المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطب والهندسة أكثر التخصصات الجامعية المرغوبة.. واقبال محدود على الإعلام



Osama
05-28-2005, 06:55 AM
الرياض: شاكر أبوطالب

سأل مذيع مجموعة من الأطفال: «يا حلوين، ماذا تريدون أن تكونوا عندما تكبرون؟» فأجابه الطفل الأول وبلا تردد قائلاً: «أريد أن أكون طبيباً»، وقال آخر: «أحب أن أصبح مهندساً«، فيما ذكر الطفل الثالث بأنه يرغب في أن يكون «طياراً».

هذا مشهد بثه وما زال يبثه التلفزيون السعودي، لا سيما في البرامج الموجهة للأطفال، أو في تلك البرامج التي يكون فيها الأطفال ضيوفاً، غير أن السؤال المهم، الذي لم يسأله كل مذيع وجه هذا السؤال التقليدي، والمبني على إجابات أولئك الأطفال، يكمن في الاستفهام عن مصدر تلك الرغبات والأمنيات والأحلام ومدى قناعتهم بها.

اليوم، أصبحت شريحة كبيرة ممن كانوا يستمعون أو يرددون إجابات أولئك الأطفال، حول مستقبلهم العلمي والعملي، أصبحت في الصف الثالث الثانوي، وهي المرحلة الأخيرة في التعليم العام، بل باتوا قاب قوسين أو أدنى من أعتاب قاعات امتحانات نهاية العام الدراسي، والتي ستنتهي في منتصف يونيو (حزيران) المقبل، لتعقبها فترة بسيطة، ولكنها مليئة بلحظات انتظار صعبة جداً، لما سيبث من نتائج على الإنترنت، أو ما ستنشره الصحف المحلية، أو ما سيعلق على أبواب مراكز الاختبارات، لتبدأ بعدها رحلة الناجحين في البحث عن مقعد دراسي أو كرسي عمل، والتي ستسيطر على معظم إجازة الصيف.

لكن، هل ما زال طفل الأمس (شاب اليوم) مخلصاً لرغبته في أن يكون طبيباً أو مهندساً أو طياراً؟ أم أن هناك شيئاً ما تغيّر منذ تلك المقابلة؟، وهل ما زالت أماني وأحلام أسرة الطفل نفسه كما هي؟! أو أن مستوى التحصيل الدراسي لابنهم في العام الدراسي الحالي، والذي كاد أن ينقضي، كان كفيلاً بتخفيض سقف أحلامهم وأمانيهم؟

في استفتاء بسيط شمل 289 طالباً في الصف الثالث الثانوي في عدد من المدارس الثانوية في وسط العاصمة السعودية وشرقها، عبر الطلاب عن رغباتهم وقناعاتهم الخاصة. وأظهرت مشاركاتهم لـ «الشرق الأوسط» نتائج لا يمكن إغفالها.

وأظهرت إجاباتهم أن 67 في المائة من الطلاب رتبوا ثماني جامعات سعودية على النحو التالي، استناداً الى أهميتها وجودة تعليمها بالنسبة للمعايير والصور التي يختزلونها في داخلهم، فجاءت جامعات الملك فهد للبترول والمعادن، والملك سعود، والملك فيصل، في المراكز الثلاثة الأولى على التوالي، ثم جامعتا الإمام محمد بن سعود الإسلامية والملك عبد العزيز في الترتيبين الرابع والخامس، تلتهما جامعة الملك خالد، ثم جامعة أم القرى، وأخيراً الجامعة الإسلامية.

بينما رأى 83 في المائة ضرورة الدراسة الجامعية، مقابل 17 في المائة من الطلاب يرغبون، بعد اجتياز المرحلة الثانوية، بالانخراط في مشاريع أخرى غير الجامعة، مثل العمل في القطاع الخاص أو الالتحاق بالقطاع العسكري أو الحكومي، كما اختار أكثر من 45 في المائة من الطلاب تخصص الهندسة لدراسته في المرحلة الجامعية، فيما كانت نسبة من يرغب في دراسة الطب 31 في المائة، وبلغت نسبة الراغبين في دراسة الكومبيوتر 12 في المائة، و7 في المائة من الطلاب يطمحون لدراسة اللغة الانجليزية، و3 في المائة يخططون ليصبحوا مديري أعمال، فيما تشترك تخصصات العلوم العسكرية والعلوم الدينية والرياضة والإعلام في النسبة المتبقية من الطلاب، وهي 2 في المائة فقط.

