المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التجربة الأميركية في اليابان /قراءة تاريخية -1



العقيلي
06-07-2003, 07:54 PM
التجربة الأميركية في اليابان /قراءة تاريخية
1

وقعت اليابان تحت الحكم الأميركي المباشر سنة 1945 بعد خسارتها الحرب امام عدوها اللدود والغير تقليدي اميركا. وقد استمر الأحتلال الأميركي لليابان من 1945 الى 1952. حيث قامت الولايات المتحدة الأميركية بتغيير جذري في التركيبة السياسية والأقتصادية والعقائدية لأجتماعية والتعليمية في المجتمع الياباني. هذه محاولة أستقراء تاريخي سريع للتجربة الاميركية في اليابان خلال فترة الحكم الأميركي المباشر لذلك البلد. وتم اختياري للتجربة الأميركية في اليابان كمحاولة لفهم طريقة التفكيرا لأميركي الحالية في ادارة المناطق الشديدة الأهمية من الناحية الأستراتيجية مثل العراق. حيث نلحظ تشابها بين اليابان والعراق من عدة نواح. واوجه هذا التشابه يمكن تلخيصها كالأتي

العراق خرج من مواجهة مسلحة مع الأميركان مهزوما كما كانت اليابان.
العراق يمثل ثقلا نوعيا من النواحي الأستراتيجية وكذلك اليابان.
العراق كان يخضع لديكتاتوريات شرسة على مدى طويل من الزمن وكذلك اليابان.
العراق كما كانت اليابان كانت تلعب المؤسسة العسكرية فيه دورا رئيسيا.
العراق يستحق ان يعتبر مثالا لتجربة اميركية في الهندسة التغييرية كما تحولت اليابان الى مثال اميركي في الهندسة التغييرية لبلد محتل.
العراق خرج من حرب بدون اية بنية تحتية تذكر وكذلك تحولت الجزر اليابانية الى يباب بعد الحرب.
العراق كانت تحكمه افكار متطرفة ذات منحى فردي متعصب وكذلك كانت اليابان.
ونظرا لظروف التشابه بين العراق سنة 2003 واليابان سنة 1945 فان طبيعة التعامل الأميركية لن تختلف كثيرا في العراق عنها في اليابان, مع بعض التغييرات التي تفرضها الظروف المحلية والمرحلية الراهنة.


وقد اطلق اليابانيون على بلدهم بعد انتهاء الحرب في سنة 1945 مصطلح ياكي نوهارا وتعني الأرض المحروقة، ونستطيع ان نستشف ما تعنيه هذه الكلمة من شكل الدمار الذي الحقته القنابل النووية. حيث لم تتوفر اليابان على وجود اي اساسيات حقيقية للمعيشة البشرية. حيث كانت التجمعات البشرية تشكو في المدن والقرى اليابانية من الحرمان من المأوى اضافة الى نقص الغذاء.
وبعد وقوع اليابان تحت الأحتلال الأميركي المباشرقام الأميركان بقيادة قوة تحالف تضم كلا من بريطانيا والأتحاد السوفييتي السابق بالأضافة الى ثماني قوى غربية اخرى لحكم اليابن عسكريا وقد كان للاميركان اليد الطولى في قيادة الأحتلال و عملية اتخاذ القرار والتخطيط وصناعة السياسات الخاصة للبلد في مرحلة ما بعد الحرب حيث احتل الضباط الاميركان كل المناصب القيادية في مؤسسات التخطيط والتنفيذ التابعة للأحتلال. وقد شكلت القوات المحتلة الأميركية ما سمي بمكتب القائد الأعلى لقوى التحالف تحت قيادة الجنرال دوجلاس مكارثر. وقد اعتمد مكارثر في قيادته على مجموعة من الضباط والخبراء الأميركان ممن كانت تجمعهم صفتا الولاء المطلق له ومعارضتهم التامة والمطلقة للفكر الشيوعي الذي كان يعتبر التحدي الأقوى الذي كانتيعتبر الشاغل الأكبرلأميركا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

يقول المؤرخ الأميركي جاري الينجسون" لقد كان الفكر الطاغي على عقلية مكارثر وطاقمه تمثل انعكاسا لوضع المجتمع الأميركي والحكومة الأميركية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كان الخطر الشيوعي ماثلا امام الأميركان وخاصة في الصين والأتحاد السوفييتي". وهذا ما نستطيع ان نتبينه في هذه المرحلة في العراق من تصور المجتمع الأميركي والحكومة الأميركية الأسلام كخطر ماثل امام الحضارة الغربية وكيفية تأثيره على عقلية بريمر ورامسفيلد وجارنر وغيرهم وربما اعتبر هو العامل الأهم الموجه للسياسات الاميركية تحت ذريعة مكافحة الأرهاب على الأقل رسميا واعلاميا.
سأحاول في الحلقة القادمة المرور على الخطط والسياسات التي استعملها الأميركان بعد تأسيسهم لوجودهم الرسمي للأحتلال وسنكتشف التشابه الغير طبيعي في اسلوب الأحتلال الأميركي في التعاطي مع الشأن العراقي وأسلوب مكارثر في التعاطي مع الشأن الياباني .



أخبر المراقب عن هذا الرد | رقم الـ IP

خديجة
06-08-2003, 08:00 PM
اتمنى أن تحذو العراق حذو اليابان فى تجربته الإقتصادية الرائدة ، وتترك الأيدلوجيات الفردية المتعصبة ، وتتفرغ للبناء وتكون دولة متقدمة فى منطقة الخليج .

