المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فيلم ( الكيلومتر صفر ) للمخرج العراقي هونير سليم في مهرجان كان السينمائي



على
05-13-2005, 09:46 PM
كان ـ فرنسا ـ عرفان رشيد

إشارة الانطلاق في أفلام المسابقة الرسمية كانت بشريط المخرج العراقي (من أصل كردي) هونير سليم «الكيلومتر صفر»، الذي يروي مأساة شاب كردي أجبرته الظروف على الانخراط في الجيش العراقي في الشهور الأخيرة للحرب العراقية الإيرانية وأرسل مع بعض من أصدقائه إلى جبهة الجنوب قرب البصرة.

العلامة الفارقة في الشهور الأخيرة من تلك الحرب البليدة التي أطلقها الدكتاتور العراقي المخلوع صدام حسين ضد إيران، كانت النعوش الملفوفة بالعلم العراقي والمحمولة على السيارات المتجهة إلى المدن والقرى النائية والفقيرة التي أتى بها صدام حسين بوقود حربه ليواصل، من خلال أجساد الشبيبة العراقيين المدفوعين إلى الردى البليد، إذكاء نار الحرب التي حصدت أكثر من مليون قتيل وأتت على آخر جيلين من العراقيين والإيرانيين. تلك العلامة الفارقة التي كان يحاول النظام السابق إخفاءها من خلال تسيير قوافل السيارات في الطرق البعيدة عن المدن أوفي ساعات الليل حتى لا يظهر إلى العيان بجلاء مقدار الخسارة التي يُمنى بها العراق بفقدان خيرة أبنائه.

الشاب آكو (وأداه ببراعة نظمي كيريك) يقيم في مدينة العمادية ومتزوج من الحسناء سلمى (أدت الدور دون تميّز يُذكر بيلتشيم بيلجين) وله ولد صغير. بعد أن يفشل في إقناع زوجته بالهروب معه وولدهما إلى الخارج يجد نفسه منخرطاً في صفوف الجيش العراقي وفي الجبهة الأبعد من مسقط رأسه. عبثا يحاول آكو الخلاص من البزة العسكرية ويبلغ به الأمر مداه الأقصى عندما يحاول تعريض ساقه إلى الإطلاقات النارية الآتية من الجبهة الأخرى لكي تُقطع ساقه ويُسرّح من الخدمة العسكرية. المأساة الحقيقية تبدأ عندما يُكلّف آكو بمرافقة نعش أحد رفاقه الجنود الأكراد الذين قُتلوا في الجبهة لتسليم الرفات إلى عائلة الشهيد. الرحلة طويلة سائق السيّارة «عربي» يكره الأكراد ويود «أن يقطع أعناقهم بيديه» بعد أن قتل منهم «ما يكفي».

مفردات المأساة اكتملت. عبور عبر أرض العراق وتوتر للقاءات غير ودية وشجار يصل إلى حد التماسك والتضارب بالأيدي بين آكو الكردي والسائق «العربي» ويتزامن كل ذلك مع تعفّن جثة الميت المحمول على سقف السيارة بفعل الحرارة الملتهبة، وبازدياد العفونة المنطلقة من النعش تبرز إلى السطح كل الأدران التي راكمها النظام السابق من كراهية بين العرب والأكراد.

كان بإمكان هذا الفيلم أن يتحوّل شاهداً على سفاهة النظام السابق وجريمته ضد الشعب العراقي بأسره، بعربه وكرده وتركمانه وأقلياته الأخرى، لولا أنه (أي الفيلم نفسه) انجرّ وراء القيم والأشكال النمطية التي سيّدها نظام صدّام حسين في عقلية العراقيين مصوّرا العربي عدوا للأكراد والأكراد خطرا على العرب. سقوط المخرج في هذا التسطيح أفقده الفرصة «التاريخية في رأيي» التشديد على عمق المأساة التي عاشها العراقيون بأسرهم في ظل النظام الجائر، إذ ليس بالإمكان القبول باختزال المأساة العراقية والمقابر الجماعية والمذابح الكبرى التي اقترفها النظام ضد العراقيين من جميع القوميات وضد الأكراد بالذات. ليس بالإمكان القبول باختزالها ببضعة صرخات حيوانية مضحكة لضباط من جيش صدّام (ولا أفهم لماذا اختارهم المخرج جميعا نقباء بثلاث نجوم على الكتف، وربما كان ذلك بسبب شح الأزياء) أو ببضع صفعات غير دالّة على السادية الوحشية التي كانت تَسمُ غالبية الضباط الذين تخرّجوا من مدرسة صدّام حسين وعلي الكيمياوي.

في الوقت ذاته ليس مقبولاً على الإطلاق القبول بمشهد تعريض العلم العراقي إلى الإهانة التي ظهرت في الفيلم. فمن حق أي إنسان أن يرفض رمزاً ما، لكن ليس من حقه إهانة ذلك الرمز، خاصة إذا كان ذلك الرمز هو العلم. وما دام العلم العراقي لم يتغيّر بعد وما دام هناك مواطن عراقي واحد يعتبر ذلك العلم رمزاً له، فإنه ليس من حق أي كان أن يعرّض ذلك الرمز إلى الإهانة. قد لا يكون العلم العراقي الحالي جميلاً في نظر الكثيرين وقد لا يعتبر كثير من الأكراد ذلك العلم ممثلاً لهم، لكنهم، وما داموا عراقيين حتى اللحظة التي سيظلون فيها ضمن حدود العراق فإنه ليس من حق أحد منهم إهانة ذلك الرمز. وقد يجهل الكثيرون، ومن أكراد العراق بالذات، بأن العلم العراقي الحالي ليس علم صدّام حسين أو نظامه، بل هو علم العراق الذي تمثّل نجماته الخضراء الثلاث وحدة العراق بقومياته الثلاث الرئيسية العرب والأكراد والتركمان. من اختار هذا الرمز الدال على خصوصية العراق إنمّا فكر بالعراق أولاً وأخيراً.

كويتى
05-16-2005, 04:36 PM
قصة الفيلم جميلة وأتمنى ان أرى هذا الفيلم قريبا .