لأن ثقة المرأة بنفسها كفيلة بجعلها أكثر قدرة على التحمل أمام الآخرين وأكثر سعادة.


شعور بالنقص
وتتفق نرمين وجيهان وصفاء على أن المستوى الثقافي والتعليمي المتدني وشعور المرأة بالنقص قد يولد ذلك الشعور في نفس المرأة. وأضفن:

ـ أن المرأة عندما تكون غير واثقة بجمالها وكيانها تشعر بأنها بحاجة الى الاطراء والكلام الجميل كما أن الفراغ كفيل بأن يجلب هذه الأمراض النفسية الى نفس المرأة.

وتوضح ندى أحمد حمدان (موظفة) ان المرأة تتعرض لضغوط كبيرة سواء في محيط أسرتها أو في عملها في ظل الوضع الاقتصادي للأسرة وحاجتها الى العمل، وتضيف قائلة:

ـ ان الجهد الذي تبذله المرأة قد يجعلها تنسى الاهتمام بمظهرها وأناقتها وتظل عرضة دائما لمثل هذا الشعور.
__________________________________________________ _____________*

علم النفس:
**********
الشعور بالنقص وراء هذا السلوك

الدكتور عويد المشعان، أستاذ علم النفس في جامعة الكويت، يعلق على ظاهرة حب بعض النساء للاطراء بسبب، أو بلا سبب قائلا:

ان البحث عن الذات والاجتهاد في العمل والاهتمام بالشكل تظل أمرا مقبولا لأن ذلك من طبائع البشر، ولكن المبالغة في هذه الاحتياجات الى درجة البحث عن الشهرة والبروز دون الآخرين أمر مستهجن ويشوه الصورة الجميلة للإنسان وتجعل منه شخصية غير مقبولة وموضعا للسخرية والنقد ممن حوله لعدم التزامه بالسلوك المتوازن في التعامل مع الآخرين.

ان وجود هذا السلوك لدى بعض النساء ناتج عن عدم تحقيق الرغبات واشباع الحاجات وشعور بالنقص في إثبات الشخصية والبحث عن تعويض له بما يلفت الانتباه أو البحث عن الشهرة، خصوصا ان بعضهن يرغبن في ان يتحدث الجميع عنهن.

ويرجع المشعان أسباب هذه الظاهرة الى النشأة الاجتماعية وطريقة التربية وسلوكيات الصديقات التي يمكن أن تحرض أو تستفز المرأة في بعض الجوانب، كافتقادها الى الزوج الجميل أو القوام الرشيق أو الجمال والمنصب والبيت الرائع والترفيه اللازم، كالسفر وغير ذلك، مما يولد شعورا نفسيا لديها لكونها عاطفية وتتأثر بسرعة.

ويختم المشعان حديثه قائلا:

الحل يكمن في الاعتدال والوسطية والثقة بالنفس، لأن من يبحث عن الجمال يجد الكثير من مظاهره في شخصية الانسان ويفترض ان يبحث عنها. ومن يبحث عن المنصب فعليه أن يكون لديه ثقة بنفسه ويتقن عمله.

ومن يبحث عن الشهرة ان لم يحصدها عن جهد مستحق سيكون ضررها أكثر من نفعها، ومن يبحث عن المال عليه ان يعمل ويطور من نفسه وطموحاته بالشكل اللائق الذي يضمن له المحافظة على كيانه وشخصيته بين المحيطين به حتى يظل محل احترام من الجميع.