كما أظهرت النتائج أن 51 في المائة من الطلاب أختاروا تلك التخصصات، لضمان الحصول على وظيفة بعد التخرج، وأختار 27 في المائة من الطلاب تخصصهم العلمي بناء على رغبتهم وميولهم، فيما أكد 12 في المائة أن التخصصات التي يرغبون الالتحاق بها، تلبي آمال وأمنيات والديهم وأسرهم، أما العشرة في المائة المتبقية من الطلاب، فيبحثون عن التخصصات التي تشبع حاجتهم للاحترام الاجتماعي.

من جهته ذكر عبد العزيز الشهري، سعودي 49 عاماً، أن له ابن في الصف الثالث الثانوي، يواصل حالياً الليل بالنهار في المذاكرة والتحصيل لجمع أكبر عدد ممكن من الدرجات، مضيفاً «كانت أمنيتي، وما زالت، أن يصبح طبيباً متخصصاً في جراحة القلب، وهي الرغبة نفسها التي يرددها سعود أمامي، ولكنني لا أعرف هل هذه رغبته فعلاً، أم أنها محاولة لإرضائي وتحقيق لأمنية والدته التي ماتت بمرض مزمن في القلب؟ ولكنني أعلم جيداً أنني لن أتدخل في شؤونه بعد تخرجه المنتظر من المرحلة الثانوية، حتى لو سألني ذلك».

أما تركية ناصر، أرملة سعودية عمرها 36 عاماً، فتقول بان ابنها لا يبالي بالدراسة منذ كان صغيراً، ويريد أن يحصل على الثانوية ليدخل أي القطاعات العسكرية التي تقبل به، وبأي رتبة كانت، مشيرة الى أن «ما يهمه هو الراتب فقط، وليس له أي اهتمامات علمية».

سامر العسيري، 59 عاماً، يؤكد بأن جميع أبنائه الثلاثة دخلوا تخصصات بناء على رغبته على ما يظن، مضيفاً أنه رغب في أن يكون أولاده يعملون «في الطب والهندسة والقضاء، لأنها من المجالات التي ترفع الرأس بين الناس!.

ولكن ماذا عن أصحاب القضية نفسها؟ وما هو موقفهم؟. تقول ريم اليامي، طالبة ثانوية 18 عاماً، «أرغب في دراسة علم النفس في جامعة الملك سعود، غير أن والدي يريدني أن أتخصص في طب الأسنان، وأدخلني قسم العلوم الطبيعية منذ عامين من أجل ذلك، متذرعاً بأن خريجات علم النفس لا يجدن وظائف بعد تخرجهن، وأنا الآن في حيرة من أمري أكثر من حيرة الامتحانات المقبلة»، فيما أصر طالب الثانوية غازي الفيفي، على تحقيقه لأمنية والده في أن يصبح ضابطاً عسكرياً، وأن ذلك من البر بالوالدين، أما عادل إبراهيم، طالب أعاد في الصف الثالث الثانوي، من أجل رفع التقدير النهائي، حتى يتمكن من دخول كلية الهندسة التطبيقية في جامعة الملك فهد، وهي رغبة مبنية على أمنيته العمل في شركة «أرامكو»، والتي يعمل فيها والده.

أحياناً يختار الطلاب تخصصاتهم، من أجل تقليد تخصص آبائهم، وأحياناً أخرى يكون الدافع موقفاً أثر في حياة الشاب، وأحياناً تكون أموراً أمور لا إرادية، سواء كانت الظروف الاجتماعية أو المادية أو معدل التخرج من الثانوية، تحدد مصير ومستقبل الطالب نفسه، غير أن جميع الطلاب الذين قابلتهم «الشرق الأوسط» لم يذكروا أن المرشد الطلابي كان له دور في اختيار التخصص الراغبين فيه.

وتحفظ الكاتب الصحافي الدكتور حمود أبوطالب على نتائج الاستفتاء، كونه لا يخضع للمعايير العلمية الدقيقة، ووصف نتائج الاستفتاء بآراء نتجت عن استبيان قام على الانطباعية أكثر من كونه إحصائية ذات أهمية، مضيفاً «حين رتب الطلاب الجامعات حسب جودة تعليمها، فإنه يبدو أن ذلك راجع إلى ميول ومعلومات شخصية، إضافة إلى أن المقارنة تكون أكثر دلالة، عندما تكون بين جامعات لها التخصصات والاهتمامات والاستراتيجيات نفسها، والجامعات الثماني المرتبة لا يتحقق فيها هذا الشرط».

وعن اتجاهات الطلاب عند اختيار التخصص، ذكر الدكتور حمود أن البيئة الأسرية تلعب دوراً رئيسياً في ذلك إلى الآن، إلى جانب العامل المهم الذي استجد في الأعوام الأخيرة، وهو الضمان الوظيفي، وأضاف أبوطالب أنه كان من المهم معرفة «البدائل التي طرحتها نسبة الـ17 في المائة من الطلاب، والذين يرون عدم ضرورة الدراسة الجامعية».