المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعد مئة عام تحققت مقولة أمير الشعراء: ومن السموم الناقعات دواء



دشتى
04-08-2005, 12:26 AM
أبحاث طبية تؤكد: علاجك في السم... "الهاري"!

يتعرض للدغ الثعابين خمسة ملايين شخص في العالم كل سنة يموت منهم 125 ألف شخص وعلى الرغم من ان سم الثعابين مادة قاتلة, إلا انه يستخدم في علاج الكثير من الأمراض, وصدق امير الشعراء أحمد شوقي عندما قال: »ومن السموم الناقعات دواء!«.

ومع التوسع في الدراسات العلمية في عصرنا الحاضر استطاع الباحثون في جامعتي ميلبورن الاسترالية وويلز البريطانية إضافة المزيد من المعلومات القيمة بهذا الخصوص, واوضحوا لنا كيف تتكون المادة السامة لدى الثعابين, وكشفوا لنا بعض الحقائق المثيرة للدهشة والتي من بينها وجود انواع من السميات لدى اجناس اخرى من الاحياء التي كنا نظن انها غير سامة!
لقد أثبتت الابحاث الاخيرة ان هناك نحو 2200 نوع من الثعابين السامة في العالم- أي أكثر من العدد الذي كان الناس يعتقدون وجوده بنحو 2000 نوع, واتضح ان لهذه الثعابين جميعاً جد واحد مشترك, بالاضافة الى مئات من انواع الاحياء الاخرى التي كان الناس يعتقدون ان لعابها فقط هو السام وهي في الواقع تفرز السم تماماً كالثعابين!

وتبين أيضاً أن أنواعاً أخرى من الاحياء غير الضارة مثل ثعابين الحشائش وثعابين الفئران تفرز اجسامها كميات من السم بمقادير متفاوتة, وهذا السم يشبه في تركيبه الكيميائي سم الانواع الخطيرة من الثعابين والحيات مثل الصل »Cobra« وهي أفعى سامة جداً والأفعى الخبيثة Viper, ومن شأن الدراسة المتأنية لتركيبات هذه السموم المختلفة, ان تفيد الاطباء في تطوير ادوية مضادة للسميات, وهناك انواع من السموم تحتوي على مركبات دوائية يمكن استخدامها في صنع عقاقير تعالج امراضاً معينة, بل ان هناك آلاف الأنواع من سموم الأفاعي التي يمكن استخدامها في الأبحاث الطبية بصورة اوسع مما كان يعتقده الكثيرون.

خليط معقد
ان سم الحيات والأفاعي عبارة عن خليط معقد من البروتينات, والعجيب انه توجد احياناً مئات عدة من المركبات الكيميائية المختلفة في سم الأفعى, وبعض هذه المركبات يدخل في عملية تجلط الدم, وبعضها يؤدي الى تآكل الأوعية الدموية مما يتسبب في تسرب الدم منها, والبعض الآخر يعرقل نقل الإشارات العصبية من والى المخ مما يؤدي الى الإصابة بالشلل.
وبامكان العلماء الآن أن يستخدموا بعض مركبات السم لتحقيق بعض الفوائد الطبية التي يحتاجها الجسم, فبعض السموم يسهم في تخفيض الضغط الى الحد الذي يؤدي الى هلاك الضحية على الفور, واذا نجح العلماء في عزل المركب »المسؤول عن هبوط الضغط« عن المواد السامة الاخرى فسيكون بالامكان انتاج دواء يعمل على تخفيض الضغط دون اثار جانبية ومن الممكن ايضاً انتاج سموم سريعة المفعول بكميات كبيرة استناداً الى سم الثعابين والافاعي لان سمومها اشد السموم فتكا بسبب التطور الكبير الذي شهدته عبر ملايين السنين مما جعلها اسرع مفعولاً واشد اثراً.

جد مشترك
اثبتت الدراسات الاخيرة ان الثعابين والحيات ظلت موجودة منذ العصر الطباشيري حتى الان اي منذ 100 مليون سنة, واستطاع العلماء ان يتتبعوا شجرة الثعابين والحيات وتفرعاتها الى ان وصلوا الى الجد المشترك, واتضح انه من بين 2700 نوع من انواع التعابين المعروفة في ايامنا هذه يوجد نحو 500 نوع من الأنواع البدائية فيما يوجد نحو 2200 نوع من الثعابين المتطورة, ومن بين هذه الأخيرة اشد الثعابين والحيات سمية وفتكاً- كما توجد أيضاً انواع غير خطيرة »

مثل ثعابين الفئران وثعابين الحشائش« وبين هذه المجموعة من الثعابين يوجد السم في معظم انواعها سواء كانت خطيرة »بالنسبة للناس او لا«, واتضح من الابحاث ان كمية السم ونوعيته ترتبطان بتطور نوع الثعبان او الحية, كما تبين ان بعض الثعابين لديها غدة تفرز السم لكن بكميات قليلة, كما ان جهاز نفث السم ضعيف ولا يقوم بتفريغ السم في الضحية بكفاءة فتكتب لها النجاة وهناك ايضاً ثعابين تفرز السم لكن لديها اسنان صغيرة لا تحدث سوى جرح سطحي, كما يوجد نوع ثالث مزود باسنان طويلة في الجزء الخلفي من الفك العلوي ويسيل السم عبر قنوات داخل الاسنان, واكثر النظم تطوراً موجود في النوع الرابع وهو الحيات امثال الصل والأفعى الخبيثة حيث توجد انياب طويلة انبوبية الشكل ترتكز على مفاصل ويمكن ان تتأرجح الى الخلف, وفي هذه الحالة يتم ضغط السم داخل الغدة بواسطة عضلات خاصة وعندئذ يتم تفريغ السم في الضحية.

عينات
وعندما قام العلماء بتحليل عينات السم في مختلف انواع الثعابين والحيات اكتشفوا ان الثعابين غير الضارة- كثعابين الحشائش- تشبه الثعابين الضارة, من حيث وجود كميات من السم ذي الاساس البروتيني, واتضح ان الانياب في الانواع الخطيرة من الحيات هي نتاج التطور الاخير فيما يتعلق بنفث اكثر كمية من السم في الضحية مما يحقق اكبر تأثير ضار ويؤدي غالباً الى الهلاك وهذا يدل على ان كمية السم مرتبطة بتطور الثعبان او الحية, كما تبين ان نوع السم وتركيبه يختلف باختلاف البيئة التي يوجد بها الثعبان, ومن الطبيعي ان تختلف الوجبة الغذائية التي يتناولها الثعبان, فهناك انواع تتغذى على الزواحف وانواع اخرى تتغذى على الثدييات والعجيب ان تشابه الغذاء يؤدي الى تشابه نوع السم لدى الثعابين والحيات!

المثير للانتباه هو ما اتضح من ان هناك ضحايا تقاوم السموم, وهذه المقاومة تكتسب بالوراثة وكثرة التعرض للدغ وهذا ما تبين من ثعابين السمك eels التي تتغذى عليها بعض الثعابين السامة فقد اكتسب ثعبان السمك قدرة عجيبة على مقاومة سم الثعابين الضارة في المناطق التي تتعرض لهجمات شرسة من تلك الثعابين الاخيرة اما ثعابين الماء البعيدة عن هجمات الثعابين السامة فانها تموت بأقل كمية من سم الثعابين الضارة.