المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياحة العلاجية ظاهرة عالمية تجتاح مصر



على
03-09-2005, 08:22 AM
تجمع ما بين الاستجمام وثاني أكسيد الكربون


من اللافت في أيامنا هذه هو التغير في مفاهيم كثيرة منها السياحة على سبيل المثال، بحيث لا تقتصر زيارة السائح العربي أو الاجنبي فقط على معالم مهمة تستقطب الزائرين من كل صوب، بل تتعدى ذلك لتصبح أكثر تخصصية يصبح معها السائح أكثر وعيا وأكثر ادراكا لما يبحث عنه وما يريده من زيارته هذه.

ومن الملفت أيضا في خضم هذه التخصصية هو المفهوم الجديد للسياحة الدينية والاستكشافية والصحراوية والعلاجية وغيرها من أنواع السياحة المتطورة والحديثة، فإذا تناولنا السياحة العلاجية يجدر السؤال، هل تعرف الدكتور «حسين بك محمود حكيم»؟

إذا كنت لا تعرفه فهذا ليس ذنبك ربما هو ذنب كتب التاريخ التي لم تذكره جيدا، والدكتور حكيم هو أول من وضع الأساس العلمي للسياحة العلاجية في مصر وذلك من خلال المخطوطة التي تم اكتشافها فيما بعد، داخل مكتبة البلد بمحرم بك في مدينة الاسكندرية والتي تتخذ عنوانا لها «ينبوع شفا الأبدان في حمامات حلوان». وكان اكتشافها في النصف الأخير من القرن الماضي وكان وقد وضعها في أواخر القرن التاسع عشر وركز فيها على حمامات وعيون حلوان وما تتمتع به من أملاح ومعادن مفيدة لكثير من الأمراض مثل الروماتيزم وكذا تساهم في تنشيط الدورة الدموية.

وإذا تناولنا مصطلح «السياحة العلاجية»، فمصر من أغنى البيئات في العالم بمواردها ذات الخواص العلاجية ليس فقط بالمياه الكبريتية في عيون حلوان لكن الرمال السوداء أيضا الموجودة بمنطقة البحر الأحمر، تحديدا في سفاجا، وتستخدم رمالها للاستشفاء من الأمراض المستعصية وذلك بخلاف عدد كبير من المراكز الطبية المتقدمة والمستشفيات الكبرى وكلها عناصر جاذبة لدعم السياحة العلاجية التي لم تحظ حتى الآن بنصيبها العادل من الترويج.
لذلك قامت أخيرا غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة المصرية بإنشاء لجنة خاصة بالسياحة العلاجية للترويج لها من خلال تجديد وتصنيف المستشفيات والمراكز العلاجية المؤهلة لتقديم الخدمة المطلوبة بشكل متميز وفقا للمعايير الدولية بالإضافة الى تصميم وطبع دليل طبي على كتب واسطوانة CD تحتوي على جميع بيانات هذه المراكز والمستشفيات بأسعارها.

أولى هذه المدن هي مدينة «حلوان» التي تقع على بعد 30 كم عن قلب مدينة القاهرة وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل بحوالي 4 كم وترتفع حوالي 40 مترا عن سطح البحر.
ويعتبر الطقس العام لمدينة حلوان جافا، ونسبة الرطوبة به 58، ومتوسط عدد الساعات التي تشرق بها الشمس 8 ساعات يوميا على مدار العام. ويعتبر جو هذه المدينة في الشتاء رائعا ويناسب علاج مرض الروماتيزم، كما يعد سقوط الأمطار نادرا في هذه المدينة ويحدث مرة او مرتين على الأكثر طوال فصل الشتاء، ومتوسط الضغط الجوي على مدار العام حوالي 1013.8 مللي بار.

أما عن «عيون حلوان» الشهيرة فتتمتع مياهها بخواص كيميائية وطبيعية واملاح معدنية. ويرجع تاريخ العلاج بمياه حلوان إلى عام 1889، أي من حوالي 115 عاما، وتم تجديد الحمامات عام 1955، ويوجد بها مركز للعلاج مزود بمختلف أجهزة العلاج الطبيعي، وتم تصميم المبنى على الطراز العربي ويضم حوالي 38 حجرة للعلاج بالمياه الكبريتية بالإضافة الى غرف الاستراحة ومدخل واسع محاط بالحدائق، وتم تخصيص 10 شاليهات لإقامة المرضى الذين تم علاجهم بالمركز لتخفيف عناء الطريق على المرضى. ويحتوي المركز على عدد كبير من الأجهزة وقسم خاص للعلاج بالطمي الكبريتي بالإضافة لحمام التحركات والرياضة تحت المياه الكبريتية ولعلاج أمراض الدورة الدموية يوجد حمام ثاني أكسيد الكربون.

