المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستقبل الإسلام.. مازال أسير الماضي



على
05-13-2005, 09:40 PM
الصراع الإسلامي الداخلي تزامن مع سقوط الامبراطوريات وصعودها

اذا كان جمع الحديث عن «مستقبل الإسلام» في كتاب واحد مهمة صعبة ـ وربما مستحيلة ـ فإن عرض الرؤى شديدة التكثيف، التي صاغها 14 مفكراً من مشارب شتى حاولوا رسم صورة المستقبل، مهمة صعبة أيضاً، وحسبنا في هذا العرض أن نشير إلى أن الدراسات والمقالات التي ضمها الكتاب امتازت ـ كالعادة ـ بقدرتها على قراءة الماضي على نحو أفضل من قدرتها على استشراف المستقبل، مع أن الكتاب معني أساساً بالمستقبل! وإلى أن قائمة المساهمين في الكتاب ضمت: احميدة النيفر، أحمد الريسوني، أماني أبو الفضل، طلال عتريسي، عبد الوهاب المسيري، عماد الدين خليل، لؤي صافي، نادية مصطفى، محمد سعيد رمضان البوطي، مازن موفق هاشم، إضافة إلى أربعة، نعرض «الخلاصات النهائية» التي قدموها في الكتاب.

ويقول ابو يعرب المرزوقي: «ومما يثبت أهمية المعادلة الإسلامية في التاريخ الكوني هو أن الحرب الأهلية الإسلامية لم تزامن الصراع الكوني في لحظة أفول إحدى امبراطوريتيه السائدتين (فارس والاتحاد السوفييتي) واستفراد الأخرى بالسلطان العالمي (بيزنطة وأميركا) بل هي كذلك زامنت أزمة الإنسانية كلها... وقد لا أجانب الصواب إذا قلت: إن الفرج آت لا ريب فيه. وذلك لعلتين: فالتطابق بين هذين التلازمين اكتمل في الحدث التاريخي، وبدايات الحل في المستوى الفكري والمؤسسي نجدها عند السنة.... كما نجدها في الفكر الشيعي».

وفي السياق نفسه يقرر د. حسن حنفي أن «التاريخ الآن على مفترق الطرق، فلا القديم قد انتهى تماماً، ولا الحديث قد بدأ بعد. مازال القديم مترسباً في الأعماق، ومازال الجديد تشرئب إليه الأعناق».

ويقول: «الحوار مع الذات يسبق الحوار مع الآخر. والحركة داخل الأوطان لها الأولوية على الحركة خارج الأوطان. «مستقبل الإسلام في ضوء التحديات الراهنة» ليس موضوع علاقات عامة لتحسين صورة الإسلام في الغرب، بل سيرة ذاتية للمسلمين عبر التاريخ. كي يستعيدوا الماضي لتحريك الحاضر انطلاقاً إلى المستقبل. وأفضل دفاع عن الإسلام ليس عبر الخطباء والدعاة في القنوات الفضائية بل بتغيير الوضع القائم والتخطيط للمستقبل والدخول في التحديات المعاصرة من الباب الأمامي وليس من الباب الخلفي».

ويحدد د. حسن نافعة خمسة تحديات تواجه حاضر العالم الإسلامي وهي: تحدي التخلف والتنمية، تحدي الاستقرار، تحدي الديمقراطية والمشاركة السياسية، تحدي الهوية وتحدي التطرف. كما يسمي خمسة أوهام يجب التخلص منها حتى ننطلق إلى المستقبل وهي:

> وهم الاعتقاد بأن وحدة العقيدة تمثل أساساً كافياً لإنجاح وتحقيق وحدة سياسية حتمية بين الدول الإسلامية لا بد وأن تتحقق إن عاجلاً أو آجلاً.

> وهم الاعتقاد بأن الاستثمار في العمل المشترك بين الدول الإسلامية مضيعة للوقت والجهد.

> وهم الاعتقاد بأنه يمكن تحييد وفصل القضايا الاقتصادية، التي يمكن التعاون بشأنها، عن القضايا السياسية التي يصعب، إن لم يكن من المستحيل، تحقيق أي تعاون فيها بين الدول الإسلامية.

> وهم الاعتقاد بأن عمليات التكامل والاندماج تنتقص بالضرورة من سيادة الدول المشاركة فيها.

> وهم الاعتقاد بأن التجربة التكاملية يتعين أن تنطلق، منذ البداية، بجميع الدول المخاطبة للالتحاق بها، وأن تكون شاملة لجميع القطاعات.

ويقرر د. برهان غليون أنه "على عكس الأفكار المتناقلة، فإن عطالة المسلمين والجمود المفترض لمعتقدهم لا يمكن أن يشرحا تأخر بناهم الحديثة ولا الفراغ الأخلاقي في حداثتهم. بل إن هذه الحداثة بتخليها عن الفكر والثقافة، هي التي تحكم على نفسها بالتشويش والتنافر وتجعل من المحتم العودة إلى الدين كملجأ أخلاقي وسياسي أخير.

إن هذه الأزمة ـ التي يشهدها اليوم مشروع الحداثة العربي ـ الإسلامي فكراً وممارسة على حد سواء ـ تفسر، أكثر مما تفسر، مقاومة واستمرار التدين، وأكثر مما تفسر إسهام موروث إسلامي مثالي، رفض الشعوب للسياسات التي فقدت الاعتبار والتي تعدها وتطبقها نخبة حاكمة باسم الحداثة.

لا بد من أجل إعادة إطلاق الديناميكية التاريخية من إعادة تأسيس القيم المحررة للإنسان من خلال ممارسة النقد السياسي والأخلاقي والفكري. فبهذا الثمن إنما يمكن أن يحصل المسلمون على هوية يستطيعون بها تعرف آليات الحداثة، ومن ثم ممارستها وتطبيقها».


اسم الكتاب: مستقبل الإسلام.
تأليف: 14 مفكراً.
الناشر: دار الفكر - دمشق - 2004م
عدد الصفحات: 468 صفحة.