العقيلي
06-09-2003, 03:06 PM
التجربة الأميركية في اليابان /قراءة تاريخية
2

بدأت الولايات المتحدة الأميركية بقيادة الجنرال مكارثر بالقيام بخطوات عملية في مشروعها التغييري لليابان. وقد بدأت هذه الخطوات اول ما بدأت بعملية تصفية وتطهير لآثار العهد الذي سبق استسلام اليابان لقوات الحلفاء. حيث تمثلت العملية بالتخلص من بعض المسؤولين السابقين او بعض الجمعيات او التنظيمات السياسية والحزبية او بعض المؤسسات الرسمية اليابانية. وقد شرعت في القيام بعدة خطوات ضمنت لها الوصول والنجاح في المرحلة التالية، ومن هذه الخطوات حل ما تبقى من الجيش الياباني، والقضاء على كتلة من الشخصيات المهمة في النظام ممن كان يعتقد انها تمثل الثقل الذي كان يقود البلد قبل واثاء الحرب، حيث تم تقديم 28 شخصية عسكرية ورسمية ليحاكموا امام محكمة عسكرية دولية في الشرق الأقصى ما بين 1945 و1948 وقد تم تنفيذ حكم الأعدام شنقا بسبعة منهم وتم الحكم بسجن البقية الباقية لمدد متفاوتة بتهمة ارتكاب جرائم ضد البشرية.
ويمكن تقسيم الشرائح والشخصيات التي استهدفتها الحملة الأميركية الى اربعة اقسام

اولا: حل ما كان يسمى بشرطة الفكر اليابانية ومراكز التوجيه الديني والمجموعات المتطرفة التي تحمل فكرا وطنيا متشددا. ومن هذه المجموعات مؤسة الأحتياط الأمبراطورية وهي مؤسسة اقرب ما تكون من مجلس اعلى يضم شخصيات ذات تأثير ونفوذ عالي المستوى في طبقات المجتمع الياباني وعلى كافة مستوياته وشرائحه, حيث كان هذا المجلس تقوم بتوجيه المجتمع الياباني نحو الأندكاك بالأمبراطور والأندفاع نحو الحرب والمحافظة على القيم والتقاليد اليابانية. ويمكن اعتبار هذا المجلس من الهيئات السياسية المتطرفة في اليابان والذي لعب لعب دورا فعالا في توجيه البلد والمجتمع الياباني نحو استعمار الدول المجاورة وبث روح نزعة التعالي واحتقار الشعوب الأخرى.

ثانيا: تغيير كلي للبنية الأقتصادية لليابان وذلك من خلال منع ما يقارب 300 رجل اعمال ياباني من مزاولة اعمالهم واقصائهم من مناصبهم التي كانوا يتولونها. وقد شملت عملية الأقصاء هذه مدراء عامين واصحاب شركات صناعية ومؤسسات مصرفية ومالية يابانية كبيرة اضافة الى حل بعض المؤسسات الأقتصادية الكبرى واهمها مؤسسة زايباتسو العملاقة.

ثالثا: منع ممارسة اي نشاط سياسي او نشاط عام لثلاثمائة شخصية سياسية وحزبية يابانية. حيث تم بهذه الخطوة قطع الطريق على هذه الشخصيات السياسية من لعب اي دور سياسي او اجتماعي بارز في الساحتين السياسية والأجتماعية اليابانية بدعوى تعاون هذه الشخصيات مع النظام الياباني ومشاركتها في دعم المجهود الحربي الياباني. وقد كانت احد الأسباب لأقصاء النخبة الأقتصادية والسياسية المتنفذة في اليابان ما قبل انتهاء الحرب هي تفريغ الساحتين الأقتصادية والسياسية من هذه العناصر واعطاء فرصة لجيل اكثر شبابا للوصول الى مواقع صناعة اقرار السياسية والأقتصادية.

رابعا: اتخذ مكارثي قرارا استراتيجيا يقضي بالأعتماد على المؤسسات البيروقراطية اليابانية واستخدامها كوسيلة لتطبيق الأصلاحات وبرامج التغيير التي كانت تعتمدها قوات الأحتلال. ولهذا السبب تم التعاطي بشكل اقل حدة مع المؤسسات الرسمية اليابانية والمنتسبين اليها. وعلى هذا الأساس فقد تم الغاء وزارتي الجيش والبحرية اليابانيتين وتسريح كافة موظفيها. اما وزارة الداخلية فقد تم تقطيعها الى ثلاثة اوصال وهي وزارة الأعمار ووكالة الشرطة الوطنية ووكالة الحكم الذاتي. اما بقية لوزارات والهيئات الحكومية الأخرى فقد سلمت من عملية اعادة الهيكلة اوالألغاء.
مردود هذه المرحلة كان فقدان ما يقارب مائتي الف رجل لوظائفهم الرسمية وذلك للأشتباه بمشاركتهم بشكل مباشر في دعم المجهود الحربي الياباني. كما ونصت القرارات على منع كل من يشتبه بان له توجها يساريا من العمل في قطاع الدولة او الأعلام او في مجال الحركة العمالية.

اما المراحل الأخرى من عملية التغيير فقد شملت كتابة الدستور الياباني وبناء الحالة السياسية اليابانية وبناء النظام التعليمي الياباني اضافة الى اعتماد نظام اللامركزية كنظام سار في كافة القطاعات في اليابان. وسأحاول ان اعرج في الحلقة القادمة على مرحلة الدستور والتعليم والبنية السياسية.

على
06-09-2003, 03:30 PM
دراسة مهمة ، أتمنى من المعنيين قرائتها والإستفادة منها لتنظيم الأمور فى العراق ....وياليت يعم التفكير الإيجابى فى العراق لأن آثار ذلك سوف تنعكس على دول الجوار وأكثرها أنغلاقا .