ويوجد علاج لمرضى الروماتويد والتهاب العضلات الليفي والتهاب الأعصاب وحالات الشلل ووهن الأطراف، وكذلك الأمراض العصبية والنفسية.

أما الرمال السوداء التي ستجدها في سفاجا فقد تبين بعد تحليلها أن بها ثلاث مواد مشعة بنسب غير ضارة، وهي البوتاسيوم المشع والثوريون ماليورانيوم، إضافة الى نسب عالية من أملاح ومعادن لها دور علاجي هام مثل املاح الذهب التي تعالج بنجاح مرض الروماتويد. كما تتميز أملاح الجيرمنيوم بأنها شبه موصلات للكهرباء، حيث تهدئ هذه الأملاح جهاز المناعة المضطرب والموجود تحت الجلد في الصدفية أو في المفاصل كما في الروماتويد وذلك بعد تسخين هذه الأملاح بأشعة الشمس.

كما يتوافر في سفاجا العديد من النباتات البرية في سهول الجبال وهذه النباتات وردت في معظم المراجع والأبحاث العلمية لما لها من دور فعال في علاج العديد من الأمراض المستعصية التي عجزت الأدوية الكيماوية عن علاجها مثل بعض الأورام والفيروسات الكبدية وامراض المناعة الذاتية، هذا بالإضافة الى أشعة الشمس الدافئة في سفاجا التي لها عامل مهم في تركيز الأشعة فوق البنفسجية ذات الفائدة الكبيرة في العلاج خاصة في ساعات الصباح الباكر وما قبل الغروب.

وفي سفاجا تصل درجة الملوحة الى 55 جزءا في المليون نتيجة لانخفاض سرعة تيار الماء، وهو ما ساعد على وجود الشعب المرجانية الفريدة من نوعها والتي تعد مصدرا طبيعيا للعديد من المعادن لها اكثر من دور في علاج الأمراض إضافة إلى الطمي الموجود في قاع البحر، خاصة في المائة متر الأولى من الساحل والتي تتركز فيها أملاح الذهب الناتج عن ترسب مياه السيول المنحدرة من أعالي الجبال التي تختلط مع أملاح الذهب لتترسب في طمي البحر، وتساعد أشعة الشمس على إفراز فيتامين (د) من الدهون الموجودة تحت الجلد.

أما مياه «ملاحات برج العرب» فتتميز بوجود هضاب شمال وجنوب الملاحة التي تقف كحائط طبيعي ضد الرياح والعواصف الرملية، كما أن جو المنطقة الخالي من التلوث والشوائب العالقة التي تشتت أشعة الشمس بجعلها مصدر جذب للسياح.

كما توجد بهذه المنطقة أحواض تشبه الخلجان ليس لها أمواج تعمل كمرآة تعكس أشعة الشمس على سطح الأرض إضافة إلى وجود ملوحة عالية بزيادة تصل إلى سبعة أضعاف المياه بخليج سفاجا، وهو ما يؤدي إلى سهولة الطفو وتقليل قوي الجاذبية مما يسمح بتحسن ملموس في نشاط الدورة الدموية داخل الجسم وبالتالي زيادة كمية الدم التي تصل للجلد وبهذا يحدث توازن بين كمية الأملاح داخل الجسم وخارجه، مما يحدث أثرا في سرعة شفاء مرض الصدفية.

وعندما نذكر السياحة العلاجية يجب أن نذكر «الفيوم» حيث تنتشر العيون الطبيعية في منطقة عين السيلين المناسبة لعلاج الأملاح وتخفيض نسب مرض النقرس او ما يعرف بـ«اليورك اسيد»، كما ان البيئة التي تتميز بها المنطقة من انتشار للفواكه وزراعة الخضراوات تضفي عليها جوا هادئا يستمتع به الزائرون وهي نفس الأجواء الموجودة في «بحيرة قارون» والتي تعتبر عنصر جذب أساسيا للسائحين حيث تعد واحدة من أهم البحيرات الطبيعية التي تنضم الى التراث الطبيعي العالمي، إضافة الى بحيرات وادي الريان الصناعية والتي تتمتع بعبق خاص وتتسم ببيئة ساحلية متميزة.

ويمتاز السائح العلاجي عن السائح العادي بطول مدة إقامته في مناطق العلاج المصرية، إذ تتراوح هذه المدة ما بين أسبوعين الى اكثر من 6 أسابيع، وليس بالضرورة أن تخدم السياحة العلاجية المرضى فقط بل يمكنها أيضا ان تكون مفيدة للأصحاء، حيث يتمتع بها من يود الاستحمام والبعد عن إيقاع الحياة السريع لتكون فرصة للاستمتاع بالهدوء والجمال.