المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البحرين خطوة للأمام وأخرى للخلف



مرتاح
05-09-2005, 09:28 PM
عمار تقي *

www.ataqi.com


شهدت الساحة البحرينية منذ العام 2001 انفراجا سياسيا نسبيا بعد إعلان الدولة عن مشروعها الإصلاحي والذي تمثل بعودة الحياة البرلمانية، إعلان مكافحة الفساد، العفو العام الذي صدر عن سجناء الرأي وإلغاء العمل بقانون الطوارئ الأمر الذي شكل نقلة نوعية في المملكة بعد الفترة المضطربة التي عاشتها البحرين في التسعينات·

إلا أنه وبعيدا عن الأجواء الديمقراطية التي أعلنها المشروع الإصلاحي، فقد شهدت المنامة مؤخرا تراجعا ملحوظا في مجال حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والممارسة الديمقراطية· فقد أثار - على سبيل المثال - مشروع قانون الإرهاب الذي قدمته الحكومة ضجة واسعة بين مختلف شرائح المجتمع البحريني لما يمثله القانون من تعد صارخ على الحريات العامة التي كفلها ميثاق العمل الوطني ودستور العام 1973، حيث ركز المشروع في بعض مواده على إنزال عقوبة الإعدام والحبس والغرامة لكل من أنشأ أو أدار منظمة تدعو لتعطيل مؤسسات المجتمع المدني! ولا أعلم حقيقة ما هو السر في زج موضوع الإرهاب في هذا المشروع؟! ولا سر المطالبة بإنرال عقوبة قاسية جدا مثل الإعدام لمجرد أن مجموعة طالبت - على فرض - بإنشاء منظمة تدعو لتعطيل مؤسسات المجتمع المدني التي تراها بعيدة عن روح دستور 73؟!

ومن أبرز مظاهر التطورات السلبية الأخرى التي طرأت مؤخرا في مجال حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية إغلاق نادي العروبة واعتقال نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة، الأمر الذي شكل انعطافا سلبيا للمسيرة الديمقراطية البحرينية، أضف الى ذلك ما تعرض له المشرفون على الموقع الإلكتروني "بحرين أون لاين" من اعتقال مما تسبب في أزمة سياسية حادة في البحرين، وما تلاها مؤخرا من تهديد حكومي بإغلاق جمعية الوفاق الوطني الإسلامي كبرى الجمعيات السياسية في البحرين على إثر المسيرة السلمية التي نظمتها الجمعية والتي دعت الى إجراء تعديلات وإصلاحات دستورية حيث شارك فيها للمرة الأولى ما يقارب 50 ألف مواطن تحت شعار "الإصلاح الدستوري أولا"·

في المقابل فقد صدر مؤخرا تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2004 والذي أشار الى أن الدول العربية من الناحية السياسية تقترب من ظاهرة "الثقب الأسود" الذي يحول البيئة الاجتماعية المحيطة به الى وضع راكد لا يتحرك فيه أي شيء (في إشارة الى حالة الركود السياسي في المنطقة) وأنه ما لم تقم حكومات هذه الدول بإجراء الإصلاح الحقيقي اللازم فإنها ستكون معرضة لفوضى سياسية وأعمال عنف· وقد تطرق التقرير الذي شدد على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي الى مملكة البحرين (نحو ثلاثين مرة) حيث استعرض بعض الجوانب السلبية التي شهدتها المنامة مؤخرا مثل موضوع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وموضوع اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب التي ركز عليها التقرير حيث أشار الى أن اللجنة الوطنية قد بدأت تطالب بتعويضات لعائلات الذين قتلوا وعذبوا بيد قوات الأمن في الأحداث السياسية السابقة·

لذا فإن البحرين التي استطاعت في السنوات الأخيرة أن تشكل بنسبة متفاوتة معلما للعمل السياسي الناضج والمتعدد فكريا مطالبة اليوم بإرساء المنهج الديمقراطي الحقيقي وعدم التراجع تحت أي ذريعة عن مشروعها الإصلاحي وذلك عبر خلق أجواء من المصارحة والشفافية وإعادة بناء الثقة مع الجمعيات السياسية الرئيسية (التحالف الرباعي)·

وحسنا فعلت الحكومة البحرينية التي توجهت في الآونة الأخيرة بفتح قناة للحوار مع الجمعيات السياسية للوصول الى حل للأزمة الدستورية التي تعيشها البحرين الأمر الذي شكل بارقة أمل لانفراج قريب على المستوى السياسي في البلد فقد أكدت تجارب المنطقة أن الديمقراطية الحقيقية هي صمام الأمان المضمون لسيادة الأمن والاستقرار وأن مصادرة الحريات وانتهاك حقوق الإنسان هما السبب الرئيسي للإرهاب، وهو ما أشار إليه مؤخرا أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تصريح هو الأول من نوعه على مستوى القيادة الخليجية عندما ذكر "أن غياب الديمقراطية والتواني عن الإصلاح قادا معظم صور المعاناة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، وأن الإصلاح السياسي والمشاركة الشعبية في صنع القرار لم تعد قضية اختيارية، وإنما باتت ضرورة تصل الى درجة الحتمية، وأن الإصلاح المستدام يستوجب ألا يكون الحماس فيه موسميا ومرتبطا بضغوط دولية بل يجب أن يكون نابعا عن قناعة"·

إن الأيام المقبلة في البحرين حبلى خصوصا مع تزايد الجدل حول موضوع الإصلاح الدستوري واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، فالمطلوب مصالحة وطنية واسعة تؤدي الى استقرار سياسي يعيد المشروع الإصلاحي والممارسات الديمقراطية الحقيقية الى نصابها الصحيح·

كاتب كويتي

www.ataqi.com