المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشباب يعزفون عن الزواج مجبرين ويتحججون: «تو الناس»!



Osama
05-27-2005, 02:29 PM
ثقل المسؤولية والأعباء المادية وغلاء المهور هي الأسباب الحقيقية


تحقيق: مفرح حجاب

تجاوزوا سن الثلاثين، ولا يعيبهم شيء، قد يكون بعضهم على الأرجح مقتدرا ماديا، لكنهم تخلفوا عن الزواج لسبب أو لآخر، واذا سألت احدهم، رد ببرود غامض وبجملة واحدة «تو الناس».

لماذا يعزف كثيرون من شباب الكويت أو يتأخرون عن الزواج؟ أليست هناك تسهيلات كثيرة تقدمها الدولة لهم من صرف بدل ايجار الى أربعة آلاف دينار لمساعدتهم على هذه الخطوة وإقامة أسرة مستقرة؟ هل يعتبر هؤلاء الشباب تلك التسهيلات غير كافية في زمن زادت فيه تكاليف الحياة وطغت المظاهر المادية على كل شيء أم ان لديهم أسبابا اخرى؟


يعد محمد عبدالرسول (36 سنة ـ موظف) الخوف من المستقبل وغلاء المهور من أسباب عدم اقبال الكثير من الشباب على الزواج، ويقول:

ـ لم تعد متطلبات الحياة كما كانت عليه من قبل، حيث تضاعفت المصروفات وزاد الانفاق فيما قلت الفرص وتضاءلت الى حد كبير، بالاضافة الى ان الزواج يحتاج الى تكاليف كبيرة ومسؤولية أكبر بعد اتمامه.

صحيح ان الحكومة تقدم تسهيلات عبر صرف أربعة آلاف دينار للمقبل على الزواج، لكن بعض الأسر تغالي في عملية المهور وهو أمر لم يعد يناسب الواقع الحالي والجميع يعرف ذلك.

زواج الأقساط

ويلفت حسين اشكناني (33 سنة ـ طالب) الى ان تأخير الزواج يعود الى ما يحكيه المتزوجون من الأصدقاء عن الأقساط الكثيرة التي ألقيت على

كاهلهم، ويضيف اشكناني قائلا:





ـ ان الشباب يبدأ حياته بعد ان يتسلم وظيفته بشراء سيارة بالأقساط اضافة الى متطلباته الأخرى كالهاتف النقال ومظهره ومصروفه الخاص، وكل ذلك من شأنه ان يلتهم راتبه. ناهيك عن طقوس الزواج وتكاليفه، فعلى سبيل المثال تكلف مصروفات صالون العروس ومن يرافقها مبالغ كبيرة، بالاضافة الى المصروفات الأخرى. كل ذلك خلق نوعا من الحذر لأن كل هذه المصروفات تتحول الى أقساط يظل يدفعها الشباب سنوات بعد زواجه وهي كفيلة بأن تؤخره عن الزواج سنوات.

هروب من المسؤولية

ويرى خالد السويدان (25 سنة ـ طالب) في العزوف عن الزواج هروبا من المسؤولية مع اللامبالاة بعامل السن الذي قد يندم عليه الانسان بعد فوات الأوان. ويقول:

ـ الأسرة لا تلام في هذا الأمر، لأن الموضوع شخصي وله من وجهة نظر الشباب أسباب مقنعة أهمها تأخر عملية التوظيف من ديوان الخدمة المدنية، بالاضافة الى ان الموظف لا يعمل في تخصصه، وهذا أمر محبط لأن بعض التخصصات فيها زيادة في الرواتب.

ان غالبية المتزوجين ينتظرون الرواتب الشهرية قبل ان تأتي بوقت بسبب غلاء الأسعار، وارتفاع تكاليف الحياة.

أوضاع اقتصادية

ويؤكد محمد عبدالقدوس ان الأوضاع الاقتصادية تنعكس سلبا على الشباب في ظل المتطلبات اليومية ويضيف:

ـ لم تعد الأمور كالسابق، حيث تغير ايقاع الحياة وأصبح هناك موبايل وكمبيوتر و«كفي نت» وغيرها، وهذه هي الوسائل التي يستخدمها أي شاب، ومن شأنها ان تستهلك أموالا طائلة. يجب عدم وضع عراقيل مادية كبيرة أمام الشباب عندما يفكرون في الزواج.

