المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تقابل أديبا تحبه !



yasmeen
03-16-2005, 08:37 AM
بدرية البشر

يهرع كثير من الناس لمقابلة الكاتب الذي أدهشهم بمقالاته الرائعة أو أدبه الفريد، وبعضهم يرتكب حماقة بأن يسافر (ويضرب أكباد الطائرات)، ويسأل عنه، حتى يلاقي هدفه المنشود ويحرص على التصوير معه، وأخذ عنوانه، الذي عادة لا يرد عليه أحد، ويعود ليخبر أصدقاءه عن أنه قد لمس الحجر السحري بيده لكن يا للخيبة، لم يكن كما عرفته كاتبا أو أديبا، كان خشنا، أو كئيبا، أو متغطرسا، أو نزقا، لكنه بالتأكيد لا يشبه من عرفناه في صحفه وحبره، فعلى من تقع تلك المصيبة، ومن هو المسؤول عنها في ظنه؟ الكاتب الذي خدع القارئ؟! أم القارئ الذي وضع للتصورات والأخيلة وظن أن أبطال الكاتب الشهم، والمجنون بالتطهر والنضال من أجله، يشبهون صاحبهم، وأن القيم التي نادى بها يعيشها بحذافيرها ويموت من أجله؟

لكن الحقيقة ـ رغم أن كل حقيقة متغيرة ـ أننا يمكن أن نعتبر أن الكاتب هو أكثر من شخص أو أن هناك شخصين يعيشان في جلباب واحد، أو بعبارة أخرى ليس بالضرورة أن تقابل الكاتب في وجه ما يكتب بل يمكن التعامل مع الكاتب كمدير لشركة يعمل بها كتاب كثيرون وهو المدير لها والمتحدث باسمها.

في ظني المتواضع الذي يجمع من الظنون ما يعادل الخيبات الكثيرة التي قابلت بها أناسا ظننت أنهم يشبهون ما يكتبون تأكدت من أمر واحد وهو أن الكاتب حين يكتب فإنه يذهب لغرفة مظلمة ويمد يده ليلتقط أشياء فيها هو نفسه لا يعرف كنهها، ولا من أين جاءت، ولا إن كان هذا جذر الشيء أم رأسه، لكنه دائما اعتاد على الكتابة على هذا المنوال، من هذه الغرفة المظلمة التي لا يفاجئ الكاتب القارئ بجمال وبديع ما التقطه منها، بل إنه هو نفسه (الكاتب) أحيانا يأخذه العجب مما كتب ويسأل نفسه أحيانا من أين تخرج هذه الأشياء؟!

لهذا فإنني أنصح كل من يستمتع بالقراءة لكاتب، ويعد اللحظات التي تفصله عن كتاب جديد أن لا يذهب لمقابلة كاتب يحب، لأنه إن لم يكن قد فقد الحماس للقائه مرة أخرى، فربما سيخسر مما لا شك فيه الرغبة في قراءة ما كان يحب أن يقرأه لهذا الكاتب، مرة أخرى بنفس الحماس، وهو بهذا سيخسر واحدة من متع كانت ميسرة وسهلة، بسبب حماقة التعرف على الكتاب والتصوير معهم، أقول قولي هذا وأنا واحدة منهم فصدقوني!