الاختلاط والثقافة

وفي رأي فيصل محمد (32 سنة) فان عملية الاختلاط بين الشباب والفتيات كشفت جوانب كبيرة من شخصية الجنس الآخر، فأصبحت عملية الانتقاء والاختيار تأخذ وقتا طويلا، وأحيانا لا يبالي الشاب اطلاقا بعملية الزواج، لأنها لم تكن ضمن أولوياته. ويقول فيصل:

ـ ان وجود الفضائيات ساهم بشكل أو بآخر ايضا في تأخير الزواج، حيث اصبحت هناك ثقافة أكثر لدى الشاب وكثيرا ما يعقد مقارنات بين ما يشاهده وما يريد في زوجته، مما سبب اشكالية كبيرة، حيث يحدث صدام نفسي كبير لديه على اثر الصراع بين ما يشاهده وما تطرحه العادات والتقاليد.

الزواج في الماضي كان يحدث بشكل مبكر لعدم وجود ثقافة ومعرفة واختلاط كما هي الحال الآن.

طقوس الزواج

ينتقد راشد احمد (56 عاما ـ موظف) طقوس الزواج المعمول بها في الكويت ويقول:

ـ لدي من الأولاد سبعة، بينهم خمسة ذكور، اثنان منهم يريدان الزواج لكن الشروط والتكاليف مجحفة بشكل غير عادي، ولا أعرف كيف سأكمل زواجهما وزواج بقية اخوانهما.

لقد لعبت الطقوس والمظاهر دورا كبيرا في اجهاد الأسر ماديا من أجل ساعتين من الزمن فقط، سيرى خلالها المدعوون الى العرس المكان الذي يقام فيه العرس وملابس العروس وخيمة المعرس والمأكولات والمشروبات التي تقدم وينتهي بعد ذلك الأمر الى ديون وأقساط ما أنزل الله بها من سلطان.

ينبغي ان يكون هناك وعي وثقافة لتغيير المفاهيم الخاصة بمظاهر ومتطلبات الزواج، فقد يضطر الشباب الى الزواج من غير الكويتيات بسبب ما يحدث من اختراعات للزواج ابطالها النساء.

عقلية أرباب الأسر

ويحمل عبدالوهاب الدعيج (59 سنة ـ موظف) أرباب الأسر ما يحدث ويقول:

ـ المشكلة ليست في عقلية الشباب بقدر ما هي في عقلية أرباب الأسر الذين ينساقون وراء عواطف نسائهم وبناتهم ولا يفكرون جيدا في مستقبل من حولهم.

ان التفاوت في المدخولات المادية للأسر أربك الكثير من الأمور وجعل المظاهر تتحدى العادات والتقاليد المتأصلة لدى أبناء الجيل الجديد، فأصبحت تهدد كيان الكثير من الأسر وتنعكس سلبا على الحالة النفسية والسلوك الانساني لغير القادرين على مبالغات الزواج وغيره، ونشرت الحسد والحقد بين الناس.

ينبغي ان يكون الاهتمام بالأخلاق الحميدة والقيم والمبادئ بدل المظاهر الكاذبة التي تبني أسرة.



راي علم النفس

مرسي: ظاهرة وراءها اسباب تربوية

يعتبر الدكتور كمال مرسي استاذ علم النفس في جامعة الكويت تأخر الشباب عن الزواج ظاهرة وفند أسبابها قائلا:

ـ تأخر زواج الشباب على مستوى الوطن العربي بشكل عام ناتج عن عدم تحملهم المسؤولية نتيجة أخطاء في النشأة والتربية التي قامت على اشباع الرغبات وتحقيق المطالب من قبل القائمين على تربيتهم وهم صغار، بالاضافة الى ما حققه الاختلاط الثقافي سواء من خلال شبكات الاتصال أو الفضائيات وطغيان الثقافة الغربية على المجتعمات العربية، مما كرس الحياة الفردية والحرية الشخصية بينما الحياة الأسرية قائمة على التضحية والروابط، وليس على اشباع رغبات.

وحسب الدكتور مرسي فان هناك أسبابا اقتصادية اخرى بينها التكاليف الباهظة للزواج والتأخر الدراسي وتفضيل استكمال الدراسة على حساب الزواج، وهي أمور تحتاج الى تقدير شخصي من كل فرد، لكن التكاليف يفترض ان توضع لها حلول.

وأوضح ان الحل يكمن في إعادة النظر في طريقة النشأة والتربية والتدريب على تحمل المسؤولية من خلال مراكز معينة من شأنها التشجيع على الزواج، وتكون بمنزلة مراكز ارشاد وتوجيه لأبناء الجيل الجديد، مطالبا في الوقت نفسه ان يكون هناك دور بارز للإعلام في هذا الأمر، ولوزارة التربية سواء من خلال المناهج وطريقة التدريس وعلاقة الطالب بأستاذه وبزميله لخلق أجيال تملك رغبة في اقامة علاقة اجتماعية مفيدة ومثمرة.